د. ضرغام الدباغ
الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق
اليوم تطير طائرات النظام الإيراني من قاعدتها في سنندج (شمال إيران) وتغير على الموصل لتنتقم، وتطلق الصواريخ والبراميل وكل ما يقتل ويخرب عشوائياً على الأسواق الشعبية، فيقتل نساء وأطفال، وكل من يرتاد الأسواق في هذه الأيام الرمضانية، فالعراقي مهما انحط في أفعاله، فله عين تنكسر ولو ذرة مروءة، وشرف رجال، وله من طباع الشيمة يأنف أن يكون ضبعاً، ولكن هذه الأفعال ليست عراقية، كما أن حتى جيش النظام أبى أن يطلق النار على مواطنين عراقيين، ربما فعلها عدد ممن باعوا ضمائرهم قبل رتبهم، وقسم الجندية الشريفة، ولكن أغلبهم وفي صحوة ضمير تأبى شرف الجندية أن تكون عوناً للأجنبي، فطرحوا بأسلحتهم أرضاً وغادروا ساحات المواجهة، هي ليس هرباً من الجندية، بل رفضاً لقتل الأخ وأبن العم والعشير، فتحية لهؤلاء العراقيين الشرفاء.
لسنا بصدد تقييم شخصية بعينها، بل عن الشخصيات العراقية المهيمنة بقوة حراب الأجنبي، التي ترتضي أن يسجل بأسمها هذا الاسترخاص غير المسبوق للدم لا عراقياً ولا عربياً أو حتى في التاريخ الدولي، يسفحه الحاكم في دون أن ترف له جفن، قد قلت أنها ليست أيادي عراقية، وليست عربية، فالحاكم مهما أوغل في الإجرام من أجل كرسيه الشخصي أو غير ذلك، فهو لن يبلغ مبلغ ما يدور اليوم في العراق. هذه حقيقة تقودنا لأن نفرر أن هذه الأيادي ليست عراقية ولا عربية، ولا أتحدث عمن تعرض لغسل قلب وفكر..
اليوم وتحديداً منذ 1 / تموز / 2014 قد غدا واضحاً وضوح الشمس، موجود معسكر الشعب
من القوى والشخصيات، ومعسكر أعداء الشعب ذيول الأجنبي، ومن المغرر بهم، تصدق الأحداث في محافظات الجنوب ما نؤكده دائماً، أن الشعب العراقي واحد، فالعراقي أينما يكون في أرجاء العراق فهو عراقي همه وهدفه : صيانة استقلال البلاد، الحفاظ على مكونات الهوية الأساسية له، الحفاظ على ثروات البلاد وتسخيرها للصالح العام، ويستوي في هذا كل من يحمل الهوية العراقية الغراء.
اليوم تحديداً، في تموز العراق الخالد منذ سومر وبابل وآشور، نتابع بقلوب المحبة، انتفاضة شعبنا الباسل في قلب الثورة على الطغيان، والتحريف، في كربلاء الثائرة، ومنها لتسري لهيب الانتفاضة، وتمنح الثورة ... ثورة العراق بأسره وجهاً مضافاً ... الشعب يرفض أن تنسب هذه الجرائم والسلب والنهب والقتل وإهدار سيادة البلاد بأسمه أو بأسم طائفة منه.
العراق اليوم كله في ملحمة الثورة، ممثلة بالفصائل الوطنية والقومية والدينية المتنورة المتحررة، والليبرالية، والتقدمية، والديمقراطية، العراق كله بطوائفه وشرائحه الاجتماعية بعربه وكرده وتركمانه ومسيحييه وصابئته، العراق كله بوجه معسكر القوى الطامعة التي تريد إلحاقه جرماً يدور في فلكها، ثورة كربلاء قوة مضافة وسيفاً ينظم إلى السيوف، بمواجهة القوى الذيلية المرتبطة بالخارج، ينظم إلى الكفاح من أجل عراق جديد، عراق يستخلص العبر والنتائج، يعيد بناء وطن دمرته الأحقاد، يعيد للوطن استقلاله، وثرواته التي تنهب على مدار أحد عشر عاماً، عراقاً صار ملعباً للمؤامرات والمناورات الدولية. عراقاً يرفل بالأمن والأمان والديمقراطية الحقيقية. عراقاً لا يعترف بالطائفية، يقرب بين أبناؤه ولا يبعد، ويثبت للعالم أجمع عزلة القوى الباغية في الحكم الطائفي المدان بجرائم لا حصر لها، فاليوم تكتمل إدانة هذا النظام، من الإدانة الدولية، إلى الوطنية، العراق الثائر بأسره يرحب بالتحاق الأشقاء بالموكب الصاعد.
الحكم في بغداد، ولا نقول نظام، لأنه لا يشبه الأنظمة في شيئ، يقترف أفعالاً يصعب التغاضي عنها ليس عراقياً، فهي أفعال مخالفة للقوانين الجنائية المحلية، وللقانون الدولي، وللفقه القانوني الدولي، أفعال لا تسقط، ولا يمكن أن يسدل عليها الستار بالتقادم، فهي تدخل في نطاق أعمال الإبادة، ولا يحاسب عليها أفراد فحسب، بل النظم السياسية التي تقترف بواسطة أدوات رسمية وقوات مسلحة وميليشيات تابعة لها هذه الجرائم، وبالتالي فهي مسؤولة مسؤولية مباشرة عنها.
أما إعلان الدولة الإيرانية على لسان أعلى المسؤولين، بأن واجب دولة إيران الرسمي هو حماية الأضرحة والأماكن المقدسة، والتدخل بالقوات المسلحة، بإرسال الأسلحة والمتطوعين، والقوات المسلحة النظامية وشبه النظامية، فهذا زعم يشكل خرقاً قانونياً خطيراً لسيادة العديد من الدول، وتهديداً مباشراً بالعدوان، سوف تدفع دون ريب الشخصيات التي أطلقت هذه التصريحات، كما والدولة الإيرانية يوماً مستحقاته القانونية.
عندما يستولي التطرف على عقول وأفعال قيادات حكومية ودينية، وتلجأ للعنف الحكومي باستخدام أدوات حكومية، بأسم القانون والدين والأحكام الغيبية، وعندما تصر (حكومة) على انتهاج سياسية طائفية وسياسة اجتثات تهميش متعمدة ومقننة، سوف لن يبقى بيد من تعرض للقمع والتهميش والاجتثاث والاتهام الجزافي بالإرهاب، إلا اللجوء إلى المحافظة على الذات كوسيلة للدفاع عن النفس. وعندما يسود الفساد جهاراً نهاراً، ويستشري الجوع والفقر في بلد، إلا أن ينهض المحرومون، وسيكون اللجوء إلى إشهار المعارضة بالوسائل التي يحرمها قانون أحادي الجانب الخيار الأخير والوحيد، وعندما يلحق بلد بتاريخه وبمصيره دون تبصر بدولة أخرى لتكون تحت هيمنتها بكافة الأشكال والتعابير، يكون من المنطقي أن يرفض ذلك الشعب، بل ويرفض حتى أن تمارس هذه الجرائم الفظيعة بأسمه.
لقد مضوا بعيداً ... بعيداً جداً ... وارتكبوا كافة المحرمات والموبقات، وإلى درجة لا تطاق ولا تحتمل ... لهذا كانت هذه الثورة المظفرة التي يحتالون عليها لكي يقضوا على طموح الشعب في الحرية وفي غد مشرف.
3 / تموز / 2014
1512 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع