عدنان حسين
الكتاب يُقرأ من عنوانه. وأمس قرأنا المرحلة المقبلة من تاريخ بلادنا من وقائع الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، وهي مرحلة ستكون هي الأخرى تعيسة كمرحلة السنوات الاربع الماضية، بل ربما تكون أشد وأقسى.
الجلسة الأولى للبرلمان الجديد فشلت.. لكنه أيضاً اعلان بفشل جديد للطبقة السياسية المُطبقة على أعناق العراقيين رغماً عنهم بالتزوير والفساد والمحاصصات المصلحية، وهو فشل صارخ آخر أيضاً للعملية السياسية المتفسخة التي انتجت هكذا طبقة سياسية لا يتحلى افرادها بمواصفات رجال الدولة ولا بأخلاق رجال الثورة.
أمس كان الشعب العراقي ينتظر من "نوابه"، وبخاصة قادة الكتل والائتلافات والاحزاب رافعة رايات الوطنية عالياً عالياً، أن يتصرفوا بالحد الأدنى في الأقل مما يفرضه عليهم واجبهم الذي يتقاضون عنه رواتبهم وامتيازاتهم الفلكية، ومما يمليه عليهم القانون (الدستور) والاخلاق.
الشعب العراقي كان يتوقع من النواب وزعمائهم أن يتحلوا بأدنى قدر من الوطنية فينتخبوا رئيس مجلسهم ونوابه الاثنين وكذلك رئيس الجمهورية تمهيداً لتشكيل حكومة في أـسرع وقت، فالبلاد تواجه تحدياً خطيراً للغاية وغير مسبوق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة قبل نحو قرن من الزمان... البلاد على شفا التقسيم والنواب، وبخاصة زعماءهم، تصرفوا أمس كما لو كانوا في رحلة استجمام في منتجع بحري أو جبلي.
أكثر من ثلث مساحة البلاد واقع تحت احتلال تنظيم إرهابي (داعش) وحلفاء له لا يقبلون باقل من قلب نظام الحكم برمته واقامة نظام الخلافة أو اعادة النظام السابق في الاقل.
2400 قتيل من أبناء هذا الوطن يسقطون مضرجين بدمائهم في عمليات ارهابية واعمال عسكرية في شهر واحد هو الشهر المنصرم؛
دولة تعمل بلا موازنة منذ أول العام؛
دولة جيشها ينهار أمام عدو معلوم لا يملك الطائرات والدبابات والمدافع!
دولة فيها نظام الخدمات العامة منهار تماماً وعملية التنمية متعطلة؛
دولة ربع سكانها عند خط الفقر أو تحته، ونسبة البطالة فيها تزيد عن 20 بالمئة؛، مع ان مدخولها من النفط وحده يصل الى 100 مليار دولار في العام الواحد.
لم يخطر هذا كله في بال "النواب" الجدد وزعمائهم ليقرروا ويصمموا على عدم رفع جلستهم الأولى الا بإنجاز الاستحقاقات الدستورية الملحّة.
الكتابُ يُقرأ من عنوانه.
وأمس قرأنا هوية المجلس الجديد من وقائع جلسته الافتتاحية.
من أول يوم لهم وفيما فشلوا حتى في انتخاب رئيس مجلسهم ونائبيه، كاد أعضاء البرلمان الجديد ان يتضاربوا بالقنادر بعدما تنابزوا بالكلام البذيء وتلاكموا بالروح الشوفينية اللعينة.
انه مجلس في صورة المجلس المنتهية ولايته الذي لم يحقق شيئاً ذا قيمة للناس، بل انه وحكومته مسؤولان عن زجّ البلاد في محنة جديدة لا فكاك منها في ما يبدو.
الكتاب يُقرأ من عنوانه. ومنذ أول يوم عمل له قرأنا ان مجلس النواب الجديد سيكون مجلساً للرواتب والامتيازات، وللمناكفات والمجادلات الفاسدة.
1149 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع