علي السوداني
يجادلني بعضُ صحبي بسطح الفكرة ، فاُجادلهم بما تحتها ، فينفرون ويولّون الإدبار وهم إليَّ ليسوا براجعين . هذا الصنف من الصحب ينتمي إلى ما صار يُعرفُ وفق قاموسنا الصائح المشعّ الذي لا تخذلهُ في الصحّ قولةُ غفلٍ رجيم ، إنه صنف الذين يأكلون ويوصوصون ، وقد عِبنا عليهم وعيّرناهم وأخزيناهم في غير موقعٍ وموضعٍ ومنزرعٍ ، بأنهم قومٌ يحبّون ساخن الطعام ومبهجَ الشراب ، حتى صارت مِعَدُهُم مكبّات ومدافن حيوانات بائتة .
قلتُ لواحدٍ منهم : لماذا لم تكتبْ شيئاً والبلاد وأهلها تشتعل بنار البارود ونار الفكرة المفخخة ؟ قال كتبتُ رعاكَ الله وعافاكَ وشافاكَ ومنحكَ ما تيسّر من وقتٍ متاحٍ تقرأني فيه وتنصفني ، قلتُ أَسمِعني إذن يا شقيقي ما كتبتَ أو رسمتَ أو غنّيتَ . قال خذْ هذه لنرى بُعَيدَها ماذا تقول :
سمادُ الفكرة يقتل عصيّات الهيولى ،
ألألكترون يتكهرب ،
حيامنُ النواة تتراصف منصتةً ،
فحيحُ عشتروت يلبطُ في شقّ اللوغوس ،
حصان طروادة يسكرُ ببطنِ سيدوري ،
زوربا يقنصُ غزالاً أحوَلَ بسبعة حروف سنسكريتية ،
رأسُ الفنار يعيّطُ بأوشال الجنِّ :
يا آنو اركبْ معنا ،
ألصيّادون الهيروغليفيون يتسلّقون برجَ اللذة ،
أضلاع المثلّث أربعة ،
أللوغارتم يشخرُ في مخدع الدائرة ،
خيمياء العالم السفليّ ، تغوي جنحَ ذبابة الوصل ،
سوسةٌ في سنّ اللذة ،
عشبة الخلود في حلق المدفع ،
و ..
آخ يا بلدْ
و ..
والله يا زمن .
يا صديقي المخبول المهبول ، قد يكون هذا الهراء قصيدة مدثّرة بإلتباس المصطلح ، لكنني لا أرى في حشوها ومتنها ، أي طعمٍ مما تيسّر من طعوم البلاد العليلة ؟
استنكر صاحبي ما ذهبتُ إليه من تفسير وتأويل وقهر ، وزاد أنه جاء على آخِ البلاد في ذيل القصيدة ، وإنه حمّسَ الرعيةَ على دكة التثوير ، وأخذهم صوب سبعينيات القرن البائد ، وشتلهم عند أعتاب بكائية السيدة العظيمة شادية :
والله يا زمنْ ، مكتوب علينا ومين عارف مصيره فين !!
يا إلهي الجميل ، بي رغبة ضخمة تسحلني الليلة ، كي أتقيّأ فوق مائدة هذا الوغد .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عمّان حتى الآن
1041 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع