كمال القيسي
الديمقراطية أسلوب لحكم المجتمع ووسيلة لتسوية الصراعات الحتميّة وفق آليّات تنتج حلولا بنّاءة !
النظام الديمقراطي يتحقق عند توسيع دائرة الخيارات المتاحة أمام جميع أطراف المجتمع وأن يمنع أن تكون الدولة تحت التصرّف المطلق للحكومة أو طرف رابح في عملية أنتخاب! تحت ظل النظام الديمقراطي ،الدولة تحكمها قوانين وأعراف معياريّة وعمل الحكومة مراقب وفي أطار قيم وضمانات ملزمة في للحفاظ على النظام الديمقراطي وفاعليّته ! النظام الديمقراطي يرتكز على أقرار مبدأ الحرية والتوازن بين القوى المتصارعة ويتحقّق وفق عملية إصلاح دستورية وقانونيّة وممارسات سياسية تضمن للمجتمع وحدته وأمنه وأستقراره وأزدهاره ! الديمقراطية تتطلّب إتفاق الجميع بأعتماد صيغ معتدلة متوازنة حول تقاسم السلطة في أطار حكومة وحدة وطنية ( الميثاق الوطني)! الخروج من المعضلة الأمنية الداخلية (الأحتراب) وتعاون ومشاركة جميع الأطراف المتصارعة شرط أساسي وضروري لأجراء التسوية وبناء النظام الديمقراطي الذي ترتكز قوته في المحصّلة النهائية على توسيع دائرة تقاسم السلطة بين مكوّنات المجتمع ! وحدة المجتمع تشترط قيام منظومات وهيكليات قويّة مستقلة كفوءة قادرة على تفعيل وضبط حركة الدولة والمجتمع بشكل فاعل بعيدا عن كافة أشكال العنف والأضطهاد والأقصاء والتهميش !
يعتبر العمل وفق أطار ديمقراطي متوازن الأسلوب الأمثل لأنجاح عملية تسوية النزاعات والصراعات حول السلطة والثرة الوطنية !توصف عملية تسوية الصراعات "بانّها حالة تدخل فيها كافة الأطراف المتصارعة باتفاقية ملزمة لتسوية خلافاتها الجوهرية، إيقاف كافّة أعمال العنف المتبادل بينها والتفاهم حول كيفيّة أدارة الحكم وقيادة منظومات الدولة والمجتمع ! الإتفاقية وثيقة تتضمّن المفاهيم والأدوات المطلوبة لحل الصراعات يجري توقيعها وفق شروط معقولة (حلول وسط ) تكون ضامنة لسريانها وديمومتها ! من أبرز الشروط الواجب تضمينها في إتفاقيات تسوية الصراعات الداخلية :
•تأمين"الأمن الجسدي" لجميع أفراد الأطراف المتصارعة وأن تكون حريّة الجميع رمزا لواقع جديد يقوم على التعاون السلمي .
•نزع الأسلحة عن الأطراف المتصارعة كخطوة ضرورية لإنهاء الإحتراب وحل معضلة الأمن الداخلي في المدى القريب والمتوسط .
• إعادة تشكيل جيش موحّد حرفي ومهني برؤية مختلفة يتم بموجبها فصل القوات المسلّحة عن المهام البوليسيّة وأن يهيكل الجيش لغايات الدفاع الخارجي فقط ! أي عدم تورّطه بأية مشاريع سياسية ! يتحقّق ذلك وفق إجراءات عملية يجري الإتفاق عليها بين المؤسسة العسكرية والسلطات الديمقراطية ( فصل المسؤوليات المدنية عن العسكرية بأوضح صورة)!
•تشكيل"مجلس تنفيذي إنتقالي / حكومة أنتقالية " للإشراف على نشاطات الدولة والحكومة لمدة سنتين يجري خلالها وضع الترتيبات اللازمة لتقاسم السلطة بين القوى السياسية كأطراف مستقلّة بعيدة عن أيّة تأثيرات خارجية ومعتقدات سياسية وروابط دينية وعرقية و طائفيّة وعرقيّة وعداءات قديمة !
• رفع كافة القيود عن الزعماء والضبّاط والسياسيّين والناشطين في منظمات المجتمع المدني وغيرهم !
•تشكيل " لجنة إستقصاء حقائق" للنظر في جرائم الحرب والإحتراب !
•إنشاء لجنة وطنية "للمصالحة وتعزيز السلام" !
•أن تتضمّن الإتفاقية بنودا واضحة عن السياسات الإقتصادية وقضايا العدالة الإجتماعية( الفقر والبطالة،إعادة الإعمار والبناء، السياسة النفطية والعوائد،عوائل الشهداء والأرامل والأيتام والشيوخ،الرعاية الصحية والإجتماعية وغيرها) !
•أن يكون وضع النازحين واللاجئين جزء أساسي في بنود الإتفاقية وعدم إقصائهم عن أيّة حقوق سياسية وإقتصادية وإجتماعية !
للوصول إلى تسوية وطنية تضع حدا للصراعات الداخلية، يجب إعتماد آليّات تساعد على التهدئة من أجل تحفيز الأطراف المتصارعة لتقديم تنازلات مطلوبة ومرغوبة في أطار "الحلول المتوازنة " والعمل سويّة لكتابة (ميثاق وطني) تأريخي يؤشّر الأدارة المشتركة للسلطة والموارد المتصارع عليها والأتفاق على تأجيل حل بعض القضايا الساخنة إلى فترة لاحقة منعا لتفسّخ الدولة والمجتمع في المدى القصير وإحتمال التوصّل لحلول واقعية ترضي كافّة الأطراف بعد تكامل آليات الدولة والحكومةالجديدة ووضوح الأهداف والسياسات (الفدرالية والحكم الذاتي والمناطق المتنازع عليها/ أدارة الثروة الوطنية (النفط)....الخ) !
ما يدور في العراق في حقيقة أمره، تفكك في العلاقات الإجتماعية التي باتت أكثر دمارا من الغزو والإحتلال في جانبها النفسي والأنساني والمادي ! أسباب التفكّك وجود مظالم داخلية ذات علاقة بالقوة والتفاعلات الإقتصادية والنسيج الإجتماعي والهويّة الوطنية !
1142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع