جرائم القذافي و أزلامه !من كتاب/ شاهد عيان لنظام القذافي
تأليف / الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد والفاتح وصفاقس / سابقاً
القارئ للحلقات السابقة قد يصاب بالدهشة, لأن كل ماورد في تلك الحلقات لم يتطرق الى الجرائم التي اقترفها العقيد معمر القذافي أبو منيار منذ ثورة الفاتح من سبتمر 1969م. ولغاية اندلاع ثورة الشباب في السابع عشر من شباط (فبراير) وجلوسه على عرش ليبيا لأكثر من اربعين سنة, كما يقال باللهجة الليبية: أمكـعـمـز على الكرسـي !
لذا لن احيد عن ذلك النهج الذي أتبعته في الحلقات السـابقة, لأنني اكتب كشاهد عيان عن تأثير نظام القذافي على الشعب الليبي, وليس عن شخصه و عائلته او عن وعاض السلاطين من حوله , فلقد دونت الدوريات والمواقع الألكترونية كل ما اقترفه القذافي من أعدامات للمعارضين في حينها ولغاية ,1986, حيث صـارت بعد ذلك سرية!
هدى بنت عامر الشناقة الأكثر كرهاً في ليبيا
وعلى اية حال, أنني لن اقدم أي جديد اذا ما ذكرت اسماء ضحايا ذلك النظام الذين استشهدوا او الذين زج بهم في سجون مجهولة لا يعرفها الا الله والمحيطين بالقذافي , لأن المعلومات التي دونتها وسائل الأعلام لم تعرض على القضاء الليبي ولم يصدر حكماً في أي منها , و كما هو معروف, فأن اي صراع بين شعب أعزل ونظام يملك كل الأمكانيات التي يهيمن بها على الشعب , سـيطمس الحقيقة ويلونها وفق مزاجه!.., ولقد قال علماء الأجتماع :
ليس كل مايقال صحيح, وليس كل صحيح يقال, فما بالك اذا حدث مثل هذا الأمر في عهد حاكم مستبد ! , فأنه سـيطمس معالم جرائمه بتلفيق قصصاً بعيدة كل البعد عن الحقيقة , وما من احد لا يعرف ان الحقيقة لا تموت طال الزمن أم قـصر ,و سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه كل قائد فاسـد ومستبد لم يكترث لقتل كل من يقف في وجهه !
الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل , وسوف يدفع القذافي ووعاض السلاطين من حوله ثمن ما اقترفوا من جرائم بحق شـعب وديع لم يخنع للضيم, وقاوم كل المستعمرين منذ العهد العثماني والأستعمار الأيطالي والبريطاني والأمريكي ! .. ولن تكون هناك رحمة على كل من اقترف أي جريمة ً بحق الشعب الليبي على يـد ثوار السابع عشر من شباط ( فبراير 2011)في ليبيا مهما طال الزمن !
وفيما يلي حادثة شاهدتها في السابع من نيسان (أبريل) 1971م
كنت في صباح ذلك اليوم وبعض الزملاء من التدريسيين في / كلية العلوم / الجامعة الليبية ( الفاتح / حالياً), نتأهب للذهاب الى قاعات المحاضرات عند الساعة التاسعة صباحاً, وفجأة سـمعنا ضجيج وهتافات تمجد بثورة الفاتح مثال ذلك ترديد اسم الفاتح لعشرات المرات هكذا...( الفاتح,..الفاتح,..الفاتح, ..), فهرع البعض منا وتخلف البعض الآخر , خوفاً أو تجنبا من التعرض لأي مكروه,.... وما ان وصلت مع زميلي الدكتور علي قطريب , السـوري الجنسية (دكتوراه في الكيمياء الفيزيائية من فرنسا), واذا بنا امام حشود هائلة من طلبة الثانويات يتقدمهم الرائد عبدالسلام جلود(الرجل الثاني في الضباط الأحرار), وهو يطلق من مسدسه طلقات نارية في الهواء !
الرائد عبدالسلام جلود
وطلبة الثانويات ورجال الأمن من حوله يهتفون للفاتح وللعقيد معمر القذافي ,وهو يصرخ ويحثهم للهجوم على مبنى القسم الداخلي(المبيت ) لطلبة الجامعة, الواقع خلف ابنية كلية العلوم , والذي اصبح بعد سنوات مركزاً لأدارة جامعة الفاتح , ... وبعد لحظات تم الألتحام بين طلبة الثانويات المهاجمين بقيادة عبدالسلام جلود وطلبة الجامعة المعتصمين في دهاليز البناية , ثم دارت معارك كـر وفـر بالعصي والحجارة بين بلطجية النظام وطلبة الجامعة, واذكر جيداً احد المناظر المزرية,عندما اصـيب احد طلبة الثانوية بعينه اليمنى والدماء تـسـيل منها بغزاره وهو يصرخ بألم شديد كالطفل الرضيع ,فألتف من حوله زملاءه وسـحبوه جانباً لأسعافه, ثم تم نقله بسيارة احد الطلبة لمستوصف الجامعة! شعرنا نحن الأساتذة المغتربون بخطورة الموقف, وهرعنا نحو موقف السيارات وتمكنا من الصعود في سيارة احد الزملاء واتجهنا الى غابة في اطراف بناية كلية العلوم,.. وبعد ان علمنا بهدوء الحالة , ثم نقل كل فرد منا الى منزله , وتركنا سياراتنا في الساحة المخصصة لها في كلية العلوم ,... وفي اليوم التالي علمنا ان ما حدث أطلق عليه:
حركة السابع من ابريل لطلبة ثورة الفاتح من سبتمبر ضد طلبة الجامعة المناؤين للثورة ,.. ثم صار ذلك التاريخ من اشهر المناسبات بعد الفاتح من سبتمبر !
كل قارئ يرغب في معرفة السـيناريو الحقيقي لتلك المعركة , والأعدامات التي تلتها لطلبة ابرياء من دون اي محاكمة , بذنب عدم أعلان ولائهم للقائد العقيد معمر والسير في نهج نظامه, ..وأن المنشورات والمواقع الألكترونية مفعمة بأسماء الذين اعدموا بعد ايام وظلت هذه الذكرى يـغـذيها نظام القذافي بأعدامات جديدة من المعارضين بشكل علني لغاية 1986 ثم اصبحت سرياً !
وعلى اية حال, أرجو ممن يرغب بمعرفة تلك الأسماء , عليه ان يكتب في موقع غوغل باللغة العربية الجملة التالية: ( حركة الطلاب في السابع من ابريل 1971م.), وسوف يجد العجب!
جرائم القذافي على حقوق الشعب الليبي لا حصر لها , وان جرائمه في شهر نيسان (ابريل) ستظل في ذاكرة كل من عاصرها وشاهداً على صمود الشعب الليبي وتلاحمه وقدرته على البذل والعطاء وتقديم الشهداء , وفي الوقت نفسه سيظل شاهداً على بشاعة أسلوب نظامه في القمع والأرهاب , وهي امور موثقة لدى مؤسسات دولية ومدونة في العديد من المواقع الألكترونية المعروفة .
نشـر الكاتب الصحفي الكندي ( ايرك مرجولس) مقالتة ( أمريكا ضيعت الكرة ), في 24 يونيو 2007, ما يلي:
أعادت أمريكا بناء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية , الا انها لم تساهم بما فيه الكفاية لتطوير العالم الأسلامي , وكانت تتدخل في صناعة ذويلات خانعة لها مثال ذلك أختيار ضابط صغير لا يملك من مقومات السياسة سوى شعارات الوحدة فوضعته على رأس السلطة بعد انقلاب مشبوه ضد الملك السنونسي ,..وهنا اتذكردعاء قاله الملك أدريس رداً على شعار المتظاهرين ضده في احدى السنوات , عندما اخبره المرافق انهم ينادون أبليس ولا أدريس,..فرفع يده الى السماء وقال : اللهم استجب لرغبتهم, وهكذا سلط الله عليهم القذافي الذي سارت الأمور في عهده من سيئ الى أسوء , ولا ادري ماذا يخبأ الزمن لهذا الشعب البطل الذي قاوم الأستعمار ليقع في وحل أول وآخر جماهيرية!
كما ان القذافي لم يخفي اعماله البوليسية ضد المعارضين , وذكر ان اعمال التنصت على المكالمات الهاتفية بين اعداء الثورة فضحت مخططاتهم, و معارضتهم للثورة بتركهم النهج المفيد لهم , فبدلاً من ان يركبوا موجة الثورة الفتية, (وفق رؤيته )عارضوها وظهروا كأنهم قوة مضادة لثورة الفاتح من سبتمبر ولذا اصطدم بهم!
اضافة الى ذلك قال العقيد : بالرغم من ان الأخوان المسلمين لهم ايدولوجية رجعية يمينية , فأنهم لم يشتركوا في الأعمال المضادة لثورة الطلاب !
كما أشار العقيد معمر القذافي الى وجود بعض القوى الحزبية من القوميين والبعثيين قد أيدوا ثورة الفاتح على انها ثورة عربية قومية, ولكن لم يحول ذلك عن مواجهات النظام مع طلبة الجامعة الليبية , والتي كانت متكونة من فرعين الأول يدعى (جامعة طرابلس), و تضم الكليات العلمية مثل كلية العلوم (الكلية الأم ), وكلية الزراعة والهندسة, والفرع الآخر ويدعى
بجامعة بنغازي , وتضم الجامعات الأدبية , ورآسة الجامعة.
شن القذافي حملة على الحركة الطلابية في اكثر من خطاب , متهماً الطلبة بالعمالة للمخابرات الأجنبية , رافضاً السماح لهم بتكوين اتحاد طلبة له القدرة على التدخل في الشؤون السياسية للبلاد , وبين قدرته على تصفيتهم بقوة
الحديد والنار,.. الا ان الطلبة لم يستجيبوا وردوا عليه ببيان اصدرته رابطة جامعة بنغازي في 26/12 /1976 رافضين فيه الأعتراف بأتحاد الطلاب الحكومي , وايدوا كل ما قام به طلاب الداخل والخارج وطالبوا بتشكيل لجان تحقيق في الأحداث السابقة مع اللجان المختصة !
وفي بداية العام الدراسي 76 -75 كثف النظام جهوده لزج طلبة الجامعات والثانويات في معسكرات سياسية وعقائدية , اضافة الى تدريبات عسكرية مركزة على استعمال اصناف الأسلحة, والتدريب على الأعتقال والتحقيق والأستجواب والتعذيب , واضافة الى ذلك وضع قيادات الطلاب تحت المراقبة المشددة !
وفي بداية ديسمبر 1975 انتخب طلاب جامعة بنغازي ممثليهم في رابطة جامعة بنغازي خلافاً لرغبة معمر القذافي الذي اعلن رفضه لأي مؤسسة طلابية مستقلة لصعوبة السيطرة عليها, ولذا اعلن القذافي حل الأتحاد العام لطلبة ليبيا ورابطة جامعة بنغازي في اليوم التالي لتأسيسه!
وبعد يومين من صدور القرار نظم الطلبة مسيرات سلمية نددوا فيها بقرار الحكومة مطالبين برفع وصاية النظام على الأتحاد العام لطلبة ليبيا .
الا ان في بداية السنة 1976 سمعت عن اقتحام مسلحين مدججين بالعصي والسكاكين من قوى النظام حرم جامعة بنغازي ,وهجموا على الطلبة والطالبات العزل بالضرب وحرق سيارات بعض الطلبة مهددين قادة الطلبة بالتصفية اذا لم لم يعلنوا عن فكرة الأتحاد العام لطلبة ليبيا !
قام الطلبة بمسيرة في وسط المدينة الا ان قوات الحرس الجمهوري تصدت للطلبة واطلقوا النار عليهم مما ادى الى جرح طالب ووفاة آخر بعد نقله الى المستشفى.
اعلن طلاب جامعة طرابلس التجمع امام مسجد مولاي محمد,(الواقع بالقرب من مركز مدينة طرابلس) بعد صلاة الجمعة والسير في شوارعها, احتجاجاً على تصرفات النظام نحو طلبة بنغازي, الا ان تدخل الرائد الخولدي الحميدي ووعده بتنفيذ كافة مطاليب الطلبة هدأ الوضع !
وبسبب تلك الأحداث شـن قائد النظام معمر القذافي حملة على الحركة الطلابية , متهماً الطلبة بالعمالة للمخابرات الأجنبية رافضاً تكوين اتحاد طلبة يتدخل بالشؤون السياسية للدولة, واعلن عن تصميمه لتصفية تلك الحركة !
أعلن رئيس النظام ,قائد ثورة الفاتح العقيد معمر القذافي خطاباً في 15 نيسان (ابريل) 1972 في مدينة زواره, خطاباً بين فيه الأنعتاق من كل القيود الأدارية, فعطل القوانين وطهر البلاد من اعداء الثورة ,..واعلن عصر الثورة الشعبية والثقافية والأدارية , والغى كافة الألقاب الأدارية وابقى على لقب رئيس الدولة ورئيس الأركان !
ومرًت الأيام ثم صدر الكتاب الأخضر من تأليفه مطلقاً عليه " النظرية الثالثة".
اشتمل خطاب زوارة على خمس نقاط هي في حقيقتها إلغاء للدولة متمثلة في:
1- ألغاء القوانين المعمول بها.
2- اعلان الثورة الثقافية
3- القضاء على الحزبيين, ومن تحزب خان!
4- القضاء على البيروقراطية وكافة المظاهر الأوربية.
5- اعلان الثورة الشعبية.
ادى هذا الأعلان الى سجن العديد من خريجي الجامعات والكتاب والمفكرين والأعلاميين والمثقفين, لمجر عدم الترحيب بمحتويات ذلك الكتاب, وصاروا يستهزؤن بمحتوياته مثل : البيت لساكنه, والبيت لا يخدمه الا اهله, والمركوب لا يركبه الا مالكه!. وغيرها من المقولات التي يصعب تطبيقها فعمت القذارة في كافة ارجء المدن!
وبعد فترة اعلن القذافي تخليه عن مهامه السياسية والأدارية وأحتفظ بقيادة البلاد والجيش!
1189 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع