علاء کامل شبيب
عقوبة الاعدام التي هناك إنقسام دولي بشأنها، ففريق يدعو الى إلغائها بإعتبارها ممارسة غير انسانية، في حين يرى الفريق الآخر أن هناك ضرورة لإستمرارها لأنها عقوبة رادعة تحد من إندفاع البعض نحو إرتکاب الجرائم، لکن المشکلة، أن القوانين التي تتبنى عقوبة الاعدام، هناك أيضا إختلاف فيما بينها من حيث شمولية الاعدام او محدوديته.
هناك دول تحکم بالاعدام على المجرمين الذين يقتلون او يرتکبون جرائم شنيعة و بشعة، لکنها لاتعتبر مسألة الاعتقاد الفکري للانسان ضمن تلك الدائرة مثل الولايات المتحدة، في حين أن دول أخرى تجعل عقوبة الاعدام عامة و تشمل مسألة الاعتقاد الفکري للإنسان کالنظام الاسلامي المتطرف في إيران، وفي الوقت الذي نرى فيه أن دائرة المؤيدين لتنفيذ عقوبة الاعدام تتقلص على مستوى العالم عاما بعد عام، فإن ممارسات النظام الايراني تتجه بسياق آخر بحيث لايأبه مطلقا بذلك و يصر على التمسك بهذه العقوبة اللاإنسانية خصوصا عندما يقوم بتنفيذها أمام الملأ و يقوم بتقديم مشاهد مروعة يشنق فيها أفراد أمام الناس المتجمعين، وهو مابدأ يدفع في داخل اوساط الشعب الايراني الى ردة فعل ضد هذه الممارسة و رفضها لأنها لاتخدم السلام و الامن الاجتماعي للشعب الايراني بقدر ماتخدم سلام و أمن النظام نفسه.
في يوم الاحد، الاول من حزيران الجاري، قام سلطات النظام الايراني في سجن کوهردشت بمدينة کرج بتنفيذ حکم الاعدام شنقا بحق السجين السياسي(غلام رضا خسروي سواد جاني)، بعد أن أمضى 12 عاما خلف القضبان، وقد إضطر النظام و بسبب مزاعم الاصلاح و الاعتدال التي أطلقها روحاني الى تأجيل الحکم لمرات عديدة، خصوصا وان اوضاع النظام الدولية کانت تتطلب إظهاره بنوع من الاعتدال و ميول نحو الاصلاح، لکن نتائج و تداعيات ماجرى في الردهة 350 من سجن إيفين على أثر الاحداث التي وقعت هناك قبل أسابيع، ولکون السجين السياسي المشار إليه، متهما بالانتماء لمنظمة مجاهدي خلق، فقد رأت السلطات الايرانية بأنه کان سببا رئيسيا في تلك الاحداث، ولذلك فقد بادرت بنقله الى سجن آخر لتنفذ به الحکم لأنها"أي السلطات الايرانية"قد تخوفت من تحرکاته وهو في السجن وارادت أن تضع حدا للأمر!
قضية الفکر و الاعدام، کان عاملا رئيسيا من وراء إقصاء آية الله المنتظري من منصبه کنائب للخميني، بعد أن إنتقد الاعدامات الواسعة بحق السياسيين الايرانيين و لاسيما حملة إعدام 30 ألفا سجينا من أعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق، حيث أکد في وقتها أن الفکر يجب أن يواجه بالفکر و ليس القتل، مشيرا الى أن منظمة مجاهدي خلق مدرسة فکرية و يجب مواجهتها بالفکر و ليس غيره. کلام المنتظري هذا کان بمثابة نصيحة ثمينة قدمها للنظام، غير أنها أدت الى إقصائه و إبقائه رهن الاقامة الجبرية، ويبدو أن النظام مازال يصر على مواجهة الفکر بالمشنقة او الرصاص و السجون معتقدا بأن الارهاب و القمع هما السبيل و الطريق الوحيد لحل الاشکالية بين الفکر و الاعدام، والانکى من ذلك أن هذا النظام لايزال يصر أيضا على التصرف بمنطق من يعيش بمعزل عن حرکة التطور و الحضارة و التأريخ!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1546 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع