سيف الدين الألوسي
سبق لي أن عملت مع الدكتور عدنان الباججي لمدة تزيد عن السنتين , أعتبرها من أكثر سنوات حياتي العملية إثراءا وتجربة ..
هنالك أراء مختلفة وكتابات واراء حول مشاركة الرجل في مجلس الحكم وطمعه ليكون رئيسا للجمهورية وغيرها من الأمور التي نشرت والتي ستنشر لاحقا , ولكني أود نقل الحقيقة كما هي وكما رأيتها بخصوص هذا الرجل العراقي الوطني البغدادي الأصيل, كنت في بغداد عندما وصلها الدكتور عدنان بداية شهر مايس 2003 ومع مجموعة من السياسيين وحتى من أتى بطائرة خاصة أماراتية معه وممن لا علاقة له بالسياسة ولكنه يسكن أبو ظبي أو الامارات ( الدكتور عدنان يحب مساعدة جميع البشر أذا أستطاع معونته ) , ذهبنا للسلام عليه, ولكون تربط عوائل بغداد روابط وصداقة تمتد لعقود طويلة من الزمن , رحب الرجل بنا في بيته الذي تم تأجيره له من قبل سفارة الامارات وهو يعود الى أحد رجال الاعمال العراقيين في المنصور , وأصر على بقاؤنا للغذاء معه وكان غذاءا بسيطا ( فاصوليا يابسة وتمن ونوع آخر من النواشف وسلطة ولبن),بعد الغذاء تمنيت أن أعمل مع هذا الرجل الخلوق وقد باشرت في الدوام بمقره في اليوم الثاني , كمستشار له ومديرا للادارة والمالية له .
بدأنا عملنا بترتيب عملنا وتنظيمه وتاُثيث المكتب ومعي أخي الفاضل الدكتور سعد عبد الرزاق حسين والاخ الفاضل الدكتور عمر الفاروق سالم الدملوجي وغيرهم ممن أفتخر بهم لما يحملوه من وطنية ونزاهة ونكران ذات,عملنا أحتفالا بسيطا بعيد ميلاده الثمانين بعد أيام وهو يضحك ويقول , أرجو من الله أن يعطيني العمر لأرى عراقا مزدهرا متقدما كما كل الدول المتقدمة وكما كنا سابقا ,
لا أحد يتصور مدى بساطة وتواضع هذا الرجل وتهذيبه ومدى تعامله الانساني مع البشر ومن أصغر موظف الى أكبر موظف,البعض أتهمه بالعمالة وكانت تلك التهمة هي الخنجر الذي يغيضه , والبعض بالطموح لمنصب رئاسة الجمهورية وهو حق مشروع بالنسبة لتأريخه ولكنه لم يكن يفكر بذلك ولم يجعل هذا الهدف هو مقصده , بل كان دائما يردد أمامي بأن ما يريده هو وضع العراق على ( السچة ) وفي سنوات عمري الأخيرة .
هنالك الكثير من الاخوة القراء والكتاب ومنهم مدنيين وعسكريين وفي موقع الگاردينيا العطرة قد التقوا وعرفوا الدكتور عدنان عن كثب , وللتأريخ لولا المؤامرات التي كانت تحاك ضده ومن حتى داخل تجمعه لكانت الامور أفضل له ولنا ,للحقيقة الرجل دبلوماسي قدير محترف , مثقف جدا , عروبي النزعة دون تعصب ومثله الكبير المرحوم نوري باشا السعيد , وكان يعتبره من رواد القومية العربية الغير متعصبة و للعرب تأريخا مجيدا يجب أن يبقى , وكان يقول أن حتى شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة هو أمتداد لخط هذه الامة العظيمة وحالها حال كل الامم, ولكن دون تعصب ودون الانتقاص من أي أمة وملة أخرى , بل بالعكس كان يقول أن التنوع والعلاقات بين الامم هو مصدر قوة للبلد وليس ضعفا , ولكن للأسف كان يعتمد تقاليد أهل بغداد القدماء والوثوق بكل كلمة من مختلف البشر وانواعهم و لكنه كان يتعامل مع ثعالب قديمة حتى داخل تجمعه وثعالب مدربة خارج تجمعه ,( سياسيين وغير سياسيين ).
اكتب هذه الكلمات بحق هذا الرجل العراقي الصميم والبغدادي الأصيل في وقت أنا لا أبغي ولا هو يبغي أي شئ وبعد أن تقدم به العمر وأرجو أن يطيل الله بعمره ويمد بصحته .
لقد حاول الكثير التقليل من شأن الرجل وحتى الرئيس السابق قد أحترمه والدكتور عدنان كان يردد دائما , أنني لا أتمنى أن أرى رجلا مهما كان وخصوصا اذا كان قويا ومؤثرا في موقف كهذا,وهو من منطلق أنساني بحت .
سيقول البعض أنه خطأ في الدخول في العملية السياسية بعد أحتلال العراق وأنا أؤيد هذا الرأي وكنت معارضا لأشتراكه في مجلس الحكم وخصوصا بعد توزيعه الطائفي المقيت ولكن لكل أنسان أجتهاده !! وهو أحسن من توجيه الاتهامات من بعد وزيادة النفط على النار لفرقة البلد وشعبه .
سأكتب أكثر عن هذا الرجل مستقبلا وبتفاصيل يومية و الذي ظلمه أبناء وطنه أكثر من الغرباء, وهو الذي لم يؤذي بشرا في حياته وبل كان يعطي كل راتبه لعوائل فقيرة وعوائل أقارب وأصدقاء قدماء نزلت بهم دنيا العراق ( كون دنيا العراق حية ودرج ) ولم يكن يعلم بذلك ألا انا ومحاسب تجمعه , وبعض افراد الحماية القليلة التي كانت معه ( أمر أكشفه لأول مرة للتأريخ ).
أرجو الأعتذار من الجميع ولكن تلك حقيقة وموجز بسيط عن هذا الرجل الذي لم يعرف الكثير قيمته مع الاسف وخصوصا اليوم .
1548 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع