بين تخلف "الأنا " وتجبر "الآخر"، تضيع أمتنا

                                      

                       علاء الدين الأعرجي

على صعيدِ بَحثِنا المتواصل في أَزمة التخلف الحضاريِّ في الوطن العربيّ، بوجهٍ عامّ، واتِّساقًا مع نَهجِنا المتَّبع في ربطِ البحثِ النظريِّ بالواقعِ القائم، لا بُدَّ من أن نربطَ حديثَنا بالأحداثِ العربيَّة والعالميَّة الراهنة؛ ذلك لأَنَّنا نستخدمُ التجريدَ أو التنظير، لا بِغَرض الترفِ الفلسفيِّ أَو الفكريّ، بل كأدواتٍ لِتَحليلِ الواقع اليوميِّ المُعاش، على صعيدَي "الآخَر" والأنا.

فعلى المستوى الأوَّل، نلاحظُ تَجبُّرَ "الآخَر"، انطلاقًا من وثوقِه بأنَّه يُسيطرُ على قواعدِ اللعبة ويَملكُ آليَّاتِها، من جهة، وقناعتِه المطلقة بأنَّ نظامَه السياسيَّ والاجتماعيَّ المُنبثق من "عقلِه المجتمعيّ" هو الأكملُ والأفضلُ والأصلح، ليس لِمجتمعِه وحَسب، بل لجميع المجتمعاتِ البشريَّة، مع اعتبار مصالحِه المباشَرة وغير المباشرة قبل كلِّ شيء، من جهةٍ أُخرى. ونَحن نرى أنَّ هذه نظرةٌ أحاديَّة الجانب، لا تأخذُ بِعَين الاعتبار تعدُّدَ الثقافات، الذي من شأنِه إثراءَ الحض " الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه "ارةِ البشريَّة. وينبغي أن نستدركَ فنقول: إذا كان هذا الأمرُ يُشكِّل أحدَ الجوانبِ المُعتِمة لِحضارة "الآخَر"، فهل هناك ما يحولَ دون الإفادةِ من الأَوجُه المشرقةِ المعروفةِ الأُخرى والمفيدة لنا؟ وينسب إلى الرسول(ص) قوله: " الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه ."
وعلى الصعيدِ الثَّاني، نُلاحظُ عَجزَ الأُمَّة العربيَّة الكامل عن مواجهة هذه التحدِّيات، في وجهَيها السيِّئ والحسَن، بِسَبب ضعفِها الناتج عن تخلُّفها الحضاريّ، الناتج، بدورِه، عن تخلُّف عقلِها المجتمعيِّ المشحون، على الأَغلب، بِقِيَم بمبادئ تقليدية اتّباعية ؛ سواء تقليد السلف، أو تقليد الآخر تقليداً أعمى، كما يقلد المغلوب الغالب، على حد قول ابن خلدون.
 تـُرى هل ما يزال لدَينا شيءٌ من أَملٍ في أَنَّ هذا المجتمعَ سيَنهض ويواجهُ تحدِّياتِ كلٍّ من الذاتِ أَوَّلاً، و"الآخَر" ثانيًا، وهو ما زال خاضعًا، إِلى حدٍّ بعيد لعقلِه "المجتمعيِّ" الذي يُفضِّل الثباتَ بدلَ التطوُّر، والركودَ بدلَ التقدُّم، أي الاتّباع بدل الإبداع، بل ربَّما يؤمنُ بِوجوبِ العودةِ إلى الخلْف وتقليدِ السَّـلَف الصالِح، الذي عاش قبل أربعةَ عشرَ قرنًا، لأَنَّه رمزُ التمام والكمال؟ أو العودة إلى حكم العسكر لأنه أكثر أماناً واستقراراً على الأقل، كما يحدث اليوم في مصر مثلا؟

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع