حظ أمحيسن ! الحلقة الخامسة والعشرين

                                       

  

حظ أمحيسن !مـسلـسل تلفزيوني بين الحقيقة والخيال من الحياة الأجتماعية في العراق في الحقبة الواقعة في منتصف الأربعينيات ولغاية أحتلال بغداد في9/نيسان2003

        

                 الحلقة /الخامسة والعشرين

في الخامس من تشرين الثاني "نوفمبر" 2000، توجه "أمحيسن" بالقطار من صفاقس الى تونس العاصمة لتقديم وثائق التأشبرة (الفيزة) الى القنصلية الأمريكية,.. وبعد أســبوع  علم بأستحالة تحقيق ذلك الآن لكونه عراقي ويعمل في الجماهيرية العربية الليبية العظمى!
وهكذا, وكما قال الشاعر: ويدور الفلك الدوار دورته = وتقدرون وتضحكُ الأقدارُ و لذا أضطر "أمحيسن" للأقامة في تونس العاصمة,.. وفي 12/12/2000 ,انتهت صلاحية  إقامتة التونسية, ولما توجه الى دائرة الهجرة والجوازات لتمديدها, رُفضَ طلبه ! ,.. وتألم لذلك وخاصة من لهجة الموظف وهو يستكثر عليه تمديد أقامته لأسبوع آخر,.. وطلب منه مغادرة تونس  بعد أنتهاء صلاحية فيزته , فقال له "أمحيسن" أنتم تـسمحون لأكثر من مليون سـائح يدخلون بلدكم من كل دول أوربا معظمهم من دون (فيزة), وتستكثرون منحي أسبوعاً واحداً!

ولم  يكتفي "أمحيسن" بذلك وبين له أضرار فتح باب السياحة لبائعات الهوى , وحثالة الشباب الذين ينقلون للشعب التونسي الأمراض مثل "الأيدز" وقانا الله وأياكم منه, حيث ثبت علمياً أن المرأة قد تكون حاملة لفايروس المرض ولكن لا تظهر عليها الأعراض وتنقله الى الرجل عند مزاولتها العملية الجنسية معه , وأضافة لذلك أغراء البنات المراهقات الفقيرات بالهديا والولائم وربطهن بعلائق يفقدن فيها عذريتهن ويجلبن العار لعوائلهن وتزداد نسبة العنوسة التي وصلت وفق الأحصاء الرسمي فقط في تونس العاصمة الى أكثر من % 80 !

      

                       العاصمة الأردنية / عمان

وعلى أية حال,.. لم يجد "أمحيسن"  أمامه مكاناً لأقامته سوى (ماليزيا)، إلا أن سوء حظه المتعثر ارغمه على التوجه إلى الأردن, لعدم وجود قنصلية  لماليزيا في تونس ! ,.. وما أن وصل "أمحيسن" الى عمان,.. حتى راجع السفارة الماليزية, , وتبين أن الدخول إلى ماليزيا من دون "تأشيرة",ولمدة أسبوعين فقط ، ولا يمكن تمديدها إلا وفق شروط تعجيزية أوالخروج منها إلى أي قطر لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام ثم العودة , للأقامة أسبوعين ,.. وهكذا دواليك !
     

وصـل"أمحيسن"الى(كوالالمبور) عاصمة ماليزية,ومختصرها(K.L)، وبعد  تدقيق تأشيرة الدخول، حصل على فندق ملائم،.

بأشهر منطقة في العاصمة تضم  برج يسمى,(التوأم), وهو متكون من برجين متشابهين ومتصلين من المنتصف ويعتبر من أعلى الأبراج في العالم في ذلك الحين , وبعد أن أرتاح من عناء السفر,..  تجول في شوارع (كوالا لمبور), وقد وجدها عبارة عن "جنة الله في أرضه", وأول ما لفت نظره نظافة شـوارعها, ..وهدوء الناس المارة والصمت الرهيب في المخازن عدا صوت الموسيقى والأغاني الشجية,.. كما أعجبَ بالزي الشـعبي الزاهي بألوانه وتنوعه , حيث أن الشعب  الماليزي متكون من عدة قوميات, مثل المالي (60%),  والصيني (20%), والهندي (2%), ولكل منها دينها ومذهبها ولغتها, وأن هذه الدولة تحررت من الهيمنة الأجنبية في الأربعينات, وفي ســـنة 1963,

         

تأسست جمهورية ماليزيا الفدرالية من 13 ولاية, بقيادة رئيــس وزرائها, الدكتور محمد مهاذير, ..

وفي اكتوبر ســـنة 2003, اكمل 20 عاما كرئيسا للوزراء!,..وما من أحد هتف ضده أو رفع بوجهه شعار "أرحل" ,.."أرحل",.. ثم خرج من السلطة طواعية , بعد أن أصبحت ماليزيا من أشهر وأعظم

         

                البرج التوئم في كوالا لمبر عاصمة ماليزيا

الأقطار الأســلامية  تقدماً,.. وأغناها في منطقة دول شرق آسيا, ولقد أظهر الدكتور مهاذير الوجه المشرق للعالم الإسلامي, حيث طبق النظام التقدمي في الاقتصاد والسياسة, ولم يسـمح نظامه بالتحيز أو المحاباة لأي طائفة عرقية أودينية من مكونات الشـعب الماليزي !
ولهذه الأسباب وغيرها تأثر "أمحيسن" بما لمسـه في ماليزيا ,..وتمنى في قرارة نفسـه  أن تختفي ظاهرة الطائفية البغيضة في وطنه الغالي العراق, مناشداً فيه كل فئات الشعب العراقي عدم تقسيم الوطن تحت أياً من المســميات , ويتوحد كما توحدت دول أوربا , مكونة الأتحاد الأوربي, المتكون من 35 دولة لا يجمعها دين أو لغة ولها علم وعملة ودستور واحد, والفرد فيها يـستطيع الأقامة والعمل في اية دولة من دول الأتحاد الوربي !,..ولا أريد أن أقارن ذلك بأمة العرب أوطان من الشام لبغدان , حتى لا أسبب الكدر والكآبة لقراء الگاردينيا الغراء.  
وبعد يومين من وصول"أمحيسن" الى كوالالمبور, ذهب الى  "القنصلية الأمريكية",.. وأعطيت له أوراق التأشيرة لملئها، وُطلبَ منه جلب مُترجم معه ,..وفي مساء ذلك اليوم، سأل "أمحيسن " أحد العاملين في استعلامات الفندق الذي يسكنه، أن كان لديه علم عن شخص عربي يتقن اللغة الإنكليزية، فقال العامل : نعم لدينا (المستر كمال) من (الأردن),.. ففرح لذلك النبأ،..وبعد لحظات اتصلت الاستعلامات بـه وطلبوا منه الحضور لمواجهة (المستر كمال) ,..
فهرع نحوه ، وتعرف به ، وقدم نفسه على أنه مدير شركة تعمل في حقل الصناعات ، إلا أن "أمحيسن " عرف من لهجته أنه سوري وليس أردني ،.. ولما سأله , قال: "نعم أنا سوري", وقد هربت من حكم حافظ الأسد في سوريا ، وأنني متزوج من ماليزية ، ولدي ثلاثة أطفال !
صَدقَ "أمحيسن" كل ما نطق به ذلك الشاب الوديع المهذب، وثمنَ قدرته على تمديد الأقامة من دون السفر لخارج ماليزيا, وطلب (مبلغ 4000 رنكت ,حوالي 400 دولار)، ليدفعها عمولة لمن يساعده , وقبل يَـد"أمحيسن" وودعه على أن يلتقيا صباحاً للذهاب إلى السفارة .


    
 
                   أحد شوارع العاصمة كوالا لمبور

وبعد عـدة ايام اتصل بواب العمارة التي يسكنها الدكتور"أمحيسن" وأخـبره بوصول  شخص اسمه ( مستر كمال),.. جلب لكم رزمة,.. وما ان نزل "أمحيسن" ليستلمها لم يتمكن من اللحاق به, واسـتلم الرزمة من البواب ووجد فيها جواز سـفره,..ولكن  من دون إقامة !,وهكذا ذهبت الجهود وألمال سُـدى ، .. وقد تبين أن مستر كمال نصاب و مخادع من الطراز الأول !
 أعاد "أمحيسن" الكرة مع " سـمـسار " ماليزي للمساعدة على إجراءات تمديد الإقامة ، فطلب مبلغ 3500 "رنكت"، أي حوالي ألف دولار أمريكي,.. لكي ترفع عنه العقوبة لأقامتة غير الشرعية !, وضرورة مغادرته ماليزيا خلال ثلاثة أيام , وهكذا بدأ يهرول للبحث عن أية سفارة دولة مجاورة لماليزيا, للحصول على سمة دخول مثل تايلند وسنغافورة وكمبوديا ،وبعد  محاولات حصل على تأشيرة إلى "كمبوديا"، ألا أنهم طلبوا منه كتاب بموافقة ســفارة العراق في كوالا لمبور!..., وفي اليوم التالي قدم كافة الوثائق اللازمة لأستخراج الفيزة الى كمبوديا !

  


                              كمبوديا
  أكمل "أمحيسن " كل أجراءات السـفر الى (كمبوديا), بمساعد شاب هو شقيق صاحب العمارة التي يسكنها,.. وبعد أتمام المعاملة دعاه لتناول الغداء في مطعم ســمك مشــهور, ومن  سوء حظ "أمحيسن" تناوله لنوع من السـمك صعب الهضم ,..وعلى أية حال ,..ففي صباح يوم التالي,.. شعر "أمحيسن" بدوخة, ونهض ولم يستطع , و شعر بعد فترة ملقى على الأرض !وبعد أن أستعاد قوته ,..تمكن من عمل الشاي الأخضر,فشعر بتحسن صحته .

وفي منتصف النهار , اتصل به زميله الطبيب العراقي في "مدينة كونتان" ليعلمانه بالتوجه لكولالمبور مع زوجته , فأقترح عليه"أمحيسن" السكن في شقته,...و تمت الموافقة على تلبية الدعوة, وهكذا جهز "أمحيسن" غرفة النوم وعشاء فاخر للضيوف ,..وكانت صحته غير طبيعية ففحصه الضيف وهو دكتوراه واستاذ في كلية طب بغداد والفاتح في ليبيا / سابقاً.
وفي الصباح لاحظت زوجة الطبيب الأصفرارعلى وجه "أمحيسن",.. وطلبت من زوجها أن يأخذه إلى المستشفى فوراً.
خرج الجميع إلى مستشفى جامعة "كوالالمبور"، إلا أن الطبيب االمناوب ,.. حالما رأى "أمحيسن" أمر بوضعه على نقالة إسعاف وإدخاله عيادة الطوارئ للتأكد من النزيف في المعدة وبعد فحوصات الضغط والقلب واخذ عينة من البراز، تقرر مبيته تلك الليلة في المستشفى حتى  تجرى له عملية "سكوب", أي فحص بالمنظار ,.. للتأكد من عدم وجود نزيف في المعدة !        
وفي صباح اليوم التالي ، وتم الاختبار وقد تبين عدم وجود نزيف ،.. وإنما تـَسـمـم بنوع معين من البكتريا نتيجة أكله قبل يوم سـمك ملوث في أحد المطاعم !...، وهكذا وافق الطبيب الأخصائي على عودته  إلى البيت, وكتب له بعض الأدوية  وسمح له بالسفر جواً من اجل تمديد الأقامة الماليزية لأنتهاء صلاحيتها وفقاً للقوانين !
غادر "أمحيسن" مطار كوالا لمبور ووصلا العاصمة "فينون ينه"، بعد ساعتين وذهل لما شاهده في تلك العاصمة من تخلف بالمقارنة حتى مع عواصم العالم الثالث !,..فالشوارع في منتهى القذارة، والناس في ثياب رثة,..ودعارة الأطفال تعرض على المارة من الأجانب !


                                             

يتبع في الحلقة / 26

للراغبين الأطلاع على الحلقة الرابعة والعشرين

http://www.algardenia.com/maqalat/10313-2014-05-09-18-27-07.html

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

783 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع