الفرق بين الصيّام والصوم

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 06 أيار 2014 08:21

كتب بواسطة: صالح الجبوري

                           صالح الجبوري

الفرق بين الصيّام والصوم

القرآن الكريم ليس به كلمات مترادفه على الأطلاق .
وعندما نتعمق بالأطلاع على فحوى المعاني نلتمس الأعجاز الرباني
وعندما يذكر القرآن الكريم الصيّام لايقصد به الصوم أبدا.
في سورة البقره آيه 183
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .
صدق الله العظيم
ولم يقل كتب عليكم الصوم . نحن نركز على الصيّام ولانفقه معنى كلمة الصوم .
معنى كلمة الصوم يعني قول الحقيقه والكلام الطيب مع الناس خلال السنه الكامله
وليس خلال شهر رمضان فقط ، الصوم يكون في رمضان وغير رمضان ، اذن علينا
أن نصوم .. صوماً .. وصياماً .

في سورة مريم آيه 26 نلاحظ مخاطبة السيده مريم ( ع ) بالقول التالي
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ..
أن مريم العذراء حينها لم تكن صائمه ! وهنا يأتي معنى كلمة صوماً هو كما ذكرنا اعلاه
أي الكلام الطيب وحسن القول مع الناس .

قال تعالى بسورة النساء ، بسم الله الرحمن الرحيم  وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً.( صدق الله العظيم )

كذلك قال الله تعالى بالحديث القدسي : كل عمل بني آدم له الا الصوم فهو لي وأنا أجزيه . يمكن لأي أنسان أن يؤدي الصيّام اما الصوم فهو موضوع آخر دو شك .

عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، ‏ عَنِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ قَالَ : منْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ
القصد هنا أن عدم الالتزام بالكلام المهذب مع الناس وهو الصوم
يُذهب أجر من أمتنع عن الأكل والشراب خلال شهر الصيّام .
غالبا مانجد مخاطبة رب العالمين للعباد بعبارة : يا أيها الذين آمنوا ......
بأستثناء ماجاء بسورة الأحزاب العجيبه آيه 34 والتي تقوم :

بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا . صدق الله العظيم .
لاحظ هنا ( والصائمين والصائمات ) لو كان جلالته يقصد الصيّام لوردت مع (المسلمين والمسلمات) ، لكنه جل وعلا أختار بالمرتبه الثامنه ( أعلاه ) لكي يفهمنا أنه يقصد الصوم وليس الصيّام .

ومن أجل أن يحقق المسلم المؤمن غايته الأسمى بالدنيا والأخره ويعيش حياة سعيده بصحه هانئه عليه أن يتعامل مع الأخرين بالطريقة التي يحب أن يتعاملون معه من خلالها .

الآيه 31 من سورة الأعراف آية تستحق التركيز والتمحيص ، حين يقول عز من قائل
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
صدق الله العظيم
طيب ماعلاقة كل بني آدم بالمسجد ؟  ليس كل بني آدم لهم علاقه بالمسجد طبعاً ، قال
يابني آدم ،أذن هذه دعوه ونصيحه للبشريه دون استثناء ، حيث انه لم يقول يا ايها الذين آمنوا خذوا زينتكم !.... واخذ الزينه هنا المقصود منه هوالسعاده والراحه النفسيه ، وقوله تعالى وكلوا واشربوا ولاتسرفوا ، ماهي الا نصح وارشاد للبشريه بضرورة تقسيم اوقات تناول الطعام والشراب بأوقات منتظمه خلال ساعات اليوم دون الأسراف من أجل الحفاظ على صحة بني آدم قبل كل شيىء .
يلاحظ خلال شهر الصيام في رمضان يكثر المسلمين الصائمين من تناول الطعام والشراب بعد الافطار حتى وقت الأسحار مما يسبب للكثير منهم الضرر وعسر الهضم ومضاعفات أخرى بالجهاز الهضمي تنعكس على صحة البدن بشكل عام .
الأسراف بالطعام يأخذ معنى ( الطغيان ) يتبعه ضرر ملموس فبالاضافه الى ماينعكس على صحة الفرد الصائم الذي يسرف بالطعام بعد الافطار تحديداً خلال شهر رمضان بذات الوقت يحصل هنا حرمان لتقديم جزء من ذلك الطعام للفقراء المحتاجين .
نلاحظ سورة طه الآية 81  تقول  :

بسم الله الرحمن الرحيم
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ .. صدق الله العظيم .
فيجب ان لاننزل غضب الله تعالى عليناخلال شهر رمضان بدل رضاه عنا ، ويجب أن لانطغي بالطعام، بل نجعل طعامنا ينخفض معدل تناول الى  النصف  لنترك للفقراء.
يلاحظ جلياً أن القران الكريم أن قد ركز على ضرورة أطفاء أخطاء المسلمين خلال حياتهم اليوميه بالصيام ولم يذكر القران على سبيل المثال ، من عمل كذا عليه بأداء كذا ركعة صلاة انما نلاحظ دائما مامعناه من عمل ذاك الذنب عليه صيام كذا يوم ... ماهذا الا رادع تأديبي للذات من اجل الوصول للتعامل الاخلاقي الامثل بين بني آدم بعضهم البعض  ..وهكذا ، ولتوضيح هذه الفقره لابد أن ندرك أن المسلم المثالي يجب عليه أن لايكون منغلق على نفسه
ازاء الأديان السماويه الأخرى ، انما يكون منفتح ويتمتع بسلاسة بالتعامل مع الآخرين ممن يعتنقون اديان أخرى عدا الأسلام . يقول الله تعالى ..

بسم الله الرحمن الرحيم
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ  .. صدق الله العظيم .
أذن هنا معنى كلمة هُدًى هي ( القرآن ) أما معنى كلمة (وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ) هي الأنجيل حصراً استنادا لقوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم
وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ

صدق الله العظيم
أما الفرقان فهو التورات ، قال الله تعالى بمحكم كتابه ، بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُل
صدق الله العظيم

يبقى سر نزول احكام القرآن الكريم لايعدو أكثر من برنامج تنظيمي شامل لحياة افضل من كافة الجوانب الحياتيه اليوميه حتى يوم الدين ولكافة البشريه دون استثناء .

الكاتب
صالح الجبوري
3-5-2014