كاظم فنجان الحمامي
في الوقت الذي تتفجر فيه العبوات الناسفة في ضواحي بغداد والمدن العراقية الأخرى, وتتصاعد فيه وتيرة الصراع المسلح في الفلوجة والرمادي, وتشترك فيه قواتنا المسلحة في التصدي لجيوب الإرهاب, وتتحول فيه مياه دجلة إلى مستودع للنفايات النفطية المتسربة من الأنابيب المعطوبة.
في خضم هذه الأجواء الملتهبة بالعنف, ينشغل قادتنا ووزراؤنا ومدراؤنا بالترويج لحملاتهم الإعلامية, فيتجولون بسياراتهم المدرعة, ببرود تام في طول البلاد وعرضها, ويسير خلفهم حاشيتهم وحماياتهم, من دون أن يبدوا اهتماما بما يدور حولنا من اضطرابات مشحونة بالشر.
بينما لم يستطع الرئيس اللاتيفي البقاء في منصبه دقيقة واحدة بعد انهيار أحد السقوف في متجر صغير بقلب العاصمة (ريغا), فأعلن استقالته, تعبيراً عن مواساته لأسر الضحايا, الذين قضوا في الحادث المؤسف, وكانوا أكثر من خمسين شخصاً.
رفع اللاتيفيون لافتاتهم مطالبين بعودته إلى منصبه, لكنه أصر على موقفه. قال لهم: (لقد فوضتموني ففشلت, ولأنني احترمكم وأحترم نفسي, فقد وجدت في استقالتي الاعتذار اللائق بكم بعد انهيار سقف المتجر).
قالوا له: أنت غير مسؤول عن هذا الانهيار يا ريس, فالمقاول الذي شيد المتجر هو الملام, فقال لهم: (لقد أحلته إلى القضاء, ولا مكان لي بعد الآن في هذه الحكومة التي فيها مقاول واحد فاسد).
قالوا له: ألا تعلم يا ريس أن سقوف الأسواق والعمارات والمتاجر والمكاتب والمنازل والمساجد والكنائس والمدارس تنهار في المدن العراقية كل يوم, ويموت العراقيون بالمئات من دون أن يكترث زعمائهم, ومن دون أن يرف لهم جفن, فلم يستجب لنداءاتهم.
ما يميز الرئيس اللاتيفي (فالديس ابن فسكيس) عن جماعتنا انه يختلف عنهم اختلافاً جذرياً في كل شيء تقريباً, فهو أوضح منهم في مشاريعه السياسية, وأصدق منهم في تعامله الإنساني, وأقرب منهم لمشاعر أمته, وأحرص منهم في مساعيه الحثيثة نحو إرساء قواعد العدل والإنصاف, وأشدهم كراهية للكراسي والمناصب والعناوين السلطوية الزائلة.
فالديس هذا يا جماعة الخير من مواليد 1971. (يعني بعده زغير). ينحدر من أصول بولندية, حصل على بكالوريوس الهندسة عام 1995, ونال درجة الماجستير في الفيزياء عام 1996, عمل في المختبرات الألمانية بمدينة (مينز), ثم انتقل للعمل في مختبرات جامعة ماريلاند.
التحق عام 2002 بحزب (العصر الجديد), فصار عضواً في البرلماني اللاتيفي, ثم شغل منصب وزير المال حتى عام 2004, وأصبح مراقبا في مجلس الاتحاد الأوربي, وعضواً في البرلمان الأوربي, وعنصراً رئيساً في ثلاث لجان أوربية فاعلة, ثم صعد بجدارة إلى سدة الحكم في الانتخابات التشريعية, ليصبح رئيساً لحكومة لاتفيا في اليوم الثاني عشر من آذار (مارس) 2009.
ما رأيكم بتصنيع نماذج تذكارية صغيرة للزعيم اللاتيفي الغيور (فالديس ابن فسكيس), نوزعها على الفائزين في الانتخابات القادمة عسى أن يتعاطفوا معنا, ويذرفوا الدموع علينا وعلى ضحايانا المليونية.
والله يستر من الجايات
1222 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع