د. رافد علاء الخزاعي
لا يخفى على الجميع اهمية الفيس بوك والتويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الاخرى من اهمية كبيرة في احداث التغيير وايصال الاخبار والافكار بطريقة سلسة وغير مراقبة او مفلترة بحيث يترك التاكد من مصداقيتها من خلال ذهنية المتلقي وخلفيته الثقافية والسياسية والاثنية ,
ولقد لعب الفيس بوك وتويتر دور كبير في تحشيد جمهور التغيير في احداث الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا حتى في مجال النكته السياسية فقد ذكر ان الروساء المصريين جمال عبد الناصر والسادات وحسني مبارك التقوا في الاخرة فبادرهم الرئيس جمال عبد الناصر هل الادوية المسممة من اتت بكم الى هنا فاجابه الرئيس السادات لا وانما المنصة واجابه الرئيس مبارك انه الفيس بوك.......
ورغم ذلك لقد جنى فوائد التغيير والربيع العربي وحصدوا المناصب اناس ليس لهم اي علاقة بالفيس بوك او مواقع التغيير الاجتماعي مما شكل صدمة للمدونين والفيس بوكيين من اختلاف الواقع الحقيقي عن الواقع الافتراضي الذي يعيشونه من خلال الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي وادى ذلك لبعضهم الى مراجعة الاطباء النفسيين وبعضهم الى الانتحار او البقاء مدمنين على الفيس بوك لاشباع نهمهم في تعزيز شخصيتهم الافتراضية وعدم الاعتراف بشخصيتهم الفعلية الواقعية.
وهذه الظاهرة المثيرة كانت محط مراقبة وتمحص من قبلي من خلال مراقبة الفيس بوكيين المرشحين لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية بنسختها 2014 هي ظاهرة العيش في الحلم في الواقع الافتراضي للمرشحين حيث من عدد اصدقائي الفيس بوكيين ال 5000 هنالك منهم 2433مرشح للانتخابات يدلون بدعايتهم الانتخابية عبر الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي وهولاء يمثلون عدد لا باس به من عدد المرشحين الكلي ال9756مرشح للتنافس على كراسي الانتخابات وهم ايضا شريحة لاباس بها لدراستها من خلال مراقبتهم ومراقبة سلوكهم الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهنالك منهم مسوي (عمل)خمس صفحات وهو يعجب بصفحاته ويعلق عليها عبر صفحاته الوهمية وايضا من خلال الاشاعة او التسقيط الانتخابي للتصيد في عثرات الاخرين وهو يمثل الشخصية العراقية المشخصة مسبقا من قبل عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي انها شخصية متناقضة وكسولة .
وقد شكل الشخصنة وتعزيز الدعاية وترويج الذات عبر التسويق المدفوع الثمن من قبل ادارة الفيس بوك التي كانت الانتخابات العراقية مصدر ربح وفير لها وهولاء ومصدق نفسه وبعضهم اصيب بالغرور وكانه فائز بالانتخابات قبل اجراء الاقتراع الفعلي من خلال اللايكات علامات الاعجاب او التعليقات التي يحصل عليها من خلال طرح برامجه الانتخابية او صور اجتماعته مع بعض المؤيدين الذين التقوا مع نفس المرشحين ومن جميع القوائم وايضا من خلال بعض المرتزقين من هذه العملية من خلال تاسيس صفحات لدعم المرشحين والترويج لهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وهي وظيفة جديدة افرزتها هذه الانتخابات وساهمت بتقليل نسبة البطالة موقتا في العراق وبحيث من الغريب ان هولاء الداعمين للمرشحين والمعينين كوظفين حملة انتخابية لم يصوتوا الى روساء عملهم وايضا كان للمرأة دور مهم من خلال صور الفوتوا شوب وصور مغرية للشباب ومن خلال وضعيات رومانسية استدعت قناة العربية الحدث الى استثمارها من خلال طرح مسابقة ملكة جمال المرشحات العراقيات 2014 وهكذا كان الفيس بوك يخوض معركة افتراضية بعيدا عن المعركة الواقعية التي على الارض من خلال الفضائيات واللقاءات المباشرة وقد شكلت الدعاية الانتخابية لبعض القوائم تاسيس قنوات فضائية جديدة ولدعم قوائمهم وهكذا كان التعشيق بين الاعلام الفضائي المؤثر جدا لانه يشكل 65% من المتلقين من المساحة الانتخابية وان العالم العربي عموما والعراقي خصوصا يعيش الامية الكتابية والتقنية حيث ان المساحة الانتخابية والجمهور الانتخابي الفيس بوكي يشكل من 9-11% من مجموع الناخبين الفعليين.
وهكذا كان المرشحين الفيس بوكيين الافتراضيين لا يعلمون ان متابعي الفيس بوك من الناخبين ال 22 مليون ناخب عراقي هنالك 700000ناخب لديهم فيس بوك فقط وهولاء جلهم لم يذهبوا للانتخابات لانهم لا يزالون يعيشيون حلم التغيير عبر الواقع الافتراضي او لديهم مرشح مسبقا في مخيلتهم من البداية واما الناخبين الغير فيس بوكيين الباقين انهم يعيشيون في واقع مليء بالامراض والفقر والامية وافتقادهم للسكن المريح و الامن الانساني خلف السدة والعشوائيات وهم اصحاب التغيير المحكومين بالاحلام والمغريات المسجونة بالخوف والتابوهات الطائفية والعرقية . انها صدمة الواقع الفيس بوك للمرشح وهذا يجعل المرشح الفيس بوكي يعيش اعراض ما بعد الصدمة من الكأبة واليأس والاحباط واعراض اخرى وهي مرض نفسي شيزوفيرنيا انتخابية(illusion facebookitis syndrome) او نسميه باللغة العربية الفصحى (وهم التغيير الافتراضي )وان شاء الله ساسجل اعراضه ضمن الامراض النفسية بعد تحديدها مع زميل لي اخصائي امراض نفسية وادعوا الاخوة المرشحين الذين عاشوا هذه التجربة بارسال الاعراض التي لديهم لغرض التوثيق واعتقد ان السبب من هذا المرض هو الفرق الواضح مابين تعيشه العامة من واقع مزري مخفي على المتعلم والمثقف في العالم العربي الذي يبني خياراته او احكامه على واقع افتراضي مثالي وهذا يجب مراجعته في الادبيات الاجتماعية والسياسية الداعمة للتغيير والبناء لكي تكون رسالتها واقعية وناجحة وان تحقيق الاحلام تاتي عبر الواقع العملي الفعلي وليس من خلال الواقع الافتراضي البعيد عن ارض الواقع.
الدكتور الاستشاري
رافد علاء الخزاعي
مستشفى الجادرية الاهلي
بغداد- الكرادة خارج- عرصات الهندية
1278 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع