أقلامٌ أدبية في شباك السرقة الفكرية

                                                  

                             سارة فالح الدبوني

تواردت مؤخراً وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فضيحة الإعلامي الساخر (باسم يوسف) المتضمنة سرقتهُ لأحد مقالات الكاتب اليهودي (بن جودا), والذي يتناول موقف الرئيس الروسي من القضية الاوكرانية..!

الأمر الذي عَرَّضَ هذا الإعلامي المعروف ببحثه الشاق عن الحقيقةِ بإسلوبهِ الساخر ونقده اللاذع الى موجاتٍ من الهجوم الإعلامي إضافةً الى هجومِ الشارع العربي نفسه.. بعدَ أن فقدَ مصداقيتهُ بدخولهِ في فخِ السرقة الفكرية ليكون بالتالي مايدعى الإنجليزية (plagiarist).. سارقاً لكتاباتِ غيرهِ, مُرصعاً إسمهُ بجُهدِ الآخرينَ..!!
http://download.chatalkhaleej.com/uploads/13989607081.jpg
 
والأمرُ لايقتصرُ على (باسم يوسف) وحدهُ, الرجل الذي اختار امتهانَ الإعلامَ والقلمَ بديلاً عن مهنةِ الطب, بل تعدى كذلكَ حدودَ الفكرةِ وحدها حتى أمسى من الكُتَّابِ من يسرقونَ كُتُباً بالكاملِ ملمعينَ أسمائهم على أغلفتها, ليكونوا بذلكَ فنانينَ بالتخفي ليتراءى للقارئينَ بأنهم هم المؤلفون..! ومن هنا لا ننسى جُرأةَ أحد الكُتاب العرب حينَ سرقَ كتاباً للكاتب الأمريكي (مايكل هارت) بعنوان (المائةُ الخالدون في التاريخ..أعظمهم نبي الإسلام محمد), واضعاً إسمهُ عليه فشوَهَ بذلكَ شأن النبي الأعظمِ صلواتُ الله عليه وعلى آلهِ, بدلَ أن يرفعَ منهُ, بينما وضعهُ كاتبٌ من بلادِ الكُفرِ على رأسِ القائمة..!! هذا بالاضافة الى فضيحة الأديب (علاء الأسواني) بسرقته لرواية (نادي السيارات) التي أكتُشفَ بعدَ فضيحة باسم يوسف إنهُ اقتبسها عن رواية (حفلة التيس) للروائي العالمي المُتأصل من البيرو والحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 2010 (ماريو بارغاس يوسا)..!!
مؤسفٌ جداً هذا الحالُ الذي آلَ بالكُتابِ والمفكرينَ العرب الى سرقةِ جهودِ غيرهم والأفظع أن تكونَ تلكَ النتاجاتُ لأشخاصٍ أجانبَ غير العرب بينما كانَ أولئكَ يسرقونَ نتاجاتِ العرب المسلمين كما حصلَ معَ اكتشافات (ابن الهيثم) و(ابن النفيس) و(ابن سينا) وابن رشد, وكمثالٍ اكتشاف الدورة الدموية على يد (ابن النفيس) بينما نسبها (وليم هارفي) لنفسه..!
وغيرها وغيرها الكثير..ناهينا عن سرقةِ القصائد والأشعار العربية وترجمتها الى الانكليزية ونسبتها للذات..!!
فلو راجعنا مجموعةَ الكُتاب الذينَ انتحلوا كلمات غيرهم ورصعوا بها اسماءهم لوجدنا أن جميعهم لاتنقصهم الشهرة, ولا المال, بل أن الجشعَ في هذه الحال قد تعدى مسألةَ ملئ الخزائن بالأموال ليطالَ الجهود الفكرية بسرقةِ أفكار الغير ونسبتها للنفس..!
ولو عُدنا الى مسألةِ الإعلامي (باسم يوسف) للمحنا وبكُلِ سهولةٍ إعراضهُ عن الإعترافِ بخطأه رُغمَ اثباتِ التهمِ عليهِ, بل لجأ الى الحُجةِ الواهيةِ بأنهُ قد نسي الإشارةَ الى مَصدر المقال.. ساخراً من منتقديه بإبتذال قائلاً: " قائلا: ‘ثانية واحدة بغش المقال بتاع الأسبوع الجاي"..!!
وأضاف "معلش أصل الصحافة لمت’ ناس ملهاش لازمة تعمل برنامج وتكتب مقالات مسروقة وبعدين يجوا يعيطوا ويبقى شكلهم وحش"..!!
تلكَ السُخريةُ في الردِ واللامُبالاة من ناحية (باسم يوسف) بشأن مسألة السرقة الفكرية  دفعت أحد النقاد الى اتهامه بأنهُ يرى قيمةَ الإنسانِ فقط في مايضيفه من ابتذالٍ بينَ ميلاده وموته, وبأنَ أمثالهُ من الكُتابِ سيطويهم النسيان فورَ رحيلهم..
بصراحة لااعرف ماالذي يدفعُ كاتباً لهُ أن يأخُذهُ الإلهامُ من أبسط الأشياء.. ولهُ القُدرة على صياغةِ كُل شيءٍ من لاشيء.. أن يقعَ في مصيدةِ السرقة الفكرية, متناسياً أن رصيدَ الإنسانِ سُمعتهُ, وبدونِ ذلكَ لاشأنَ يبقى له.. وبالخيانةِ يتوجب عليه الإنتحارُ كما فعلَ يهوذا, وهذا على مايبدو مافعلهُ باسم يوسف رغمَ رفضهِ بالإعتراف, ولكن انتحارهُ لم يكُن بتناولهِ جُرعةَ سُمٍ أو بالشنقِ بالحبل, بل كانت بأن يشنقَ يدهُ عن الكتابةِ الى الأبد وينتحر بروحهِ الأدبيةِ, خصوصاً بعدما ترائى للناسِ على حقيقته مقتبساً بوحهُ عن الكيانِ الصهيوني..!! واللهُ أعلم كم إقتبسَ قبلاً, خاصةً وأن السرقةَ الفكريةَ أصبحت سحريةً لاتتطلبُ أكثرَ من جرةِ ماوس, كما وصفها الكاتب والمُفكر والفيلسوف (خالص جلبي) بخاصية " إنسخ ياسمسم"..
والسؤالُ يبقى..لو أن الإسلامَ سَنَ قَطعَ اليدِ حَداً للسرقة..فما تُراهُ يجبُ أن يكونَ حَدَ سرقةِ الفكرة؟؟!
نعم..قد تكونُ القوانينُ الوضعيةُ التي سنها الإنسانُ لاتحاسبُ سارقَ الفكرةِ والكلمة ممن قيلَ عنهم "خطفَ خطفةً فأتبعهُ شهابٌ ثاقب"..!! ولكن ياليتهُ يكُن ضميرنا هوَ الرقيبَ علينا والحسيبَ بعدَ الله عزَ وجَل..!!

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

924 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع