د. ضرغام الدباغ
يقف الشعب العراقي على أبوب مراكز الاقتراع، في عملية يطلقون عليها مجازاً انتخابات. ولكنهم يتناسون أن الأساس القانوني والشعبي لهذه العملية مصابة بعطب شديد، تلغي أي غطاء شرعي أو قانوني لها، بالإضافة إلى أن الكثير من المواطنين، والمراقبين والمتابعين بل وحتى زعماء الكتل التي ترتضي لنفسها أن تمارس هذه التمثيلية، تعتقد وبقدر كبير من الشكوك أن تجري هذه العملية أصلاً، فقد تلغى في أي لحظة، فهناك محافظات عديدة تمثل أكثر من نصف السكان والمساحة تدور فيها عمليات حربية بكل معنى الكلمة تستخدم فيها كافة صنوف القوات المسلحة ضد الأهالي والمدنيين.
في البلاد مئات ألوف ربما يفوق عددها المليون رجل تحت السلاح، وهناك أعداد غير معروفة من ميليشيات شبه حكومية مسلحة وقوات من بلاد أجنبية تجوب البلاد كما تشاء، وهناك عمليات حربية حقيقية تشترك فيها الأسلحة الثقيلة لجيش يسمى جيش وطني، يقصف القرى والبلدات عشوائياً بهدف إيقاع أكبر عدد من الخسائر، معارك طاحنة تخوضها الحكومة التي قفزت على نتائج الانتخابات السابقة، تخوض اليوم انتخابات تحت شعار لا علاقة لها بالديمقراطية (ما ننطيها) وشعارات أخرى عجيبة تحرض على القتال لا على الديمقراطية (بيننا وبينهم بحار من الدم) وشعار آخر يشير على نحو ساطع إلى جوهر فلسفة دولة القانون ( امتداد للمعارك التاريخية بين يزيد ومعاوية)، ويراد بعد كل ذلك أن تخرج الملايين وتدلي بصوتها تحت هذه الشعارات وتصدق أن هناك ديمقراطية ...!
إذا افترضنا جدلاً أن قائمة مرشح قوى الاحتلال لم تفز، كما حصل في الانتخابات السابقة، فهل ستحترم نتائج الانتخابات ؟ التجربة الواقعية للانتخابات السابقة تقول لنا بوضوح لا ...... ومرشحي قوى الاحتلال لا يتركوننا اليوم نخمن، بقولهم (ما ننطيها) ترى مرة أخرى بعد كل هذه اللآت كم بقي من حجم الديمقراطية ؟
الرئيس أوباما عالم في السياسة والقانون، تخرج من أرقى الجامعات العالمية (كولومبيا وهارفارد)، هو يعلم علم اليقين أن جميع الانتخابات التي جرت في العراق بعد عام 2003 هي انتخابات غير شرعية ومخالفة للقانون، لسبب غير بسيط، هو أن العملية السياسية وذيولها إنما تجري في العراق كنتيجة مادية لا ريب فيها للأحتلال الغير القانوني والشرعي والمخالف لشريعة الأمم المتحدة والقوانين الدولية الذي قامت به بلاده للعراق.
الرئيس الأمريكي أوباما يعلم ذلك علم اليقين، وبعلم العالم الخبير، بل هو يمارس قناعته هذه في السياسة الخارجية الأمريكية وبمستوى من الخطورة والتصعيد مع روسيا الفيدرالية إذ ...
* أعتبر الرئيس أوباما أن الانتخابات التي جرت في شبه جزيرة القرم غير قانونية وغير دستورية لأنها جرت في ظل احتلال روسي لشبه جزيرة القرم، بمؤشرات احتلال معسكرات وقواعد تابعة لجيش السلطة الشرعية القانونية (الجيش الأوكراني).
* عاد الرئيس أوباما وكرر موقفه (الصحيح) أن مساعي الروس لإقامة انتخابات أو استفتاءات في المناطق الأوكراني التي هي تحت سيطرة الروس، غير شرعية حتماً ويحذر من إجراءها.
ولكن لماذا الرئيس أوباما باعتبار أن بلاده أسست الديمقراطية المزعومة لا يريد أن يفهم أن العراق (الحر السعيد) أقام انتخاباته في 2005 و2010 تحت ظلال احتلال ما يزيد على 148 ألف جندي أمريكي و 45 ألف جندي بريطاني وآلاف القوات الأخرى التابعة لتحالف 36 دولة احتلالية اخرى. علما أنه لم يتحرر العراق(اعلاميا) من قوات الاحتلال إلا في العام 2011. وأيضا، تقول سجلات البنتاغون أن الجنود الأمريكان الذين توافدوا على العراق خلال السنوات من 2003-2011 بطريق الإبدال والاحلال زادوا على مليون جندي. وفيما ترفض الولايات المتحدة والغرب نتائج الأنتخابات (الخالية من العنف تقريباً) في أوكرانيا والقرم، ولكنها تقبلها في العراق.
عن هذا الموقف المتناقض يكتب البروفسور الألماني يورغن تودينهوفر (Jürgen Todenhöfer) أستاذ القانون الدولي في الجامعات الألمانية صاحب كتاب "لماذا تقتل يا زيد" المقاومة العراقية، مقاومة مناضلة، يكتب رسالة إلى الرئيس أوباما، نقتطف هنا بعض منها.
عزيزي باراك أوباما
هل كنت في خطابك في 26 مارس في بروكسل مرهقاً أم في حالة سكر أو كنت تحت تأثير المخدرات؟ عندما قلت : أن غزو بلادك للعراق لم يكن سيئا كما هو الحال بالنسبة لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.
هل نسيت أن أحتلال الولايات المتحدة للعراق المخالف للقانون الدولي، بحرب الاكاذيب لبلد قتل فيه حوالي نصف مليون شخص وتم تحويل البلاد إلى الفوضى فضلا عن المصابين بصدمات نفسية ؟
أنتم معتادين تقريبا على صياغة نفس الكلمات بعد الحرب العالمية الثانية بذريعة الدفاع عن النفس، فلقد دنستم الفتيات والنساء في كل الأراضي التي وطئتموها. ألا تخجل من الكذب ؟
أما عن شبه جزيرة القرم فصحيح أن ضم شبه جزيرة القرم هو غير قانوني بشكل واضح. لكنها كانت غير دموي على الأقل. خلافا ل أكثر من من 30 تدخلاتكم العسكرية في البلاد بعد عام 1945. التي أزهقتم أرواح الملايين من الناس. أم ترى أنك نسيت فيتنام ؟
ولمن يريد أن يشكك بدقة الديمقراطية نحيل إليهم بعض من رسالة بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) للنصف الأول من 2013
حقوق الانسان من اسمى الحقوق في حياة الفرد والمجتمع ,اذ لا حياة حرة كريمه بدونها، كما لا نستطيع القول عدم وجود قوانين لحقوق الانسان, الا ان المشكله الحقيقيه هي عدم تطبيق هذه الحقوق او استغلالها من قبل السلطات بصورة تعسفيه لتحقيق مشاريعها.
1. اشار تقرير الامم المتحدة (يونامي) الى زيادة عدد القتلى والجرحى من المدنيين وبصورة مروعه وفي احصائيتها بلغ عدد الحوادث(560) حادث امني,وعدد القتلى والجرحى اكثر من (10000) من المدنيين ومؤدى ذلك بسبب ضعف كفاءة الاجهزة الامنية وانعكاس ذلك على الحاله الامنيه والمحافظة على حياة الناس وحقوقهم .
2. اما عدد السجناء والمحتجزين في العراق فقد بلغ (40365) من الرجال و(336) من النساء(1037) من الاطفال و(23854) محكوما من بينهم(691) من النساء و(522) من الاطفال.
وإزاء هذه الاعداد من السجناء والمحتجزين نعتقد ان الحكم الذي يصدر وايا كان نوعه لا يعتبر الاسلوب الامثل والوحيد لمكافحة الجريمة، فالأسلوب الامثل هو مكافحة ومنع وقوع الجريمة قبل ارتكابها بالتثقيف على خطورتها والإرشاد والتوجيه وتوفير الخدمات للمواطنين والعمل بمباديء حقوق الانسان والتأكيد على الجانب الاخلاقي والوطني والديني في المجتمع من خلال وسائل مؤسسات التعليم والإعلام المتعددة كما ان عدد من المحتجزين والمعتقلين وجهت اليهم تهم باطلة لا تستند الى اي دليل يشير لارتكابهم فعل جرمي.
3. ان حالات التعذيب وسوء المعامله في مرافق الاحتجاز الخاصة بوزارة الداخلية وغيرها والتي اشار اليها التقرير مخالفه قانونية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني في مواده(3,13,14,17)وهذا ما اكده وزير حقوق الانسان في العراق بانه تلقى اكثر من(2500) شكوى من المعتقلين وذويهم,ومثل هذه الشكاوى تلقى المتحدث الرسمي لوزارة حقوق الانسان ايضا.
اما حالات الاعدام للرجال والنساء مازالت مستمرة رغم قرارات الجمعية العامة المتحدة ومناشدة السيد (بان كي مون) في زيارته الاخيرة للحكومة العراقية لإيقاف حملات الاعدام التي تجاوزت المئات من العراقيين.
وفي ذلك نرى ان حق الانسان في الحياة هي حاكمية الله سبحانه وتعالى ليعيش حرا كريما مؤديا رسالته الإنسانية مؤكدا وجوده وليس حاكمية الانسان لاستلابها من الانسان.
4. عدم احراز تقدم كبير في مجالات الاصلاحات القانونية او السياسية او المؤسسية، ورزوح القضاء الحالي تحت رغبات جهات متنفذة غير نزيهة وحيادية، وكما اشارت لذلك منظمة الانتربول وعن لسان الامين العام لها.
وعليه لضمان حقوق الانسان وقضاء عادل ضرورة مراجعة القوانين العراقية وبالذات العقابية من قبل لجان مختصة في القانون وعلم الاجتماع وعلم النفس واللغة العربية لايجاد صياغات قانونية تتناسب والأحكام الصادرة بحق مرتكبي الجرائم,ومن الافضل ولغرض الفائدة الاطلاع على عدد من القوانين العربية والعالمية. ابعاد الجهات المتنفذة واحزاب السلطة وعدم فسح المجال لها التدخل في الاحكام القضائية والمحاكم المختصة ليأخذ القضاء مجراه القانوني والعادل.
5. ان استخدام القوة المميتة تجاه المظاهرات السلمية وكما اشارت(البعثة) يساورها قلق بالغ ازاء الاستخدام المفرط من قبل القوات العراقية وهي مخالفة دستورية وقانونية في التعبير عن حرية الراي وحق الاجتماع والتظاهر السلمي وفقا لما جاء في المادة(38) من الدستور الحالي و المواد (14,15,45) وكما حدث في الحويجة وديالى ومناطق اخرى من العراق من قتل للمدنيين الابرياء المطالبين بحقوقهم المدنية والتي اشارت اليها منظمات حقوق انسان عالمية.
بعد كل هذه الملاحظات السياسية والقانونية ماذا تبقى من حظوظ لديمقراطية الانتخابات وعلى ماذا ستسفر، ومن ستمثل تحت قبة برلمان يفترض أن يمثل الشعب كله، وهل هناك شعب منكوب أكثر من شعب العراق بهذه الديمقراطية الدموية الكسيحة. ترى النواب الذين سيدخلون تحت قبة البرلمان، سيمثلون من ..؟ هل يمثلون الشعب المظلوم، أم يمثلون إرادة الهيمنة الأجنبية وقوى الاحتلال. متى تلجأ الشعوب إلى إبداء مظاهر وعلامات الغضب والسخط ...؟
بتقديري ليست هناك انتخابات ولا من يحزنون ... هناك أتفاق أمريكي إيراني إسرائيلي على إدارة العراق بهذه الطريقة .... بتفاصيلها المملة ... الدموية في معظم فصولها، بل وهناك تسريبات عن شكل وأسماء الحكومة المقبلة، ولكني أضيف أن هناك مثلاً عراقياً شهيراً ... ( طمعه قتله ) والظواهر تشير أن هذه القوى الثلاثة على ما تتمتع به من امكانات، إلا أنها ستخسر المباراة لأن الفوز فيها بحاجة إلى شروط أشياء أساسية كثيرة تفتقر إليها. وإيران كبرت اللقمة عليها وتكاد تخنقها، فلا هي قادرة أن تلفظها، ولا أن تبلعها. التاريخ لا يكمن في انتخابات باطلة من أساسها .
قديماً وحديثاً قيل.... آخر الدواء الكي...
الديماغوجية (Demagogue) : هي وسيلة سياسية لإقناع الآخرين بالاستناد إلى مخاوفهم وأفكارهم المسبقة. ويشير إلى وهي استراتيجية تهدف إلى الحصول على السلطة بالتضليل، ونيل القوة السياسية.
وتعتمد الديماغوجية على مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسي لإغراء بوعود كاذبة أو بالخداع لكسب تأييد الجماهير، ظاهرها مصلحة الشعب، ولكن الهدف الأساس فيها هو الوصول إلى الحكم.
2076 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع