سينما غرناطة آلآن في زمن الحرية والديمقراطية ... وألأحتلال!!!
الان ديلون في سينما غرناطة..الســـاموراي المتـــوحـــد
عباس عباس/ المدى:في السبعينيات، وفي دار للسينما بناؤها الملكي صورة عن عصر ذهبي لثقافة مزدهرة، تبلورت في الستينيات وامتدت الى اواسط العقد الذي يليه، ثقافة صاغت الاساس الصحيح لوعينا وذوقنا .
هذه الدار الواقعة في خاصرة بغداد القديمة، والتي يعبراسمها عن مجد ضائع.
غرناطة كانت محطة للسينما الجميلة توقفنا فيها عند اجمل ما ابدع الفن السابع، وعلى الاخص السينما الفرنسية والايطالية وابرز رموزهما، اضافة الى تقليدها الرائع بالاحتفال في ظهيرة كل يوم جمعة بالافلام الكلاسيكية،لا سيما افلام الويسترن.
في بداية السبعينيات التقينا فيها لاول مرة بممثل فرنسي شاب، كان قد اشتهر عالميا اسمه الان ديلون، سحرتنا هيئته واسلوبه الخاص في التمثيل، صلابته التي لم تتعارض مع وسامته وسيمائه الانثوي، طريقته الباردة في الحديث، صمته، وحتى مشيته، حركات وتعبيرات مبالغ فيها ربما، لكنها محببة ميزت شخصيته واضفت عليها تفردا لا يحاكى (ولاننا تعودنا على نسخ النجوم العالميين في السينما المصرية فسيبدو بالنسبة الينا سعيد عبد الغني مرادفا مضحكا)، كل هذه السمات جعلت منه ابرز الممثلين الاوربيين في سنوات الستينيات والسبعينيات كان نوعا من "سوبر ستار" النجم الذي يذهب جمهور السينما اليه لا الى الفيلم (كان يكفي ان يقال الان ديلون في سينما غرناطة)
وعرفنا افلامه من خلال اسمائها الغريبة التي لم يكن اغلبها دقيقاً، لكننا احتفظنا بها كما هي مثل "روكو واخوته" وهو من بداياته اخرجه فيسكونتي ومثل معه آني جيراردو وريناتو سلفاتوري، وفلم "رجلان في مازق " الذي تشارك فيه مع شيخ السينما الفرنسية جان كابان، و "الارملة" مع الممثلة العظيمة سيمون سينوريه....
وفلم" النمر الجريح " و" قلوب زجاجية" مع حبيبته وصديقته الدائمة ميراي دارك، و " اقتل الفار " وفلم" المسبح " مع الرائعة رومي شنايدر و " ساحمي ولدي " و " الشمس الحمراء " وهو من افلام الويسترن، و " خيط الحياة الاخير " وفلم " الرجل السريع" .
رجل مليء بالحيوية وشرس، في الشاشة وخارجها . عاش حياة مضطربة (ولد عام 1935)،كان مشاغبا في صباه، طرد من عدة مدارس قبل ان يعمل صبي قصاب، ثم جند في البحرية الفرنسية وهو في السابعة عشرة من عمره فخدم كمظلي في الهند الصينية اثناء حصار ديان بيان فو، حينما رجع الى الحياة المدنية مهد له شكله الوسيم الطريق الى عالم الفيلم فبدا اول افلامه عام 1957 . لم يمض وقت طويل حتى بدا يشغل الادوار الاولى في افلام فرنسية وعالمية .
عمل في حياته كثيرا من الافلام التافهه، برغم الفرص النادرة التي اتيحت له للعمل مع مخرجين كبار امثال فيسكونتي وانطونيوني ولفيل. ولم يتجاوز الاسلوب الذي طالما ظهر فيه على الشاشة البيضاء .
فهو يكرر نفس الشخصية، رجل متوحد في مدينة باردة قاتمة تشهد صراعاً كارثياً ضد الجريمة، وهي الشخصية التي كرسها المخرج الفرنسي جان بيير ملفيل في فلمه (الساموراي) 1957 الذي يلعب فيه ديلون دور قاتل مأجور، دور محترف قتل يؤدي عمله باحكام، وليس هناك من تعبير على وجهه، يؤدي عمله ببرود مثل الساموراي الياباني القديم الذي لا يحسب الا حساب الشرف والامانة في حياته وعمله .
حالما قرا ديلون سيناريو هذا الفيلم اعجب بالدور وقبله على الفور لانه خال تقريبا من الحوار وهذا ما لاءم الصمت في شخصيته، التي ستتشكل ابتداء من هذا الدور، وسيكون ماتبقى من ادواره طيلة مشواره السينمائي بمثابة تنويع على هذا الدور الذي لعبه في الساموراي و والذي صاغ شخصيته مرة والى الابد .
وقد كان لفيلم ملفيل هذا (مثل له ديلون دورا رئيسا في فيلمين اخرين هما (الدائرة الحمراء) و(الشرطي) وهما من افلام العصابات ايضا، مكررا فيها نفس الشخصية) اثر كبير على افلام العصابات في تاريخ السينما وبالذات في السينما الاميركية، في افلام " سائق التاكسي “ لسكورسيزي و فالمشهد الذي يظهر فيه ديلون مستلقيا على لسرير في " الساموراي " يتكرر مع دي نيرو في سائق التاكسي وافلام اخرى مثل فيلم " الجيكولو الامريكي " لبول شريدر، وفيلم " السائق " لوالتر هيل .
في نهاية فيلم " الساموراي " يقتل ديلون حين يصاب برصاصة في حانة، ولاول مرة تظهر على وجهه الجامد على الدوام تعابير انسانية المفاجأة والذهول وخيبة الامل، بالنسبة لنا كانت طريقته الخاصة في الموت عنصر جذب لا يقاوم، رغم ان موت البطل غالبا ما يجعلنا نصاب بخيبة الامل، لكن ديلون كرس في اذهاننا صورة اخرى عن البطل القابل للموت، البطل الانساني . لذلك اكتسبت مشاهد الموت في وعينا صورا طقوسية ملفتة، كانت الاكثر رسوخا في ذاكرتنا عن افلامه . وهناك دائما شيئ استثنائي في هذه المشاهد، ففي" النمر الجريح " يقتل بيد صديقه وتتجمد اللقطة على وجه يعكس تعبير الذهول منتهيا بها الفيلم وحينما يتوقف قلبه ويسقط عن المائدة في "الرجل السريع" ولا نريد ان نصدق انه سيموت في النهايةالمفتوحة لفلم " ساحمي ولدي " او في النهاية التراجيدية في المشهد الاخير من فيلم " خيط الحياة الاخير " الذي اكثر ما نتذكر فيه الموسيقا المفجعة التي صاحبته .
شاخ ديلون (الذي بلغ السبعين) مع شيخوخة السينما، فمنذ منتصف الثمانينيات قل عطاؤه، سوى محاولات قليلة للتلفزيون وفيلم مع صديقه جان بول بولمندو حاولا فيه استعادة الزمن الحـلو لافلامهما للسينما .
الگاردينيا: المادة أعلاه أرسلها الصديق/ سعد الهزاع..شكرا له..
1023 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع