ذكريات معايدات أيام زمان!
يستذكرها معكم: د. أكرم المشهداني
جاء العيد وانقضى، وتبادل الناس خلاله المعايدات باللقاء المباشر وبالزيارات المتبادلة، وبالهاتف والجوال وبوسائل التواصل الاجتماعي المستحدثة التي انستنا معايدات ايام زمان.
أيام زمان.. وقبل أن تدخل الينا وسائل التواصل الاجتماعي (من انترنيت وواتزاب وفايبر وانستكرام وايميل و.. و.. و.. وغيرها)، كانت معايدات العيد، لمن يلتزم بها مُكلفة وباهضة الثمن، وتكلفنا الكثير من المال والجهد والتعب،
حيث نذهب الى سوق السراي أو شارع المتنبي لنشتري مجموعات كبيرة من معايدات العيد بحسب عدد الاشخاص الذين تريد ارسال بطاقات العيد اليهم.. وتتنوع البطاقات حسب القيمة والاهمية الاجتماعية ومنزلة وصفة الشخص المطلوب ارسال المعايدة اليه.. فهناك معايدات كبيرة الحجم، وبورق كارتوني صقيل، وتتضمن مناظر متنوعة، واحيانا صور مجسمة، كما انتشرت حينها موضة المعايدات المعطرة بروائح العطر، وكذلك المعايدات الموسيقية التي تتضمن سماع موسيقى معينة مع فتح المعايدة..
وكلما كان عدد اصدقاءك والاشخاص الذين تريد ارسال المعايدة اليهم كبيرا كلما زادت التكلفة.
كما انني احيانا كنت اطبع معايدات العيد في احدى مطابع شارع المتنبي ليطبع لي اعداد كثيرة من بطاقة المعايدة بالعبارات التي اختارها واحيانا اتدخل في التصميم، وبعدها اختيار نوعية الظرف الذي ترسل به المعايدة وكتابة اسم وعنوان المرسل اليه.
ومن ثم عليك الذهاب الى دائرة البريد لارسال بطاقات المعايدة لمن عنونت اليهم المعايدات داخل العراق (بغداد او المحافظات) او خارج العراق، وطوابع البريد هي تكلفة مالية تضاف الى تكاليف المعايدات وارسال المعايدات. ونتهيأ لذلك طبعا من وقت مبكر قبل العيد بشهر بالنسبة لمعايدات خارج العراق، وقبل اسبوع او اسبوعين لمعايدات بغداد والمحافظات.
ثم ياتي العيد، ومن الاعراف التي اعتاد عليها سعاة البريد في مناطقنا انهم يجمعون كارتات وبطاقات المعايدة الواردة لاهالي منطقة توزيعهم، لغاية صباح يوم العيد (رغم انه يوم عطلة رسمية ولا عمل فيه!!!) حتى يقبض البوسطجي (حلاوة) المعايدات التي يجلبها، وحلاوة العيد فهو ياتي لك بمعايدات الاقارب والاصدقاء من الداخل والخارج فليس من اللائق ان لا تكرمه بمبلغ من النقود حسب التيسير، في صباح يوم العيد.
اما اليوم فقد عوضت وسائل التواصل الاجتماعي من واتزاب وفايبر وايميل وغيرها عن ارسال المعايدات وصارت المعايدات موجودة وجاهزة في الانترنيت ووسائل الاتصال تستطيع اختيار ما يعجبك ويتناسب مع ذوقك فتختار المعايدة الملائمة وترسلها بكبسة زر او بصمة واحدة في يوم عرفات او في مصباح يوم العيد.. ويتم استلامها فوراً.. من قبل المرسلة اليه، وتستطيع ان ترسل مئات بل الاف المعايدات من خلال البريد الالكتروني او من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي صار الكثيرون يلجأون اليها لتبادل التهاني حتى دون ان يكلفوا انفسهم عناء الاتصال الهاتفي او عناء زيارة الشخص الاخر لتقديم التهاني.
ومن اعراف العيد في ايام زمان كنا نقضي ايام العيد مع الاهل في زيارات متبادلة لنهنيء الوالدين والاقارب والجيران والاصدقاء.. واغلب العوائل من الاقارب يلتقون صباح اول يوم العيد في دار عميد الاسرة (الاب او الجد او الاخ الاكبر) فيستطيع الشخص ان يقابل معظم الاهل والاقارب في بيت عميد الاسرة مما يعوضه عن مؤنة الانتقال بين الاقارب، ولكن الاصول كانت ان الصغير يزور الكبير ليعايده، وان من الاصول ان ترد الزيارة لمن جاء يهنئك بالعيد لتقوم بزيارات لرد التهنئة وتناول كعك العيد وحلوى العيد.
لا اعتقد اليوم بقي من يرسل بطاقات المعايدة الورقية او الكارتونية الا ما ندر....
وبسبب هواية المراسلة التي كنت امارسها في صباي وشبابي كان يتحتم عليَّ ارسال عشرات ان لم اقل مئات بطاقات المعايدة للاقارب والاصدقاء واصدقاء المراسلة.. كما ان من عادتي في ذلك الوقت كنت ابعث بمعايدات الى بعض المشهورين، في العراق والعالم العربي وكانوا يجاوبونني على معايداتي ببطاقات رسمية بتواقيعهم واتذكر ممن كنت اتراسل معهم وتردني اجاباتهم (جمال عبدالناصر، عبدالله السلال، عبدالكريم قاسم، عبدالسلام عارف، عبدالرحمن عارف) وكنت حينها طالبا في المتوسطة والثانوية. ولكن للاسف مع مرور الزمن وضيق المجال فقد فقدت جميع تلك الكروت التي كانت تردني جوابا على معايداتي.
كل عام وانتم بالف خير....
713 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع