حكاية كتاب …أذهلني !!
((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)).
أحمد الحاج
” هذا هو محمد رسول الله ” كتاب من القطع الصغير يقع في 44 صفحة ، كنت شاهد عيان على تفاصيله منذ بدايتها ، وخلاصتها أن مهندسا أجنبيا في إحدى الشركات طلب من أحد زملائه العراقيين في العمل تعريفه بجانب من إنسانية الإسلام وعالميته وتعاليمه السمحة إضافة الى التعريف بشخص النبي صلى الله عليه وسلم ، لعله يُسلِم اذا ما إقتنع بما ورد فيه ، أو على اﻷقل أن يجيب الكتاب على بعض تساؤلاته الحائرة بشأن الإسلام ورسوله الكريم وهو المتأثر بما يعرف بالإسلام فوبيا أو ” ثقافة الخوف من الاسلام ” التي تعمل عليها الدوائر الماسونية ومن لف لفها صباح مساء ، والتي ﻻ تدخر وسعا وﻻ تألوا جهدا بإخافة الغرب من هذا الدين العظيم ومن نبيه الكريم ومن كتابه المقدس – القرآن الكريم – وتخويفهم من المسلمين أنفسهم في كل مكان خشية أن يعتنقوه ، أن يحترموه ، أن يقفوا معه ،أن يدافعوا عنه ، أن يلتزموا الحياد تجاهه ، أن يتعاطفوا مع شعوبه في أرجاء المعمورة ، بحث المهندس العراقي عن ما يسعفه من ترجمات إنجليزية للأحاديث الانسانية ، واﻷخلاقية ، والتربوية الشريفة التي وردت على لسان النبي اﻷكرم صلى الله عليه وسلم في المكتبات العراقية آنذاك وعبثا حاول ولم يجد فكلها كانت باللغة العربية ، فما كان منه اﻻ أن طلب من أحد اﻷصدقاء جمع 40 حديثا نبويا شريفا صحيحا في حسن الخلق ، المعاملات ، الاجتماعيات ، اﻷسرة ، التربية ، إنطلاقا من ( الدين النصيحة ) و( (ما من شيء أثقل في ميزان المُؤمِن يوم القيامة من حسن الخلق) و ( إنما بعثت ﻷتمم مكارم اﻷخلاق ) لتضمينها بين دفتي كتاب واحد تحت عنوان جامع يتولى شخص ثالث ترجمتها الى الانجليزية بما يمكنه الله تعالى عليه في ذلك ليهديها الى المهندس الغربي آنف الذكر أملا بتغيير نظرته السوداوية ذات الخلفيات الإستشراقية المستلهمة بدورها من اﻷفكار الشعوبية الهدامة عن هذا الدين الحنيف ورسوله الكريم ، وربما لهدايته بسببها أيضا ، وقبيل الإنتهاء من إنجاز الكتاب حدث ما عكر صفو اﻷجواء وزعزع اﻷوضاع حيث إندلعت الحرب الشعواء بعد حصار غاشم دام 13 سنة قُتل من جرائه مليون وربع المليون عراقي ظلما وعدوانا لم يجرؤ ولا سياسي واحد على رفع دعوى قضائية في المحاكم الدولية ضد من قاموا بتلكم الجريمة النكراء لمحاكمتهم وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا فضلا عن الإعتذار لهم عن ما لحق بهم ..غزا رعاة البقر بقيادة “بوش الصغير بن بوش الكبير ” مدعي الديمقراطية والانسانية العراق عام 2003 ، دمروا مصانعه ، أحرقوا مزارعه ، جرفوا بساتينه ، نسفوا جسوره ، نهبوا ثرواته ، صادروا خيراته ، هربوا آثاره ، ألقوا على شعبه 400 الف طن من اليورانيوم المنضب والفسفور اﻷبيض والعنقودي وصواريخ كروز وتوماهوك فلوثوا أرضه ومياهه وسماءه الى مئات من السنين مقبلة إبتداء حتى باتت السرطانات بأنواعها علاوة على تشوه اﻷجنة أو موتها ببطون أمهاتها تفتك بأبنائه فتكا مريعا وسط فوضى صحية هائلة وغير مسبوقة تعاني فيها البلاد من نقص اﻷجهزة وشح اﻷدوية المخصصة لمرضى السرطان وإرتفاع تكاليفها بأرقام مروعة بخلاف المطلوب ، ولما يزل مسلسل القتل والسرطانات والتلوث الاخلاقي والتفكك اﻷسري وتمزق النسيج المجتمعي والصراع الطائفي والإحتراب السياسي فضلا عن العشائري تفعل فعلها اﻷسود بما أحدثته أميركا راعية – الإستحمار قراطية – من فوضى لا أخلاقية ولا خلاقة عارمة هاهنا في بلاد ما بين النهرين التي إنبثقت حضارتها على سطح الكرة اﻷرضية قبل أن تظهر أميركا قاتلة الهنود الحمر ومبيدة الشعوب حول العالم الى الوجود بـ 7 اﻻف سنة ..أغلقت الشركة أبوابها ..سافر المهندس اﻷجنبي الى غير رجعة وإنقطعت أخباره ..طُبِع الكتاب بعد الحرب ببضع نسخ ظلت حبيسة الرفوف بعد إهدائها الى عدد من اﻷصدقاء المقربين ، منهم من هاجر ، منهم من مات ، منهم من سافر ، منهم من شغلته شؤون الحياة ومصاعبها بل قل كوارثها التي لاتنتهي في العراق عنه الى أن حدثت مفاجأة قبل أيام حين إفتقدت غرضا منزليا كنت بحاجة اليه لضرورة ملحة جدا ، قلبت المنزل عاليه واطيه بحثا عنه واذا بي أعثر على هذا الكتاب بعد سنين من إنجازه وإهدائه اليَّ وهو موضوع في مكان من الإستحالة العثور عليه بغير البحث الدقيق في كل ركن من أركان المنزل وأثاثه وزواياه، الغريب في الموضوع أنني عثرت على الكتاب فيما لم أوفق بالعثور على الحاجة التي كنت أبحث عنها بإصرار ربما ﻷنني كنت أبحث – قدرا – عن الكتاب وليس عن ما أفتقده في واقع اﻷمر فوصلت الرسالة وعقدت العزم على نشره هذه المرة الكترونيا بتوفيق من الله تعالى وتسديده واﻷجر موصول الى صاحب الفكرة أينما كان اﻵن ، ومترجمها أنى حل وارتحل ، وجامع المادة موضوعة الكتاب وكذلك الى كل من سعى في طبعه حسبة لله تعالى ، وصلى الله على سيدنا محمد خير الخلق من عرب ومن عجم .
اﻷعجب من ذلك أن العثور على الكتاب جاء بالتزامن مع إتفاق عقد بين كل من تركيا وماليزيا والباكستان على هامش اجتماعات الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تقرر خلاله إطلاق قناة تلفزيونية ناطقة بالانجليزية لمواجهة تحديات ما يعرف بظاهرة ” الاسلام فوبيا” وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الاسلام حيث سيتم إنتاج مسلسلات وافلام سينمائية بميزانية ضخمة ستخصص لهذا الغرض المبارك :
صلى عليه اللهُ في ملكوته ..ما قام عبدٌ في الصلاة وكبّرا
صلى عليه اللهُ في ملكوته ..ما عاقب الليلُ النهارَ وأدبرا
اودعناكم اغاتي
1710 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع