مدريد - العربي الجديد:تبرز اختلافات عديدة في تاريخ نشوء الفن في إسبانيا عن بقية القارة الأوروبية، خاصة إيطاليا التي رسم عصر النهضة فيها الاتجاهات الأبرز للوحة على مدار قرنين، فرغم تأثّره بالفن الإيطالي والفرنسي إلا أن عوامل أخرى ظلّت مهيمنة على بداياته، ومنها حضور التراث الإسلامي والظروف السياسية والاجتماعية التي تتباين كثيراً عن بقية أوروبا.
وأتى "العصر الذهبي" بحسب تسمية مؤرّخي الفن حتى نهايات القرن السادس عشر، وبدايات القرن الذي يليه، مع ظهور تجارب إل غريكو، وخوسيه دي ريبيرا، وفرانسيسكو دي زورباران، وتوّجت مع صعود نجم دييغو فيلاثكيث (1599 - 1660) الذي عبّرت أعماله عن هوية إسبانية سواء في موضوعاته أو أسلوبه.
"اللوحة الإسبانية خلال القرن التاسع عشر.. من غويا إلى الحداثة"، عنوان المعرض الذي افتتح بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في "مؤسسة ماريا كريستينا ماسافيو بيترسون" بـ مدريد ويتواصل حتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام المقبل.
يضمّ المعرض مئة وسبع عشرة لوحة من مقتنيات "مجموعة ماسافو" التي تعكس تنوّعاً في الاتجاهات والنزعات التي حكمت اللوحة الإسبانية على مدار أكثر من قرن يُعدّ المرحلة الأغنى من حيث تباين الأساليب والتقنيات، منها أربعة أعمال للفنان فيسنتي لوبيز توضّح تطوّره من المراجع الباروكية المتأخرة.
تحضر المدرسة الرومانسية التي مثّلت مدريد وإشبيلية أهمّ مركزين لها، من خلال لوحات أنطونيو ماريا إسكيبيل وابنه كارلوس ماريا، والذي كان جزءاً من الحلقات التي تجمع شعراء وفنّانين في تلك المرحلة وتركت أثرها على المشهد الثقافي برمّته، ومعهما مانويل بارون الذي اهتمّ بتصوير العديد من المعالم التاريخية التي تحيط بها المناظر الطبيعية في الأندلس.
لا يغيب عن المعرض فرانسيسكو دي غويا الذي اعتُبرت تجربته مرآة للثورة الفكرية التي عاشتها القارة الأوروبية، حيث لم تخل جميعها من نقد اجتماعي، وأغوستين ستيف الذي يُعد أشدّ المتأثرين بغويا في عصره، حيث اختير عملٌ لكلّ منهما، وبجوارهما لوحات زكرياس غونزاليس فيلاثكيث التي طغت عليها الموضوعات الدينية.
محاكاة غويا هي إحدى أبرز الثيمات التي يوثّقها المعرض، كما يظهر في لوحات أوجينيو لوكاس فيلازكويز الذي اهتمّ بتصوير مشاهد العنف والحروب، والتعبير عن مناهضتها كقيمة ستظلّ حاضرة لعقود بعد رحيل صاحب لوحة "الثالث من مايو".
يبحث القسم الثاني من المعرض في مختلف الاتجاهات التي ظهرت في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، بما في ذلك اللوحة التاريخية التي وضعها إغناسيو ليون وفرانسيسكو دومينغو، والواقعية الجديدة في أعمال كارلوس دي هيس، وأغوستين ريانشو، ومارتين ريكو، وماريانو فورتوني، ولويس ألفاريز كاتالا، وصولاً إلى خوسيه فيليغاس وديونيسيو بايكسيراس وفرناندو ألفاريز دي سوتومايور، والذين ركّزوا على حياة السهر والليل لدى الطبقة البرجوازية.
فقرة خاصة بالموقع مع خواكين سورويّا، يمكن الوقوف عند أحد أهمّ رموز المدرسة الانطباعية في إسبانيا، والذي مثّل حركة التجديد فيها، والتي كان لها تأثيرها البالغ في أعمال كثيرين بعده، مثل خوليو روميرو دي توريس، وإيفاريستو فالي، ليختتم المعرض بأعمال لعدد رسامي الحداثة الكاتالونيين، ومنهم لخواكين مير وخواكين سورويّا.
421 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع