لقاء مع مع الشاعر العراقي ناصر الحجاج
إعداد و حوار /آمنة وناس
السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله
يكتب لتشهق أرواحنا بأنفاسه، فتسكننا ابتسامته من نزف الوجع، مع الحرف يسافرنا إحساسه، و لحكايته نرافق لنستمع، يقول القلم نبراسه، و الحبر مع نثره في ولع، القصيدة ترتوي من أكواسه، و الكلمة بمقاصده تينع، المعنى من أعماقه يلملم اقتباسه، و لوشوشاته يجمع، يسأل الحلم أن يقرع أجراسه، أن يحتضن واقعا من الجرح يفزع، يبحث في الذاكرة عن كتابه و كرّاسه، عن بريق لأسواره يرجع، يؤكد بأن الحياة تخيط له لباسه، و الموت فكره أوسع، يؤمن بأن الأمل خير جلاّسه، بأنه وهج حتى مع الظلمة يسطع، هو الشاعر العراقي "ناصر الحجاج".
مرحبا بك سيدي
مرحبا بك، وشكرا لكلماتك المرهفة
س " أعتقد بان الشعر هو فعل تجاوز اللغة باللغة، فأحاول أن أعبر بالكلمة إلى أعماقي والمدى في آن"، هذه هي قناعة الشاعر اللبناني "مكرم غصوب"، فإلى كم من سفر يرافق هذا المعتقد حرف الشاعر "ناصر الحجاج"؟
ج الشعر في مستواه الشعري هو الإحساس الإنساني المرهف بالحياة والوجود والجمال، وفي مستواه اللغوي هو تجاوز المألوف بالمألوف، وخلق الدهشة من غير المدهش، هو فعل خلق وإبداع يشبه عملية إنجاب طفل ، بحيث تختلط العملية الإبداعية الشعرية بالخلق، وكما يظن الإنسان أنه خلق طفلا من العدم، أأنتم تخلقونه أم نخن الخالقون، تختلط الأمور في إبداعها الشعري بحيث ينسب الشعراء إلى الجنون (وادي عبقر)، وإلى النبوة (المتنبي) يتهم الأنبياء بأنهم مجانين أو شعراء، هذا هو التجاوز الشعري لا للغة وحدها بل للمشاعر الإنسانية اليومية المألوفة ، وبهذا يكون الشعر شعرا.
س كيف نقرأ ملامحنا الملقاة على صهيل قلم الشاعر "ناصر الحجاج"؟
ج ملامح الإنسان ملامح الضياع والخيبة واللاجدوى، ملامح الجهل والعداء الناجم عن هذا الجهل (الناس أعداء ما جهلوا ..) تلك مسلمة أنطلق منها أن الكائن البشري كائن شرير، نعم أومن بالحوار الديني "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" فنحن مفسدون وسفاكو دماء، لهذا علينا أن نعمل لإصلاح أنفسنا، ومهمة الشاعر هنا، إصلاح الوجود باللغة، كمهمة الأنبياء، وإن كانت أكثر حرية، وتعقيدا، تلك الملامح أيضا تخبئ من الجمال ما لا يوصف، والعبقرية والسحر ما لا يشبه شيء، وهنا يأتي الرهان الشعري على زرع بذرة الجمال في الأرض الإنسانية أرض اللغة، لتثمر حبا، وعطاء، ومعرفة ولذة ومسرات.
س يترك لي الحرف، وشاح صباح و زقزقة ضوء، كيف يناظرك هذا النشيد؟
ج كل صباح هو حياة جديدة، هو فرصة معرفة جديدة، الضوء والموسيقى ليست موجودة أصلا، إن إنسانيتنا هي التي تجعلها موجودة، كم من آية نمر عليها دون أن نشعر بها، لأننا ببساطة لا نجيد قراءتها، إن القراءة هي المهمة الإنسانية الكبرى، ليس علينا إلا أن نشغل أحاسيسنا المعطلة، لندرك كم نحن مهمون وكم أن مهمتنا هنا رائعة، وأن الكون كله الذي أعطينا إياه شيء رائع لم يتسنى للملايين من مشاريع الولادات أن يحيوه، إن أناشيد الوجود وزقزقة عصافير السعادة لا تحتاج إلا إلى أن نستمع إليها، ونعرف لغتها، معرفة اللغة تعني قراءة رموزها، والوجود هو الرمز الأكبر العصي على القراءة، هنا يحاول الشعر أن يهتف بالغافلين أن يستيقظوا قبل أن يفوتهم الصباح، وقبل أن يسرقهم الموت.
س "تنقلني القصيدة إلى عالم مغاير عن عالمنا الخاص... تحتضن صمتي لتبوح بمكنونات نفسي التي أجهلها... فتتبختر حروف القصيدة فوق أفق الزمن"، هكذا أرادت الشاعرة اللبنانية "دورين نصرسعد" أن تنثر عطرا من دواخلها، فإلى كم من مسافة تراها عبرت أعماقنا، انطلاقا من تواصل الإحساس بالإحساس؟
ج ربما كانت تقصد العكس، لأن الشعر الفذ هو ما ينقلنا من العالم الذي اعتدنا عليه إلى عالمنا الخاص، عالمنا الذي في خواصنا، والذي تلتقي فيه إنسانيتنا، هناك ككائن أرضي سماوي واحد (نفس واحدة) الشعر الفذ هو الذي يتحدث معك حديثك إلى نفسك ككائن متفرد عن سائر الكائنات إلا عن نفسك التي هي نفس أخيك الأرضي السماوي، الشعر يبوح لك بعيدا عن الجغرافيا، والزمان، والثقافة، تقرأها فتذوب الحدود المصطنعة الجنسية الجندرية التي صنتها القبيلة، والقومية التي صنعتها السياسة، والعرقية التي صنعتها الوطنية الزائفة، والعقائدية الطائفية الدينية التي صنعها رجال الدين. نحن كائن واحد ونفس واحدة صنفتها الجغرافيا البشرية والطبيعية فجعلتنا مختلفين، ولو نزعنا تلك الأصفاد لعرفنا أننا واحد " يا حاصد النار من أشلاء قتلانا، منك الضحايا وإن كانوا ضحايانا ـ السياب" إن الشعر يسهم في تعريتنا ، لنكون نحن، اقصد لنعرف أننا نحن واحد.
س عندما تتألم القصيدة، كيف تواسيها أعماق الشاعر "ناصر الحجاج"؟
ج القصيدة حمل، مخاض وولادة، قد يستغرق حملها سنوات طويلة من الألم والمكابدة، وقد تولد بثلاثة كلمات، لكنها ثمرة ثلاثة عقود، فرصة المواساة أن تعطيها طاقة إنسانية تهز إنسانية من يقرأها أو يسمعها.
س أكتب لأقتفي أثر الصمت النابض في شهقات القصيدة، كيف يراسلك هذا العبور؟
ج القصيدة إحساس إنساني، يتجسد في عبارة، هي شهقة، شهقة ألم، أو شهقة خوف، أو شهقة شبق، أو شهقة موت، أو شهقة حياة، إن القصيدة كائن مثلنا، متى ما اكتمل، واكتمالها نادر إلا على الشعراء، يكتمل الإحساس، فتذوب بيني (بينك) وبين القصيدة كل الحواجز، فتسكن في دمي (دمك) وروحي (روحك) فتصبح جزءا من ذاتي (ذاتك) أرددها في خلدي، دون شعور مني، تلك هي القصيدة القصيدة، التي ما أن وجدتها أخذتها وضممتها إلى دمي إلى روحي، وصرت أناجيها كما أناجي نفسي.
س نبرات حبري، تتهجى تنهيدة الحرف، كيف هي برفقة مرقمك؟
ج حين أهم بالكتابة، أشعر بذلك الناقوس الخفي الذي يدعوني إلى عالمه، وإلى لغته، لا أعرف تماما ما الذي سأكتبه، وما هي اللغة التي سأكتبه بها، وكم طولها، وما هي قافيتها. إنه المزمار الذي يعزفه العالم الداخلي، والذي لا يأتي إلا آمرا، ولا أكون إزاءه إلا مطيعا، إن له فعل السحر، يسلب الشاعر قدرته على معرفة ما حوله، كأنها حالة انخطاف صوفية، أو لحظة وجد عرفانية، يهيم في ذلك الزاهد الذي يملك كل شيء ولا يملكه شيء، إلا سحر الكلمة، وإبداع الحرف.
س يتنفس وشم الحروب، من حنجرة قصيدة، سكنت دواخلك، فيكبر بين ضلوعك معنى السهاد، متعطّرا بشوك القتاد، فلماذا كل هذا الوجع يا من يحمل هوية بغداد؟
ج الحرب في دمنا، ألسنا نسل قابيل القاتل، تتناسل الحروب وتكبر، ويطغى دخان القنابل والمفخخات ماء على دم المبدعين، ابن المقفع، وبشار بن برد، والحلاج، و من تبعهم على نهج السلام. كيف لا تختنق قصائدي بعصف أسلحة البغي التي تستهدف الإنسان في العراق، تستهدفه روحا وحلما قبل استهدافه جسدا. لن تكون قصيدتي إلا صرخة أولئك اليتامى الذين اقتقدوا عليا في ذلك اليوم الذي وقفوا على باب مسجد الكوفة ولم يجدوا تلك اليد التي تعطيهم دون من أو أذى، وتمسح على رؤوس يتاماهم دون كبرياء وخيلاء. إنه الوجع الذي تحمله قصائدي، هو مشاركة الناس الذين ما فتئوا يحيون كربلاء ولا يريدون الخروج من حومتها، بل استعذبوا القتل والذل
س يصرخ الشاعر العراقي "بدر شاكر السياب" "صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى: عراق .. كالمدّ يصعد، كالسحابة، كالدموع إلى العيون .. الريح تصرخ بي عراق .. و الموج يعول بي عراق، عراق، ليس سوى عراق"، ماذا تزهر العراق في أعماق المغترب "ناصر الحجاج"، و ماذا يقطف من ابتسامتها العراقي "ناصر الحجاج"؟
ج العراق هو أنا في خيباتي وطموحاتي وأحلامي، في حزني ووجعي وتفاؤلي، كل ما أمر به يذكرني بالعراق، لكن أفضل ما وهبني هذا البلد الجاحد أنه جعلني عراقيا عاشقا، مرهفا، أورثني عزة المتنبي، وصبر الحلاج، وعزيمة الحسن البصري، ودعابة الجاحظ، وفوق كل ذلك أورثني حب البصرة البلاد الأحب إلى الله ـ كما يصفها الحسن البصري ـ ولهذا فالبصرة هي عراقي المصغر، فما رأيت نخلة إلا تذكرت حبيبتي البصرة، ولا رأيت نهرا إلا تذكرت شط العرب والتقاء دجلة بالفرات حيث ولدت في شمال البصرة، إن حب العراق مرض عصي على العلاج: "عراقي هوي وميزة فينا الهوى خبلُ | يدب العشق فينا في المهود وتبدأ الرسلُ| وأمي أرضعتني من فرات حليبها | أن الصلاة على تراب لا يوحد ليس تكتمل " دللول الولد يبني دللول ـ مظفر النواب ـ دللول ترنيمة الأم العراقية لولدها قبل النوم.
س "كم عمر النخلة قلتُ... وكم عمر النهر...؟"
ج النخلة هي عمتنا، هي أخت أبينا آدم، هي أقرب الخلق إلينا كما يراها إخوان الصفا وخلان الوفا، والنهر هو أب النخلة، نحن وإياها نسقى من ماء واحد، صنوان وغير صنوان، لا عمر للنخلة، الإنسان، المعطاء، ولا عمر للماء، النهر، إنهما نحن في خلودنا، ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
س عن ماذا تحدثك الأماكن المعلّقة في عنق الصدى؟
ج آه، من الأمكنة، نحن لسنا سوى أبناء الأمكنة، إننا أبناء المدن، المدن أمهاتنا، إن كل أم تحدثني عن أبنائها، كل مدينة تخبرني عن ذريتها، فليس المدني من يسكن المدينة، بل المدني من يصنع أو يسهم في صناعة المدينة وصياغة هويتها. نحن أبناء عاقون لمدننا، وبعض الأمكنة التي شوهناها بكوننا عيال عليها لا تزال تنتظر وليدا جديدا لا يرهقها طغيانا وكفرا. أيها الأماكن الأمهات، نحن أيضا نسهم في ولادة أمهاتنا.
س متى يقول العراقي "ناصر الحجاج" أركض الاشتياق نحوك، أيتها المحلقة فيّ؟
ج إنها المعشوقة، الجميلة، التي لا أمل من الركض اشتياقا لعناقها، "وبليتي في الحب أني أينما وُجد الجمال، وجدتُ نفسيَ صبّهُ" . إن العشق عشق لأنفسنا، في أنفسنا، نحن لا نعشق الغرباء، نحن نعشق أنفسنا. "وأحب نفسي وحدها، حتى إذا ما قلت أني عاشق لسواها". من لا يعشق نفسه، لا يحلق فيها ولا يرتقي، ومن لا يعرف قيمته نفسه إنسانا لن يعرف قيمة الإنسان الحبيب.
س اقتلعتني من بين شظايا الرماد، محبة، استطعمت ميلاد فجرها، أين يأخذك هذا التحليق؟
ج نحن أبناء الخطيئة الأولى، أبناء الموت، والله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها .. إن ميلادنا كل صباح هو انبعاث جديد لإنسانيتنا ولتحررنا من خطيئة الأمس، وللتحلق في فضاء الإبداع الإنساني، يقول الحجاج بن يوسف: إن ساعة ذهب من عمر المرء في غير ما خُلق له، لحري أن تطول عليها حسرته. إن الفجر متكثر، ليس في صحوتنا من نومنا، ولا في طلوع الشمس، ولا في ولادة طفل جديد، ونجاة من موت محقق و حسب، بل هي في إنسان تلتقيه، فتشعر بأن ما عشته كان موتا، وخطيئة، هي في فكرة تنتشلنا من جهلنا وظلمنا لطاقاتنا وإنسانيتنا، وهي في قصيدة تبعث في النفس فجرا جديدا.
س "العودة النصف الثاني من الرحلة"، بماذا توشوشك عودة الطير لأوكارها؟
ج نحن لا نعود، إلا في ذاكرتنا، لأننا لا نعبر النهر مرتين، إن رحلة الإياب هي رحلة اكتشاف لأن ما تركناه لم يعد يشبه نفسه، أما الطير الذي يعود إلى عشه، فهي لقاء متجدد لحبيب لا يمل من لقائه.
س ما معنى "اللقاء"، بين صمت الأماني و ضجيج الحياة؟
ج اللقاء هو شهيق، بعد فراق هو زفير، لا تكتمل الحياة إلا بهما، وإلا لبقيت الحياة رتيبة، لكن هناك أشياء نعيشها دون أن نلتقيها، أو بقينا نعيشها بعد فراقنا لها، إنه التنفس، فارقتها وأنا الآن أختنق.
س متى تدرك البداية أنها القدم المبتورة على حافة أنفاس تختنق؟
ج الرؤية الوجودية للمبدع هي التي تهب اللغة معانيها، اللغة بيت الكائن، كما يقول، مارتن هايدغر، وقع في فخها جدنا آدم حين تعلم الأسماء كلها، ثم اكتشف أن الأسماء كلها لا تهب الإرادة، والإرادة تعني القدرة على خرق النظام، فكانت اللغة تهلكة. حين نولد في مجتمع يحتقر لغة وينظر إليها على أنها ناقصة، ومعيبة، وسوقية، وأن هناك لغة مقننة تصلح لكل زمان ومكان ومجتمع علينا الكتابة بها، على الأقل ليقال أنه إنسان طبيعي، هناك، تبدأ الكارثة ، يبدأ الفصام، والشيزوفرينا، في إدراك الأسماء والمسميات، والصور والأصوات والانعكاسات والأصداء. نحن أبناء هذا البيت الهائل المسمى لغة، كائنات لا تمتلك لنفسها شيئا، لا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، إذن نحن في خسر وذل واندثار، نحن متجهون إلى الهاوية، لا يمنعنا منا الانحدار بها إلا يد لغة جديدة وعين لغة جديدة، لنبصر ونسير، هناك تكون الولادة والانعتاق.
س ماذا يستطعم فيك الانعتاق؟
ج لا انعتاق إلا للروح، فنحن كائنات مركبة من السماء والتراب، الإنسان كائن سماوي أرضي مركب، نرفع أيدينا تعلقا بالسماء، ونسجد اقرارا أننا كائنات أرضية في تلك اللحظة التي تتحرر فيها الروح من الجسد يكون الانعتاق، بالموت، نعم، بالانتحار، نعم، لكن يمكن الانعتاق بالحب، الوجد الذي يشرب الدهشة فيسكر بسحر الإبداع، بلقاء حبيب تنعتق الروح وننسى أننا كائنات ترابية، نحلق في جمال من نحب، نتحرر ، ننعتق، في لحظات الدهشة والانخطاف، يكون الانعتاق، صوفيا، معرفيا، وجماليا إبداعيا. الخيال، الاعتقاد بالمخيلة الخصبة، يجعل من الحلم حياة، ومن العيش اليومي مجرد وهم زائل، هكذا تصدق مقولة أن "الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهو" لأن بذلك يكون الانعتاق.
س "سؤال لك صديقي، هل تحب الحياة؟"
ج نعم أعشق الحياة، أحبها حبا لا مثيل له، هي الهدية التي لا تقدر بثمن، المقدمة ممن نحب، إنها هدية الخالق البصير العليم الرؤوف الرحيم المبدع. تخيلي أن أهم المبدعين يهديك بنفسه عملا إبداعيا ، كم تساوي قيمة الهدية، الحياة شيء هائل، وكرم لا حدود له، تخيلي حين قرر الخالق أن يهبني الحياة، فيخرجني من العدم، ما قيمتي قبلها، لا شيء، لأنني لا شيء إلا بالوجود، لكنني لن أبدأ بحبي للحياة، إلا بعد أن بدأت أخسر بعضها. عرفت وقتها أن أفضل ما تهبه الطبيعة هو الحياة، وأن أفضل ما قدمه الخالق هو الخلق، إنها الحيرة في التعبير، كيف أصف شعوري بحب وجودي، ليس علي إذن إلا أن أعشق هذه الحياة، عشقا يجعلني أعيش الحياة، ليس كفء هدية الوجود لنا بالحياة، إلا أن نحيا هذه الحياة كما يجب أن نحياها، ووجوب أن نحياها أن نكون أحياء، وأن نرفض ونقاوم الموت، يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم إلى ما يحييكم. هناك ما يحيي، وهناك ما يميت، ذلك هو سؤال الحياة.
س"يأتي حاملا حزمة ما من حقله، هادئا كطوفان، و غامضا كعاصفة، و بريئا كبحر"، متى يخاف البحر عاصفة الطوفان؟
ج القطرة، نطفة البحر، والنسمة بذرة العاصفة، حين يكبر القلق يصبح وحشا، في تلك الجغرافيا الشعورية، يمكن أن ندرك أن للطوفان المدمر هدوء هائل، وأن في العاصفة الصاخبة غموضا وسحرا وحكمة، وأن البحر أكثر الكائنات الحية براءة. ليس التسونامي إلا طفلا لالتقاء أنفاس عشق الريح، برعشة ثغر الماء، على فراش الأرض. البحر والطوفان أصدقاء، والعواصف لعبتهم بين الحين والأخر، لكنها لعبة الكبار. وما نحن إزاء تلك الكائنات العملاقة إلا ريشة في مهب الريح، ريح القلق الوجودي التي لا تكف عن الهبوب.
شكرا لك الشاعر "ناصر الحجاج" على حسن تواصلك و إلى لقاء آخر إن شاء الله
أشكرك ، وأتمنى لك أوقاتا طيبة ، شكرا ست آمنة
509 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع