الثقافة الأميركية وتعزيز قيم الحداثة في العراق ١٩٣٠-١٩٦٠

        

العازفة والمؤلفة بياتريس أوهانسيان بعد الانتهاء من دراستها في "جوليارد للفنون" الأميركية في خمسينيات القرن الماضي

موقع الحرة- علي عبد الأمير:مع تطلعات العراق، بعد قيام دولته المعاصرة في 1921، إلى بناء دولة حديثة، كانت قيم المعرفة الأميركية بوصلة للعديد من رموز الفكر والآداب والفنون.

إلى الجامعات الأميركية وصلت في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته الموجات الأولى من البعثات العراقية التي تضم طلبة في مختلف العلوم والمعارف.

وليس مصادفة أن تكون الأسماء الرائدة في مجالات المعرفة العراقية الحديثة هي لشخصيات نهلت علومها من الجامعات ومراكز البحوث الأميركية.

هنا مراجعة لعدد من تلك الشخصيات وتأثيرها العميق.

رواد الحياة الأكاديمية العراقية

ثلاثة علماء هم من رواد الحياة الأكاديمية العراقية عرفوا التفوق العقلي والمراس الفكري في الجامعات الأميركية وهم:

* عالم الاجتماع علي الوردي:

وعُرف بتبنيه للنظريات الاجتماعية الحديثة التي اتصل بها اثناء دراسته في الولايات المتحدة (جامعة تكساس حيث نال الماجستير عام 1948 والدكتوراه عام 1950). واستثمرها في تحليل الواقع الاجتماعي العراقي، وتحليل الأحداث التاريخية في العراق المعاصر.

* مؤسس دراسات الري الحديث أحمد نسيم سوسة:

نال شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1928 من كلية كولورادو في الولايات المتحدة. وواصل بعد ذلك دراسته العليا فنال شهادة الدكتوراه بشرف من جامعة جون هوبكنز الأميركية عام 1930.

بعد عودته إلى العراق، عين مهندساً في دائرة الري العراقية عام 1930، ثم تقلب في عدة وظائف فنية في هذه الدائرة مدة 18 سنة، حتى عين عام 1946 معاوناً لرئيس الهيئة التي ألفت لدراسة مشاريع الري الكبرى العراقية. وفي عام 1947 عين مديراً عاماً للمساحة ثم مديراً عاماً في ديوان وزارة الزراعة عام 1954، ثم أعيد مديراً عاماً للمساحة وبقي في هذا المنصب حتى عام 1957.

عند تأسيس مجلس الأعمار عام 1951 عين مساعدا شخصياً في الأمور الفنية لنائب رئيس المجلس الأعمار، وكان من أوائل أعضاء المجمع العلمي العراقي منذ تأسيسه عام 1946 وبقي عضواً عاملاً فيه حتى وفاته ببغداد 1982.

اهتم أحمد سوسة بمباحث حضارية قديمة في العراق حيث بحث في تاريخ العراق الحضاري وكتب عن نظم القنوات المائية والسدود في الحضارات القديمة.

*المؤرخ طه باقر:

كان من الأربعة الأوائل على الثانويات العراقية 1932، فابتعث وعلى نفقة وزارة المعارف إلى الولايات المتحدة لدراسة علم الآثار في المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو وبعد أربع سنوات حصل على شهادة البكالوريوس والماجستير وكانت العودة للعراق عام 1938.

وتكشف مؤلفاته عن عمق أثر الرجل وأصالة البحث العلمي لديه وتلك صفة تأسست خلال دراسته بأميركا. ومن تلك المؤلفات: "مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة" وهو موسوعة في تاريخ الحضارات القديمة بجزئين، "ملحمة جلجامش" وذلك كان كتابه التحفة في ترجمته وتحقيقه للملحمة الفريدة في تاريخ الحضارات الرافدينية القديمة، "المرشد إلى مواطن الآثار والحضارة" (ستة أجزاء)، "مقدمة في أدب العراق القديم" وعشرات الأعمال الأخرى التي توزعت بين التأليف والترجمة.

رائدات عراقيات

اثنتان من رائدات الحداثة الثقافية والفكرية في العراق، تلقيتا المعرفة العالية في الولايات المتحدة وهما:

*رائدة الشعر العربي الحديث نازك صادق الملائكة التي حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون في أميركا عام 1959 وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت.

*رائدة الموسيقى الرفيعة بياتريس أوهانسيان التي نشأت عندما كانت الحكومة العراقية خلال العهد الملكي توفر المنح الدراسية لتعلم الفنون الأدائية، وهو ما سمح لها بالدراسة في الأكاديمية الملكية للموسيقى بلندن في خمسينيات القرن الماضي. ومن هناك توجهت إلى نيويورك للدراسة في مدرسة جوليارد للموسيقى، وهي حتى اليوم واحدة من أعرق مدارس الفنون لا في أميركا وحسب بل العالم أجمع.

رواد الفنون المعاصرة

*المؤلف الموسيقي والعازف فريد الله ويردي:

كان يدرس في موسكو عام 1963 حين وقع الانقلاب العسكري الدموي في العراق، لتصاب آمال ويردي بأول خيبة كبيرة، حين حكم النظام البعثي- القومي عليه غيابياً بالإعدام واحتجزت جواز سفره وألغيت زمالته. وفيما بعد اضطر إلى النزوح إلى الولايات المتحدة. وهناك واصل دراسته تحت إشراف البروفيسور دونالد روبرت في كلية هنتر بجامعة نيويورك سيتي، وحصل على شهادة الماجستير في التأليف الموسيقى، وقررت لجنة التخرج في القسم بأن عمله أحد أفضل الأعمال المقدمة إليها.

وخلال وجود فريد الله ويردي في الولايات المتحدة (لنلاحظ دلالة المكان، فقد وجد ملاذاً في الدولة التي كان يقف بالضد من نظامها السياسي وفكرتها فيما هرب من الدولة التي توقعها جنة على الأرض واعتراضا على موقفها المهادن من الانقلاب الدموي في بلاده، وهذه خيبة ثانية أصابت آمال الرجل بمقتل حقيقي)، انتدب (في 1965- 1968) لتأليف المقطوعات من أجل المهرجان السنوي للموسيقى الأميركية في نيويورك.

وكتب هناك حيث عمل مدرّساً في ولاية نيوجيرسي، أربع مقطوعات مهمة هي: "ابتكار في نغم ثلاثي للبيانو" 1965، "سوناتا الكمان والبيانو" 1966، "فانتازيا للكمان" 1967، و"سويت صغير للكمان" 1968.

*المخرج السينمائي كاميران حسني:

إذا كان فيلم "سعيد أفندي" يؤرخ بدية فنية حقيقية للسينما في العراق 1957، فإن مخرجه كاميران حسني كان قد بدأ رحلته بدراسة الفنون السينمائية قبل ذلك بعشر سنوات حين وصل أميركا في العام 1947.

*المخرج السينمائي جعفر علي:

ولد في بغداد عام 1933 وتخرج في كلية الآداب بجامعة بغداد 1956 وهو يحمل بكالوريوس الأدب الإنكليزي، التحق بجامعة أيوا الأميركية وتخرج فيها 1961 بشهادة ماجستير في السينما والتلفزيون، فعاد إلى بغداد وهو يحمل حلما بتحقيق سينما عراقية هادفة.

*المخرج المسرحي جاسم العبودي:

ولد الفنان الراحل جاسم مزعل شلاكه العبودي بمدينة الناصرية – جنوب العراق عام 1924، وعمل أستاذا في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد/ قسم الفنون المسرحية.

درس الفنون المسرحية في أميركا، وتمكن من ثقافاتها ولغتها فتمكن نتيجتها أن يدرس اللغة الإنكليزية في كلية اللغات ببغداد، والدراما في كلية التربية – قسم اللغة الإنكليزية.

*المخرج والممثل بدري حسون فريد:

حصل على بعثة دراسية لدراسة المسرح في مدينة شيكاغو الأميركية للفترة (1962 – 1965) ليحصل على البكالوريوس والماجستير بتفوق.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

364 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع