لندن - العربي الجديد:رغم أن الثقافة الروسية في القرن التاسع عشر، حُصرت في أبرز أسمائها وهم من الكتّاب مثل تولستوي ودستويفسكي وتشيخوف، إلا أن الفنانين التشكيليين الروس في تلك الفترة لم يكونوا أقل تأثيراً، وربما يكون الرسام الواقعي إيليا يفيموفيتش ريبين أحد أبرز هؤلاء إلى جانب إيفان شيشكين، أحد أشهر رسامي المناظر الطبيعية.
ستكون تجارب هؤلاء الفنانين - إلى جانب تجربة جماعة "بيريدفيزنيكي" الفنية والسياسية - موضع نقاش في ندوة تحت عنوان "الفن والتجارة في أواخر عصر الإمبراطورية الروسية"، تقام في "معهد كورتولد للفن" في لندن عند السادسة من مساء الأول من أيار/ مايو الجاري، بمشاركة عدة أكاديميين من جامعات مختلفة، بمناسبة إشهار صدور كتاب الأكديمي الروسي أندريه شابانوف تحت العنوان نفسه عن دار "بلومزبيري".
تتوقف الندوة عند تجربة إيليا ريبين، الذي كان موقعه في عالم الفن مشابهاً لموقع ليو تولستوي في الأدب، وقد لعب دوراً رئيسياً في جلب الفن الروسي إلى التيار الرئيسي للثقافة الأوروبية.
يناقش المؤلف أيضاً تجربة شيشكين، الذي كان مقرباً من جمعية المعارض الفنية المتجولة "بيريدفيزنيكي" Peredvizhniki، التي تأسست عام 1870 ويعني اسمها "المتجولون"، وكانت تؤمن بتمثيل موضوع مستمد من الحياة اليومية، مع دقة وتعاطف والتي تعكس وجهات نظرهم الاجتماعية والسياسية المساواة.
اشتغل فنانو هذه الجمعية ضمن عدة أنواع من الرسم، من المناظر الطبيعية والبورتريه إلى النوع والرسم التاريخي، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر أصبحت الحركة الفنية الأكثر شهرة في روسيا. في عام 1923 تم حل المجموعة ولكن كان تأثيرها ملموسًا في العديد من الأنواع اللاحقة للفن الروسي من البدائية الجديدة إلى الاشتراكية.
مثل العديد من أقرانهم في الحركة الواقعية والرومانسية الفرنسية في منتصف القرن التاسع عشر، كان رسامو "بيرديفيزنيكي" لا يناضلون من أجل نموذج جديد للأسلوب داخل فن أمتهم، ولكن من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي الشامل، وفعلاً شهدت الحركة الثورة الروسية عام 1917.
احتفلت المجموعة بمعارضها المتجولة المبتكرة في جميع أنحاء المقاطعات الروسية، وهذا الكتاب يحاول أن يعيد قراءة تاريخها والنقد الذي جرى توجيهه إليها من قراءات اجتماعية واقتصادية وماركسية.
يعد عمل شابانوف هذا أول دراسة شاملة ومراجعة من نوعها، تتفحص الهيكل التنظيمي وأنماط التمثيل الذاتي العام والإخراج المرئي في إعدادات المعرض الأصلية، والاستقبال النقدي لمجموعة "بيريدفيزنيكي" بشكل خاص ولفنون تلك الحقبة بالعموم.
يغطي العمل العقود الأولى من القرن العشرين، وقصة فنانين يحاولون تحقيق الشهرة من خلال ممارسة الفن، وتأمين الحرية المهنية في روسيا القيصرية الاستبدادية، مع تحديث الهياكل والممارسات التي كانت شائعة في مجال الفن. يربط الكتاب بالمثل بين عالم الفن الروسي والغربي في تلك الفترة، وتكمن الأهمية الإضافية لهذه المساهمة في إدخال منهجيات التاريخ الاجتماعي للفن في تاريخ الفن الأكاديمي في روسيا.
638 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع