مهرجان المربد الشعري إسقاط فرض ام شعاع مضيء

                         

عبدالجبار العتابي/بغداد: يعد مهرجان المربد الشعري واحدا من المهرجانات المهمة لكنه تغير كثيرا بعد ان اصبح موسما للصعود على المنصة بتصفيق والنزول منها بتصفيق تغلب عليه المجاملة.

على مسافة قريبة من انطلاق مهرجان المربد الشعري بدورته الـ 12 على ارض البصرة، تطل التساؤلات برؤوسها وهي تلتفت الى الدورات السابقة فلا ترى منها غير غصون متشابكة، وتحتار في معرفة فائدة كل ذلك، لكن الدورات الاحدى عشرة طالما نالت نقدا كثيرا وملاحظات شتى على آلياته والمشاركين فيه وصارت هذه الاشكالات تكثر دورة بعد دورة مع تأكيدات يقولها الكثيرون من دون تحفظ ولا مجاملة ان المهرجان فقد توهجاته وظل اسمه فقط يلوح من بعيد في ذاكرة الشعر، خاصة ان المهرجان اصبح ملتقى للاصدقاء حتى من غير الشعراء، بل انه صار مجرد اسقاط فرض ليس الا وان كان القائمون عليه يؤكدون ان تأثيرات الوضع السياسي والامني على المهرجان كبيرة.
 من هنا كان السؤال الذي طرحناه على مجموعة من الشعراء هو:هل مارس " المربد " دوره في رفد المشهد الثقافي العراقي بما هو جديد ومغاير؟وهل احدث تغييرا في المشهد الشعري؟، فكانت للشعراء اجوبة مختلفة لكنها في مجملها تشير الى سلبية النتائج.

جواد غلوم: صداقة ومحاباة
فقد اكد الشاعر جواد غلوم ان الدعوات الموجهة صداقية وفيها محاباة للاخرين، وقال: كل المهرجانات الادبية ومنها مربد البصرة لاتغني ولاتسمن من جوع ولاتروي ظمأ المتعطشين للادب ولاسيما الشعر مادام الشعراء المدعوون يتكررون هم انفسهم وأخص بالذكر المشاركين على منصبة الخطابة الشعرية.
 واضاف: ويؤسفني القول ان الدعوات الموجهة فيها انتقاءات تغلب عليها اعتبارات صداقية ومحاباة لاعلاقة لها بالابداع اصلا ناهيك عن تهميش شعرائنا وكتّابنا المتميزين المقيمين في الشتات الاّ ماندر من مقرّبي القائمين على توجيه الدعوات.
 وتابع: وعليه نقترح ان يصار الى انتخاب الوجوه الشعرية المعروفة بابداعها في الداخل والخارج وانتقاء الافضل ليكون المربد وغير المربد من المهرجانات الشعرية التي تلقي ضوءا لامعا على لمعان الشعر في بلادنا.

رسمية محيبس: سوء في التنظيم
اما الشاعرة رسمية محيبس فقد اكدت ان المربد اصبح عبارة عن مجاميع شبابية تمارس الغناء في السيارة وفي غرف الفندق، وقالت: مشكلة المربد الرئيسية هي سوء التنظيم وعدم توفر عناصر كفوءة وذات خبرة في ادارة المهرجان والاعداد له وقد اصبح المربد في السنوات الاخيرة فعالية لا تختلف عن عشرات الفعاليات التي تقام في بغداد والمحافظات كما ان الادباء الكبار في البصرة اكتفوا بدور المثقف المتفرج والمراقب من بعيد لئلا يعرض نفسه الى موقف مربك نتيجة الفوضى والارتباك التي ترافق هذه الفعالية ولا يساهم في تطوير المهرجان حتى بالتوجيه والارشاد اضافة الى تدهور الوضع بصورة عامة في البلد وشيوع الخراب والفساد المالي والاداري وهذا يساهم في تدهور الثقافة بشكل عام وفعالياتها التي تقام هنا وهناك
واضافت: انه مهرجان لا يشرف اي اديب بالذهاب اليه بل يحفظ ماء وجهه اذا لم يذهب سواء كان مدعو ام لا; هكذا اصبح في الاعوام الاخيرة للاسف.
وتابعت: كل عام نسمع من المشاركين كلاما حول رداءة ما قدم من شعر وشيوع السذاجة والبساطة والعشوائية في القراءت ولا يمثل المربد سوى موسم يلتقي فيه الادباء ببعضهم ويقضون اوقات سعيدة بعيدا عن مسؤولية البيت واعباء المجتمع اذ يشعر المشارك ببعض المتع البسيطة ويمنح نفسه بعض الحرية.
وتساءلت: كيف يسهم المربد في تغيير المشهد الشعري. مع كل هذا التدهور والخراب الذي يسود الثقافة ومؤسساتها،انظر كم مرة أوجل المربد بحجة عدم توفر الدعم المالي او اسباب أخرى نجهلها،انها فعالية روتينية لا تقدم ولا تؤخر ولم تأت بجديد والكل غير مسؤول عن هده النهاية المحزنة التي سقط فيها المربد وتلك كارثة كبرى أين دور السيد وزير الثقافة الجديد من هذا الخراب ولم تقف الكفاءات الكثيرة في الوزارة وباقي المؤسسات عاجزة عن ايجاد بديل ينهض بهذه الفعالية ويرتقي بها الى مستوى المهرجانات العالمية التي تقام في عواصم العالم وتترك صدى كبيرا في وسائل الاعلام العالمية والعربية
واضافت ايضا: اصبح المربد عبارة عن مجاميع شبابية تمارس الغناء في السيارة وفي غرف الفندق واروقته وحتى قوائم القراءات تحدد عن طريق الفيس بوك والدردشة تحدد للشاعرة وقت مشاركتها ومكانه واين تقيم وغيرها من الاغراءات
وختمت بالقول: في الدورة الاخيرة تم دعوة شواعر فاق عددهن في اي دورة سابقة فكثر الكلام واللغط وكتبت مقالات وبحوث مرت مر الكرام فهل يتكرر ذاك ان كتب لهذه الفعالية المريضة ان ترى النور من جديد.

ماجد طوفان: لم يقدم اي تغيير
فيما اكد الشاعر ماجد طوفان ان المربد لم يقدم اي تغيير، وقال: العنوان الاول لاي مهرجان هو احداث حالة ابداعية بقدر او بأخر،وهي غاية تسع اليها اية جهة مُنظِمة،وهذا يعتمد على مجموعة من الاليات التي لابد من اعتمادها كي يتحقق الهدف المُخطط له.
واضاف: وعلى مر سنين طويلة لم ينهض مهرجان المربد الشعري بوظيفة حقق من خلالها كسرا في منهجيته،او طرحَ تصورات وافكار يمكن العمل عليها وتطويرها بما يجعل منه حدثا ثقافيا بارزا،ولعل دورات المربد الاخيرة جعلت منه تجمعا اكثر منه مهرجانا شعريا،ولعل تشظي الجهات المُنظمة وانشطارها بين بغداد والبصرة يضفي نوعا من الارتباك على فعاليات المهرجان،اما هل احدث المربد تغييرا في المشهد الشعري،فالجواب لايحتاج الى وقت وتفكير.. اذ لم يقدم المربد اي تغيير او اضافة الى متن الشعر العراقي،المربد رحلة سياحية وترفيهية ليس الا.

ابراهيم البهرزي: لا قدرة على الولادة ولا تجدد
من جهته قال الشاعر ابراهيم البهرزي: المربد كان موجها بايديولوجية الحزب الحاكم وبعد الاحتلال أصبح موجها طائفيا وفي الحالين فهو لن يقدم إلا إعادة إنتاج رجز الفحولة القومية أو المذهبية وإن تلفعت بازياء الحداثة الفضفاضة، طبيعة الشعر أنثوية  والمهرجانات ذات طابع ذكوري لا تملك القدرة على الولادة والتجدد وستبقى مقتصرة على اراجيز شاعر القبيلة أو  قاريء المقتل.
واضاف: أرجو أن يكون مثمرا وصادقا لاظهار مربدا حقيقيا، أعرف أن الكلمة قد تكون قاسية في بعض الاحيان لكنها عندما تتعلق بالعراق بالوطن لا بد منها كما واعرف أن ما كتبته لن يروق للكثير من أصدقائي

نبيل نعمه الجابري:حفلات تنكرية
الى ذلك اكد الشاعر والناقد نبيل نعمه الجابري أن مهرجانات الشعر في الأغلب منها ما هي إلا حفلة تنكرية الكل فيها يعرف الكل،وقال:في البدء لا بد من الاتفاق على أن المشاهد الثقافية تنشأ وتتكون بالنتاجات أولا، المشهد العراقي شأنه شأن أغلب المشاهد العربية، لا يمكن أن يتكون إلا بالكتابة المنتجة للثقافة، ومن خلال حركة نقدية واعية تؤسس لأرضية يستطيع معها المثقف أن يُقارن ويستنتج، معها فقط يمكن لنا أن نحكم على حضور الوسائل والفعاليات التي تمد المشهد وترفده بكل ما هو جديد ومغاير، معها فقط نستطيع الحكم على من قدم لمن، ومن أثر بمن؟
واضاف: أعتقد أن العراق بعد عام 2003 لم يكن مهيأ لإقامة مربد نستطيع معه أن نقول بدوليته لأسباب كثيرة منها ما هو داخلي متعلق بالبنى التحتية للمدن التي تحتضن المهرجانات والفعاليات، والإدارة المهنية الناجحة التي تخطط وتعد، إضافة إلى أمر متعلق بالهوية التي غُيبت نتيجة الصراعات ومنها ما هو خارجي يتمثل بالعقبة التي لا زال المثقف يتحمل وزرها، من دون أن يكون له يد فيها، القطيعة عن المحيط العربي، لهذا والحقيقة تُقال فأن القائمين على المرابد السابقة لم يفلحوا في دعوة قامات عربية ومفكرين معروفين، والكل يعرف أن حضورهم يمثل إضافة نوعية للمهرجان.
وتابع: إذا ما بقي الحال على ما هو عليه فأن المهرجانات والفعاليات الثقافية سواء كانت حكومية أم مؤسساتية، لا يمكنها أن ترفد المشهد الثقافي إلا بالمزيد من الإسفاف الكمي، على حساب المتفرد النوعي.
 وأوضح: لا زلت عند رأيي أن مهرجانات الشعر في الأغلب منها ما هي إلا حفلة تنكرية الكل فيها يعرف الكل، وهي بالحقيقة مهرجانات للشعراء، الشعر لا يحتاج لمهرجان ولا منصة كي يظهر وينتشر، بوصفي مثقفا أتمنى أن أرى مربدنا هذا العام مختلفا عن المرابد الماضية، واتمنى من الاصدقاء المشرفين عليه أن يتجاوزا الكثير من الهنات التي وقع فيها المهرجان سواء كانت متعلقة بالتخطيط أو الاعداد، بالدعوات والتنظيم.
 
عبدالسادة البصري: كأنه اسقاط فرض
  اما الشاعر عبدالسادة البصري فقال:اذا أردنا أن نتحدث عن المربد بشكل عام، فهو مهرجان أقيم في سبعينيات القرن الماضي على الأرض التي كان يقام عليها في بدايات الدولة الاسلامية (سوق المربد)، لغرض تنشيط الحركة الثقافية وتفعيل المشهد الشعري العراقي..وكان وقتها ثقافيا وشعريا جمع قامات وتجارب شعرية ونقدية كبيرة كانت تشغل الساحة الثقافية العراقية والعربية، ما رسخ في أذهان الادباء العراقيين ان لهذا المهرجان مكانة كبيرة وصارت منصته حلماً يراود الجميع وبالأخص الاجيال اللاحقة،، الا انه تحول في الثمانينيات والتسعينيات الى مهرجان تعبوي إعلامي فقط، وكان وقتها يتمتع القائمون عليه بآلية صرف مفتوحة وميزانية مالية ضخمة ماجعلهم يستقدمون أدباء عرب وعالميين ويستمر المهرجان اسبوعا كاملا.
واضاف: أما بعد 2003 ولحد هذه اللحظة، وبعد ان عاد المربد الى مكانه الأصلي وساحته الحقيقية فالأمر قد تغير كثيرا، رغم هدف القائمين عليه وحلمهم أن يكون رافدا حقيقيا للمشهد الثقافي ..الا ان هناك اسباب تقف حائلا دون تحقيق الحلم وهي:ــ
1ــ عدم اهتمام السياسيين والمسؤولين الذين يقودون البلد بالثقافة ومايلحق بها.وانشغالهم بصراعاتهم السياسية والطائفية واستشراء الفساد والمحسوبية واللصوصية في كل مفاصل الحياة.
2ــ عدم تحديد ميزانية مالية تغطي المهرجان بشكل كلي وتجعل منه مهرجانا يليق باسم المربد.
3ــ التعاون الشحيح الذي تبديه الجهات المعنية بالثقافة وعدم اهتمامها وبشكل جدي بتفعيل المشهد الثقافي بشكل حقيقي.
4ــ عزوف أغلب الشعراء والادباء العرب عن الحضور لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية.
5ــ تقليص أيام المهرجان الى ثلاثة أيام وإرباك الجلسات الشعرية والنقدية بعدد كبير من الشعراء والنقاد.
6ــ عدم تحديد عدد المدعوين وتهافت الجميع على الحضور والمشاركة وارباك اللجنة المنظمة ارباكا كبيرا.
وتابع: هذه الأسباب أدت وتؤدي الى تحجيم دور المهرجان وجعله كأي مهرجان عادي الهدف منه جمع الشعراء ولقاءاتهم الجانبية فقط وكأنه اسقاط فرض لا غير.
واكد: لايمكن أن يحدث المربد أي تغيير لأن الوضع الحالي وفي كل مكان من العراق وغيره مشحون بالأزمات والحروب والمشاكل السياسية والاقتصادية وغيرها..وهذا بالتأكيد ينعكس سلبيا على كل مفصل من مفاصل الحياة وبالاخص الثقافة..،لكن رغم كل هذا الظلام والقبح الذي يسود العالم علينا أن نفتح كوة صغيرة ليدخل منها النور والجمال والمحبة.

كريم جخيور: المربد نافذة لدخول الشمس
مسك الختام مع رأي رئيس اتحاد ادباء البصرة كريم جخيور، رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، الذي تحدث قائلا: منذ التأسيس الاول للمربد حيث كان سوقا للتبضع وللتباري وكان الشعراء قبل ان ينصبوا خيامهم يعدون قصائدهم لكسب النزالات والى الان هناك من يعد قصيدته يدوزنها جيدا قبل ان يختار قميصه ورباط العنق ولكن منهم لا هذا ولا ذاك.
 واضاف: المربد الشعري يعتبر مهرجانا وطنيا له صفة العالمية من خلال تعدد المشاركين والحاضرين اليه. ودائما نسعى ان يكون معيارا للشعرية العراقية والعربية. اضافة الى الجانب الاحتفالي.فهو قبلة الجميع عراقيا وعربيا.
وتابع: في العراق الآن كل شيء مرتبك ولهذا الثقافة ليست بمنجى عما يحدث ولكننا نحاول ان نكون اقل اخطاء ونحن نريد ان نقول للآخر اننا نحب الجمال ونحب الحياة.
وختم بالقول: وطن تطعنه المفخخات وتأكل ثلثه داعش وانت تنصب منصة للشعر هذه رسالة الى العالم قد لا يقدمها السياسي وهو مأزوم بطائفيته او ايدلوجيته او قوميته.. يبقى المربد نافذة لدخول الشمس الى وطن تعصف به اجنحة الظلام.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

924 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع