بغداد - العباسية نيوز:يوماً بعد يوم يزداد الوضع العراقي سوءاً، وترتفع وتيرة ازمته التي باتت تتجاوز الاطارين السياسي والامني، وتدخل في متاهات عديدة من الصعب جداً تخطيها، والتي تصب - حتماً - ضمن اطار التقسيم. ويوماً بعد آخر، تتعمق الفجوة بين الاطياف المتعددة، بمن فيها تلك التي كانت حتى وقت قريب تشكل حلقات التحالف الشيعي المهمين على مقاليد الحكم.
المدقق في تفاصيل المشهد العراقي، ومن يقرأ ما بين السطور جيداً، يتوقف عند حالة من الفوضى، ومن اشلاء دولة مفككة، محكومة بكم من الاخطاء التي تعمق الازمة، وتزيد من ثغراتها.
ويرى مراقبون سياسيون، ان هناك ازمة حكم وازمة ثقة مع الاكراد، وهي ازمة تهدد بالمواجهة وبالتالي بترسيم عملية التقسيم. ومن جهة ثانية، هناك مدن ثائرة على الحكم الشيعي، وتعمل على نقل المعركة الى داخل العاصمة بغداد، وهناك سلسلة ازمات طائفية، تجاوزت اطار الخلافات بين السنة والشيعة والاكراد، ودخلت ضمن اطار الطائفة الشيعية الحاكمة، بدليل اعتزال مقتدى الصدر العمل السياسي. وتركيزه على العمل الاجتماعي والديني، وبين هذه وتلك ثمة ازمة مع الولايات المتحدة على خلفية عمليات تسليح ابرمها رئيس الحكومة نوري المالكي مع ايران. وهناك سلسلة ازمات مع دول الجوار، بحكم التعاطي العراقي - الايراني مع مجمل الملفات، وبما يتقاطع مع تصورات تلك الدول.
اما على الصعيد الاقتصادي، فان الحرب التي يشنها رئيس الحكومة نوري المالكي على محافظة الانبار منذ شهرين، تتسبّب بضعف في الحركة أو في بعض الأحيان بتوقّفها تماماً أمام مركبات النقل المحمّلة بالبضائع المختلفة والتي تدخل العراق عبر منفذَي طريبيل على الحدود الأردنيّة والوليد على الحدود السوريّة، مروراً بمدن محافظة الأنبار لتنتقل إلى مختلف المحافظات العراقيّة، وهو ما تسبب بخسائر كبيرة تحمّلها التاجر والمواطن والحكومة.
وقد سجّل اتحاد الغرف التجاريّة العراقية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار البضائع المختلفة في السوق العراقيّة لا سيّما الغذائيّة منها، عازية السبب إلى صعوبة وصول تلك البضائع التي يستوردها التجار ويدخلونها عبر منفذَي محافظة الأنبار إلى المحافظات العراقيّة المختلفة.
ويقول رئيس الاتحاد جعفر الحمداني إن محافظة الأنبار تمتلك اثنَين من أكبر المنافذ الحدوديّة في العراق وأهمّها، وهما منفذَي طريبيل والوليد، وذلك بسبب حجم البضائع التي تدخل عبرهما كالفواكه والخضر والملابس والمواد الإنشائية والأدوات المنزليّة ومواد البناء والمواد الكهربائيّة وغيرها، ولفت إلى أن الأحداث الأمنيّة في مدن الأنبار تسبّبت بإغلاق المنفذَين لمرّات عدّة، فضلاً عن أن التجار عجزوا عن إدخال البضائع عن طريق هذَين المنفذَين بسبب الاقتتال الدائر في تلك المدن، ما اضطرّ البعض منهم إلى إبقاء تلك البضائع في مواقف المنفذَين الحدوديّين مقابل أجور يوميّة يدفعونها لقاء توقيف المركبة المحملة بالبضائع في تلك المواقف، كذلك يضطرّ بعض التجار إلى إرجاع مركبات البضائع إلى مصدرها، بينما يضطرّ آخرون إلى سلوك طريق آخر أكثر صعوبة وتكلفة عليهم.
ويشرح الحمداني أن عدم دخول البضائع أو بقاءها عالقة عند المنفذَين الحدوديَّين أو اللجوء إلى طرقات لأخرى لإدخالها، يتسبّبان بخسائر كبيرة على التاجر نتيجة فقدان جزء من الأرباح، وعلى المواطن بسبب تحمّله زيادة على أسعار تلك البضائع، وعلى الدولة أيضاً نتيجة ضعف الإيرادات التي تحصّل من قبل أجهزة المنفذَين الحدوديّين كضرائب جمركيّة على البضائع التي تدخل البلاد. ويشير إلى أن مختصّين في الاتحاد قدّروا الخسائر التي يتحمّلها العراق ككلّ بسبب أحداث الأنبار، بنحو 155 مليون دولار أميركي شهرياً.
ومحافظة الأنبار هي المتضرّرة الأولى اقتصادياً من جرّاء الحرب التي يشنها رئيس الحكومة على مدنها وعشائرها المنتفضين، ويقول عضو اللجنة الاقتصاديّة البرلمانية النائب محما خليل إن حكومة المالكي تتجاهل بشكل كبير موضوع عمل المنفذَين الحدوديَّين في الأنبار وكيفيّة دخول البضائع والمعانات التي يواجهها التجار وأصحاب مركبات النقل، معيداً الأمر إلى أن الوضعَين الأمني والسياسي في البلاد باتا أكثر أهميّة بالنسبة للحكومة حتى أصبح العراق يتراجع اقتصادياً، ويوضح أن الحكومة والسياسيّين على وجه الخصوص لا يعرفون حجم أهميّة الوضع الاقتصادي مقارنة بالوضعَين الأمني والسياسي، فالأول يكبّد البلاد خسائر لا يمكن معالجتها بصورة سريعة.
ويتابع خليل أن الخسارة من جرّاء تلكؤ العمل في منفذَي طريبيل والوليد تقع أولاً على المواطن من خلال ارتفاع الأسعار وثانياً على القطاع الخاص. أما القطاع الحكومي فإنه الأقل تضرّراً لأنه ضعيف أساساً وغير مدعوم من قبل الحكومة.
من جهته يوضح الخبير الاقتصادي حسن الأسدي أن نسبة حجم ارتفاع أجور نقل البضائع الداخلة عبر منفذَي طريبيل والوليد تتراوح ما بين 20 و30%. وهذه النسبة تشمل أيضاً التخليص الجمركي لتلك البضائع. ويوضح أن هذا الارتفاع جاء نتيجة عزوف عدد كبير من التجاروأصحاب مركبات النقل وشركات النقل عن حمل تلك البضائع من منفذَي محافظة الأنبار إلى بقيّة المحافظات بسبب الأوضاع الأمنيّة السائدة حتى الآن، مشيراً إلى أن تلك النسبة انعكست بالتأكيد على أسعار البضائع التي سيتحمّلها في الآخر المواطن.. فقط لا غير.
1126 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع