شفق نيوز:قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، ان هنالك الآلاف من النساء المعتقلات في السجون العراقية يتعرضن للتعذيب واساءة المعاملة وصولاً لـ"الانتهاك الجنسي".
وقالت المنظمة في تقرير نشرته لها ورد لـ"شفق نيوز"، إن "السلطات العراقية تحتجز آلاف السيدات العراقيات دون وجه حق وتخضع الكثيرات منهن للتعذيب وإساءة المعاملة، بما في ذلك الانتهاك الجنسي. وكثيراً ما يلجأ القضاء العراقي الضعيف، المبتلى بالفساد، للاستناد في أحكام الإدانة إلى اعترافات منتزعة بالإكراه، كما تقصر إجراءات المحاكمات دون المعايير الدولية. تعرض العديد من السيدات للاحتجاز طوال شهور أو حتى سنوات دون اتهام قبل العرض على قاض".
ويعمل التقرير المكون من 105 صفحات تحت عنوان "لا أحد آمن: انتهاك حقوق المرأة في نظام العدالة الجنائية العراقي"، على توثيق الإساءة إلى سيدات أثناء الاحتجاز، استناداً إلى مقابلات مع سيدات وفتيات من السنة والشيعة في السجون؛ ومع عائلاتهن ومحاميهن؛ ومع مقدمين للخدمات الطبية في السجون، في توقيت يشهد تصاعد العنف بين قوات الأمن وجماعات مسلحة.
وقامت هيومن رايتس ووتش أيضاً بمراجعة وثائق محاكم ومعلومات مستفيضة تلقتها في اجتماعات مع سلطات عراقية تشمل مسؤولين من وزارات العدل والداخلية والدفاع وحقوق الإنسان، واثنين من نواب رئيس الوزراء.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك انه "يتصرف مسؤولو الأمن وأفراد قواته في العراق كما لو أن الإساءة الوحشية إلى السيدات ستجعل البلاد أكثر أمناً. والواقع هو أن هؤلاء السيدات وأقاربهن قالوا لنا إنه طالما استمر انتهاك قوات الأمن للناس دون عقاب فلا يمكن أن نتوقع إلا المزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية".
واوضح التقرير "في كانون الثاني 2013 وعد رئيس الوزراء نوري المالكي بإصلاح نظام العدالة الجنائية، بدءاً بالإفراج عن المحتجزات الحاصلات على أمر قضائي بالإفراج عنهن. وبعد مرور عام ما زالت الأساليب الوحشية لقوات الأمن كما هي، وما زالت مئات السيدات رهن الاحتجاز دون وجه حق".
واضاف " مع اشتداد القتال بين جملة من الجماعات السنية المتمردة وقوات الأمن الحكومية في محافظة الأنبار في كانون الثاني 2014، عبّر سكان الأنبار لـ هيومن رايتس ووتش عن إحباطهم من إخفاق المالكي في تنفيذ الإصلاحات الموعودة. ويعمل غياب الثقة بين السكان وقوات الأمن، الناجم عن سياساتهم المتمثلة في الاعتداء على سكان المناطق السنية، بما في ذلك الإساءات الموجهة إلى السيدات والتي وثقتها هيومن رايتس ووتش، على تقويض جهود الحكومة العسكرية ضد القاعدة في الأنبار، على حد قولهم".
وتابع "قام العديد من السيدات الـ27 اللواتي تحدثن مع هيومن رايتس ووتش بوصف التعرض للاعتداء بالضرب، والصفع، والتعليق في وضع مقلوب والضرب على القدمين (الفلقة)، والتعرض للصدمات الكهربية، والاغتصاب أو التهديد بالاعتداء الجنسي من طرف قوات الأمن أثناء استجوابهن. كما قلن إن قوات الأمن استجوبتهن بشأن أنشطة أقارب لهن من الذكور وليس بشأن جرائم تورطن فيها هن أنفسهن. وقلن إن قوات الأمن أرغمتهن على التوقيع على أقوال، بالبصمات في أحيان كثيرة، دون السماح لهن بقراءتها، وقد تبرأن منها لاحقاً في المحكمة".
وبين التقرير "حضرت إحدى السيدات اجتماعها مع هيومن رايتس ووتش، في السجن الذي يخصصه العراق للمحكوم عليهن بالإعدام في حي الكاظمية ببغداد، على عكازين. وقالت إن تسعة أيام من الضرب والصدمات الكهربية والفلقة في آذار 2012 أحدثت بها عاهة مستديمة. كما أن كسر الأنف، والندوب على الظهر، والحروق على الثديين التي لاحظتها هيومن رايتس ووتش تتفق كلها مع ما زعمته من إساءات. تم إعدام السيدة في أيلول 2013، بعد سبعة أشهر من مقابلتها مع هيومن رايتس ووتش، رغم صدور أحكام من محكمة أدنى درجة تسقط عنها الاتهامات، في أعقاب تقرير طبي يؤيد مزاعمها بالتعرض للتعذيب".
وزاد "وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن العراقية دأبت على اعتقال سيدات دون وجه حق، وارتكبت انتهاكات أخرى لسلامة الإجراءات القانونية بحق السيدات في كل مرحلة من مراحل نظام العدالة. تتعرض السيدات للتهديد بالاعتداء الجنسي أو الاعتداء الفعلي، أمام الأزواج أو الإخوة أو الأطفال في بعض الأحيان. ويعمل إخفاق المحاكم في التحقيق في مزاعم الإساءة ومحاسبة المسيئين على تشجيع الشرطة على تزوير الاعترافات واستخدام التعذيب"، بحسب هيومن رايتس ووتش
واشار الى ان "الأغلبية الساحقة من السيدات الـ4200 المحتجزات في مراكز تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع ينتمين إلى الطائفة السنية، إلا أن الإساءات التي توثقها هيومن رايتس ووتش تمس سيدات من طوائف وطبقات المجتمع العراقي كافة".
ولفت الى ان " الرجال والسيدات على السواء يعانون من أوجه القصور الجسيمة في نظام العدالة الجنائية، لكن السيدات يتحملن عبئاً مزدوجاً بسبب مرتبتهن الأدنى في المجتمع العراقي. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن السيدات تعرضن في أحيان كثيرة للاستهداف، ليس فقط لما يقال إنهن ارتكبنه من جرائم، بل أيضاً للتضييق على أقاربهن أو أفراد عشائرهن من الذكور. ويكثر وصم السيدات بمجرد الاحتجاز، حتى إذا خرجن دون التعرض لأذى، من طرف عائلاتهن أو مجتمعاتهن، التي تعد أن شرفهن قد تم النيل منه".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن " نظام العدالة الجنائية العراقي القاصر يخفق في تحقيق العدالة للضحايا، سواء ضحايا انتهاكات قوات الأمن أم ضحايا الاعتداءات الإجرامية من جانب الجماعات المسلحة. ويبدو أن عمليات الاعتقال والإدانة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش استندت إلى معلومات أدلى بها مرشدون سريون وإلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب".
واضاف "قال أحد سكان الفلوجة، إننا لا نعرف من نخشاه أكثر، القاعدة أم القوات الخاصة"، في إشارة إلى وحدة القوات الخاصة التي تنفذ عمليات مكافحة الإرهاب. "لماذا نساعدهم في محاربة القاعدة ما داموا سينقلبون علينا فور فراغهم منها؟"
وراجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو يظهر فيه رجل يقدم نفسه كأحد قادة القاعدة، ويسأل حشداً من المتفرجين في الرمادي، "ماذا نفعل حين يغتصب الجيش نساءنا؟ ماذا نفعل حين يسجنون نساءنا وأطفالنا؟" و" قد طرح متظاهرون سلميون هذه الأسئلة نفسها على السلطات العراقية في مظاهرات حاشدة بدأت منذ عام، لكن وعود المالكي بمعالجة هذه القضايا تبقى دون تنفيذ".
وبحسب التقرير قالت "سيدات محتجزات وأفراد من عائلاتهن ومحاميهم إن قوات الأمن كانت تجري عمليات اعتقال عشوائي وجماعي لسيدات ترقى إلى مصاف العقاب الجماعي على أنشطة إرهابية مزعومة من جانب أقارب لهن من الذكور. كما استغلت السلطات بعض النصوص الغامضة في قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2005 لتسوية حسابات شخصية أو سياسية ـ باحتجاز واتهام ومحاكمة سيدات استناداً إلى ارتباطهن بشخص أو عشيرة أو طائفة بعينها".
وبين التقرير ان "الأغلبية الساحقة من الحالات التي فحصتها هيومن رايتس ووتش، لم تتمتع السيدات بحق التواصل مع محام قبل الاستجواب أو أثنائه، بالمخالفة للقانون العراقي، أو حين قدمت لهن قوات الأمن أقوالاً للتوقيع عليها، أو أثناء المحاكمة، وهذا إما لعجزهن عن تحمل أعباء المحامي أو لخوف المحامين من تولي القضايا ذات الحساسية السياسية".
واضاف التقرير " في كل حالة وثقتها هيومن رايتس ووتش وقالت فيها السيدة لقاضي التحقيق أو المحاكمة إنها تعرضت للإساءة، لم يقم القاضي بفتح تحقيق (في ذلك الزعم). وقام بعض القضاة بإسقاط الزعم من الحسبان، قائلين إنهم لم يلحظوا علامات على جسد المتهمة، أو إن السيدة كان عليها التقدم بمزاعمها في وقت أسبق".
وتابعت هيومن رايتس ووتش بالقول إن "على السلطات العراقية الاعتراف بانتشار الإساءة إلى السيدات المحتجزات، والتحقيق على وجه السرعة في مزاعم التعذيب وإساءة المعاملة، وملاحقة الحراس والمحققين المسؤولين عن الإساءات، وعدم إجازة الاعترافات المنتزعة بالإكراه. وعليها أيضاً منح أولوية عاجلة لإصلاح قطاعي القضاء والأمن، كشرط مسبق لاستئصال شأفة العنف الذي يتزايد تهديده لاستقرار البلاد".
واختمت المنظمة تقريرها بقول لجو ستورك "من أوجه عديدة تعد الإساءات التي وثقناها بحق سيدات بمثابة لب الأزمة الراهنة في العراق، فقد أدت هذه الإساءات إلى غضب دفين وافتقاد للثقة بين طوائف العراق المتنوعة وقوات الأمن، والعراقيون جميعاً يدفعون الثمن".
1011 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع