مهندسٌ عراقي يعملُ في مفاعل نووي سويدي يتحدث عن تجربته

 

الكومبس – ستوكهولم: يقومُ الكثير منا، بتعميم أفكارٍ معينة، تشمل أكبر عدد ممكن من الناس، فنحن نطبع في أذهاننا أكثر من غيرنا، فكرة مفادها أنه لا يمكننا العمل سوى في مهن محدودة، وأن إمكانياتنا ضعيفة، لكن لكل مجتهد نصيب. قد نهزأ أحياناً ممن يعشق الدراسة، وإن كان سيعمل في أحد المفاعلات النووية أم لا! لكن في السويد، يصبح هذا الأمر ممكناً ومتاحاً!
"الكومبس" أجرى اللقاء التالي مع جاسم محسن ناصر، 36 عاماً، من مواليد بغداد، العراق، يعمل مهندساً إنشائياً في مفاعل Forsmark النووي في بلدية Östhammats السويدية.
يقول جاسم لــ "الكومبس" إنه درس الهندسة المدنية في العراق، وتابع بعدها دراساته العليا بالجامعة التكنولوجية في العراق، وعمل كمهندس في وزارة التخطيط العراقية، ثم سافر إلى السويد عام 2006، وكانت البداية معه صعبة نوعاً ما.
حدثنا عن بداياتك في المجتمع السويدي؟
انتظرت الإقامة لتسعة أشهر، كانت فترة صعبة، لأن من ليس له إقامة، يكون دافعه أقل من الحاصل عليها، فكنت أستعمل الإنكليزية في الحديث، بعدها باشرت دراسة اللغة السويدية، وحاولت الذوبان في المجتمع بأسرع وقت، وأردت الإقتراب كثيراً من السويديين، مع الحفاظ على عاداتي وتقاليدي، فالأمر ليس سهلاً، لكنه ممكن. واجهتني الكثير من المصاعب وأصبت بإحباطات، لكنني تمكنت من النهوض.
كيف دخلت إلى سوق العمل؟
قمت بداية بتدريس اللغة العربية للأطفال، لكني أدركت أن سوق العمل السويدي يتطلب شهادة من السويد، لأن دراستنا مختلفة، فبدأت بدراسة الماجستير في جامعة "شالمرس" في يوتوبوري، بإختصاص تصميم إنشائي يُعنى بكل أنواع الإنشاءات من جسور وأبنية وأنفاق، ومايتعلق بالهندسة المدنية.

   

وكيف حصلت على عملك الحالي؟
بعد الماجستير عملت في شركة نرويجية عام 2011 كمهندس إنشائي، في تصنيع القوالب الكونكريتية، وقوالب الجدران والسقوف، وبعدها تقدمت على فرصة في مفاعل فورشمارك النووي، وحصلت عليها عام 2013، وهو ثاني أكبر مفاعل في السويد، بعد مفاعل أوسكارشهامن.


ماهو المطلوب للحصول على هكذا عمل؟
الدّقة والأمان في العمل، بالإضافة إلى الخبرة والشهادة.

حدثنا عن طبيعة عملك؟
أغلب عملي على الكمبيوتر، في مجال الحساب الإنشائي، وقوة تحمّل ومقاومة الأبنية للزلازل والعوامل الطبيعية، وحساب مقدار الأثقال المسلطة على الأبنية بفعل الثلوج والرياح.
قليلون من مواطني الشرق الأوسط يعملون بهذه الأماكن؟ ما السبب برأيك؟
مشكلة أبناء جالياتنا هي اللغة والإندماج، ومن خبرتي القليلة، أعرف أن السويديين لا يريدون شخصاً كأينشتاين حصراً، بل يريدون شخصاً يتفاعل ويندمج معهم، ويتحدث لهم عن عاداته وتقاليده. ليس شرطاً أن تكون مثلهم، فهم يحترمون الحرية الشخصية، وفعل مايريدوه وما يجدوه مناسباً، طبعاً دون أذيّة للشخص المقابل.
ماهي الإيجابيات التي تعلمتها من عملك؟
عندما نعمل في السويد، نكتسب الخبرة بشكل أسرع من العمل في بلادنا، فالعمل هنا مكثّف ومركّز ولا يقبل الخطأ، وعلينا نحن كأجانب أن نبذل 120% من طاقتنا لكي نبرز أنفسنا ونتميّز، ونحافظ على عملنا، بينما السويدي ليس من الضروري أن يبدي حتى 100%، فعلينا إظهار كل ماعندنا.

       


هل واجهتك صعوبات خلال عملك في السويد؟
صعوبات اللغة أولاً وأخيراً، في فهم مصطلحات العمل الخاصة بهم، وهو ما لا ندرسه في المدرسة. كما علينا تسليم العمل بشكل متقن 100%، وأيضاً أن نتوقع في أي لحظة التعرض إلى شخص لا يرغب بنا، فقد يعمم فكرة المهاجر السيء علينا، لأن السويدي لا يجامل في العمل مثلنا.
واختلاف الحضارات قد يكوّن سلبيات، فمشكلة العربي بأنه عندما يأتي إلى السويد، لا يعرف أنه قادم إلى مجتمع جديد يختلف عنه، وعليه التكيف معه، بل يعتقد أنه على السويدي أن يتصرّف كالعربي.
حدثنا عن موقف طريف أو غريب حصل معك في العمل؟
في عملي القديم، قامت شركة بإرسال عمل فيه خطأ بالأبعاد بمقدار 20 سم، وقمنا بتصميم كل شيء على أساس هذه القياسات، لأكتشف الأمر قبل تنفيذ العمل، بخمس دقائق، فاتصلت مباشرة بالمسؤولين، وركضت مهرولاً إلى المعمل بسرعة كبيرة، فظنوا أن حريقاً أو مصيبة ما قد حدثت، فأخبرتهم بالأمر، وانصدموا، وتلافينا الخطأ، وقمنا بتغريم الشركة المخطئة بدفع تكاليف ساعات عملنا.
  
معلومات:
· يستطيع الشخص التقديم على دراسة الهندسة الإنشائية، كبرامج ماجستير في جامعات Chalmers، و Umeå و Lund، بعد إتمام الشروط المطلوبة والموضحة في مواقع الجامعات على الإنترنت.
· يتطلب العمل في المفاعلات النووية الكثير من الدّقة والمهارة، والفهم العميق للقوى الموجودة في الطبيعة.
نادر عازر – الكومبس

  

إذاعة وتلفزيون‏



الطرب الأصيل

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

718 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع