إرم نيوز:قال خبراء عراقيون الأحد، إن إيران لعبت دورا مشبوها، أوصل محمود المشهداني إلى رئاسة مجلس النواب، مشيرين إلى انقسام الأوساط السياسية والشعبية "السنية" في العراق، خلال الأيام الأخيرة، بسبب انتخاب المشهداني لتولي المنصب المهم.
وفي الوقت الذي دعمت حركة "تقدم"، منفردة، المشهداني لتولي هذه المهمة، وقفت باقي الكتل السنية، مجتمعة، ضد ترشيحه.
ويرى الخبراء أن فوز، المشهداني، بالمنصب جاء بدعم مباشر من طهران عبر الإطار التنسيقي، نكاية بالكتل "السنية" التي تدعم عودة العراق لحاضنته العربية.
وقال الخبير الإستراتيجي، أيمن الواسطي، إن "إيران باتت تمتلك نفوذًا كبيرًا داخل العراق".
وأضاف الواسطي أن إيران لم تعد تسيطر على قرارات الكتل والأحزاب "الشيعية" التي ترتبط معها بعلاقات تاريخية واسعة، بل عملت على شق صف أحزاب باقي المكونات، عبر تقديم مغريات مصلحية ضيقة تخدم أشخاصًا عاملين في السياسية".
وأردف، أن "ما جرى من تنصيب لمحمود المشهداني، واحد من الأمثلة على زيادة نفوذ طهران في العراق، إذ يعرف القاصي والداني أن ترشيح، المشهداني، جاء بدعم من تحالف، الإطار التنسيقي، خاصة زعيم دولة القانون، نوري المالكي، والأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، فضلًا عن قائد، بدر، هادي العامري"، في إشارة إلى ولاءات تلك الكتل والأحزاب لإيران".
وجاء اختيار المشهداني، بعد عام كامل على السجالات بين الكتل السياسية "السنية" التي انقسمت، بحسب الكاتب والسياسي المعارض، هارون محمد، إلى قسمين رئيسين.
وقال محمد، لـ "إرم نيوز"، إن "هناك بعض الشخصيات السياسية، السنية، لها ارتباطات خارجية، وتتعكز على دول جارة بهدف الحصول على المناصب السيادية، وهذا ما شاهدناه خلال السنوات العشرين الماضية، إذ لا تُنصَّب المناصب السيادية إلا بموافقة إيرانية، وهذا لا يخفى على القاصي والداني".
وأضاف: "هيمنة إيران على قرارات تنصيب كبار الشخصيات دفعنا لمعارضة هذا النسق غير الوطني، خاصة أننا نعمل جاهدين على إعادة العراق لحضنه العربي، وقطع دابر التدخلات الخارجية التي أفضت إلى سوء إدارة البلاد والسياسيات الداخلية والخارجية فيه".
وكان، المشهداني، أجرى اليوم، زيارة إلى رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بمكتبه، "لبحث التعاون والتنسيق بين القوى السياسية ورئاسة مجلس النواب"، بحسب بيان لمكتب المالكي.
وأعرب، المشهداني، خلال اللقاء، عن "شكره وتقديره لتهاني وتمنيات نوري المالكي، مشيدًا بمواقفه الداعمة للعملية السياسية والتجربة الديمقراطية في البلاد".
من جهته رأى الناشط السياسي المقرب من تحالف السيادة، وضاح الكبيسي، أن فوز المشهداني، هو تحول دراماتيكي للجبهة "السنية" وتمكين، طهران، من زيادة نفوذها على حساب القوى السنية المرتبطة المناهضة للنفوذ الإيراني.
وانقسمت الكتل السنية بين حلف يقوده رئيس مجلس النواب الأسبق، محمد الحلبوسي، وبين تحالف بقيادة، السياسي ورجل الأعمال، خميس الخنجر، إذ وصلت الخلافات بينهما على منصب رئيس مجلس النواب حد القطيعة.
وقال الكبيسي، لـ "إرم نيوز": "تسلم المشهداني للمنصب جاء بالتزامن مع إقصاء الزعيم السني، خميس الخنجر، من العملية السياسية بحجة اجتثاث البعث، وهذا ليس اعتباطًا، بل هو مدروس عبر القوى المدعومة من طهران، لإفراغ الساحة السياسية من المعارضين للنفوذ الإيراني، وتحقيق مكاسب فئوية لا تصب لصالح سنة العراق".
وعطّلت الخلافات بين القوى السياسية "السنية" عملية اختيار رئيس جديد لمجلس النواب لخلافة محمد الحلبوسي الذي أنهت المحكمة الاتحادية العليا عضويته بقرار منها في تشرين الثاني عام 2023.
ولاقى، المشهداني، دعمًا كبيرًا من رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، نظرًا للعلاقات الوثيقة التي تربطهما إبان الدورة التشريعية الأولى عام 2006، إذ شغل المشهداني حينها منصب رئيس البرلمان، فيما كان المالكي يشغل منصب رئيس الوزراء.
وذكر عارف الحمامي، النائب عن ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها المالكي، في تصريح مقتضب لـ "إرم نيوز"، أن "دولة القانون والإطار التنسيقي قدما دعمًا كاملًا، للمشهداني، على المستويات كافة، خاصة في عملية التصويت التي جرت داخل مجلس النواب، فغالبية الأصوات التي حصل عليها المشهداني (182) صوتًا، هي لأعضاء البرلمان من الإطار التنسيقي".
من جهته، كشف مصدر، مقرب من مكتب المالكي، لـ "إرم نيوز"، عن "توجيه الأخير بشكل رسمي نواب دولة القانون وكل أعضاء تحالف الإطار التنسيقي للتصويت لصالح المشهداني، وهذا ما حصل فعلًا، وكل ذلك كان لرؤية المالكي أنه الأقرب للتحالف، الشيعي، و (محور المقاومة)"، بالإشارة إلى علاقات، المشهداني التاريخية مع إيران.
وأدى تدخل، المالكي، في تحديد مرشح "السنة" لمنصب البرلمان، إلى تشظي "سني-سني"، وتفكيك الجبهات التي كانت موحدة في تحالفات كبيرة، بهدف إضعافها.
ولم يخف رئيس مجلس النواب الحالي، محمود المشهداني، علاقاته مع طهران، ودائمًا ما يصف حضورها في العراق بـ "المتميز والمهم"، كما صرح في لقاء تلفزيوني في آذار عام 2023، مؤكدًا أنه لا "يتحرج من الجوار الإيراني الشيعي".
وكان المالكي، والخزعلي، والعامري، أول الزائرين لمستشفى ابن سينا للاطمئنان على صحة، محمود المشهداني، في 9 من كانون الثاني عام 2022، حين تعرض لوعكة صحية بعد شجار نشب داخل مجلس النواب، بينما كان يشغل منصب رئيس البرلمان الأكبر سنًّا لإدارة جلسات تنصيب الحكومة بعيد الانتخابات.
وظهر حينها الثلاثة وهم يقفون عند رأس المشهداني، في المستشفى مبتسمين، في رسالة للأطراف الأخرى بأنهم داعمون للمشهداني، لا غيره.
ويعد المشهداني واحدًا من القيادات السياسية "السنية" التي برزت ما بعد تغيير نظام صدام حسين عام 2003، وكان أول شخصية يترأس البرلمان العراقي عام 2006، واستمر بالمنصب حتى عام 2009، فيما انتخب رئيسًا للاتحاد البرلماني العربي عام 2008.
وكان محمد الحلبوسي قد علل في تصريح سابق متلفز، دعمه للمشهداني من أجل "تعويضه عن الفترة التي خسرها عندما أُقيل بمؤامرة دبّرها ضده الحزب الإسلامي"، ويقصد إزاحة المشهداني من رئاسة البرلمان عام 2009.
600 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع