انتقد خبير حقوقي عراقي يترأس جمعية تعنى بحقوق الانسان أحكام الإعدام التي تنفذ في العراق، مؤكدًا أنّ محكمة تفتقر إلى المعايير الدولية هي التي تصدرها في سلوك قال إنه منافٍ للقانون الدولي وحقوق الانسان... فيما استأنف البرلمان أعماله وسط اجراءات أمنية مشددة، متحديًا تهديدات بتفجيره في وقت اعتقلت الاجهزة الأمنية 207 مطلوبين من بينهم عناصر من تنظيم القاعدة.
إيلاف/ د. اسامة مهدي/لندن: قال رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين في بريطانيا طارق علي الصالح في تصريح لـ"إيلاف" تعليقًا على تنفيذ حكم الإعدام في بغداد أمس بحق سبعة عشر مدانًا، قال إن "حكومة بغداد اقدمت على تنفيذ أحكام الإعدام هذه وفق أحكام قانون الارهاب رقم 13 لسنة 2005 السيئ الصيت الذي يجري تطبيقه من قبل محكمة خاصة اسسها حاكم قوات الاحتلال (بريمر) بنزعة طائفية لتعميق الشرخ بين مكونات الشعب العراقي المتآخية منذ قرون".
وأضاف أنه بالرغم من همجية عقوبة الإعدام التي تتعارض مع ابسط القيم الانسانية والعدالة الجنائية، فإن صدورها من محكمة تفتقر للمعايير الدولية التي اوجبتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها، يجعل من هذه الأحكام جرائم قتل لتصفية الخصوم السياسيين والمكونات الاجتماعية الأخرى بهدف الانفراد في السلطة وبناء الدكتاتورية الطائفية.
وقال الصالح إنه في الوقت الذي "ندين بشدة هذا السلوك المنافي للقانون الدولي الانساني وحقوق الانسان"، فإن الجمعية تؤكد التزامها بمقررات وتوصيات مؤتمر اسطنبول (الذي عقدته مؤخرًا حول انتهاكات حقوق الانسان في العراق) في ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية التي يرتكبها رموز واركان النظام القائم في بغداد". وأكد أنّ الجمعية قد باشرت اعمالها بتشكيل اللجان المختصة والاتصال بالمنظمات الدولية ذات الشأن لإحالة هؤلاء الحكام إلى العدالة الجنائية الدولية.
وكان وزير العدل العراقي حسن الشمري قد أعلن أمس أنه قد تم تنفيذ أحكام الإعدام بحق 17 محكوماً اغلبهم صادرة بحقهم أحكام قضائية مكتسبة للدرجة القطعية ومصادق عليها من رئاسة الجمهورية. وفي نيسان (أبريل) الماضي قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها إن العراق أصبح ثالث أكبر بلد في العالم في تنفيذ أحكام الإعدام، وذلك أكثر مما فعل خلال عقد من الزمن تقريباً.
وأشارت إلى أنّ العراق شهد أكبر زيادة في عمليات الإعدام من أي مكان آخر في العالم خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، حيث أعدم ما لا يقل عن 129 شخصاً العام الماضي أي ما يعادل تقريباً ضعف عمليات الإعدام في عام 2011 وأعلى رقم خلال السنوات الثماني الماضية.
وشددت على أنّه قد تم تنفيذ معظم عمليات الإعدام بتهم تتعلق بالارهاب أو القتل، وفي اطار محاكمات فشلت غالبيتها في الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، بما في ذلك استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.
وقالت مديرة منظمة العفو الدولية فرع المملكة المتحدة كيت ألن، إن العالم يتجه الآن نحو الغاء أو التخفيف على الأقل من عقوبة الإعدام، لكن العراق خالف هذا الاتجاه بطريقة مزعجة ونشاهد اليوم نطاقاً مذهلاً من عمليات الإعدام في العراق يعود بنا إلى الأيام القديمة السيئة من الإعدامات الواسعة النطاق في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
وعلى صعيد الاجراءات الأمنية الحكومية، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم محافظ بغداد الجديد علي التميمي إلى الاعلان "على الفور مساندته لحق العراقيين في التجمع السلمي وينبغي له أن يُلغي التعليمات التي تسمح للشرطة بمنع تنظيم احتجاجات سلمية".
وقال جو ستورك، المدير التنفيذي بالنيابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تبرز هذه الاعتقالات الأخيرة مدى استعداد السلطات العراقية لمنع الاحتجاجات السلمية رغم المشكلات الكبيرة التي تعيشها البلاد، ويجب على المحافظ الجديد أن يبدأ بإلغاء هذه التعليمات غير العادلة ليثبت مساندته لحق الناس في التعبير عن مظالمهم بشكل سلمي، حيث مازالت الطريق طويلة حتى تعود الثقة في الحكومة".
وأوضحت المنظمة أن التعليمات الصادرة عن محافظة بغداد في عام 2011 تفرض قيودًا مُفرطة على الحق في التجمع السلمي والتظاهر، وخاصة بمطالبة جميع المتظاهرين بالحصول على ترخيص.
وأكدت أنّ لهذه التعليمات تأثيراً سلبياً على حرية التعبير لأن التعليمات غامضة في ما يتعلق بكيفية منح التراخيص، وبوجود العقوبات الجنائية وتتعارض هذه التعليمات بشكل مباشر مع المادة 38 من الدستور العراقي التي تكفل حرية الاجتماع والتظاهر السلمي. وأشارت إلى أنّ "التعليمات تتعارض مع القانون الدولي وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعراق طرف فيه".
البرلمان يتحدى التهديدات
أستانف مجلس النواب العراقي أعماله اليوم وسط اجراءات أمنية مشددة متحديًا تهديدات بتفجيره استدعت تعطيل اعماله أمس ومنح موظفيه اجازة ليوم واحد، حيث دخل المجلس في حالة تأهب على خلفية ورود معلومات تفيد باستهدافه من قبل مسلحين وقام مسؤولو مكتب الأمن بتهيئة أبواب الطوارئ تحسبًا لتعرض المبنى لأي هجوم، حيث أن هناك معلومات استخباراتية وصلت إلى القوات الأمنية تفيد بخطة للمجاميع المسلحة باستهداف المنطقة الخضراء حيث يوجد مقر المجلس خلال الاسبوع الحالي.
لكن رئاسة البرلمان أكدت تحديها للارهاب واستأنفت الجلسات اليوم وسط اجراءات أمنية مشددة برئاسة رئيس المجلس أسامة النجيفي وبحضور 194 نائبًا من مجموع 325 هم عدد اعضاء المجلس لبحث الانهيارات الأمنية ومناقشة عدد من مشاريع القوانين المعروضة عليه.
وقد منعت القوات الأمنية المصورين الصحافيين من إدخال كاميراتهم إلى مجلس النواب لدواعٍ وصفت بأنها أمنية. وقامت قوات لواء بغداد المكلفة بحماية البوابة الخارجية لمجلس النواب بمنع المصورين الصحافيين من ادخال كاميراتهم إلى المجلس موضحة أن هذه الإجراءات تأتي لدواعٍ أمنية على خلفية التهديدات التي تعرض لها المجلس.
وشرع المجلس في القراءة والتصويت على عدة قوانين والاستمرار بمناقشة مقترح قانون تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، ومن بينها التصويت على مشروع قانون تصديق اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين حكومتي العراق واليابان، والتصويت على مشروع قانون مركز التدريب النقدي والمصرفي، وعلى مشروع قانون الصحة الحيوانية، إضافة إلى القراءة الأولى لمشروع قانون إنضمام جمهورية العراق إلى إتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل والقراءة الأولى لمشروع قانون هيئة الطاقة الذرية العراقية، ومناقشة مشروعي قانون سريان القانون العراقي على الشركات الأمنية الخاصة وقانون الشركات الأمنية الخاصة، والقراءة الثانية لمقترح قانون إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، والقراءة الثانية لمشروع قانون التعديل الأول لقانون حماية المنتجات العراقية.
وقال مصدر برلماني إن مجلس النواب سيستمر ايضًا بمناقشة مقترح قانون تعديل قانون انتخابات مجلس النواب رقم 16 لسنة 2005. يذكر أن سيارة مفخخة كانت قد انفجرت في مرآب مجلس النواب في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012، مما اسفر عن اصابة نائب في البرلمان بجروح.
واغلقت القوات الأمنية امس جميع المداخل إلى المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد التي تضم مقرات الرئاسات الثلاث والوزارات المهمة وبعض السفارات، فيما أعلن مصدر أمني في رئاسة الوزراء رفع درجة الانذار إلى فوق القصوى.
وقد منعت السلطات المواطنين من الاقتراب من محيط المنطقة الخضراء فيما اضطر الموظفون العاملون في دوائر الدولة والمؤسسات المتواجدة في المنطقة إلى الذهاب إلى مقرات عملهم سيرًا على الاقدام. وكانت السلطات قد اغلقت المنطقة الخضراء قبل اسبوعين ونشرت قوات حولها بعد معلومات عن محاولات المسلحين لاقتحامها.
اعتقالات
وعلى الصعيد الأمني نفسه فقد أعلنت قيادة العمليات العسكرية المشتركة في العراق القبض على 207 مطلوبين من بينهم عناصر من تنظيم القاعدة، وذلك في إطار عملية "ثأر الشهداء" المستمرة منذ الرابع من الشهر الحالي في مناطق محيط بغداد.
وأكدت القيادة اليوم القبض على 109 مطلوبين وفق المادة 4 من قانون الارهاب، من بينهم عناصر قيادية خطرة في تنظيم القاعدة موضحة أن هذه الاعتقالات جرت في إطار عملية "ثأر الشهداء" المتواصلة في عموم قواطع العمليات بمحافظات نينوى الشمالية وصلاح الدين والأنبار الغربيتين منذ اسبوعين. وأشارت إلى أنّه قد تم إلقاء القبض أيضاً وفق معلومات أمنية واستخبارية على 98 مطلوباً بقضايا جنائية مختلفة والاستيلاء على عدد من العجلات والدراجات المفخّخة وتدمير وتفكيك قسم منها.
وأوضحت أنه تم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات والعبوات الناسفة وكميات من المفرقعات ومواد متفجرة أخرى، فضلاً عن تدمير أوكار ومخابئ يحتمي بها الإرهابيون في مناطق نائية والعثور على ورشة لتصنيع الطائرات المسيّرة والسيطرة على أربع منها.
لكنّ عددًا من نواب إئتلاف العراقية طالبوا باطلاق المعتقلين الابرياء وتعويض اهالي مناطق حزام بغداد، ودعا النائب حقي الفراس في مؤتمر صحافي بحضور النائبين طلال حسين الزوبعي وعتاب الدوري الاجهزة الأمنية إلى التعاون الايجابي مع مواطني مناطق حزام بغداد عبر التعامل الايجابي معهم وفتح الطرقات وفك الحصار عن هذه المناطق. وقال إن هذه المناطق وبسبب ما تعانيه من تضييق وحصار تشهد شحة في المواد الغذائية وغيرها ما اثر سلبًا على اوضاع المواطنين.
من جانبه، قال النائب الزوبعي إن ما تقوم به بعض المؤسسات الأمنية من اجراءات تعسفية هي تعبير واضح عن تهميش واقصاء لمكون معين عبر اتهام ابناء هذه المناطق بأنهم حواضن للارهاب، مطالباً تلك المؤسسات بالاعتذار لأبناء هذه المناطق عن هذه الاتهامات الباطلة. ودعا إلى "الكف عن هذه السياسات الممنهجة، والتي تهدف إلى تقسيم البلاد واقامة فيدراليات"، بحسب قوله.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال في رسالة إلى العراقيين الاربعاء الماضي إن العمليات العسكرية حول بغداد قد اسفرت لحد ذلك الوقت عن اعتقال اكثر من 800 مسلح، وقتل العشرات منهم، وتدمير كامل البنية التحتية التي يستخدمونها لصناعة الموت والتفجيرات وتفخيخ السيارات. وأضاف أن العمليات اسفرت ايضًا عن مصادرة أجهزة تفجير متطورة ومتفجرات شديدة التفجير.
وأكد "أن عمليات ملاحقة العصابات الاجرامية ومن يقف خلفها ستستمر بلا هوادة، ولن تتوقف حتى استكمال عمليات حماية أمن وارواح العراقيين من كل ادوات القتل والجريمة والارهاب".
1024 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع