عجز حكومي عراقي عن حماية المحتجين من جرائم المليشيات

         

       ناشطة عراقية أمام صورة عملاقة عن نساء العراق

ايلاف/أسامة مهدي: فيما اكدت الامم المتحدة ان العنف في العراق تنفذه عصابات مسلحة ذات ولاءات خارجية يبدو القادة العراقيون والقوات الامنية عاجزين عن وقف جرائمها، ويكتفون بوعود لمواجهتها وحماية المتظاهرين، الذين وصفت الامم المتحدة وحقوق الانسان العراقية والعفو الدولية قتلهم الجمعة بأنه جريمة ارهابية.

فرغم مرور 36 ساعة على ارتكاب المليشيات العراقية المسلحة الموالية لايران لجريمتها بمهاجمة المتظاهرين السلميين بمنطقة السنك وسط بغداد، فلم تتخذ السلطات اي اجراءات عملية لملاحقتها او مداهمة مقراتها المعروفة لديها او حتى تسمية المليشيات التي ارتكبت تلك الجريمة التي ادانتها عواصم العالم، اضافة الى الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، وحثت المسؤولين العراقيين على ملاحقة الجناة واعتقالهم ومعاقبتهم.

وعود لا تتعدى الكلمات

وازاء ذلك، اكتفت الرئاسة العراقية بالقول إن الرئيس برهم صالح يتابع باهتمام شديد وبألم عميق مع الجهات الحكومية المختصة ما حصل الجمعة من اعتداء إجرامي مسلح قامت به عصابات مجرمة وخارجون على القانون.. مؤكدا مسؤولية أجهزة الدولة الأمنية، بالإضافة إلى حماية المتظاهرين السلميين والممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على أرواح العراقيين هي ملاحقة المجرمين الخارجين على القانون والقبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء العادل لينالوا العقاب الرادع الذي يستحقونه.
لكن في مقابل ذلك، فإن القوات الامنية لاتزال ترفض العودة الى ساحات الاحتجاج لحماية المتظاهرين، الذين اصبحوا مكشوفين امام المليشيات المسلحة التي يمكن ان تهاجمهم في اي لحظة وفي اي ساحة يوجدون فيها، وبذلك تكون هذه القوات قد تخلت عن واجباتها التي ينص عليها الدستور في حماية المواطنين.

وفي تصريح اثار استغراب العراقيين، فقد طالب قائد عمليات بغداد الفريق قيس المحمدواي المتظاهرين بأن يسمحوا للجيش العراقي للدخول الى مواقع التظاهر، وكأن المحتجين هم وراء انسحاب القوات من ساحات التظاهر وليس هو تواطؤ بعض قياداتها مع المليشيات، كما يؤكد الناشطون.

ولذلك قال المحمداوي "أتعهد للمتظاهرين بعدم التعرض إلى المتظاهرين شرط تحديد أماكن التظاهر"، بحسب قوله وكأنه يجهل وجود هذه الاماكن.

فحتى مجلس النواب العراقي فلن يعقد جلسته الاستثنائية لبحث جريمة قتل المتظاهرين في السنك الا غدا الاثنين بعد ثلاثة ايام من ارتكابها، وكأن الامر لا يحمل اهمية بالنسبة له.
أما وزارة الداخلية فقالت انها فتحت تحقيقا في حادثة إطلاق النار بمنطقة السنك وسط شكوك بقدرتها عن اعلان الجهات المنفذه لها بمسمياتها او معاقبة عناصرها التي ارتكبتها، وذلك على غرار جرائم اغتيال وخطف سابقة ارتكبتها تلك المليشيات من دون ردع او احالة الى القضاء لمحاكمتها.

ولذلك فقد علق الخبير هاشم الهاشمي في تغريدة على تصريحات المسؤولين العراقيين قائلا "وصف رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، ما حصل يوم الجمعة السادس من ديسمبر في ساحتي الوثبة والخلاني وكراج السنك:بـ "اعتداء إجرامي مسلح قامت به عصابات مجرمة و خارجون على القانون".هذا الانتهاك ينبغي ان يحاسب عليه القانون الجهات الامنية والعسكرية المكلفة بحماية المتظاهرين".

‏وأضاف "رفعت اليوم البالوعة غطاءها عن قاذوراتها في ساحة الخلاني بعملية قتلٍ عمدٍ لطلاب الحياة الكريمة، وبالأخصِّ الشباب اليافع. ‏وحتّى إنّهم صاروا يرمون النار في كل اتجاه بلا ورع ولا رادع. ‏وهؤلاء الملاعين استمروا بإطلاق الرصاص الحي دون كلّلٍ لأكثر من ساعة لإفناء التظاهرات السلمية".

القوات الامنية تخلت عن واجبها بحماية المتظاهرين

وعلى الرغم من قتل مسلحي المليشيات حوالي 50 متظاهرا واصابوا 180 اخرين بحسب مقررة اللجنة الامنية في البرلمان العراقي وحدة الجميلي بعد مهاجمتهم من قبل مسلحي اربع مليشيات هي عصائب اهل الحق والنجباء وحزب الله العراقي اثر سيطرتهم لفترة وجيزة على مبنى يحتله المحتجون منذ أسابيع قرب جسر السنك وسط، فلم تبدِ القوات الأمنية القريبة من المكان اي رد فعل بحسب شهود.
منظمو مظاهرات التحرير يروون ما جرى ليل الجمعة

ومن جهتها، قالت "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" ان التخطيط لمجزرة الجمعة الماضي تم بتنسيق من قبل قادة الميليشيات والحكومة وأحزابها الفاسدة وبإشراف قاسم سليماني.

واضافت اللجنة في بيان حصلت "إيلاف" على نصه أن ما جرى مساء يوم الجمعة قرب جسر السنك وساحة الخلاني هو مجزرة حقيقية ضد المعتصمين السلميين، الذين خرجوا لاسترجاع وطنهم من فاسدي المنطقة الخضراء.

واضافت "قامت ميليشيات، مرتبطة بإيران، وهي: (بدر والخرساني والعصائب وحزب الله والنجباء)، وبتواطؤ من الأجهزة الأمنية الحكومية بهجوم غادر على المعتصمين في بناية مرآب السنك، حيث قاموا بإطلاق الرصاص الحي على المعتصمين العزل مما أدى الى قتل عشرات الشهداء وهم بازدياد بسبب الاعداد التي تجاوزت 180 جريحا اغلبهم حالاتهم حرجة بسبب الإصابات المباشرة وتعمد حكومي بعدم توفير العلاج والعمليات الجراحية لهم كما قامت عناصر تلك المليشيات المجرمة بعمليات إعدام مباشرة في محاولة فاشلة للسيطرة على بناية المرآب".

واضافت "تصدى أبناؤكم وإخوانكم المعتصمون بصدور عارية لهذا الهجوم الدنيء المدبر بهتافات تتغنى بحب العراق جعلتهم يفرون أمام صمود هؤلاء الأبطال، الذين أدخلوا الرعب في قلوب المجرمين ونفوسهم المريضة، وعندما عجزت تلك الميليشيات عن السيطرة على البناية قاموا بإحراقها قبل أن يفروا خائبين، وفي محاولة يائسة ومفضوحة من الناطق باسم القوات الحكومية اتهم في بيان له المتظاهرين بحرق المرآب للتغطية على جريمة الميليشيات ليبرهن على تواطؤهم معها ".

واشارت اللجنة الى "ان التخطيط لهذه المجزرة تم بعناية وبتنسيق من قبل قادة الميليشيات المذكورة والحكومة وأحزابها الفاسدة، وبإشراف المجرم قاسم سليماني، فجرى الاتفاق على تقاسم الأدوار بينهم لوأد المظاهرات بأبشع الوسائل الإجرامية مثلما فعلت حكومة طهران بمواطنيها، وبعد ان فشلت خطتهم الخبيثة وصلت مجموعات من أنصار التيار الصدري وهي تحمل صور السيد محمد الصدر بادعاء حماية الثوار ليضيفوا دليلًا آخر على اشتراك كافة أحزاب السلطة في تنفيذ هذه المؤامرة القذرة".

وأكدت "أن محاولات نقل تجارب الآخرين الوحشية هو ضرب من الجنون أصاب رؤوس المتسلطين وفاسدي السلطة الطائفية بعد أن شعروا بأن أيامهم معدودة، وأن الثوار عازمون على إزالتهم وتقديمهم للمحاكمة على كل الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب العراقي منذ أن تسلطوا على رقاب العراقيين ورهنوا سيادة بلادهم لإيران".

وفي بيان آخر للجنة حول قرار الحكومة الأميركية بفرض عقوبات على عدد من قادة المليشيات، فقد اشارت الى ان العراقيين كانوا ينتظرون ان تقوم الحكومة الاميركية بشمول العديد من فاسدي حكومة المحاصصة الطائفية ورؤساء الاحزاب الطائفية الذين سرقوا أموال الشعب العراقي، اضافة الى باقي قادة المليشيات الايرانية المجرمة التي تقتل المتظاهرين وتختطفهم وتروعهم يوميا بعقوباتها.

العفو الدولية: اكثر الهجمات دموية

واكدت منظمة العفو الدولية انها حصلت على إفادات مفصلة من شهود العيان عن الهجوم المنسق الذي نفذه مسلحون مجهولون في بغداد مساء الجمعة لا تترك مجالًا للشك بأن هذا الهجوم كان منسقًا بشكل واضح، ما يطرح تساؤلات جدية حول كيفية تمكن المسلحين المدججين بالسلاح في موكب من المركبات من المرور عبر نقاط التفتيش في بغداد وتنفيذ مثل هذا الهجوم الدموي ضد المتظاهرين.

وقالت المنظمة في بيان الليلة الماضية تابعته "إيلاف" إن الهجمات التي وقعت ليل الجمعة الماضية في بغداد تعد واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بداية الاحتجاجات، وتأتي في إطار حملة التخويف المستمرة ضد المتظاهرين.

وطالبت المنظمة السلطات العراقية بالتحقيق بشكل عاجل في تلك الهجمات وتقديم الجناة إلى العدالة وضمان حماية المحتجين.

الحقوق العراقية: استهداف المتظاهرين في السنك جريمة إرهابية

وعلى الصعيد نفسه، فقد اعتبرت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان استهداف المتظاهرين السلميين في السنك والخلاني عملا يرقى الى مستوى الجرائم الارهابية.

وقالت المفوضية في بيان الليلة الماضية تابعته "إيلاف" انها تابعت بقلق بالغ وبأسف شديد احداث الجمعة في جسر السنك وساحة الخلاني والانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون السلميون وتطالب قيادة عمليات بغداد والقوات الأمنية المكلفة بتوفير الحماية لساحات التظاهر في بغداد بإلقاء القبض على المجرمين الذين تسببوا في هذا العمل الاجرامي الشنيع الذي يرقى الى مستوى الجرائم الارهابية وفقاً لقانون مكافحة الارهاب العراقي رقم (13) لسنة (2005) والكشف عن هوية الفاعلين واحالتهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.

ودعت المفوضية القوات الامنية الى تفعيل العمل بمفارز التفتيش المشتركة والتنسيق مع المتظاهرين لابعاد المخربين الذين يعرضون المتظاهرين والقوات الامنية والممتلكات العامة والخاصة للخطر والضرر .

الامم المتحدة: العنف تنفذه عصابات مسلحة بولاء خارجي

اما بعثة الامم المتحدة في العراق فقد حذرت من ان أعمال العنف التي تُحرّكها العصابات الناجمة عن ولاءاتٍ خارجيةٍ أو ذات دوافعَ سياسيةٍ أو موجّهةٍ لتسوية الحسابات تُخاطر بوضع العراق في مسارٍ خطير.

ودانت الممثلةُ الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نصه اليوم "بأشدّ العبارات إطلاقَ النار على متظاهرين عُزّل وسط بغداد مساء يوم الجمعة، ما أسفر عن سقوط عددٍ كبيرٍ من القتلى والجرحى بين المواطنين الأبرياء،".. وقالت "إن القتل المتعمد للمتظاهرين العُزّل على يد عناصر مسلحةٍ ليس أقلّ من أن يُوصف بالعمل الوحشيّ ضدّ الشعب العراقي ويجب تحديدُ هوية الجناة وتقديمهم إلى العدالة دون تأخير".

وحثت بلاسخارت القواتِ المسلحةَ العراقيةَ على ألّا تدّخرَ جُهداً لحماية المتظاهرين السلميين من العنف الذي تمارسه عناصرُ مسلحةٌ تعمل خارج سيطرة الدولة. ودعت المتظاهرين السلميين إلى التعاون بشكلٍ بنّاءٍ لضمان حماية الاحتجاجات السلمية على النحو الواجب.

وحذرت من "أن أعمال العنف التي تُحرّكها العصابات الناجمة عن ولاءاتٍ خارجيةٍ أو ذات دوافعَ سياسيةٍ أو موجّهةٍ لتسوية الحسابات تُخاطر بوضع العراق في مسارٍ خطير ومن الضروريّ التكاتف دفاعا عن الحقوق الأساسية، مثل الحق في التجمع السلميّ وحرية التعبير".

يشار الى انه منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في بغداد و9 محافظات جنوبية في الأول من أكتوبر، فقد قتل 440 متظاهرا وأصيب حوالى 20 ألفاً بجروح استناداً إلى مصادر طبية وأخرى من الشرطة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

682 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع