كتاب الگاردينيا في الميزان / القس لوسيان جميل
الاخوة والأخوات كتاب مجلة الگاردينيا المحترمين
مع إطلالة العام الجديد ٢٠١٩ وجدنا من المناسب أن نتعرف على السيرة الذاتية للأخوة والأخوات كتاب مجلة الگاردينيا ليعرف البعض الآخر ،كما أن حضور أخوة وأخوات كتاب جدد التحقوا خلال العام المنصرم لذا وجدنا من المناسب التعرف عليهم من خلال كتاباتهم وسيرهم الذاتية ،وغالبا ماتردنا إستفسارات عنهم …
إعتادت مجلتكم دوما بمبادرات مختلفة كجزء من النشاط الاعلامي الذي يتطلب منا جميعاً المساهمة فيه دعما للثقافة والمعرفة من خلال وسائل التواصل الأجتماعي ،والنشر لكل ماهو مفيد
اخواني واخواتي
نود اشعاركم بأنه تم إختصار السير الذاتية المرسلة الينا لاسباب خاصة بالنشر والتصميم الفني ،لذا نرجو منكم أخذ الموضوع بشكل طبيعي لاقصد فيه سوى ماورد آنفاً ،وتبقى مجلة الكاردينيا راعية للثقافة والمعرفة بجهودكم جميعاً دون إستثناء ،وبذات الوقت أتقدم للجميع بالشكر والتقدير والعرفان،وأدعوا الله أن يكون عامنا الجديد عام خير وبركة ،وفقنا الله وإياكم لما فيه خيرا …
مع خالص التقدير ……
جلال چرمگا
رئيس التحرير
السيرة الذاتية للقس لوسيان جميل
الكاتب القس لوسيان جميل، عراقي ومن اهالي تلكيف القضاء التابع لمحافظة نينوى. وهو الآن بصحة غير جيدة ولا يستطيع السير لأكثر من خمسة عشر مترا دون ان يشعر بآلام شديدة في ارجله حتى الانهاك. كما انه يشكو من ضعف في ذاكرته بسبب العمر خاصة، اذ انه من مواليد 1934هذا فضلا عن بعض الأمراض الشائعة التي تأتي للانسان خاصة في زمن الشيخوخة مثل السكري والضغط وغير ذلك. الا انه يحمد الله ان فكره لا زال بخير، وهو قادر على العطاء في امور صعبة ومعمقة تخص حياة الانسان الانسانية والإيمانية، وهي حياة انسانية ايضا، بكل معنى الكلمة.
بعد ان انهى الكاتب الصف الأول المتوسط في مدرسة الحدباء بمدينة الموصل قرر ان يدخل معهد مار يوحنا الحبيب لتنشئة القسس ويسمى السمنير Séminaire في ذلك الوقت كان يوجد في العراق معهدان لتنشئة القسس هما: المعهد البطريركي ومعهد مار يوحنا الحبيب الذي كان يديره الآباء الدومنيكان الفرنسيون وهم رهبان متخصصون بالعلوم اللاهوتية بشكل عام.
كان المعهد المذكور ينقسم الى قسمين: قسم الصغار وقسم الكبار. اما مدة الدراسة في ذلك المعهد فكانت احدى عشرة سنة مقسمة على الشكل التالي: خمس سنوات كانت مخصصة لطلاب المعهد الصغير Petit séminaire وست سنوات كانت مخصصة لطلاب المعهد الكبير. ففي المعهد الصغير تعلمنا اللغات التالية:اللغة العربية واللغة السريانية وقليلا من اللغة اللاتينية واللغة الفرنسية. اما اللغة الفرنسية فكانت في المعهد لغة التخاطب ولغة الدراسة، في حين قيل لنا ان اللغة اللاتينية سوف تفيدنا في دراسة الفلسفة والعلوم اللاهوتية. غير ان الرئاسة لم تنسى ان تخصص لنا معلمين اعطونا دروسا في التاريخ وفي العلوم العامة وفي الرياضيات كذلك. علما بأن الأب الرئيس كان يلقي علينا كل يوم خميس ارشادا وتوجيها روحيا وسلوكيا. كما كنا منذ السنة الثانية نستمع الى محاضرة يعطيها الأب الرئيس في التعليم المسيحي الأولي، بلغة فرنسية مبسطة. من جهة ثانية فقد كان المعبد يفصل بين قسم الكبار وقسم الصغار، لكننا جميعا كنا نحضر كل يوم الى المعبد من اجل عمل قليل من التأمل الروحي يعقبه قداس الصباح. كما كان المطبخ مشتركا وكذلك صالة الطعام، حيث كان يجلس الصغار في طرف منه والكبار في طرف آخر، اما الآباء: الرئيس ومعاونه والمدرسون الذين كانوا يقيمون معنا فكانت مائدتهم موضوعة في صدر صالة الطعام.علما بأن الجميع كنا نأكل طعاما واحدا ولم تكن هناك تفرقة بين الآباء وبين التلاميذ من حيث نوع الطعام الا قليلا.
في نهاية السنة الخامسة كان على كل تلميذ ان يكتب طلبا في المواصلة والدخول في المعهد الكبير بغاية ان يصبح قسيسا.علما ان الدراسة في معهد الكبار Grand séminaire كانت مقسمة الى مرحلتين هما:
مرحلة الفلسفة ومرحلة الدروس اللاهوتية والكتاب المقدس. وكانت الدراسة مماثلة للدراسات الجامعية. علما ان الدراسات الفلسفية ومعها بعض العلوم الثانوية كانت تستغرق سنتين دراسيتين، كما كانت دراستنا الفلسفية تركز على الفلسفة اليونانية القديمة وفلسفة القرون الوسطى ومنها الأفلاطونية الجديدة. فضلا عن دروس ثانوية كنا نتلقاها بعد الظهر. ومنها مقدمات في الكتاب المقدس. وعلم الجدالات Apologétique وغير ذلك.
اما المرحلة الثانية من الدراسات في المعهد الكبير فكانت مدتها اربع سنوات تنتهي وبالرسامة القسسية والتخرج. في هذه السنوات الأربعة كان لنا صباح كل يوم، عدا الخميس والأحد، ثلاثة دروس اساسية هي:
اللاهوت النظري او العقائدي Théologie dogmatique والكتاب المقدس.واللاهوت الأدبي او الأخلاقي Théologie Morale. اما بعد الظهر فكنا نتلقى دروسا ثانوية في تاريخ الكنيسة والحق القانوني الكنسي وشيئا من ال ليتورجيا. وشيئا من علم آباء الكنيسة Patrologie ومن تاريخ الكنيسة الموجه توجيها كاثوليكيا كما نفهم اليوم. لقد كنا بشبه دير، الصغار والكبار لا يتكلمون مع بعضهم الا في بعض المناسبات. ولا نذهب الى اهلنا الا في العطلة الصيفية.
بعد الرسامة الكهنوتية: بعد الرسامة القسسية كان يحال كل قسيس جديد،الى الأبرشية التي كان قد جاء منها. وبما اني كنت قد جئت من ابرشية الموصول فقد ارتأى رؤسائي ان اتعين في تلكيف التي كان تعداد نفوسها الكاثوليك آنذاك اكثر من ثماني مائة الف نسمة. علما بأن كنيستنا في تلكيف كانت ثاني اكبر كنيسة،بعد كنيسة قره قوش، ليس في العراق حسب ولكن في الشرق الأوسط كله.
بعد تعييني: عندما تعينت قسيسا في تلكيف كانت تلكيف ناحية قبل ان تصير قائمقامية في سنوات لاحقة. غير ان تلكيف لم تكن محرومة منذ ذلك الوقت من اناس مثقفين ولاسيما من معلمين ومن مدرسين، لكن اغلبية الناس كانوا اميين او متعلمين قليلا، سواء كانوا رجالا او نساء. هذا وكان علي ان اوفق بين العلوم العالية التي حصلت عليها في معهد تنشئة القسس وبين مؤمني الكنيسة المتوسطي الثقافة في مجموعهم،ربما باستثناء بعض المعلمين الذين كانوا قد تأثروا بالأفكار العلمية ذات الصبغة ال لا ادرية، لكي لا اقول الالحادية.
وهكذا، وجدت نفسي مسئولا روحيا عن كل هؤلاء الناس، ومسئولا عن رفع مستوى ايمانهم افقيا وعموديا. وكان من نصيبي ان اتعين منذ سنتي الأولى محاضرا في ثانوية تلكيف. هذا، وكان امرا طبيعيا ان استغل بعض معلوماتي اللاهوتية الجديدة في تعليمي الايماني، على الرغم من اني كنت ملزما باستخدام كتاب التعليم المفروض في المدرسة. وبذا بدأت القن طلبتي ايمانهم بشكل يبتعد شيئا فشيئا عن التقاليد الموروثة البالية. ويبتعد عن هيمنة العقيدانية عليهم وكذلك هيمنة الشريعة: ولاسيما في مسألة الحلال والحرام ومسألة الخطيئة والنعمة ومسألة الجنة والنار، لأني من ذلك الوقت كان علي ان ابعد الشباب خاصة من روح التجارة بين الانسان والله، ومن روح الخوف في العلاقة مع الله. كما كان علي ان اسحب طلابي من عقلية ونفوذ الأهل والعائلة والمجمع، لكي يبقى الشباب احرارا في تعاملهم من ايمانهم ومقدساتهم، ويتجنبوا قدر المستطاع استلاب المجمع الزراعي القديم. غير اني لم اكتف بالتعليم في المدرسة لكني كنت اجمع هؤلاء الشباب في ايام العطلة في ندوات تثقيفية لغرض ايماني وانساني. غير اني علي ان اعترف بأنه من نهاية الستينات وقبل ذلك بقليل التحق بي قسس جدد من المعهد البطريركي واخذ كل واحد يعمل عملا مماثلا لما كنت اعمله بحريته الكاملة وبحسب قدراته الشخصية. وبما ان تلك الفترة كانت فترة المد الأحمر الشيوعي فكان لابد ان ينحى تعليمي منحى آخر يستند الى علم الدفاع عن الايمان بوجه الالحاد، في زمن لم تكن الكنيسة تعرف بعد معنى الحوار. وهنا يفهم القارئ كم كنت بحاجة الى مواصلة تعليمي وان بشكل شخصي، فداومت على المطالعة والكتابة التي تطورت الى ان اخرج عدة صفحات في موضوع معين انقد فيه الاسلوب الرعوي السلفي الذي كان جاريا حتى ذلك الوقت. علما اني وبعد ست سنوات من الحياة القسسية في تلكيف اوكلت لي مهمة رئاسة الكنيسة ورئاسة القسس دون ان تكون هذه المهمة رتبة كنسية ودون ان تنقص من حقوق القسس الآخرين بشيء.ففي قوانيننا المشرقية جميع القسس العاملين في الكنيسة لهم الصلاحيات القسسية نفسها ويتقاضون اجورا متساوية ويعملون مع بعضهم بأخوة واحترام لبعضهم البعض. غير اني رأيت نفسي مسئولا عن انعاش الفكر المسيحية ليس في تلكيف فقط ولكن في سائر بلدات الأبرشية وفي الموصل ايضا. كما شرع القسس في البلدات المذكورة يطلبون مني ان احاضر عندهم لشبابهم ولأخوياتهم المختلفة. وهكذا كانت قد صارت تلكيف مركز اشعاع روحي وإيماني للأبرشية كلها ولبلداتها وللبلدات المجاورة من ابرشيات اخرى. لا بل امتد اشعاع تلكيف الى كل الكنيسة الملقبة بالكنيسة الكلدانية والى كنائس اخرى، متضامنا مع كنهة يسوع الملك الذين كنت اشاطرهم افكارهم ويشاطرون افكاري. كم امتد هذا الاشعاع المشترك الى كنائس اخرى غير كاثوليكية. كم امتد هذا الاشعاع المشترك الى كنائس اخرى غير كاثوليكية. وظهرت مجلة الفكر المسيحي ورأيت نفسي فيها كاتبا وعضوا في اللجنة الاستشارية للمجلة. ولكن من وقت الى آخر كنت اكتب نشرات خاصة بي انتقد تصرفا كنسيا معينا او ادعو كنائسنا الى تصرف جديد بروح ايمانية. طبعا لم يكن ذلك يروق لكثير من الرؤساء. في العام 1991 كنت قد شعرت بنفسي مهيئا لكتابة اكثر رقيا وديمومة ومنهجية. فبدأت بكتابة كتابي الكبير الذي عنوانه: كيف نتكلم عن الله اليوم منهجية لاهوتية ولاهوت خارج الأسوار. الكتاب جاء بــ / 540 صفحة من الحجم الكبير A 4
طبع هذا الكتاب في سنة 2006 ولكنه طبع لي قبله كتاب آخر بعنوان وجه الله. منهجية لاهوتية خارج الأسوار. هذا الكتاب كان محاضرة القيتها في ندوة بكنيسة ام المعونة وكان يحضرها نخبة من طلاب الدورة اللاهوتية ومن المثقفين العلمانيين في الموصل وتلكيف ومناطق اخرى. كما كان يحضرها نخبة من الاخوة المسلمين من اساتذة جامعة ومن المهتمين بالشؤون الايمانية الدينية من الرجال والنساء. اما تلك المحاضرة عن وجه الله فقد طورتها وأضفت عليها ما كان لازما ان اضيفه، فصارت كتابا بــ/ 192 ص A 4 حرف صغير. طبع هذا الكتاب قبل كتابي الكبير في سنة 2005 لأنه كان جاهزا للطبع. وهو كتاب لاهوتي منهجي ايضا. اما كتابي الكبير كيف نتكلم عن الله اليوم فقد قدمه الأب كميل حشيمه اليسوعي الذي كان مسئولا آنذاك عن مجلة المشرق البيروتية وعن دار الكتب هناك. لا ادون هنا ما كان قد كتبه الاب المذكور عن علمية هذا الكتاب وقوة الفكر الأنثروبولوجي العلمي فيه. لكنني اذكر فقط العبارة الأخيرة التي كان قد وضعها لإنهاء كتابته على غلاف مجلته قائلا: ان هذا الكتاب الكبير بحجمه كبير بقدره ايضا.
اما وأنا هنا بين المهجرين منذ اكثر من اربع سنوات فقد اتممت تأليف كتابين مهمين جدا وجديدين في الفكر الذي يحملاه.
الكتاب الأول هو بعنوان: كيف نتكلم عن الانسان اليوم. ومنه اخذت كثيرا من مقالاته ووضعتها في مجلة الگاردينيا.
اما الكتاب الثاني فعنوانه: قواعد انثروبولوجية لظهور الروح وحركته وارتقائه.اما الكتاب الأخر الذي لا زال في طور الاعداد فعنوانه:اوراق فكرية وفلسفية ولاهوتية منثورة. في الحقيقة ان الذي يقرأ هذه الكتب سوف يعرف من خلالها حقيقة الكاتب الذي يتميز في ما قيل عنه انه يملك صفة الجمع بين المتخصصات Inter disciplinaire والحمد لله. اما المشاريع الفكرية التي حصلت في الأبرشية والتي ساهمت فيها جميعا لا بل كنت منشطا لها وموجها، فهي الدورة اللاهوتية التي كانت حصتي فيها تدريس تاريخ الفلسفة من الفلسفة اليونانية الى الفلسفة الحديثة ثم الفلسفة المعاصرة. اما للصف المنتهي فقد كنت قد دونت له ملزمة من تأليفي ومن منهجيتي الخاصة بعنوان كيف نتكلم عن الله اليوم. علما ان تدريسي في الدورة اللاهوتية فقد استمر لمدة 25 عاما دراسيا بمعدل درس واحد في الاسبوع.اما اليوم فاني احاول نشر افكاري المعادية للسلفية والقريبة من العلمانية المؤمنة. لكن لربما جاء بعد وفاتي من يأخذ على عاتقه مواصلة هذه الأفكار، ربما بكفاءة اكبر من كفاءتي الحالية.والحمد لله على نعمه.
القس لوسيان جميل
تقييم القس لوسيان جميل
كان لنا الشرف ، ما يقارب العام أن يتفضل القس لوسيان جميل بتواجده في حدائق الگاردينيا و تزينها بكتاباته الفلسفية المهمة.
بين فترة وأخرى يرفدنا بمادة فلسفية وضمن أختصاصة ، للحقيقة قراءه كثار ويزداد يوم بعد يوم.
شخصياً أقرأ كل مايكتب ولكن حتى أكون صريحا مع نفسي أولا فأن كتاباته كلها بحاجة الى من يفهمها كونها فلسفية وعميقة وذات أهمية .
حول ما يكتب هذا القس الرائع سألت أكثر من صديق من الذين لهم خبرة ويطالعون هكذا كتابات كلهم أشادوا به وبكتاباته.
القس لوسيان جميل ( راعاه الباري) أسم على مسمى فهو جميل في كل الأمور ، فعدى كتاباته الرصينة أنه مهذب من الدرجة الأولى ( وهكذا هم رجال الدين).
لم اصادف ان أرسل مادة ولم يرفقها برسالة رقيقة كرقته في الكتابة والتعامل مع الأخرين.
ندعو من الله عزوجل أن يمده بالصحة والسلامة فأنه وأمثاله ثروة وطنية.
جلال چرمگا
رئيس التحرير
1265 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع