العالم/بغداد – أيسر الصندوق:تحضر مروة عدنان (24 عاما) كل يوم برفقة ابنتها البالغة من العمر اربعة اعوام الى المقهى حيث تعمل. وبسبب عدم قدرتها على الاهتمام بها، تضطر الى تركها في غرفة منزوية صغيرة لخزن الاغذية. الأم مطلقة منذ ثلاث سنوات وليس لها من معيل، مما اضطرها الى العمل في المقهى.
"لا يخلو مكان عملي من المشاكل والنزاعات بين الزبائن وهو ما يؤثر سلبا على ابنتي، عدى ما أتعرض له انا نفسي من مضايقات"، تقول مروة.
أما لمى واثق (20 عاما) فاضطرت للعمل في الكوفي شوب بعد طلاقها وغياب أي معيل لها. "لم يكن من السهل علي أن أتحمل أنظار الشباب لي من الزبائن ولكن هذا هو العمل الوحيد الذي وجدته، خاصة انني لا املك الا الشهادة الابتدائية".
وتقول مجلة "عراقيات" المتخصصة في شؤون النساء، إن الفتيات اللواتي يعملن في المقاهي يواجهن عديد المضايقات من قبيل التحرش اللفظي والجنسي ويتم استغلال وضعهن الهش من قبل الزبائن وأصحاب المقاهي.
وتضيف المجلة، في تقرير لها، أن أصحاب المقاهي يعمدون إلى تشغيل الفتيات لجلب الزبائن. ويعترف همام خالد، صاحب مقهى في بغداد أن "وجود الفتيات يحدد وجود الزبائن، فيزدهر عمل المحل". لكنه يقول انه لا يجبر النساء اللواتي يعملن لديه على اي شيء لا يرغبن فيه وانه يدفع لهن "بسخاء (25 الف دينار في اليوم الواحد)، عدا الاكراميات او الهدايا التي يحصلن عليها من الزبائن". ويضيف أن أكثر المرتادين للمقهى هم من الشباب المراهقين الذين يقضون وقتهم في تدخين النركيلة والجلوس في المقهى ويفضلون أن يتم تقديم الخدمة لهم من قبل فتاة جميلة".
ولا تنكر فرح (22 عاما) عاملة بأحد المقاهي في الكرادة ببغداد انها تحصل على أجر (750) الف دينار في الشهر وهو ما يكفي لتغطية حاجاتها، علاوة على الاكراميات، لكنها تشتكي من تصرفات الزبائن من الشباب المراهقين. "هناك من يحضر الى المقهى ويطلب الضيافة مني وذلك يشعره بنوع من الكبرياء واثبات للرجولة، وقد يتم تكرار الطلب مثلا لترتيب النركيلة، دون ان تكون هناك حاجة لذلك. المهم هو الكلام معي بشكل او بآخر". وتضيف "بالتالي تزداد مبيعات المقهى".
دينا عدنان هي مسؤولة عن العاملات في احد المقاهي الذي يضم اكثر من سبعة فتيات اكثرهن جميلات، تقول "عملي هو مراقبتهن والبقاء على اتصال مع عدد من رجال الحراسة في المقهى لحمايتهن من الزبائن، خاصة وأن عديد الحوادث والخلافات حصلت بين مرتادي الكوفي شوب بسبب وجودهن". وتبين أن "هناك من المراهقين الذين يفتقدون للأسلوب المهذب في التعامل مع الفتيات ويضايقونهن، خاصة وانهن بأعمار صغيرة (16 و17 و18 سنة)".
فراس كان من مرتادي المقاهي ولكنه قرر التوقف عن ذلك لان هذه الأماكن أصبحت "ملاذا للمراهقين الذين يتحرشون بالعاملات ويتسببون في مشاكل تؤدي الى انقطاع رزقهن دون ذنب".
ويرى الباحث الاجتماعي حيدر الدهوي أن العمل في مقاهي الكوفي شوب يجعل الفتاة عرضة لمضايقات الآخرين وللتحرش من خلال بعض الحركات والايماءات". ويشير الى انه يفرض عليها ارتداء هندام معين يبرز جسدها لاغراء الزبائن. لذلك "فأنا استغرب غياب الضوابط والقوانين من قبل الجهات التي تسمح لهذه المقاهي التي تعمل بهذه الطريقة". ويضيف "في كل دول العالم هناك ضوابط وقوانين ولوائح لايمكن للزبون تجاوزها مطلقاً، أما في مجتمعنا، فنحن مع الاسف نفتقد الى هذه القوانين".
وعن اسباب لجوء الفتيات الى هذا العمل، يقول الباحث انهن لا يجدن بسهولة شغلا لاعالتهن، بالاضافة الى "انهن يحصلن على مال كثير، عدا راتبهن الشهري".
عدا التحرش والسمعة السيئة قد يتسبب العمل في الكوفي شوبات الى مشاكل اسرية للفتيات. في هذا الصدد، تذكر القانونية علياء الحسني احدى الدعاوى التي تم فيها اسقاط الحضانة عن زوجة منفصلة عن زوجها ولديها طفلان، بسبب مزاولتها العمل في الكوفي شوب، حيث قام طليقها برفع دعوى في المحكمة لاسقاط الحضانة عنها، بما انها تعمل في مقهى، وهو ما حكم به القاضي الذي اعتبر ان هذا العمل مسيء للسمعة.
892 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع