سباق مع الزمن لترقيع الموازنة العراقية

              

العرب/بغداد - توقع مراقبون طرح مشروع الموازنة العامة الاتحادية للعراق لعام 2016 بشكلها النهائي على البرلمان خلال الأسبوع الجاري، لمناقسته بعد حوارات طويلة بين الحكومة والبرلمان لإجراء تخفيضات وتغييرات في نسب النفقات على خلفية التدني المتواصل لأسعار النفط في السوق العالمية.

وتسبب الانخفاض السريع في أسعار النفط الخام إلى نحو 37 دولارا لبرميل خام برنت في خلق حالة من الارتباك في أروقة الحكومة واللجنة المالية البرلمانية التي تتولى وضع اللمسات النهائية على مشروع الموازنة قبيل عرضه على جلسة البرلمان الأسبوع الجاري.

وتبدو المهمة شبه مستحيلة بسبب فقدان العراق لشريان الإيرادات الوحيد بسبب العقود المجحفة مع شركات النفط الأجنبية، التي تصل مستحاقاتها إلى مستويات أسعار مبيعات النفط العراقية حاليا.

وتمنح عقود التراخيص النفطية التي أبرمها الرئيس السابق للجنة الطاقة الوزارية حسين الشهرستاني في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي 21 دولارا لكل برميل، إضافة إلى دفع مصروفات الشركات، دون تحديد سقف واضح، الأمر الذي يلتهم جميع عوائد صادرات النفط تقريبا.

وقالت النائبة نجيبة نجيب في تصريح صحفي إن “هناك نقاط خلاف في مشروع الموازنة لا تزال قيد الدراسة”.
    
وأضافت أن “تحديات السوق النفطية ألقت بظلالها على أجواء النقاشات ودراسة عدة خيارات لمعالجة هذه التحديات ومنها توفير أموال للنازحين والحشد الشعبي، وهذه كلها بحاجة إلى مناقلات بين أبواب الصرف في الموازنة”.

وأشارت على سبيل المثال إلى إجراء تخفيض في رواتب المتقاعدين بنسبة 3 بالمئة، لكن ذلك لا يزال ينتظر موافقة الحكومة ووزارة المالية.

وذكرت أن “أمام الموازنة تحديات كبيرة منها تأمين مبلغ 20 مليار دولار، لسد استحقاقات الشركات النفطية العاملة في إطار جولات التراخيص في وسط وجنوب البلاد فضلا عن متطلبات البطاقة التموينية والدواء”.

واستند مشروع الموازنة العامة إلى سعر متوقع لبرميل النفط العراقي عند 45 دولارا، في وقت يتحرك فيه سعر مزيج برنت حاليا قرب 37 دولارا للبرميل، علما أن سعر بعض الخامات العراقية تقل كثيرا عن سعر خام برنت.

وكانت مصادر نفطية قد ذكرت أن العراق يلجأ أحيانا إلى بيع بعض خاماته بأقل من 30 دولارا للبرميل، حين كان سعر خام برنت يتحرك عند 45 دولارا للبرميل، وذلك في محاولة مستميتة لزيادة حصته في الأسواق.

ومن المتوقع في ظل الأسعار الحالية للنفط، الذي يعد شريان الحياة الوحيد في العراق بسبب انهيار جميع الأنشطة الاقتصادية، أن ترتفع مستويات عجز الموازنة إلى أرقام أكبر مما هي عليه الآن، وأن ينعكس سلبا على حركة الاقتصاد العراقي.

وبحسب مشروع الموازنة للعام المقبل، يتحتم على وزارة النفط تصدير 3.6 مليون برميل يوميا منها 550 من حقول كركوك وإقليم كردستان، الذي أوقف منذ مطلع يوليو تصدير النفط لحساب الحكومة المركزية.

وعلى خلفية ذلك توقفت الحكومة عن منح الإقليم حصته المالية المقررة في موازنة العام الحالي، والبالغة 17 بالمئة من مجموع الإنفاق في الموازنة.
ويشكك المراقبون في قدرة الحكومة الاتحادية على الوصول إلى ذلك المستوى من الصادرات دون مساهمة الإقليم، بسبب تذبذب الصادرات من جنوب العراق بين شهر وآخر.

ولا تبدو الأجواء الآن مهيأة بين الحكومة الاتحادية والإقليم على وضع اتفاق يقضي بتجهيز الإقليم كمية 550 ألف برميل من حقول كركوك المسيطر عليها من قبل الإقليم أو حقول الإقليم التي تدار من قبل شركات أجنبية من أجل تصديرها عبر خط أنابيب جيهان التركي ووضع أموالها في سلة واحدة مع ما يصدر من حقول الوسط والجنوب.

وتبلغ صادرات النفط من وسط وجنوب العراق نحو 3.2 مليون برميل يوميا، لكن بيانات شحن الناقلات أشارت أمس إلى أن العراق سيصدر نحو 3.4 مليون برميل يوميا في الشهر المقبل.

وحدد مشروع الموازنة العامة لعام 2016 حجم الإنفاق بنحو 94.4 مليار دولار وتوقع أن يبلغ العجز نحو 22 مليار دولار، لكن مستويات الأسعار الحالية ترجح أن يتضاعف ذلك العجز.

وتعتمد الحكومة العراقية على إيرادات النفط بنسبة تزيد عن 90 بالمئة لتلبية أبواب الموازنة، وتعتمد في تغطية الجزء الآخر من بعض الضرائب وجباية المنافذ الحدودية.

وقال الخبير النفطي العراقي فؤاد قاسم الأمير في تصريح لمجلة المصارف العراقية إنه “بموجب معطيات السوق النفطية العالمية، فإن علينا أن نضع سعرا تخمينيا واقعيا غير الذي تم وضعه في موازنة العام المقبل والبالغ 45 دولارا للبرميل”.

وأضاف “أننا سنكون محظوظين لو وضعنا سعر 40 دولارا للبرميل واستطعنا بيع النفط بهذا السعر في العام المقبل، بسبب ترجيح استمرار انخفاض الأسعار”.

وأعطى وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي تطمينات إلى لجنة النفط والطاقة البرلمانية بأن مستويات إنتاج النفط الخام في العراق حاليا “تجاوزت 4.3 مليون برميل يوميا وأن مستويات التصدير تشهد تصاعدا متزايدا لتلبية متطلبات الموازنة”.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

839 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع