العبادي يستغل ورقة الفساد.. ويطيح بالمالكي

      

الشرق الأوسط/بغداد: حمزة مصطفى:في الوقت الذي أعلن فيه منظمو المظاهرات الجماهيرية، التي أجبرت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الجريئة، تأييدهم لهذه الخطوات فإنهم عبروا عن خشيتهم من تسويفها، الأمر الذي جعلهم يدعون إلى مظاهرات أمس بهدف الضغط على مجلس النواب (البرلمان) من أجل التصويت عليها في جلسته غدا.

وقال الدكتور نبيل جاسم، أحد منظمي المظاهرات، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مظاهرات اليوم (أمس الأحد) ليست بديلا عن مظاهرات يوم الجمعة المقبل التي قررنا الاستمرار بها بعد أن سمعنا أن هناك من بين القوى السياسية المتنفذة من يريد إدخال هذه الإصلاحات في نفق من المساومات والتسويف والمماطلات مما يفرغها من محتواها»، مشيرا إلى أن المظاهرات «لها هدف واحد وهو دعم العبادي في إصلاحاته وتوجيه الشكر له بعد أن أثبت إنه على قدر تحمل المسؤولية لكنه يحتاج إلى استمرار المؤازرة، بالإضافة إلى الضغط على البرلمان الذي يتوجب عليه التصويت على حزمة الإصلاحات هذه وإلا فإنه سيواجه انتفاضة جماهيرية كبرى لن يكون بمقدور أحد الوقوف بوجه ما تنادي به من مطالب مشروعة».
إلى ذلك، وطبقا لما أعلنه مصدر مقرب من رئيس البرلمان سليم الجبوري، فإن الأخير قرر الشروع بإصلاحات كبيرة داخل مجلس النواب. وطبقا للمصدر فإن «إصلاحات الجبوري داخل البرلمان ستشمل تقليص حمايات ونفقات النواب أو إلغاءها كليا، وإعادة النظر في رؤساء اللجان، مع فصل عدد من أعضاء مجلس النواب الذين تجاوز سقف غيابهم الحد المقرر».
وكان الجبوري دعا رؤساء الكتل إلى عقد اجتماع اليوم لبحث ورقة الإصلاح التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي. أما النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي فقد أعلن من جانبه أن البرلمان سيخصص جلسته المقبلة لمناقشة الإجراءات الإصلاحية لرئيس مجلس الوزراء وإقرارها وفق الأطر الدستورية والقانونية.
وفي هذا السياق، أكد السياسي العراقي المعروف وعضو البرلمان السابق عزت الشابندر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتفاضة الجماهيرية التي قام بها العراقيون وإن جاءت متأخرة فهي صاحبة التغيير، علما بأن علينا أن نقول وبكل صراحة إن الشعب كان شريكا في ما وصلنا إليه من أوضاع سيئة، لأنه وطوال ثلاث دورات انتخابية يأتي بالوجوه نفسها، ولا أملك حتى الآن ضمانة بألا يكرر الشارع الخطأ نفسه في الدورة الانتخابية المقبلة». وأضاف الشابندر أن «خطوة العبادي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، وهي مناصب رمزية، ليست هي القضية المهمة، بل المهم هم الوزراء، وحين أقول الوزراء فإنني أعني الكتل السياسية التي ترشح هؤلاء الوزراء، وبالتالي هم مصداق الشراكة وطريقة تقاسمها»، مشيرا إلى أن «هناك كلاما بشأن إجراءات يمكن أن يقوم بها (العبادي) بشأن إعفاء بعض الوزراء لكي يكونوا كباش فداء، أو دمج وزارات، بينما الإجراء الصحيح هو أن يذهب إلى البرلمان ويتقدم بطلب إعفاء حكومته حتى لا تكون العملية مجرد محاولة لاحتواء غضب الشارع المخدوع ببعض الشاشات التي تطالب بتغيير وزراء بعينهم، ولذلك فإنه على العبادي وبعد الاتفاق مع الكتل تقديم استقالة حكومته وتكليفه بتشكيل حكومة تكنوقراط ومنحه مهلة سنة للعمل، وعندها يكون التقييم بعد سنة».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان البرلمان سيصادق على إجراءات العبادي، قال الشابندر «نعم البرلمان سيصادق لأنه الآن في مرمى مدفعية الشارع».
من جهتها، أكدت عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف المدني الديمقراطي شروق العبايجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحالف المدني الديمقراطي كان قد طالب منذ وقت مبكر بمثل هذه الإصلاحات وغيرها، حيث طالبنا بإلغاء المحاصصة الطائفية والحزبية كشرط ضروري لقيام دولة المواطنة، كما طالبنا وفقا لآليات حددناها بمحاربة الفساد والترهل في الدولة، وقدمنا مقترحات في هذا الصدد لا سيما على صعيد تشكيل حكومة كفاءات وتكنوقراط وليس حكومة محاصصة»، مشيرة إلى أن «الكتل السياسية المتنفذة عرقلت الإصلاحات، بالإضافة إلى الشخصيات صاحبة القرار والنفوذ في العملية السياسية، حيث إنها لم تتخل عن أي موقف وبقيت متمسكة بالمصالح الحزبية والشخصية». وأوضحت العبايجي أن «الشعب هو من أجبر الحكومة والطبقة السياسية على الإقدام على هذه الإصلاحات حين انتفض مطالبا بالتغيير ودعمته المرجعية الدينية التي ظلت لسنوات تنادي بالتغيير لكن دون أن يصغي إليها القادة السياسيون».
لكن القاضي وائل عبد اللطيف، الذي شغل طوال الاثنتي عشرة سنة الماضية مناصب مهمة منها عضوية مجلس الحكم ووزير شؤون المحافظات وعضو البرلمان لأكثر من دورة، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما أقدم عليه العبادي إنما هو في حقيقته ليس إجراءات، وإنما هو طلب إذن بإجراء تغييرات بالإحالة إلى مجلسي الوزراء والنواب، ما عدا إلغاءه مناصب نواب رئيس الجمهورية، وهو أمر لا يدخل في صلاحياته لأنه مقنن بقانون، وهو ما يقتضي مجيء رئيس الجمهورية إلى البرلمان ليعلن إعفاء نوابه، وبالتالي فإن كل ما فعله العبادي مرهون في النهاية بموافقات الكتل من خلال إحالتها إلى البرلمان والحكومة»، مشيرا إلى أن «الكثير من الإجراءات كان بإمكانه إصدار أوامر ديوانية بالتصرف. وعلى سبيل المثال فإن عزمه على تقليص الحمايات لا يحتاج إلى إحالة إلى البرلمان، بل بإمكانه القول إن حماية نواب الرئيس ورئيس الوزراء (377 عنصرا لكل واحد منهم) يمكن أن يصبحوا 100، كما أن إلغاء المخصصات الاستثنائية كلام عام وفيه خلط، لأن هناك كارثة في الموازنة التشغيلية لهم تبلغ نحو 5 مليارات دينار عراقي (أكثر من 4 ملايين دولار)، وهو مبلغ كبير جدا»، مشيرا إلى أن «الأمر نفسه ينطبق على إبعاد المناصب العليا عن المحاصصة أو ترشيق الوزارات حيث إنها بيده لا بيد رؤساء الكتل أو البرلمان».

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1737 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع