أحكام الإعدام في العراق، معركة قانونية بخلفيات سياسية

     

موفق الربيعي صاحب أغرب حجة في الدفاع عن تنفيذ أحكام الإعدام

ارتفاع الأصوات المطالبة بتعجيل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق آلاف من المدانين في العراق بالتزامن مع التقدّم نحو إقرار قانون للعفو العام يكشف سعي شخصيات سياسية متعصبة طائفيا لتعطيل مسار المصالحة الوطنية الذي قد يضر بمكانتها ومصالحها.

العرب - بغداد :تحوّل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الآلاف من المدانين في العراق إلى مدار معركة حامية، ظاهرها قانوني وباطنها تصفية حسابات سياسية وحتى طائفية، حسب عراقيين ومنظمات حقوقية دولية.

ويقبع في السجون العراقية الآلاف ممن صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في قضايا متعدّدة بانتظار التنفيذ الذي ظلّ معلّقا لرفض رئاسة الجمهورية التصديق عليه.

وارتفعت مؤخرا الأصوات مطالبة بتنفيذ تلك الأحكام وإنّ تطلب الأمر تجاوز سلطة رئيس الجمهورية أو الالتفاف عليها بإقرار آلية قانونية جديدة. وتزامن ذلك مع إقرار حكومة العبادي قانونا للعفو العام وإحالته إلى البرلمان.

وتذرّع أصحاب تلك المطالبات بالأوضاع الأمنية التي تتطلب في رأيهم صرامة ضد المحكومين في قضايا الإرهاب، وذهب البعض حدّ الاستناد إلى حجة غريبة تتمثل في توفير المصاريف على الدولة بإعدام المدانين.

غير أن المسألة التي تبدو في ظاهرها قانونية لا تخلو من أبعاد سياسية وطائفية، كون أعداد من المحكوم عليهم بالإعدام في العراق خصوما سياسيين لشخصيات نافذة في الدولة، ويشكو أغلبهم من محاكمات سياسية مفتقرة إلى معايير العدالة.

وبينما تنتمي غالبية المدانين إلى الطائفة السنية، فإنّ المطالبين بتنفيذ الأحكام شخصيات سياسية شيعية، ما يثير وجود شبهة الانتقام الطائفي وراء مطالباتهم.

وبرز من ضمن المطالبين بتنفيذ الإعدامات خلال الأيام الماضية موفق الربيعي مستشار الأمن القومي السابق والقيادي في ائتلاف دولة القانون الذي دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم إلى تخويل نائبه نوري المالكي صلاحية المصادقة على أحكام الإعدام، “مراعاة للدستور وخفضا للنفقات”، حسب ما ورد على لسانه، علما أنّ الربيعي محسوب على الساسة العراقيين الأكثر تشدّدا وتعصبا للطائفة، ما يضاعف الشكوك بشأن دوافع دعوته إلى تجاوز سلطات رئيس الجمهورية في المصادقة على أحكام الإعدام.

ومارس أنصار تنفيذ الإعدامات ضغوطا سياسية وإعلامية هائلة بدأت تؤتي ثمارها حيث أعلنت اللجنة القانونية النيابية، أمس أن مجلس الوزراء خوّل وزير العدل المصادقة على أحكام الإعدام في حال مضي شهر ولم تصادق رئاسة الجمهورية عليها، معتبرة أن هذا الأجراء لا يتضمن أي خرق للدستور أو القانون.
ونقل عن عضو اللجنة القانونية سليم شوقي قوله “إن رئاسة الجمهورية يقع على عاتقها التوقيع على أحكام الإعدام الصادرة من القضاء بحق الإرهابيين، لكنها لم تقم طيلة الفترة الماضية بمسؤوليتها”.

وتعترض شخصيات عراقية بشدّة على تجاوز سلطات رئيس الجمهورية في مسألة تنفيذ الإعدامات كون الأمر يفتح الباب لإعدامات سريعة ويلغي فرصة مراجعة الكثير من الأحكام التي صدرت بعد محاكمات مشكوك في شفافيتها ومهنيتها.

ويربط أصحاب هذا الطرح قضية الإعدامات بمسألة أعم هي المصالحة الوطنية التي لا يرونها ممكنة دون إنصاف الكثيرين ممن صدرت بشأنهم أحكام جائرة.

ومن المنتظر أن تتخذ قضية الإعدامات في العراق بعدا دوليا، حيث طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس البرلمان العراقي برفض مقترح مجلس الوزراء الذي يسمح لوزير العدل المصادقة على أوامر أحكام الإعدام بدلا من رئيس الجمهورية، فيما وصفت إجراءات الأحكام الجنائية في المحاكم العراقية بأنها تفتقر إلى المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، معتبرة أن على الحكومة العراقية إعطاء أولوية لتعزيز نظامها القضائي.

وقالت المنظمة في تقرير أصدرته “إنّ القضاة غالبا ما يستندون إلى اعترافات مزعومة يجبر عليها المتهم كدليل دون إجراء تحقيق مع عدم السماح للمتهم بالحصول على هيئة محاماة مؤهلة”، لافتة إلى أن التعديل المقترح على إجراءات قانون الأحكام الجنائية سيضيف المزيد من القلق على الصيغة التي سيتبعها العراق بالتعامل مع هذه القضايا”.

ونقل التقرير عن مديرة هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة لي ويتسون قولها إن “تعجيل تنفيذ أحكام الإعدام عن طريق تقليص فرص الحماية للمتهمين سيعرض حياة الكثير من الأبرياء للخطر”، مضيفة “على العراق أن يحارب إرهاب داعش من خلال محاكمات عادلة وشفافة تعكس العدالة ولا تسهل الإعدامات المستندة إلى اعترافات قسرية”.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1367 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع