مناهضو المصالحة في العراق يرفعون فزاعة الإرهاب في وجه قانون العفو العام

      

العرب/بغداد - تصاعد الجدل في العراق بشأن قانون العفو العام الذي أقرّته حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بانتظار عرضه على مجلس النواب حيث يتوقّع أن يكون مدار معركة حامية بين المتحمسّين له والمعترضين عليه أو العاملين على إفراغه من محتواه لدوافع سياسية لا تخلو من أبعاد طائفية.

ونقل أمس عن مقرر مجلس النواب عماد يوخنا أن مقترح قانون العفو العام الذي وافق عليه مجلس الوزراء الثلاثاء سيصل إلى البرلمان الأسبوع المقبل.

وجاءت أبرز المفارقات في الجدل بشأن القانون الذي يراد له أن يكون مدخلا لمصالحة وطنية أشمل، وضعه سُنّة البلاد في مقابل شيعتها، باعتبار الفريق الأوّل متحمّسا للقانون لتضرّر عدد كبير من أبنائه من أحكام قضائية يشك في دوافعها وفي صحة التهم التي صدرت على أساسها، وحتى في سلامة سير المحاكمات وإجراءات التقاضي.

أمّا الفريق الثاني فقد ظل دائما في موضع موجه الاتهام لأنباء الطائفة الأخرى بالإرهاب واحتضانه والتعاطف معه، وهي التهمة التي ما زالت قائمة إلى اليوم في حق مناطق سنية بأكملها تتهم باحتضان تنظيم داعش.

ومأتى أهمية القانون كونه جزءا من اتفاقات سياسية سابقة منحت على أساسها الثقة لحكومة العبادي، وباعتبار ما له من صلة وثيقة بقضية المصالحة الوطنية شديدة الأهمية للعراق في وضعه الراهن، في ظل الحرب الدائرة على أراضيه ضد تنظيم داعش وما يواجهه من تصاعد للنوازع الطائفية والمناطقية المهددة لوحدته الاجتماعية وحتى الجغرافية.

وبمجرّد الإعلان عن إقرار الحكومة للقانون، برزت أصوات متشدّدة تطالب بتقييده بضوابط وشروط تضيّق مجالات تطبيقه وتحدّ من عدد من يمكن أن يشملهم بدعوى الخوف من التسامح مع الإرهابيين ومن تلطخت أيديهم بالدماء.

ومثل نواب ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي هذا الفريق متوعدين بعرقلة تمرير القانون دون ضوابط وشروط ورافضين إقراره بصورة مطلقة مخافة أن يشمل الفاسدين والإرهابيين على حدّ تعبير بعضهم.

ونقل عن القيادي في دولة القانون عبدالسلام المالكي إن “الائتلاف لن يسمح بإعادة النظر في محكومي المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب”.
وفي المقابل برز فريق مرحّب بالقانون باعتباره خطوة أولى تسهّل طريق المصالحة الوطنية، معربا في ذات الوقت عن مخاوفه إفراغه من محتواه والحدّ من فعاليته.

ورحّب اتحاد القوى العراقية، أكبر مظلة للقوى السياسية السنية في البرلمان العراقي، بإقرار الحكومة العراقية لقانون العفو العام، لكنه حذر في الوقت نفسه من “تسويف القانون وبقية بنود البرنامج الحكومي”.

وقال القيادي في الاتحاد محمد الكربولي في بيان إن إقرار القانون من قبل الحكومة “خطوة باتجاه استكمال بنود البرنامج الحكومي”. وأضاف أن “تفاؤلنا بهذه الخطوة يقابله توجسنا من محاوﻻت تسويف تشريع هذه القوانين، وتخوفنا من تضمينها للعديد من الفخاخ التي تعيق اتفاق القوى السياسية على إقرارها”.

وأشار الكربولي، الذي يرأس كتلة الحل البرلمانية إلى أن “تجربتنا ومشاريع القوانين المقررة في مجلس الوزراء يشوبها الكثير من عدم التفاؤل لتجاربنا السلبية السابقة مع مشاريع قوانين الحرس الوطني والمساءلة والعدالة والتوازن المؤسساتي والتي ﻻ زالت محطّ جدل وخلاف تحت قبة البرلمان”.

ومن جهته قال النائب عن التحالف الوطني إبراهيم بحر العلوم، إنّ مجلس النواب سيناقش مشروع قانون العفو العام، ويساهم بتعديله، بما يحفظ العدالة وتحقيق السلم الأهلي في البلاد، مضيفا أن إقرار القانون يعد خطوة إيجابية باعتباره جزءا من استحقاقات الكتل السياسية التي تم التوافق عليها في تشكيل الحكومة.

إلاّ أن النائب الشيعي عاد ليضع قضية الإرهاب في قلب النقاش بشأن قانون العفو العام، مشدّدا على أن “أي عفو لا يشمل الإرهابيين ومن تلطخت يداه بالدماء، قائلا إن “الأغلبية في البرلمان تعاضد هذا المطلب فهو أساسي، فلا يمكن تحقيق التعايش بإطلاق سراح الإرهابيين”.

وفي تعبير عن محورية قضية الإرهاب ضمن النقاشات الدائرة حول قانون العفو العام في العراق، اعتبر النائب ظافر العاني القيادي في تحالف القوى العراقية أن مقترح القانون غير كاف لأنه لم يتضمن إعـادة محاكمة المشمولين في المادة اـلرابعة مـن قانون مكافحة الإرهاب، خاصة الـذين يرى النواب السنة أن اعترافاتهم قد انتزعت بالإكراه.

وربط عضو المكتب السياسي لتحالف القوى العراقية حيدر الملا عملية إقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون العفو العام بأهداف سياسية، قائلا إن الهدف رمي الكرة في ملعب مجلس النواب، وداعيا إلى البدء بصفحة جديدة من خلال إقرار قانون عفو عام يشمل المدانين والموقوفين، وتعويض ضحايا الإرهاب وأعمال العنف.

وقال الملا في بيان إن “ما جرى محاولة لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن رئيس مجلس الوزراء لديه الإرادة للإصلاح والإيفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه”، ومبينا أن “الأبرياء ليسوا بحاجة إلى قانون عفو، إذ من المعيب في الفقه القانوني الحديث عن إصدار عفو عن الأبرياء، الذين هم بحاجة إلى اعتذار وتعويض من السلطة التي أساءت استخدام القانون بحقهم”.

ولفت إلى أن “محل شمول قانون العفو العام هم المدانون والموقوفون من الذين تورّطوا بجرائم بحق المجتمع العراقي، بسبب تداعيات الملف الأمني والعنف الطائفي الذي شهدناه في السنوات السابقة”، مضيفا “قانون العفو العام الذي نصبو إليه هو ذلك الذي يفتح صفحة جديدة أمام الذين ارتكبوا جرائم بحق المجتمع العراقي ونستثني منهم من ألقي القبض عليه بالجرم المشهود أو ثبت ارتباطه بتنظيم داعش”.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

496 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع