الصراعات الداخلية تفتح الباب لمزيد من التدخل الإيراني في الشأن العراقي
العرب اللندنية/طهران - وضع الخطاب الرسمي العراقي زيارة رئيس الوزراء حيدر أمس إلى طهران ولقائه الرئيس الإيراني حسن روحاني تحت عنوان كبير هو “مناقشة الحرب على الإرهاب”.
غير أن مصادر سياسية عراقية أكّدت أن الهدف الأساسي للعبادي من الزيارة تمثل بطلب مساعدة القيادة الإيرانية، السياسية والدينية، في وقف ضغوط شديدة تمارس عليه من قبل شخصيات قيادية في حزبه، ومن داخل عائلة الأحزاب الشيعية التي ينتمي إليها، وبعضها يحتل مناصب هامة في الدولة، وبدأت تربك عمله وتضيّق هامش تحرّكه وتحدّ من قدرته على اتخاذ القرار في ملفات شديدة الخطورة بما في ذلك ملف الحرب ضد تنظيم داعش.
وأشارت تقارير إخبارية خلال الأيام الماضية بشكل مباشر إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، مؤكّدة أنه كثّف في الآونة الأخيرة من تحرّكاته لإفشال حكومة حيدر العبادي أملا في العودة إلى منصب رئاسة الوزراء.
وفي أحدث مظهر عن احتدام الصراع بين القيادات الشيعية في العراق، ذكرت مصادر حكومية مطلعة في بغداد أن مستشار الأمن الوطني فالح الفياض قدم استقالته من رئاسة الحشد الشعبي إلى رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي الذي طلب منه التريث وعدم إعلانها لحين اختتام زيارته لإيران.
وأوردت وكالة العباسية نيوز استنادا إلى معلومات يتم تداولها في مقر مستشارية الأمن الوطني في بغداد أن الفياض وهو قيادي بارز في التحالف الوطني الشيعي عقد اجتماعا مع العبادي عند عودة الأخير من ألمانيا ووضعه في صورة ما يجري في هيئة الحشد الشعبي، مؤكدا له أنه رئيس لها بالاسم فقط وهو أمر لا يرتضيه لنفسه، في إشارة إلى سيطرة شخصيات أخرى أوثق صلة بنوري المالكي على الهيئة، فيما فالح الفياض من المحسوبين على العبادي.
وتقول المعلومات أيضا أنّ نائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس وهو الرجل الثاني في ميليشيا بدر بعد هادي العامري مرشّح للحلول محل الفياض.
ومنذ سنة 2003 بات احتكام ساسة العراق، وخصوصا الشيعة، لإيران في حلّ خلافاتهم، وحتى في طلب الدعم ضدّ بعضهم بعضا، أمرا مألوفا وسمة ملازمة للحياة السياسية في العراق، تكشف مدى نفوذ طهران وتأثيرها في القرار العراقي.
وفي حالة الصراع الحالي بين العبادي وشريكه في حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي، يؤكّد مطّلعون على الشأن العراقي صلة إيران الشديدة بالموضوع، موضّحين أنّ رئيس الوزراء السابق يؤسس هجومه على خلفه على إمكانية حرمانه من دعم طهران بقيادتها السياسية ومرجعيتها الدينية عبر إقناعها بأن العبادي أصبح خاضعا للإملاءات الأميركية، وخصوصا فيما يتعلّق بالحرب ضد داعش.
ومنذ مجيء العبادي إلى رئاسة الوزراء أبدى من خلال بعض الخطوات -على احتشامها- رغبة في إحداث نوع من التوازن في علاقات العراق بإيران من جهة، وبدول جواره العربي والقوى الدولية على رأسها الولايات المتحدة من جهة مقابلة، وهو ما ترفضه شخصيات شيعية نافذة في العراق حريصة على ربط البلد بالسياسة الإيرانية بشكل كامل.
وذكرت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين أن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي والنائب الحالي لرئيس الجمهورية يلعب دورا من وراء الستار في تقويض جهود حيدر العبادي من أجل مصالحة وطنية، وأنه ما زال يطمع في العودة إلى السلطة خلال الأعوام القادمة، مشيرة إلى أنّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية منحا الدعم للعبادي الذي ينظر إليه على أنه أكثر اعتدالا مقارنة بالمالكي غير المتعاون والمغرق في طائفيته.
ودعم الولايات المتحدة للعبادي يحرجه أمام القيادة الإيرانية ويعتبر ورقة في يد خصومه ومنافسيه.
وكانت لحيدر العبادي أمس في طهران لقاءات منفصلة مع كلّ من الرئيس الإيراني حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري وأمین المجلس الأعلی للأمن القومي الإیراني علي شمخاني. وقالت مصادر رسمية إيرانية إن روحاني والعبادي بحثا “العلاقات الثنائية والتهديد الإرهابي الذي يواجه العراق وتعزيز التعاون الأمني والعسكري لمواجهته”.
وخلال لقائه مع العبادي قال علي شمخاني إنّه نظرا إلی القدرات والطاقات العالیة فی العراق یمكن إعادة الأمن بشكل كامل إلی هذا البلد خلال فترة قصیرة، معترضا بذلك على قول مسؤولين غربيين إنّ القضاء على تنظيم داعش بحاجة إلی فترة تمتدّ لسنوات.
ومنذ سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق صيف العام الماضي سارعت إيران إلى التدخل في تلك الحرب عبر خبراء وضباط لها على رأسهم قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي لعب دورا كبيرا في تنسيق عمل الميليشيات الشيعية المنضوية تحت لواء الحشد الشعب والتي تقودها شخصيات شيعية نافذة من أمثال هادي العامري وأبومهدي المهندس اللذين يعتبران من صقور رعاية النفوذ الإيراني في العراق.
وعمليا تعتبر إيران متجاوزة للقيادة السياسية العراقية بشأن مشاركتها في الحرب على داعش من خلال تنسيقها بشكل مباشر مع قادة الميليشيات، الذين لا يتردّدون في المجاهرة بعدم التزامهم بقرارات رئيس الوزراء بشأن الحرب، على غرار العامري الذي سخر علانية من تصريح لحيدر العبادي أشار فيه إلى قرب بدء المعركة لاستعادة الرمادي من تنظيم داعش.
756 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع