العرب/بغداد - قال مسؤولون أميركيون وعراقيون إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يلعب دورا محوريا من خلف الستار لتقويض سياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما في دعم جهود رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي في بناء حكومة جامعة في بغداد.
وتتجمع مؤشرات كثيرة تؤكد أن المالكي لا يزال يطمح في العودة إلى السلطة بعد إجباره على تركها أواخر العام الماضي بضغط أميركي، وأنه يوظف صفته الحالية كنائب للرئيس العراقي لخلق ما يشبه تحالفا في أوساط الأحزاب الدينية المرتبطة بإيران وبين نوابها في البرلمان لمنع الحكومة الحالية من تحقيق نجاحات خاصة في المجال الأمني، ومن ثمة إفشال خطط واشنطن في تحقيق استقرار سياسي في العراق دونه.
وألقت الإدارة الأميركية بثقلها خلف رئيس الوزراء الجديد الذي تنظر إليه باعتباره أكثر اعتدالا من المالكي.
ورغم أن اختفاء المالكي من الساحة كان أمل الكثير من السياسيين العراقيين، إلا أن عضو البرلمان خالد مفرجي (سني) كشف عن أن المالكي “مازال يتحكم بصلاحيات واسعة”.
وقال المفرجي، الذي يرأس اللجنة البرلمانية لشؤون المحافظات والأقاليم، في حوار لصحيفة واشنطن تايمز الأميركية إن “العديد من السياسيين السنة في البرلمان يتطلعون للعمل مع العبادي، لكنهم يعتقدون أن يده مغلولة”.
ولا يزال المالكي يمتلك النفوذ الأوسع على ائتلاف الأحزاب الشيعية التي تتحكم بشكل كبير في أداء الحكومة، وأن “العبادي لا يستطيع الخروج من الدائرة التي رسموها له”، وفق ما أكده المفرجي.
واتّهم عبدالعزيز الظالمي، عضو كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري منذ أيام قليلة ما سماها “الأدوات السياسية” لنوري المالكي بعرقلة عمل حكومة حيدر العبادي.
وقال “إن الأدوات السياسية للمالكي، نائب رئيس الجمهورية الحالي، تعمل على عرقلة عمل حكومة خلفه حيدر العبادي وإظهارها بمظهر الحكومة الضعيفة”.
وأوضح الظالمي أن “بعض أعضاء كتلة المالكي دولة القانون، في البرلمان، يعملون على وضع العراقيل أمام حكومة العبادي، ويختلقون المشاكل، في مسعى لإضعاف العبادي وتحميله مسؤولية الأحداث الجارية في البلاد”.
لكن الإدارة الأميركية لا تبدو مستعدة لتوجيه النقد إلى المالكي في العلن، خوفا من إغضاب الأحزاب الدينية المسيطرة على الحكومة حاليا، وأنها تضع في حسبانها أن المالكي يمكن أن يعود إلى رئاسة الوزراء إذا أعيد انتخابه مرة أخرى في عام 2018.
ورغم إعفائه أكثر من 400 ضابط بينهم ضباط بارزون، إلا أن العبادي لم يتمكن بعد من تطهير الوزارة من الموالين لسلفه المالكي الذي عمل على إحكام السيطرة على الوزارات السيادية ليس فقط بتعيين عناصر من حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيسا الوزراء الحالي والسابق، ولكن بتعيين قيادات بارزة باعتماد مقياس الولاء الشخصي والأسري.
ولم ينس المالكي لخلفه العبادي أنه قطع عليه حلمه بالاستمرار في رئاسة الوزراء ثلاث دورات متتالية، معتبرا أن المنصب افتكّ منه بضغوط أميركية وبشكل مناف للدستور.
ويحاول المالكي أن يظهر بكونه أحد الداعمين لميليشيا الحشد الشعبي كطرف وحيد في مواجهة تنظيم داعش، ساعيا إلى التقليل من قيمة القوات العراقية ودورها، وسحب البساط من تحت قدمي العبادي في هذه الحرب، والرد على الفيتو الأميركي ضده.
ويقول سياسيون أميركيون ومسؤولون في أجهزة الاستخبارات إن المشكلة تكمن في أنه لا المالكي ولا العبادي يمتلكان النفوذ الأكبر على الميليشيات الشيعية التي تحارب تنظيم داعش، وتطلق عليها الحكومة تسمية “الحشد الشعبي”.
وأضافوا أن سياسات المالكي التي تهيمن عليها الطائفية “منحته مصداقية بين هؤلاء المتشددين الذين لا يرحبون بمبادرات حكومة العبادي لاحتواء السنة”.
ورغم أن اتهامات كثيرة وجهت لرئيس الوزراء السابق بالمسؤولية عن الهزائم التي تعرض لها العراق أمام داعش بسبب الخيارات الطائفية في بناء القوات العراقية إلا أنه دأب على تفسير ذلك الانهيار وقتها بوجود مؤامرة.
المصدر:
http://www.alarab.co.uk/?id=54962
762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع