احدى مطاعم الباجة
كانت الأكلة الأكثر شهرة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، بدأت في بغداد ثم انتشرت في جميع محافظات العراق فيما بعد ، ولها مطاعم خاصة يديرها أسطوات معروفون بصنعها، وكانت الباجه هي الوجبة الصباحية لمعظم العاملين، الذين اعتادوا على افتتاح صباحاتهم بتناول هذه الوجبة الدسمة المشبعة بالدهون ليستطيعوا اكمال يومهم المتعب بالعمل.
يقول العم علي راشد جويد وهو في الثمانينيات من عمره : ان عائلته اول من افتتحت محال الباجه، والده الذي ولد العام 1878 كان من الاوائل الذين قاموا بطبخ هذه الاكلة ليصبح له زبائن من كل مناطق بغداد، وليشتهر العراق فيما بعد بهذه الاكلة"
عن مهنة بيع الباجه في بغداد وتاريخ بيعها من قبل عائلته التي تعد من اقدم العوائل التي عملت في هذه المهنة يقول جويد " كانت العائلة كلها تعمل مع والدي في التحضير والتجهيز، واتسع العمل ليكون معه افضل العاملين مثل الحاتي والقيسي حتى غادروا محل والدي واصبحوا اصحاب اشهر محال للباجه في بغداد"
ويضيف جويد " رافقت والدي وانا في الخامسة من عمري، كنت مجرد طفل استمتع وانا انهض منتصف الليل وارافق والدي الى محل عمله، واشعر بأنه سيعتمد علي مستقبلا وانا امسك بفك الكبش وابذل جهدا لمساعدته بالتهيئة والتجهيز والتنظيف،وكبرت وكبرت مسؤوليتي في العمل، بل صرت اتولى العمل واحرص على ان اكون في مستوى مهارة وخبرة ابي في الطبخ والبيع، حتى اكتسبت الخبرة والمهارة وكنت ذا معرفة كبيرة في الاغنام الجيدة، واصبحت انا من يشتريها من المسلخ"
وأكمل جويد حديثه " كانت محال الباجه التابعة لابي تقع في منطقة العوينة التي تضم في السابق خانات كبيرة لبيع الابقار وخانات للعربات فيما كان يسكنها ما يسمى (المعدان) والذين يعملون في بيع الحيوانات، لذا فاقامة محال للأكلات الشعبية في هذه المناطق يكون لها مردود جيد وشهرة وروادها من العمال والكسبة، حتى اصبح لابي اكثر من محل في المنطقة، فكنت اشعر بالسعادة وانا اشهد توافد الزبائن على المحل ، بل وصار زبائنه من مناطق بعيدة، هذا ما شجعني لاتمسك بالمهنة واعلمها لابنائي و احفادي".
اما عن اهمية هذه الوجبة في الافطار فأشار جويد" في الحقيقة هي افضل وجبة افطار، بل ان تناول الباجه افضل من تناول القيمر والبورك اوالبيض، لانها تحتوي على مقويات للعظام مثل مادة الكالسيوم، وانا بالتحديد ومنذ ان كنت في الخامسة من عمري وحتى الان، لم اتناول وجبة افطار غير الباجه، بل واعمل لنفسي وجبتين، فحين افتح المحل الساعة الثانية ليلا، ابدأ بالعمل واضع القدور على النار وفي الساعة الثالثة اعمل مثل ما يقال (اختبار) فأتناول صحنا من الباجه للتأكد من طعمها وجودتها وبعد ان انهي العمل، وحين افتتح المحل للبيع اكون انا اول من يأخذ الفطور الثاني، وهكذا وحتى الان وانا اطرق ابواب الثمانين، لم اغير ما اعتدت عليه في الافطار وما زلت في صحة جيدة.
المصدر: كرملش لك
937 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع