تجربة حزب العمال الكردستاني في تركيا مازالت ماثلة أمام عيني الولي الفقيه
العرب/طهران- يستمر الاكراد في انتفاضتهم ضد النظام الإيراني في تطورات تتخطى بكثير حاجز انتحار فتاة في إقليم ماهاباد حاول ضابط استخبارات اغتصابها.
ويتذكر السياسيون الاكراد أياما صعبة تعرضوا فيها للقمع على يد قوات الحرس الثوري والاستخبارات التي يستخدمها نظام الولي الفقيه دائما لإخماد أي تحركات قد تظهر في الإقليم الذي ينادي بالانفصال.
وجمهورية ماهاباد، التي اعلنها الاكراد من جانب واحد، تقع في الجزء الجنوبي من محافظة أزربيجان التي تفرض عليها طهران قبضة حديدية. ودائما ما واجهت إيران قبل حكم الشاه محمد رضا بهلوي أخطارا تتمثل في محاولة الاتحاد السوفيتي فصل هذه المنطقة عن الإمبراطورية الإيرانية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
لكن أحداث العنف الاخيرة التي شهدتها المنطقة وراح ضحيتها المئات أعادت إلى الاذهان الكفاح المسلح الذي أطلقه حزب الحياة الحرة الكردستاني في إقليم مهاباد.
وقتل المئات من المدنيين وقوات الحرس الثوري وعناصر الحزب الذي تأثر بتجربة حزب العمال الكردستاني في تركيا بين عامي 2004 و2011 في حركة أثارت مخاوف رجال الدين في طهران الذين يرفضون بشدة انفصال مناطق الاكراد عن إيران الفارسية.
ويقول خصوم النظام الإيراني ان الانتفاضة التي تشهدها المناطق الإيرانية بعد مقتل فه ريناز خوسره واني حتى لا تتعرض للاغتصاب قد تتحول إلى سيناريوهات عنيفة تذكر بأيام المواجهات العصيبة.
فاطمة عثماني: الكرد في إيران ناقمون على السلطة لأنها تسلبهم كرامتهم وحرياتهم وحقوقهم القومية والثقافية
ومن بين المراقبين للاحداث فاطمة عثماني المتحدثة باسم مركز المنظمات النسوية في كردستان إيران، التي أكدت أن الأحداث التي تشهدها المدن الكردية في إيران، أسفرت حتى الآن عن اعتقال أكثر من 300 شخص في مدينة مهاباد، بينهم العشرات من النساء، وأكثر من مائة آخرين في مدينة سردشت، بينهم ثلاث نساء.
وأشارت إلى أن تلك الأحداث تمثل ردود أفعال غاضبة لدى الجماهير الكردية الناقمة على السلطات الإيرانية التي "تتعمد الإساءة إلى الأكراد وحرماتهم وكرامتهم بدوافع سياسية."
وقالت عثماني "الكرد في إيران ناقمون على السلطة لأنها تسلبهم كرامتهم وحرياتهم وحقوقهم القومية والثقافية والإنسانية، وتمنعهم من ممارسة أبسط الحقوق الديمقراطية، لذا فإنهم يغتنمون هذه الأحداث للتعبير عن مدى نقمتهم على السلطات الحاكمة".
وعلى ما يبدو فإن الاحزاب الكردية المعارضة وجدت طريقا لها لقيادة هذه المظاهرات التي بدت وكأنها تأخذ طابعا منظما بمرور الوقت. ولا يختلف الاكراد، الذين يتعرضون إلى قمع منظم على أيدي السلطات، على ان انخراط الأحزاب في التظاهرات التي بدأت بشكل عفوي يشكل مظلة مهمة لدعمها.
وقالت عثماني أنه "بلا شك هناك المئات من أنصار الأحزاب الكردية المعارضة في صفوف المتظاهرين، الذين يعتبرون تلك الأحزاب الجهات السياسية الممثلة لإرداتهم الحقيقية".
وأضافت "الأكراد في إيران لا يثقون بالقضاء الإيراني ويشككون في نزاهته لذا فمن المتوقع صدور أحكام قضائية جائرة بحق المعتقلين من المتظاهرين".
الأحداث الأخيرة أعادت إلى الاذهان الكفاح المسلح الذي أطلقه حزب الحياة الحرة الكردستاني في إقليم مهاباد
وإذا ما حكم على أعداد كبيرة من الاكراد بعقوبات قاسية كما هي العادة في إيران في مواجهة التظاهرات والاحتجاجات فمن المنتظر أن تتوسع دائرة تلك الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى غير كردية.
ومن أكثر المناطق المرشحة للتجاوب مع احتجاجات الاكراد أقاليم الاحواز التي كانت تعرف في السابق باسم عربستان والتي تسكنها أغلبية تتحدث اللغة العربية، ويغلب على سكانها المذهب السني.
ولا تريد السلطات الإيرانية ان ترى تفاقما في الأحداث يخرجها عن السيطرة. ويرغب النظام في استكمال المفاوضات مع القوى الغربية حول الملف الإيراني دون حدوث اي اهتزازات محتملة على صعيد الجبهة الداخلية.
ومن المتوقع ان يتوصل الطرفان إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي، الذي شكل دائما عائقا لتقارب إيران مع الغرب، قبل حلول 30 يونيو المقبل، الموعد النهائي لحسم المفاوضات.
ومن المؤكد ان سياسات إيران، التي بدأت علاقاتها مع دول الخليج تصل إلى طريق مسدود، ستشهد تغييرات واسعة على المستوى الإقليمي بعد هذا الاتفاق.
وإذا ما استمرت احتجاجات الاكراد فلن تتردد الاحزاب الكردية في طلب الدعم من نظرائها في تركيا كما اعتادت خلال المواجهات الدموية التي جرت مع الحرس الثوري في السابق. ويقول مراقبون ان دولا عربية قد تلجأ أيضا إلى دعم فصائل أخرى معارضة داخل إيران التي تتبع سياسات عرقية وطائفية ضد الأقليات.
1282 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع