الطالبات الجامعيات في العراق يفضلن الزواج من زملائهن

          

على الرغم من عروض الزواج المغرية التي تقدّم للطالبة الجامعية او المتخرجة حديثا، إلا أنها تفضل أن يكون شريك عمرها المقبل جامعياً أو زميلا سابقا، لتقليل الفوارق الطبقية والتعليمية، وهي ظاهرة منتشرة في العراق، حيث تكثر الزواجات بين الزملاء.

إيلاف/ وسيم باسم /بغداد: تبرز في الجامعات العراقية كما في المجتمع عامة ظاهرة إقبال الشباب على الزواج، ما يشير الى رغبة جمعية على الاقتران. ويعزي رحيم الاسدي (طالب جامعي) ظاهرة الزواج بين طلاب الجامعات الى ازدياد التعليم الجامعي المختلط، حيث تنشأ علاقات حب وإعجاب بين الطالب وزميلته.

 وعلى رغم ان الكثير من الطلاب يفضلون الزواج بعد التخرج الا ان البعض منهم يتزوج اثناء فترة الدراسة. ويقول الطالب في جامعة بغداد محمد حسن، إنه تعرف إلى زميلته لمياء جاسم بعد اعجاب متبادل، افضى الى علاقة عاطفية تكللت بالزواج.

ويتابع حسن: انا في المرحلة الرابعة وزوجتي في المرحلة الثالثة وآمل في الحصول على وظيفة بعد التخرج، لكي اساهم في تحسين وضعي الاقتصادي.

الزيجات الجامعية ناجحة

ويؤكد الطالب أحمد الصالحي أن اغلب الزيجات الجامعية ناجحة لأنها تقوم على الحب والإعجاب المتبادل، يضاف الى ذلك التقارب الثقافي والعلمي بين الاثنين مما يساهم بشكل كبير في إرساء التفاهم.
ويضيف: ساهمت هذه الزيجات في تشكيل أسر سعيدة ومنتجة، تلعب دورا طليعيا في المجتمع.

وإضافة الى الزواج بين الطلاب، فان هناك اساتذة تزوجوا من طالبات.
ويقول نادر الجبوري، مدرس جامعي، إن الاعجاب المتبادل مع طالبة قاده الى الاقتران بها مؤكدا انهما لم يمرا بمرحلة العلاقة العاطفية في الجامعة. وأضاف: قررنا الزواج مباشرة، وهو زواج ناجح مضى عليه خمس سنوات.
وحول فارق السن يقول الجبوري: فارق السن يقل تأثيره كثيرا بين زيجات النخب الاكاديمية او الجامعية، وكلما ازداد المستوى العلمي او الثقافي قل تأثير الفارق في السن.

ويسير خط الزواج بين زملاء الدراسة، جنبا الى جنب مع ظاهرة الزواج المبكر والزواج من فتيات صغيرات السن.
ويشهد الوسط الجامعي العراقي ازديادا ملحوظا في اعداد الطالبات الجامعيات، حيث يشكلن حضورا لافتا في مختلف الاختصاصات.

لكن الاحصائيات تشير الى انتشار ظاهرة (تأخر سن الزواج) في صفوف الشباب لأسباب مادية بالدرجة الاولى، على رغم ان كثيرين يفضلون تزويج ابنائهم مبكراً بغية تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لهم.
الباحثة الاجتماعية هيفاء المياحي تثني على زواج الشباب اذا قام على اسس صحيحة، لأنه يُشعر الشباب بروح المسؤولية ويبعدهم عن الانزلاق في فعاليات غير أخلاقية، وتحثهم على التفوق الدراسي.

وتفرق المياحي بين هذه الزيجات والأنواع الاخرى من الزيجات المبكرة التي تحدث في المجتمع والتي تنتهي في بعض الاحيان بالطلاق لأنها تقوم على منافع مرحلية او نزوة، مما يجعلها عرضة للفشل.
وتخمن المياحي نحو خمسين زيجة بين طلاب جامعات بغداد ومدن أخرى هذا العام.

أعباء اضافية

الطالبة هناء مال الله التي تزوجت العام الماضي من زميل (معيد) في الجامعة، تقول إنها لم تكن تفكر بالزواج لكن الظروف سنحت لها التعرف على زميل، وأسفرت علاقتهما عن زواج مضى عليه الآن ستة اشهر.
وتعترف هناء أن زميلاتها المتزوجات يعانين من أعباء إضافية وهي المسؤولية المنزلية وتربية الأطفال.

و تتابع: بعض (الجامعيين) المتزوجين يعيشون في مساكن الطلبة، وهو ما يجعلهم مشغولين الى جانب الدراسة، اما الذين يعيشون مع الاهل فان الامر اسهل بالنسبة لهم، حيث تتولى الأسرة جزءا من المسؤوليات مثل تربية الاطفال.
وتؤكد هناء أن طلاب التخصصات العلمية والطبية والهندسية المتزوجين يعانون من ضغوط دراسية وأسرية اكبر.

لكن الباحثة هناء لا ترى أن الأمور تسير بسهولة ويسر بالنسبة للطلاب المتزوجين، بسبب الضغوط المادية والدراسية، داعية الجهات المعنية الى دعم هذه الشريحة التي تسهم في بناء اسر ذات مستوى اكاديمي وعلمي تكون مدعاة لمجتمع متحصن بالمعرفة.
الشاب على محسن (22 سنة) من النجف (160 كم جنوبي بغداد) تزوج من زميلته حيث يدرسان سوية ويتعاونان في الجامعة والبيت، وهو مثال لزواج مبكر ناجح، لكنه مازال نادرا في المجتمعات التقليدية مثل المجتمع العراقي.

الاستاذ الجامعي كريم الفتلاوي يبين أن الزواج بين طلاب الجامعات ليس جديا في العراق، فقد عرفته جامعة بغداد منذ تأسيسها. ويتذكر الفتلاوي الذي تخرج من الجامعة في بداية السبعينيات ان حفلات اعراس جامعية كانت تنظم داخل اروقة الجامعة.
ويتابع: الكثير من طلاب العراق عاشوا علاقات عاطفية مع الطالبات، لكنها في اغلبها لم تنته الى زواج، وكانت تنتهي بمجرد تخرج الطالب او الطالبة.

وجامعة بغداد هي أكبر الجامعات العراقية، تقع في وسط العاصمة العراقية بغداد، وتم تأسيسها في أواخر الخمسينيات.
ويرى الفتلاوي الذي عمل في الحقل الجامعي لمدة ثلاث عقود أن الوسط الجامعي العراقي تندر فيه حالات الفساد الاخلاقي لكنه لا يخلو منها.
وبحسب الفتلاوي فان القيم الدينية والأخلاقية والأعراف الاجتماعية تحد من محاولات الانفتاح المنفلت، مؤكدا ان هناك الكثير من العلاقات العاطفية بين الطلبة، وهي محاولات على طريق التفاهم لأجل الزواج، لكن القليل منها ينجح في الوصول الى الانتهاء بالزواج وتكوين اسرة.

شباب العراق اكثر انفتاحا

ويعتبر غلاء المهور والمغالاة بمتطلبات الزواج من قبل أهل الفتاة، اضافة الى مستوى الدخل المنخفض للطلاب، مشكلة امام الشباب الذين ينوون الزواج اثناء فترة الدراسة.
اسراء محمد، الطالبة الجامعية تؤكد أن شباب العراق اليوم اكثر انفتاحا وتمييزا بين الزمالة الدراسية والعلاقة العاطفية كما ان هناك حدود للصداقات غير مسموح بتجاوزها...

وتقول: الوسط الجامعي، فضاء نقي وصحي وأي حالة تحرش تدان من الجميع.
اسراء تعترف بأن أعداد العلاقات العاطفية في تزايد مستمر بين الطلاب، ولكنها لا تتجاوز الامر الى اكثر من ذلك في اغلب الاحيان.

 وتربط اسراء بين الزواج في الجامعات والحالة الاقتصادية، فكلما كانت الظروف الاقتصادية صعبة، تضطر الأسرة الى تزويج الفتاة الجامعية في سن مبكر.
وهناك سبب آخر بحسب اسراء، فالأسر المحافظة ترغب في زواج الفتاة بسرعة، لأنه يوفر حصانة اجتماعية للمرأة لاسيما وإنها تعيش في وسط جامعي ذكوري في صفاته الرئيسية.

شروط الزواج

الطالبة الجامعية لمياء حميد تؤكد هذه الحقيقة، حيث تقول إن اهلها اشترطوا عليها الزواج من ابن عمها كشرط لاستمرارها في الجامعة، لكنها اقنعتهم بعدم جدوى ذلك.
طالبة جامعية اخرى هي سوسن حسن المتزوجة منذ سنتين من زميلها الجامعي تؤكد ان الزواج في المرحلة الجامعية لا يتيح إنجاب الأطفال بسبب الواجبات الدراسية والمنزلية، وان مشروع انجاب طفل بالنسبة لها مشروع مؤجل لحين التخرج.
الباحثة الجامعية تماضر حاتم، تؤكد ان الزواج (الجامعي) في ازدياد، على رغم ان البعض يتحدث عن تأثيرات نفسية سلبية للزواج المبكر حيث تتعرض الفتيات لضغوط اجتماعيه ودراسية تؤثر على الصحة والتركيز على الدراسة، لكن الزواج في نفس الوقت يعزز في داخلها روح الشعور بالمسؤولية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1084 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع