حسابات سياسية معقدة تجعل واشنطن تغض الطرف عن سليماني رغم تصنيفها له كإرهابي
العرب/بغداد - تعاظم دور الجنرال قاسم سليماني في العراق، وظهوره الميداني المتكرّر هناك، أصبحا مثار قلق جهات أميركية تخشى أن تكون إيران بصدد تحويل نفوذها في العراق إلى احتلال مقنّع، ومن ثمة دعوة تلك الجهات إلى إجهاض ذلك المخطّط باستهداف رأسه المدبّر.
وطالبت أوساط أميركية الرئيس باراك أوباما باستهداف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ضمن ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق.
وجاءت هذه المطالبة على خلفية تحذيرات من داخل العراق، وأيضا من دوائر سياسية وعسكرية أميركية، من أن سليماني الملقّب بالقط لشراسته ودهائه، بصدد العمل على تجيير الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش في العراق لمصلحة إيران، وأنه بصدد التأسيس لمشروع “احتلال إيراني مقنّع للعراق”، عبر جيش رديف يتكون من آلاف المتطوعين الشيعة في ما يعرف بالحشد الشعبي يؤطرهم ويقودهم المئات من صفوة الخبراء العسكريين الإيرانيين بالاشتراك مع أبرز قادة الميليشيات الشيعية في العراق.
وجاءت المطالبات باستهداف سليماني بعد نشر صور جديدة له في محافظة ديالى شرقي العاصمة العراقية بغداد، بعد ظهورين له في السابق، الأول في سوريا والثاني في مدينة آمرلي الكردية العراقية في سبتمبر الماضي. وتظهر الصور سليماني وهو يتناول الغداء مع قادة شيعة في المحافظة.
وقالت مجلة “كومانتري” الأميركية إن سليماني على رأس قائمة المطلوبين في وزارة الدفاع الأميركية، وأن استهدافه يتطلب قرارا سياسيا أولا.
وفي عام 2007 أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فيلق القدس تنظيما إرهابيا “لمسؤوليته عن دعم حركة طالبان ومنظمات إرهابية في أفغانستان ودول أخرى”. لكن القرار ضاع في نهاية المطاف وسط نقاشات أعضاء الكونغرس، على الرغم من أن سياسيين أميركيين قالوا في وقت سابق إن غض الطرف عن التقرير تم بإيعاز من البيت الأبيض لأسباب تتصل بالمفاوضات مع طهران.
قاسم سليماني
◄ ولد سنة 1957
◄ يقود فيلق القدس التابع للحرس الثوري
◄ اكتسب أهم خبراته القتالية خلال الحرب العراقية الإيرانية
◄ يتلقى أوامره مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي
◄ أحد أبرز مهندسي التدخل الإيراني في سوريا والعراق ولبنان ومنفذيه
◄ تصنفه الولايات المتحدة كإرهابي
وأثار ذلك حفيظة وسائل إعلام أميركية انتقدت عدم جدية أوباما تجاه نوايا إيران، قائلة إن تحركات سليماني، التي باتت علنية في العراق يبدو أنها ستستمر لعامين قادمين حتى يناير 2017 “عندما يكون لدينا في البيت الأبيض رئيس جديد يفهم المعنى الجوهري من وراء الحرب على الإرهاب”.
وقالت مجلة “كومانتري” إنه إذا كانت الولايات المتحدة جادة حول اتهاماتها لفيلق القدس فسيكون أمامها خياران فقط: الأول هو محاولة القبض على سليماني في العراق كما فعلت القوات الأميركية واعتقلت مقاتلين إيرانيين تابعين للتنظيم من قبل، في محاولة كانت على ما يبدو تهدف إلى اعتقال سليماني نفسه. والخيار الثاني، بحسب المجلة، هو “أن تقوم الطائرات الأميركية باستهداف كل الإرهابيين، وليس ببساطة استهداف هؤلاء الذين ينتمون فقط لتنظيم داعش”.
وأعاد ظهور الجنرال سليماني في العراق مجدّدا التكهنات بشأن الدور الإيراني في محاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا. وهذه ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها طهران الكشف عن دورها الرسمي الذي يقوده سليماني في الحرب على داعش في العراق.
وفي أواخر أكتوبر الماضي، نشرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية تقريرا مثيرا للجدل قطعت فيه الشك باليقين بشأن لعب إيران الدور الأكبر في قيادة القوات المسلّحة العراقية وإدارة عملياتها ضد تنظيم داعش في العراق.
واكتسب التقرير حينها صبغة توثيقية بإرفاقه بسلسلة من الصور لسليماني إلى جانب مقاتلين على الأراضي العراقية.
لكن، على الجانب الآخر، يقول دبلوماسيون غربيون إن الولايات المتحدة ليست بعيدة عما تفعله قوات الحرس الثوري الإيراني في العراق، “بل ربما يكون هناك تعاون بين الأميركيين والإيرانيين على الأرض”. ويضيف الدبلوماسيون أن مباركة واشنطن لما تقوم به إيران في العراق “لا تعني أن الجانبين أصبحا حليفين. فالإيرانيون والأميركيون كلاهما معنيّ بممارسات الدولة الإسلامية في العراق لكنهما ليسا على نفس الضفة من النهر، إذ أن مشعلي الحرائق ورجال الإطفاء هم أيضا معنيون بالحريق، لكنهم بالتأكيد لا يسعون إلى تحقيق نفس الهدف”.
ويقول مراقبون إن الوضع الطبيعي أن يظل رأس منظمة مصنّفة إرهابية وتعمل في الظل كفيلق القدس مختبئا عن الأنظار. لكن على ما يبدو فإن سليماني يصر على إقناع العراقيين بأن إيران هي من يمتلك اليد العليا في دعمهم، على عكس الولايات المتحدة التي تسعى طهران دائما إلى إظهار أن جهودها في العراق تتسم بالفشل.
وفي تقرير وكالة فارس شدّدت طهران على هذا المعنى. وجاء في التقرير أنه “أصبح جليا للجميع أن الشعب العراقي بجميع طوائفه ومكوناته لا يثق إلاّ بالجمهورية الإسلامية وقد عرف عدوّه من صديقه وأصبح فيلق القدس الباسل المدافع عن الإنسانية رمزا للتحرير والوفاء، فقد قدمت هذه القوات الدعم الاستشاري واللوجستي لحماية العراق من الانهيار”.
ويعتقد خبراء أن طهران تقف بالتعاون مع موسكو وراء شائعات تجتاح العراق وتروّج إلى أن واشنطن هي من خلق تنظيم داعش ويقدم له الدعم حتى الآن.
991 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع