دفعت عمليات تفجير أثمن المواقع التراثية في مدينة الموصل، مجموعة من الطلاب والضباط السابقين إلى تشكيل نواة أول مقاومة مسلحة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام، المعروف باسم “داعش”، الذين سيطروا على المدينة، الواقعة شمال العراق، قبل أسابيع..
ولم يلق عناصر تنظيم الدولة الإسلامية صعوبات كبيرة لفرض سيطرتهم على المدينة، فيما لا تزال قوات كردية متمركزة على الأبواب، وقوات عراقية بعيدة.
وقال أنور علي (23 عاما)، الذي انخرط بكتائب الموصل المسلحة التي تمكن قناصوها من قتل أربعة مسلحين من “داعش” الأحد الماضي، إنه يأمل أن يتم طرد هؤلاء الجهاديين من الموصل بالكامل
وذكر هذا الطالب الجامعي “التحقت مع مجموعة من الطلاب الجامعيين وموظفين ورجال أعمال بكتائب شعبية أطلقنا عليها اسم كتائب الموصل”، وفقا لوكالة فرانس برس
وأضاف: “لكن بعض المشاركين اقترحوا أن نغير اسمها إلى جيش النبي يونس ثأرا لمرقد النبي يونس الذي فجره (مسلحو) داعش قبل أيام” حسبما أورد موقع “عاجل
وتبنَّى التنظيم الجهادي، الذي أعلن الخلافة في المناطق التي سيطر عليها، الشهر الماضي، تفجير عدد من أماكن العبادة التي يعود تاريخها إلى قرون من الزمن
وبين هذه المواقع مسجد ومرقد نبي الله يونس، الذي يحظى بقدسية لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، بالإضافة إلى عدد كبير من الشواهد والمساجد والتماثيل التي تجسِّد تاريخ هذه المدينة الغني، وقد حُولت إلى ركام.
ويضيف أنور علي أن “حملة تفجير المساجد والمراقد والكنائس والآثار التي يقوم بها هذا التنظيم التكفيري المتشدد لا تعدو كونها حملة لطمس هوية وشخصية الموصل الحضارية والتاريخية والإسلامية
وأعرب عدد كبير من سكان مدينة الموصل ذات الغالبية السنية، عن ترحيبهم بالجهاديين الذين قدموا من سوريا المجاورة في بداية الأمر، ورأوا فيهم خلاصًا من تضييق قوات الأمن العراقية، لكن هذا لم يدم فترة طويلة.
وقال محافظ نينوى أثيل النجيفي لفرانس برس إن “تفجير المراقد كان نقطة تحول بالنسبة لسكان المدينة الذين كانوا يعتقدون بتأجيل أي مواجهة مع داعش
وأوضح المحافظ في اتصال هاتفي من مقر إقامته في كردستان التي لجأ إليها بعد سقوط الموصل أن الإعلان عن كتائب الموصل كان المفروض أن يتأخر أكثر، لكنه بسبب ظهور الاعتداءات على المراقد والمسيحيين، قررت بأن تقوم ببعض العمليات السريعة كرد مباشر عن هذه الجرائم
بدوره، قال ضابط سابق يشرف على الكتائب، لكنه رفض الكشف عن اسمه، لفرانس برس “باشرنا بتنفيذ واجبات ونشرنا قناصين في بعض المناطق وتمكنَّا من قتل أربعة من الدواعش في حي البكر وحي سومر وشارع النجيفي الأحد الماضي
لكن المحافظ وشهود عيان من المدينة تحدثوا عن مقتل خمسة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الهجمات الثلاثة المتفرقة
وقال الضابط “نحن نعمل على تنفيذ المزيد من الواجبات خلال الأيام القادمة” مضيفا “لقد هددنا وتوعدنا كل من يتعاون مع هذا التنظيم المجرم بأي شكل من الأشكال”.
ونشرت الكتائب على مواقع التواصل الاجتماعي بيانًا طلبت فيه من سكان الموصل الإدلاء عن مواقع عناصر داعش، خصوصًا هؤلاء الذين استولوا على ممتلكات المسيحيين وشاركوا بتفجير المراقد
وأثار تفجير المراقد الغضب حتى بين بعض أنصار الجهاديين في المنتديات التي تُعنى بأخبارهم
وكتب أحد الجهاديين، ويطلق على نفسه اسم فاروق العراق “الذين يدعون أنهم دولة إسلامية وتقوم على منهاج النبوة.. عليكم تطبيق النصوص ولا تخرجون عن النصوص التي هي من زعمكم ورد فيها كلمة (هدم
وأضاف: “لقد خالفتم النص بتفجيرها؛ لأنه لا يوجد لفظ التفجير- إذن على ماذا استدللتم في مشروعية عملكم؟
واعترض الكثير من الجهاديين الذين كانوا في السابق أعلنوا تأييدهم لإعلان الخلافة الإسلامية بزعامة أبو بكر البغدادي، على هدم الأضرحة واعتبروا أنه لا يوجد تبرير منطقي لهذا الفعل.
بدوره، قال إحسان فتحي الذي يعمل مع جمعية الآثار العراقية “أعتقد أن معارضة شعبية هو الطريق الوحيد الذي بقي لإنقاذ الشواهد التاريخية المتبقية
وأضاف: أدرك أنني أطلب شيئا في غاية الصعوبة نظرًا للسجل المروع لهؤلاء المتعصبين، لكننا بحاجة إلى شجاعة الآن قبل فوات الأوان
ويبدو أن هناك بعض المؤشرات إلى أن هذه الأمنيات قد بدأت تتحقق، فقد قام عدد من سكان المدينة بالاعتصام حول مأذنة الحدباء التي تشبه برج إيفيل بانحنائها وتعود إلى القرن الثاني عشر، بعد أن أعلن تنظيم الدولة الإسلامية أنها الهدف القادم وشكلوا دروعا بشرية لحمايتها
وقال باتريك سكنر وهو محلل يعمل مع مجموعة سوفان الاستشارية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها إن “هذا الفعل قد يقلب الناس ضدها”، موضحا أن تنظيم “الدولة الإسلامية لن يجد أحدا إلى جانبه إذا قام عدد من الناس ليقولوا لهم هذا يكفي
ويقدر عدد سكان مدينة الموصل بنحو مليوني نسمة، فيما يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف
وتعد مئذنة الحدباء رمزا وطنيا تاريخيا في العراق وطبعت صورتها على إحدى الأوراق النقدية ذات العشرة آلاف دينار
وقال سكنر إن “مئذنة الحدباء أشبه ببرج إيفيل بالنسبة لأهل الموصل، وأعتقد أن تدميرها من شأنه أن يؤدي إلى ما هو مفقود في العراق، وهو رد فعل وطني، لذلك أتصور أن هناك عملية حسابية تجري لدى عناصر التنظيم
ودعا محافظ نينوى إلى دعم دولي لمساعدة نواة المقاومة لعناصر داعش في الموصل
738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع