ثورة نيسان – مايس 1941 الجزء الاول (الفرهود )
اتهمت ثورة رشيد عالي الگيلاني ورفاقه التي قامت في نيسان ومايس 1941 بشتى التهم الباطلة لكون المنتصر بالاخير هم الانكليز ومن والاهم من اهل العراق ، والصهيونية العالمية التي اغتنمتها كفرصة (للمظلومية وتشجيع اليهود العراقيين للهجرة الى فلسطين) ، لذلك كانت الدعاية الممولة من دولة الاحتلال بريطانيا والحلفاء كبيرة جدا ساعدها سحقهم للثورة معتمدين على قوتهم الجبارة ومعرفتهم بادق تفاصيل الجيش العراقي ومخازن عتاده ومستودعات الوقود للطائرات والعجلات وغيرها ، والذي منعوا تسليحه نتيجة الاستعمار المباشر ثم غير المباشر بعد ان قبل العراق كعضو في عصبة الامم.
وقد لوحظ ومنذ زمن ليس بالقليل تزييف احداث من قبل جهاة معادية للعراق والامة العربية ( و الدين الاسلامي الحنيف ) مستغلين سيطرتهم على الالة الاعلامية في العراق وخارجه ، وعدم تمكن الوطنيين الشرفاء من الردعلى تلك التزييفات لشتى الاسباب . وآخرها استغلال حادثة ( قتل عدد من المنتسبين في صحيفة شارل ابيدو من قبل جهات ارهابية ). للتحريض ضد العرب والاسلام وتصدر رئيس الارهاب ( نتن ياهو ) الصف الاول وبحضور بعض ( حكام الدول العربية ) للمظاهرة التي جرت في باريس تنديدا بالقتل ( وليس بالاساءة والاستفزاز المؤدي الى الجريمة ) واظهار الصهاينة بانهم دعاة سلام وجعلوا انفسهم ضحايا للارهاب وهم اكبر من يمارسه قبل احتلالهم فلسطين ولحد هذا اليوم .
الموضوع يتضمن تمهيدا لما سيأتي لاحقا و سأبدأ بما سمي (الفرهود) في الايام الاولى للقضاء على الثورة الوطنية لعام 1941 ،متضمنا نتائج التحقيق الذي اجرته وزارة المدفعي التي نصبها الاحتلال البريطاني بعد احتلال بغداد مجددا في نهاية مايس 1941 .والتحقيق جرى في تموز 1941 وتحت حراب المحتل الانكليزي . واجريت تصرف بسيط جدا في الاقتباس لغرض اختصار المقال دون المساس بالمحتوى ، وسيتبع هذا المقال مقالات اخرى تبين حقيقة ما جرى قبل وخلال وبعد الثورة ومسبباتها ، معتمدين على مصادر متعددة وتمثل وجهة نظر البريطانيين والسياسيين العراقيين المؤيدين للثورة والمؤيدين للوصي ونوري السعيد.
بدأ العدوان البريطاني من البصرة
بدأ الاعتداء البريطاني على العراق من البصره حيث نزلت القوات البريطانية في البصرة يوم 30 نيسان 1941 خلافا لمعاهدة ( الاذعان ) لعام 1930 مع بريطانيا ( رغم جورها ورفضها من قبل الشعب العراقي ) وبدأ الاصطدام مع الجيش العراقي بعد ذلك بيومين ..
حيث ابرق رئيس الوزراء البريطاني ( ونستون تشرشل) الى الجنرال(ويفل) قائد القوات البريطانية في الشرق الاوسط البرقية التالية بعد انزال القوات البريطانية في البصرة خلافا لاتفاقية عام 1930 :
الجنرال ويفل
( لم يكن في الامكان تجنب التدخل في العراق . كان علينا ان نؤسس قاعدة في البصرة ، وان نراقب هذا الميناء بقصد المحافظة على نفط ايران عند اللزوم )
وهذه البرقية دليل قاطع على خرق الحكومة البريطانية لاحكام معاهدة 1930 مع العراق وان العدوان واعادة احتلال العراق بشكل مباشر كان مبيتا ومخطط له سابقا بوجود حكومة الثورة او الحكومة العميلة للانكليز .
احتل الجيش البريطاني مدينة العشار ومتصرفية اللواء ( المحافظة ) وسراي الحكومة يوم الاربعاء 7 أيار بهجوم مفاجيء. واجتمع قائد الحملة البريطانية الجنرال (فريزر) مع وكيل المتصرف ( المحافظ )في سراي الحكومة وعند استفسار وكيل المتصرف عن اسباب هذا الاحتلال المفاجيء رد فريزر ( ان مضايقتنا ادت الى ان نلجأ لهذا السبيل) . وكان الجيش العراقي في البصرة قد انسحب الى مدينة القرنة تنفيذا للاوامر الصادرة من قيادة اركان الجيش لتجنب الاحتكاك مع القوات البريطانية .
و مع بدأ اطلاق الناراضطر سكان محلة ام البروم الى الدفاع عن انفسهم ، واشترك معهم افراد من الشرطة ،وجماعة من ابناء العشائر،الذين جاءوا من اطراف المدينة لنجدة اهلهم وذويهم ،وكانوا قد سحبوا من مستودعات الحكومة مالزمهم من سلاح .
وهكذا اشترك الطرفان في معركة دلت نتائجها على ان الجنود الكوركا ( وهم مجندين نيباليين من الهند الصينية يعملون بأمرة الجيش البريطاني ) ودخلوا البصرة بصحبة القوات البريطانية ، لم يشتركوا في قتال من قبل ، الامر الذي اسفر عن تكبدهم زهاء 100 اصابة دون ان يفقد المدافعون شخصا واحدا ً ، ولما شعر البريطانيون بعظم الخسارة التي حلت بقواتهم اوعزوا لجنودهم كسر بعض الحوانيت في سوق العشار لحمل الغوغاء والسراق على انتهاب اموالها، والانشغال عن مقاتلة الجيش البريطاني ، كما ان بعض اليهود فتحوا دورهم ومكنوا الجنود البريطانيون من نصب رشاشاتهم فوق سطوحها لقهر المدافعين ، فعمد االمدافعين الى كسر حوانيت اليهود دون ان يعتدوا على احد منهم ، وهكذا تم سحب القتلى( الكوركا) من ميدان المعركة .
الجنرال / ويفل
نهب البصرة
لجيوش الاستعمار اساليب خاصة في احتلال المدن والقصبات، وتفكيرها في كيفية اشغال الرأي العام عن اعمالها . وقد وجدنا قادة الجيش االذي احتل العشار في صبيحة يوم الاربعاء 7 ايار 1941 يسهلون انتهاب الاسواق ليصرفوا الناس عن التفكير في مقاومة المحتل.
وتكررت الحالة بعد تلقي قادة الجيش الغازي تقارير عن وجود فكرة لدى البصريين لنجدة اهل العشارو مقاومة احتلال المدينة ، فعمدوا الى تشجيع الدهماء والسراق على الانتقال الى البصرة ونهبها ،فما هي الا سويعات حتى انتقلت حركة النهب والسلب من العشار الى البصرة فعمت الفوضى الاسواق ،ودخلت المدينة الكبرى عناصر الهدم والتخريب ، وقد ساعد على انتشار هذه الفوضى ترك افراد شرطة البصرة واجباتهم،بعد سماعهم بانسحاب مدير الشرطة مرافقا للقطعات العسكرية الى القرنة وبقائهم دون قيادة .
وبادر وجهاء البصرة بانقاذ الموقف ، فاخذوا بعض النساء اليهوديات الى بيوتهم وارسلوا حراسا ً الى الذين لم يبق مكان لايوائهم،وتأمين حماية المدينة .
هذا ما حدث في البصرة لحين ان تمكن وجهائها من السيطرة على عمليات السلب والنهب فيها دون تدخل قوات الاحتلال لمنعها كما تجبرهم القوانين والاعراف والاخلاق .
حوادث بغداد
بعد عقد الهدنة وانتهاء العمليات العسكرية والتهيئة لعودة الوصي الى بغداد تحت الحراب البريطانية ، اكد كل من ارشد العمري امين العاصمة ومدير الشرطة السيد حسام الدين جمعة للوصي بان الامن سوف يستتب في بغداد . ولكن وعندما تحقق للدهماء بان الجيش البريطاني لن يدخل بغداد- لان قائده رفض ذلك على اساس ان هذا الدخول يمثل خطرا على قواته في شوارع بغداد الضيقة - اقدموا على نهب حوانيت اليهود ،بعد ان عمد بعض اصحاب هذه الحوانيت على رفع الاعلام البريطانية عليها ، وسخروا من المسلمين المندحرين.هذا ما جاء في كتاب( ثلاثة ملوك في بغداد تاليف العقيد جرالد ديغوري الملحق العسكري البريطاني في بغداد) ص 204 و 205 .
في يوم الاحد المصادف الاول من حزيران 1941 صادف عيد زيارة النبي يوشع عند اليهود، فخرج لفيف منهم الى المطار المدني ، للاحتفال والمشاركة في مهرجان استقبال الامير عبد الاله .
وكان فريق من المسلمين والمسيحيين قد خرج الى هذا المطار للغرض نفسه فحدثت مشادة كلامية بين احد اليهود واحد المسلمين ادت الى ضرب ولكم اشترك فيها لفيف من الفريقين واسفر عن جرح 17 يهوديا ً توفي منهم اثنان .
فاسف الجميع لهذا الحادث غير المنتظر،واعتبر حادثا اعتياديا ً انتهى باعتقال المعتدين. فلما كان مساء اليوم التالي اذاعت متصرفية لواء بغداد بيان يسمح للجمهور بالتجول في العاصمة وضواحيها ليلا ً اعتبارا ً من مساء الاثنين الموافق 2/6/1941 ( وكانت حكومة الگيلاني قد اصدرت امرا لمنع التجول ليلا في بغداد وضواحيها مع اقتراب القوات البريطانية من بغداد للحفاظ على سلامة المواطنين ) . وكان هذا اكبر خطا ترتكبه لجنة الامن الداخلي او متصرفية لواء بغداد، ودلت على عدم ادراك حركات اليهود الاستفزازية .فقد اعتبر الجمهور ان الحال في العاصمة اصبحت اعتيادية ،فما كاد اليهود يرتادون مجالس النزهة والتسلية، ونوادي الترفيه ،ويعلنون عن ابتهاجهم باندحار الكيلاني وتأييدهم للاحتلال البريطاني ، بينما كانت قطعات الجيش العراقي المنسحبة من ميادين القتال، وتبدوا عليها اثار الخيبة والكآبة . ويظهر ان بعض الشبان اليهود النزقين اظهر شماتة بهذه النتيجة ،واسمع افراد الجيش المنسحب الكلمات الاستفزازية النابية ادت الى ردود فعل غاضبة من الجنود نتجت عنها اصطدامات بينهم تطورت الى ما سيأتي لاحقا.
وكان الجيش البريطاني الزاحف على بغداد يتلمس وسيلة لالهاء الاهالي عن التصدي لقواتهم المحتلة ،على نحو مافعله بالعشار في صباح يوم 7 ايار 1941 فشجع ويسر الاصطدام بين اليهود من جهة والجيش والمواطنيين الرافضين للاحتلال من جهة اخرى ،فجرت مناوشات كلامية بين الفريقين نحو الساعة الثامنة مساءا ً، تطورت الى تدافع وتضارب فاقتتال ،فاسرعت سيارات الشرطة المسلحة الى مواضع الاضطراب،واستطاعت ان تعيد السيطرة وبسط الامن.
كانت القطعات العراقية في اليوم التالي 2 حزيران مستمرة في انسحابها، من جانب الكرخ الى معسكر الرشيد عابرة جسر (المامون) فتكررت حركات الشبان اليهود الاستفزازية ،وغلا الحماس في نفوس فريق من الشبان المسلمين، فحدثت تراشقات مؤسفة بين شبان الفريقين تطورت الى صدامات دامية. كما هاجم بعض ابناء العشائر المحيطة ببغداد بعض الانحاء منها وشرعوا في انتهاك البيوت والاسواق ونهبها ، وانظم لفيف من الرعاع اليهم،فوقعت حوادث ادمت القلوب وخلقت الرعب في النفوس . ويقول الكاتب اليهودي اليعازر في كتابه ( Eli ezzer beir.. army officers in arab polities and society p40 ) لم يشترك جميع المسلمين من السكان في سفك الدماء ولقد كان البعض منهم اخذوا قسم من اليهود الى دورهم وحفظو لهم ارواحهم وممتلكاتهم . لقد شمل النهب و السلب الجميع بما فيهم اليهود دون تفريق بين شخص اخر .
هذا موجز لما حدث وستأتي التفاصيل في ما سيرد في تقرير التحقيق .
التحقيق في الحوادث
تشكلت لجنة للتحقيق بحوادث يومي 1 و 2 حزيران 1941 بناءا على قرار مجلس الوزراء الصادر يوم 7 حزيران 1941 .
وفيما يلي نص تقرير لجنة التحقيق حول الحوادث :
لجنة التحقيق عن حوادث يومي 1 و 2 حزيران عام 1941 .
اجتمعت اللجنة براسة السيد محمد توفيق النائب وعضوية كل من ممثل وزارة الداخلية السيد عبد الله القصاب، وممثل وزارة المالية السيد سعدي صالح ،باثنتي عشر جلسة وقررت مايلي :-
خلاصة القضية
في يوم 1 – 6 – 1941 اعلن للملأ خبر تشريف صاحب السمو المعظم فهرع الناس لاستقبال سموه وقد خرج بعض افراد اليهود مستبشرين فرحين بمناسة حلول عيد النبي يوشع ،وانفراج ازمة الاصطدام المسلح ، وعندما وصلوا جسر الخر صادفهم بعض الجنود فشاهدوهم على تلك الحالة فلم ترق لهم وثارت حفيظتهم فانهالوا عليهم ضربا ولكما ً وجرحا ً بالسكاكين ، فهرب منهم من استطاع الهروب ومن لم يستطع ذلك فقد جرح ، وقد شاركهم في هذا الحادث بعض الاهلين ( الاهالي) . وقد وقع هذا الاعتداء على مرأى من الشرطة ومن رجال الانضباط العسكري. ثم اخذت الشرطة تجمع المجروحين وتنقلهم الى المركز (في الكرخ). وقد بلغ عدد الجرحى 16 شخصا وقتيل واحد وقد ارسلوا الى المستشفى فتجمهر الناس امام المستشفى بغية الهجوم عليه، والفتك بالمضمدين والممرضات من اليهود ، فخرج عليهم مدير المستشفى السيد جميل دلالي ، ورجاهم ان يتفرقوا فطلبو اليه ان يسلمهم اليهود من رجال ونساء ، فاجابهم بان النساء خادمات الانسانية ، فطالبوا بالرجال ، وبالاخص اليهودي حسقيل المضمد فوعدهم وذهب واخبر الشرطة فحضر فصيل من القوة السيارة وبدد ذلك الجمهور. وقبض على عدة اشخاص منهم ، ولم تجري آنذاك التعقيبات ضد الجنود وبعض الاهلين (الاهالي) من المعتدين . وقد شاع ذلك بطبيعة الحال بين الناس، ومن في قلوبهم مرض ، فحصل اعتداء اخر في جانب الرصافة اذ شوهدت جثة قتيل على رصيف شارع غازي بالقرب من السينما، فاخبرت الشرطة وحضر المعاون فوجدها جثة يهودي ولم يعرف القاتل . وفي هذه الاثناء جاء يهودي مجروح فسقط على الارض ومات حالا قبل ان يخبر من الذي قتله ، وقد لحق علم الشرطة انذاك بوجود عدة قتلي في محلة (ابي سيفين) فذهبت وجمعت القتلى ، وكان عددهم 8 وتبين ان الفاعلين هم بعض افراد الجنود وشاركهم بعض الاهلين ( الاهالي ) وعلى اثر هذا حصل تجمهر في شارع الامير غازي، وارادت الشرطة ان تفرق الجمهور فلم تستطيع فاستدعت سيارة مسلحة واخذت السيارة تطلق نيرانها في الهواء ، فتفرق الجمهور في باديء الامر معتقدا ان النار تطلق عليهم ، ولما علم بان النار تطلق في الهواء بادر الى دور اليهود فهجم عليها ،وصار يجرح ويقتل وينهب وكانت الشرطة تحضر الى محلات الحوادث فتقابلها الجماهير بالتصفيق وتهتف لها بحياتها . باعتبارها تساعد على النهب والسلب , وكان ذلك لعدم اطلاق النار على الجماهير بصورة مباشرة وبقيت تلك الليله بكاملها يجري فيها القتل و النهب على مرأى من الشرطه، ويضاف على ذلك ان قسم من افراد الشرطة والمفوضين قد اشتركوا في النهب والسلب والقتل، وان متصرف بغداد كان يتجول في شارع الامين ومعه مدير شرطة بغداد فصادف بعض افراد الجنود ومعهم رشاشا وكانوا يطلقون النار على دور اليهود وادعى انه امر الشرطة بأطلاق النار فأطلقت الشرطة نيرانها في الهواء، وان بعض الجنود اطلقوا نيرانهم على المتصرف ،ومدير الشرطة بصورة مباشرة ،فلاذا خلف جدار هناك ولولا ذلك لاصابهم وابل الرصاص . وفي اليوم الثاني يوم 2 حزيران 1941 في الساعة السادسة صباحا استمرالسلب والنهب وكسر الابواب وقد شوهدت سيارة للجيش في شارع الامين تنقل اثاثا بيتية من بعض دور اليهود ...
فتعرض لها السيد علي خالد الحجازي مدير شرطة بغداد فأجيب بأنه هناك مقرا للطيران قد انتقل وهم ينقلون اثاثه مع ان الاثاث كانت بيتية ،فتعرض لسيارة اخرى اهلية وعجلة كانتا تحمل امتعة من نفس الدار ، فأحاط به جمهورا من الناس وطلبو اليه الكف عنهم . وقد شاهد افراد الشرطة تطلق النيران في الهواء ، وكلما سأل احد منهم عن سبب ذلك يجيبه بأن المتصرف ومدير الشرطة امرا بعدم اطلاق النار على الاهلين ( الاهالي ) ، فتركهم وجاء الى مقر الشرطة العام . وفي نفس الوقت جاءت سيارة لوري عائدة الى الجيش الى محلة السنك وكانت بدون رقم , وفيها ضابط برتبة ملازم اول ومعه 4 جنود مسلحين وحاملين بأيديهم الهيمات (الات حديدية ضخمة تستعمل للقطع والكسر ) و وقفت عند مقر مدرسة الصنائع , واجتمع عليها تلامذة المدرسة المذكورة وكتائب الشباب ، ثم هجموا على دور الحي العائد لليهود ، وكسروا ابواب 9 دور ونهبوا ما فيها من متاع واثاث , وقد فر اهلها منها وتركوها تنهب ، ونجوا بأنفسهم . وحتى ان الشرطة لما تحرت مقر مدرسة الصنائع في ذلك اليوم وجدت فيه اموال منهوبة تعود الى بنت ابراهيم حييم نائب بغداد التي تقطن في ذلك الحي ( السنك) وكان بعض افراد الشرطة يلج ( يدخل ) بيوت اليهود ويطلب منهم اجرا عن المحافظة عليهم فيدفعون ماكان موجودا لديهم من المبالغ للشرطة . ولم تكتفي بذلك بل كان بعض افرادها يساعدون الاهلين على السلب والنهب.
اما السيد علي خالد الحجازي بعد ان شاهد بعض الجنود يملؤن السيارات بالمنهوبات (كما اسلفنا) ولم يستطع منعهم ذهب الى مقر الشرطة العام وكان قد بلغ التأثر اشده ، وبين الى مدير الشرطة العام وامين العاصمة ومتصرف بغداد بأن بعض الجنود اخذو بالنهب والسلب والقتل والجرح . وكان اذ ذاك العقيد حميد رأفت وكيل امر الفرقة الاولى حاضرا فأنكر ذلك على السيد علي بشدة وادعى بأنه لايوجد في بغداد ولا جندي واحد . وقال ان افراد الشرطة هم الذين يعتدون فطلب اليه السيد علي المومى اليه ان يرافقه الى محل الحادث في شارع الامين فرافقه هو ومتصرف بغداد ولما وصلوا الى شارع الامين وجدوا السيارات قد ذهبت بما فيها من الامتعة و وجدو بعض افراد الجيش خارجين من دور اليهود وفي جيوبهم وعلى ضهورهم الاموال المنهوبه، فترك حميد رأفت سيارته وامر الجنود برمي ما يحملونه من المنهوبات وضرب احدهم ، ولما رأى متصرف بغداد تفاقم الحال طلب من حميد رأفت ان ينجده بجنودا لتهدئة الحال فذهب كلاهم الى مقر الفرقة وترك السيد علي مكانه . وكانت الجماهير قد فرغت من نهب الدور وتدقفت الى الشارع واخذت بكسر الحوانيت بدون تمييز ونهب ما فيها فعاد السيد علي الى مقر الشرطة العام وطلب من مدير الشرطة العام اعطاء الامر بأطلاق النار على الجماهير بصورة مباشرة ،والا عمت الفوضى جميع البلد .وكان معاون مدير الداخلية العام السيد مصطفى القرداغي اذ ذاك حاضرا فكلف مدير الشرطة العام بأطلاق النار بصورة مباشرة فأجابه بأن ليس لدية امر بأطلاق النار على الاهلين بصورة مباشرة , فأجابة السيد مصطفى القرداغي بأن ذلك لايحتاج الى اصدار الامر . فقال له مدير الشرطة العام ان حميد رأفت يمنع من اطلاق النار . فكلف المتصرف بأعطاء الامر باطلاق النار على الناهبين فرفض المتصرف ذلك واجابه بأنه لايعطي امر بقتل احد . وعندئذ طلب امين العاصمة من سمو الوصي المعظم تلفونياً اعطاء الامر بأطلاق النار على المعتدين ، فأمر سموه بذلك ، وان امين العاصمة اعطى امرا تحريريا معطوفا على امر سمو الوصي المعظم الى السيد علي خالد الحجازي بأطلاق النار على المعتدين فأخذ السيد على خالد سياراتين مسلحتين برشاشتين وذهب فأطلق النار على المعتدين فولو هاربين تاركين ورائهم الاموال المنهوبة في الشارع ، وقد حضر متصرف بغداد الى مركز الشرطة ، فورد انذاك امر سمو الوصي المعظم التحريري بأطلاق النار , فتسلمه واخذ سيارتين مسلحيتن وذهب الى نفس الغرض . وفي خلال ساعه او زهاء الساعه اخليت الشوارع من كل احد , ودخل لواء الخياله وفوج من المشاة لتهدئة الحاله وصاروا يجمعون المنهوبات. وقد قبضوا على اشخاص عديدين كانو يحملون الاموال المنهوبة واقتادهوم الى مراكز الشرطة ومعهم ما نهبوه. و في اليوم الثالث والرابع بقي الجيش مسيطرا .
اما حوادث السلب والنهب في الكرخ في يوم 2 حزيران 1941 فقد وقعت باديء ذي بدأ من قبل بعض افراد الجيش الذين تم استفزازهم من قبل بعض الشبان اليهود ، وقد شاركهم بعض الهمج من الاهلين فنهبوا 4 دور و 13 دكان .
اما في الاعظمية فقد هجم بعض الجنود على بعض البيوت فكسروا ابوابها ونهبو ما فيها بعد ان تسرب اليهم خبر النهب والسلب في بغداد وشاركهم بعض الرعاع من الاهلين وخفت الشرطة اليهم فبددتهم بعد ان نهبو 10 دور او اكثر ولم يحدث هناك قتل او جرح .
اما في الكرادة الشرقية ففي يوم 1 حزيران 1941 لم يحدث شيء ما الا انه في يوم 2 حزيران في الساعة التاسعه ونصف صباحا باشر بعض افراد الجيش بالقتل والنهب والسلب والجرح فقتلوا ستة اشخاص من اليهود وواحد من المسلمين عند قيامه بحراسة دار احد اليهود وجرحو ستة اشخاص من اليهود وقد قتل اثنان من المعتدين . اما نهب الدور فكان قد وقع من قبل بعض الجنود حيث قد احضروا سيارة للحمل فنقلوا فيها ما نهبوه من امتعه واثاث وقد اشترك معهم بعض الاهلين فنهبت 61 دار و 3 حوانيت واستعيد القسم الاعظم من المنهوبات التي وجدت لدى الاهلين . وقد قبض على الكثير من الاهلين الذين اشتركوا في النهب وسيقوا الى المجلس العرفي العسكري وحكم عليهم بأحكام مختلفة ولم يحدث شيء ما في منطقتي العلوية والبتاوين .
اما عدد القتلى فبالنظر لما جاء في افادة حاكم التحقيق انهم 110 بضمنهم 28 امرأة . وهم من اسلام ( مسلمين ) ويهود اما الجرحى فكانوا 204 وهم كذلك من الاسلام واليهود . اما رئيس الطائفة اليهودية فيدعي ان القتلى والجرحى اكثر من ذلك وان الحوانيت والمخازن المنهوبه عددها 586 محلا وان ثمن ما نهب منها يبلغ (271.402)دينار ويدعي ان الدور المنهوبه عددها 911 وان الضرر الذي لحقهم يبلغ (383,878)دينارا . اما هذه اللجنة فتشك في صحة هذا الاحصاء لانه لم يكن مبنيا على حقيقة واذا شاءت الحكومة معرفة الضرر بصورة حقيقية فيجب تشكيل لجنة خاصة لها . اما الاعتداء على عفاف العائلات فلم تقع شكوى عنه ، يدعي رئيس الطائفة بأنه وقع على ثلاث او اربع .
المسؤولون على الاضطرابات
يظهر مما تقدم ان البدء في الاضطرابات قد وقع من قبل بعض الجنود مباشرة واشترك معهم الاهلون وكان بالامكان توقيف هذه الحركة لو كانت دائرة الانضباط العسكري قبضت عليهم في اليوم الاول في الكرخ واوقفتهم ، ولتمكنت بذلك من دفع وقوعها في اليوم الثاني في الرصافة غير ان اهمالها و تقاعسها وتغاضيها قد شجع الباقي على تسرب الحوادث الى الرصافة. كما وان الشرطة لو كانت حازمة وقائمة بواجباتها لمحافظة الامن ودرء الخطر والقبض على المعتدين الذين قاموا بأول حركة في الكرخ لكانت قمعت الحركة من فورها ومنعت تسربها الى الرصافة الا انه مما يؤسف له ان الشرطة كانت قامت بوظيفة المتفرج وحتى عندما اجتمع جمهور غفير في باب مستشفى الكرخ للقضاء على اليهود كان قد استدعي المعاون محمد علي لتفريقهم ولما طلب من المتجمهرين ان يتفرقوا صاروا يهزؤن به ويضحكون منه، فطلب من افراد الشرطة ضربهم بالعصي فأمتنع افراد الشرطة من ضربهم فأغضبه ذلك وصار يضرب افراد الشرطة كي تضربهم ( الاهالي ) ولم تضربهم الشرطة الا بعد هذه المهزلة .وبعد ذلك اخرجوا الممرضات والمضمدين اليهود وذهبوا بهم الى منازلهم خشية وقوع اعتداء عليهم في المستشفى . وهذه المهازل قد ادت الى تسرب الحادث الى جانب الرصافة بصورة اوسع وافضع وكذلك لو ان الشرطة في الرصافة اتخذت الحيطة والتدابير المقتضية لتأمين سلامة الاهلين واموالهم بعد وقوع حادثة الكرخ واصدرت الاوامر باطلاق النار على المتجمهرين مباشرة ( وهذا من واجبها القانوني ) لكانت الحالة هدأت و قمعت الحركة اول نشوبها , الا ان امتناع الشرطة عن اطلاق النار على المعتدين ادى الى تفاقم المشكلة .وقد ثبت فعلا انها لم تقمع الابعد اطلاق النار بصورة مباشرة , وان كثيرا من كبار موظفي الدولة قد اشارو على مدير الشرطة العام السيد حسام الدين جمعة وعلى معاونه السيد عبدالله عوني وعلى متصرف بغداد السيد خالد الزهاوي بلزوم اطلاق النار بصورة مباشرة على الفاعلين فكان الجواب بأن ليس لديهم امر بذلك وكان يدعي السيد حسام الدين جمعة بأن الجيش يمتنع عن اطلاق النار بصورة مباشرة ولكن اللجنة هذه لم تتوصل الى درجة صحة هذا القول لان المومى اليه قد سافر بأجازة الى الاستانه .
وعليه تجد اللجنه ان المسؤولية في الدرجة الاولى تقع على مدير الشرطة العام ومتصرف بغداد ومدراء الشرطة السيد ابراهيم الشاوي في الكرخ والسيد عبدالله عوني في منطقة السراي والسيد درويش لطفي في منطقتي العباخانة والكرادة ومدير شرطة بغداد السيد عبدالرزاق فتاح وفي الدرجة الثانية على امر الانضباط العسكري المقدم مظفر ابراهيم ،وكذلك امر الفرقة الاولى عبدالحميد رأفت الذي كان بأمكانه منع الجنود من الخروج من ثكناتهم بعد ان وقعت حادثة الكرخ .
اما لجنة الامن الداخلي وان كانت قد الفت للمحافظة على الامن فأنها كانت قد اعدت خطة للمحافظة على الامن وقد صادقت عليها رئاسة اركان الجيش بحينها وبلغت الى مدير الشرطة العام ومتصرف لواء بغداد والزعيم الركن حميد نصرت وامر الانضباط العسكري ومديرو شرطة القوة السيارة و شرطة المدرسة وشرطة المعقل و شرطة الكمارك والمكوس و شرطة السكك الحديدية و شرطة التحقيقات الجنائية والاقامة , الا انه ويا للاسف لم يطبق منها ولا بند واحد ولو طبقت بحذافيراها لما حصلت هذه الحادثة الخطيرة مع العلم بأن لجنتنا لاتستطيع تبراءة اعضاء لجنة الامن الداخلي من المسؤولية عن تهدئة الحالة نظرا لقبولها تحمل مسؤولية الامن مبدئيا.
وان التساهل مع يونس السبعاوي وصديق شنشل قد شجعت جماعة يونس السبعاوي وكتائب الشباب والحرس الحديدي والقوة السبعاوية الوطنية وغيرهم من الذين كانو ملتفين حوله بالاشتراك في هذه الحوادث المؤسفة . لتترك هذه اللجنة تقدير مسؤلية لحنة الامن الداخلي من هذه النقطة الى مجلس الوزراء الموقر وتوصي هذه اللجنة بسحب يد كل من مدير الشرطة العام ومتصرف بغداد ومدراء الشرطة المذكورين والعقيد حميد رأفت وامر الانضباط ومعاونه وكافة الضباط وافراد الانضباط المسؤولين الذين كانو تحت امرته وقت الحوادث وسوقهم الى المجلس العرفي العسكري .
اما معاونو الشرطة ومأمورو المراكز والمفوضون وافراد الشرطة فالذين قامو ا بالسلب والنهب منهم فقد اوقف قسم منهم واجريت التعقيبات بحقهم والذين لم يظهر بحقهم شي من هذا القبيل فأن اللجنة لايسعها توجيه المسؤولية على احد منهم حيث ثبت بأن مدرائهم هم الذين اوعزوا اليهم بعدم اطلاق النار على المتجمهرين بصورة مباشرة .
اسباب الاضطرابات
قد تبين للجنة من التحقيقات التي قامت بها ان الاسباب الاساسية التي احدثت هذه الاضطرابات هي الدعاية النازية حسب التفاصيل الاتية :-
1-المفوضية الالمانية ان المفوضية الالمانية كانت تبث الدعاية النازية منذ مدة طويلة وكانت تنشرها بين ضباط الجيش بشتى الطرق والوسائل .
وان الحركة التي قام بها بكر صدقي كانت نتيجة تلك الدعايات وبتأثيراتها الكبيرة وصار يتصل بالجهات الالمانية لجلب الاسلحة الا ان الدعاية الشيوعيه قد تفشت انذاك فخافها بكر صدقي وشكل مجلس عسكري للقضاء عليها وان الحكومات المتعاقبة كانت تحارب الشيوعيه واهملت امر النازية . وعندما اعلنت المانية الحرب على انكلترا فأن الحكومة العراقية قطعت علاقتها مع المانية ولكنها لم تقطعها مع حليفتها ايطاليا رغم انه معاهدة 1930 مع بريطانيا لا تلزم العراق بذلك .
2- مفتي القدس السيد امين الحسيني وحاشيته التي دخلت العراق معه ، ان هذا الرجل كان قد استقبله العراق بحماس شديد فأستغل الوضع وأخذ يبث الدعاية النازيه عن طريق التظلم على فلسطين وبأسم العروبة والدين وقد اثر في رجال الحكم وفي قوات الجيش تأثيرا كبيرا وان الاعانات التي كانت تجمع لمنكوبي فلسطين كان يصرفها لدعايته .
3-المعلمون الفلسطينيون والسوريون فأن هؤلاء كان تأثيرهم في تلامذة المدارس اقوى من تأثير زعيمهم المفتي وكانوا كلما شعرو بحركة الحكومة ضد النازية حركوا هؤلاء وهيجوهم فيقومون بالمظاهرات . وقد احسنت الحكومة الحاضرة صنعا في فصلهم واخراجهم من البلاد.
4- محطة الاذاعة الالمانية باللغة العربية فأن هذه المحطة ساعدت الدعاية النازية في العراق الى حد كبير بعد ان اباحت حكومة رشيد عالي السماع اليها فكانت تبث الدعايات الكاذبة عن فلسطين ! فسممت افكار الراي العام ولازالت بعض الافكار المسمومه تستمع اليها بصورة سرية رغم منع الحكومة لاستماعها .
5- الاذاعة العراقية خلال الشهرين المنصرمين نيسان ومايس 1941 التي كانت تقوم بها حكومة رشيد عالي وتذيع فيها المساوئ الكاذبة في فلسطين وفيها تحريض عظيم وصريح ضد اليهود فكهربت بها السواد وضعيفي العقول في بغداد .
6-الفتوة وكتائب الشباب الذين تلقوا النازية من الفلسطينين والسوريين عندما تولوا امر محافظة بغداد وخصوصا عندما استدعى يونس السبعاوي رئيس الطائفة اليهودية وكلفه بأن يخبر افراد الطائفة بأن لايخرج احد منهم من داره في ايام الجمعه والسبت والاحد المصادف 30 و 31 مايس و 1 حزيران 1941 حفاظا على سلامتهم .
فهذه اهم العوامل التي سببت هذه الاضطرابات وان الذي ابتدأ فيها كما سبق وبسطناه هم بعض الجنود في الجيش بعد استفزازهم وسخرية اليهود منهم . وقد شاركهم بعض الشرطة من افراد وضباط وشجعوا بذلك العامه على تلك الافعال الشائنة وقد ثبت بأن الغاية لم تكن السلب والنهب فحسب وانما كانت بدافع الانتقام حيث ظهر من هذه الحوادث بأن السالبين لم يستطيعوا حمل بعض المسلوبات لضخامتها فحطموها بمواضعها كي لايستفاد منها وقد حطموا زجاج الابواب والنوافذ وقطعوا التجهيزات الكهربائية وكانو يفتحون حنفيات الماء ويتركونها تجري كي تغرق الدور هذا ما يدل على روح الانتقام .
لماكانت الاموال المنهوبة قد بقي منها ما لم يستهان به ولم يسترجع وحيث تجد اللجنة ان هذه الاموال قد دخلت الى بيوت كثيرة في بغداد وضواحيها فلذلك ترتأي لزوم التحري في جميع الدور بصورة عامة ومراقبتها مراقبة شديدة اثناء التحريات كي لا يتسرب المال المنهوب خلسة من دار لم تفتش الى دار فتشت وتذهب بذلك الاتعاب سدى .
ان حوادث التهديد الى حد الان لم تنقطع من قبل بعض الضباط وبعض افراد الجيش وقد وقعت كثير من هذه الحوادث في الاونة الاخيرة كان بعض الضباط والافراد يتجولون في ازقة اليهود يتهددون ويتوعدون كل من يدلي باخبار ضد افراد الجيش و الاهلين ولذلك فأن اليهود محجمون عن الاخبار لاي سلطة كانت حول حوادث القتل والسلب والنهب ما لم تتخذ الحكومة الاجراءات الكافية لمعاقبة الفاعلين و ترتأي اللجنة ( اذا كان في الامكان) ارسال الجنود والضباط الى المعسكرات الخارجية في الوقت الحاضر ليطمئن اليهود ويقدمون على الاخبار . تجد اللجنة ان الدعايات السيئة مازالت دائبة دئبها الاول ويقتضي ان يقضى عليها بحزم وعزم . وكذلك تجد اللجنة من الضروري جمع الاسلحة النارية والجارحة في بغداد واذا وافقت الحكومة على اجراء تحريات عامة في الدور والمنازل فبوسعها جمع الاسلحة اثناء التحريات فيتم ذلك بطريقة سهلة .
هذا جل ما توصلت اليه اللجنة من التحقيقات وما توصي بأجرائه من التدابير .
وصدر في اليوم 14 جمادي الثاني 1360 هجري والموافق لليوم 8 تموز 1941
سعدي صالح عضو
عبدالله القصاب عضو
محمد توفيق النائب عضو
انتهى التقرير
اما ملاحظاتنا على التقرير وسير الاحداث فيمكن تلخيصها وحسب رأي كاتب المقال وكما يلي :
مما يلاحظ عن نتيجة لجنة التحقيق المشكلة من قبل الحكومة المؤيدة والمنصية من قبل الاحتلال البريطاني لجأت الى ما يدين الجيش العراقي وبعض القوى الوطنية المعارضة للاحتلال وابعدت اي ذكر او مسؤلية لجيش الاحتلال وكما يأتي :
1_ابرزت مسؤلية الاحداث على الجنود المنسحبين من ساحات القتال دون ان تشير الى الاستفزازات والتشفي الذي اظهره بعض الشباب اليهود بهم مما ادى الى بعض الاشتباكات مع الجنود المحبطين والذين كانوا يأملون باستقبالهم بما يليق بهم بعد شهر كامل من القتال الصعب مع جيوش استعمارية تفوقهم عدة وآلة تدميرية رهيبة .
2_ابرزت اللجنة الخسائر التي اصابت اليهود دون ان تشير الى ما اصاب غيرهم من المسلمين نتيجة الفوضى التي حدثت بعد قمع الثورة .
3_لم تشير اللجنة الى مسؤلية قوات الاحتلال التي شجعت اعمال الاخلال بالامن كي تكون بمأمن عن عمليات المقاومة التي كان يقودها يونس السبعاوي واجباره على ترك العراق وحالت دون تمكنه من المحافظة على الامن . وهذا ما حدث في البصرة يوم 7 مايس 1941 ولم تستشهد به اللجنة محاباة للانكليزواعوانهم.
4_نتيجة التحقيق صبت في صالح المحتلين البريطانيين والموالين لهم من خلال ابراز الحوادث المؤسفة دون ابراز دور المقاومة الوطنية التي ابداها العراقيون لقوات الاحتلال .
5_ صورت اللجنة بان العراقيين ايدوا اعادة احتلال العراق ( علنيا ) مرة اخرى من خلال الاحتفالات بعودة الوصي بحماية الانكليز.
6_ ادمجت قوات الفتوة والحرس الحديدي وكتائب الشباب والقوة السبعاوية ( الوطنية الغيورة على وطنهم ) مع الرعاع والغوغاء الذين نفذوا الجريمة بحق بغداد حينها .
7_ الغت اللجنة كل شعور وطني رافض للاحتلال ويؤيد الثورة من خلال اعتبارهم نازيين يؤيدون دول المحور وكأن العراقيين لا مبدأ ولا مشاعر وطنية لديهم وهذه جريمة بحق الشعب العراقي .
8_ لم يشر التقرير الى السفير البريطاني في العراق وهو الحاكم الفعلي حينها والى الدور الذي لعبه سلبيا كان اوايجابيا ! والامر كان على ما يبدوا تنفيذا لاوامره بابعاد بريطانيا عن الحوادث وجعلها امرا داخليا ليس الا !.وكان السفير البريطاني في بغداد قد اعلن بعد تشكيل الوزارة في 2 حزيران 1941 ( ان امام هذه الوزارة الكثير من الامور والاعمال . فعليها( امر واجب ) قبل كل شيء ان تعيد العلاقات مع بريطانيا الى سابق عهدها ، وان تعاقب المتمردين ومثيري الفتن ، وعليها اعادة ولاء الجيش والشرطة وسائر الخدمات وتكافح الدعاية المحورية ، وتستبدل المشاعر المعادية لبريطانيا ) وارسل برقية بذلك الى لندن يعلمها بانه قد اصدر تعليماته للوزارة المشكلة يوم 2 حزيران بتنفيذ ذلك .
9_ لم يشر التقرير الى دور القوى الصهيونية ودخولهم الى العراق وتزويد المتشددين من اليهود بالسلاح ( بحجة الدفاع عن النفس) والحقيقة هي لزيادة الفوضى و نشر الذعر بين اوساط اليهود لدفعم الى الهجرة الى فلسطين بغية ازاحة سكانها الاصليين واسكانهم في قراهم وبلداتهم..
( وقد اعترفت الاوساط الصهيونية بدخول مجرم الحرب موشي دايان وزير العدوان الصهيوني الاسبق الى بغداد حاملا السلاح الى اليهود في بغداد وبقية انحاء العراق ).
كان هذا من التاريخ ولكننا لمسناه وبشكل واضح عند دخول القوات الغازية ( الامريكية وحلفائها ) للمدن العراقية وخاصة بغداد عندما شجعت الدهماء والغوغاء ويسرت لهم النهب والسلب وتحت انظارها وبحمايتها بهدف صرف القوى الوطنية عن مقاومتها وجعلت القتل يجري في الشوارع بين الناهبين انفسهم لتأمن قواتها من المقاومة .
ثم بدأت الالة الاعلامية بوصف المقاومة الوطنية لقواتها بالارهاب وادخلت القاعدة والمجاميع الارهابية الاخرى لغرض الاقتتال الداخلي فيما بينها وكل من يقاتل قوات الاحتلال هو ارهابي كما كان كل من يرفض الاحتلال البريطاني هو نازي .
10_ من الملاحظ بان اية كتابة او تصدي لما يسمى ( الفرهود ) لم تشر ابدا الى استدعاء يونس السبعاوي لرئيس الطائفة اليهودية وابلاغه بعدم خروج المواطنيين اليهود للايام الجمعة والسبت والاحد 30 و31 مايس و1حزيران حفاظا على سلامتهم ولو انهم عملوا بهذا التوجيه لما حصل الاحتكاك وجرى ماجرى ، وهنا يتحمل المسؤلية من لم يبلغ او يلتزم بهذا التوجيه من الحاكم العسكري بعد انسحاب الحكومة من بغداد . مما يؤيد رأي من يتهم الصهيونية وبريطانيا في افتعال حوادث الفرهود لارهاب المواطنيين اليهود واجبارهم على الهجرة الى فلسطين وكذلك خلق الفوضى والهاء المواطنين وقوى المقاومة عن مقاومة القوات البريطانية الغازية .
11_ يلاحظ من التقرير الحقد على المدرسين والموظفين العرب وتحميلهم مسؤلية ما حدث دون التطرق الى اي موظف بريطاني ( وكأنهم كانوا ملائكة وتهمهم مصلحة العراق اكثر من مصلحة بريطانيا ) . مما يحرض على رفض مبدأ وهدف توحيد الوطن العربي . وهذا ما يحدث في العراق منذ الاحتلال عام 2003 ولحد الان .
12_ من كل ماجاء في سياق الحوادث و تقرير لجنة التحقيق لا توجد اية دلالة او اشارة الى ان احداث يومي 1و2 حزيران كانت للثورة يد بها وان ما حدث كان بشكل عفوي بدأها الاستفزاز المباشر لافراد من الجيش المنسحبين من ساحات القتال استغلها ( او هيأ لها الجيش البريطاني ) لالهاء كتائب المقامة عن قتالهم والصهيونية لبث الرعب في المواطنيين اليهود لحثهم وتشجيعهم على الهجرة الى فلسطين . وبعض ضعفاء النفوس والقتلة والسراق . وكان يونس السبعاوي له بعد نظر فيما سيحدث من خلال توصيته لرئيس الطائفة اليهودية بملازمة المواطنيين اليهود منازلهم كما ورد في التقرير .
وهناك ملاحظة مهمة تصب في مصلحة الوصي عبد الاله وهي اصداره الاوامر بالرمي المباشر على المتمردين الغوغاء والقتلة والسراق والذي نفذته قوات الجيش والشرطة لاجل تأمين الحماية للمواطنيين بعد الفوضى الكبيرة وقد تمت السيطرة على الفوضى نتيجة هذا الامر الجريء ، ولولا هذا الامر لكان حدث الاسوأ ( على الرغم بانه غير مخول دستوريا لاعطاء هذا الامر ) ولكنه تحمل المسؤلية واصدر الاوامر بالرمي المباشر والذي ادى الى مقتل عدد من الغوغاء . وهذا يحسب له وليس عليه . فالشدة تكون مطلوبة ضد نفر قليل لاجل حماية الوطن . ولم نسمع او نقرأ لوما على الوصي او تحميله مسؤلية مقتل الغوغاء او قدم الى محكمة او اثيرت عليه مثل هذه التهمة !
استغلت الدعاية الصهيونية هذه الاحداث لاجل اجبار المواطنيين اليهود العراقيين الى الهجرة الى فلسطين لاجل احلالهم محل اصحاب الارض الفلسطينيين الذين شردوا من ديارهم وحل محلهم الغرباء من اليهود رغما عنهم ونسمع من هؤلاء الذين حلو محل الفلسطيننين في ديارهم يتباكون على النازحين في العراق وهم يسكنون في ارض مغتصبة فاين الحق في ادعاءاتهم؟
المصادر:
الاسرار الخفية في حركة السنة 1941 التحررية الطبعة الخامسة للسيد عبد الرزاق الحسني
ثلاثة ملوك في بغداد للعقيد جرالد دي غوري الملحق العسكري البريطاني
تاريخ الوزارات العراقية الجزء الخامس للسيد عبد الرزاق الحسني
2991 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع