سميرة علي مندي:بعد سنوات طويلة أمضتها في مهجرها الاسترالي، تؤكد الفنانة التشكيلية برتان عبد القادر جقماقجي أن كركوك تبقى هي الطفولة والذكريات، والمهجر بالنسبة لها مكان ترسم فيه بحرية.
الفنانة برتان من مواليد كركوك 1970، كان لوالدتها الفنانة التشكيلية "فريال عزت" الأثر الكبير في توجيهها ودخولها عالم الفن وأجوائه منذ الصغر، حين أحبت الرسم في المرحلة الابتدائية عندما أخذت تصنع من مادة الطباشير أشكالاً نحتية بسيطة ووجوهاً صغيرة في محاولة للتعبير عن مكنونات مخيلتها، وكانت تحب الشعر والخطابة أيضاً، لذا شاركت في معظم الفعاليات والأنشطة المدرسية، وفي عام 1976 حصلت على الجائزة الأولى في الشعر والخطابة على مستوى محافظة كركوك.
من اعمال الفنانة برتان عبد القادر
درست الفن التشكيلي بشكل أكاديمي في كلية الفنون الجميلة ببغداد. وكانت لها أنشطة فنية قبل وبعد دخولها الكلية، وشاركت لأول مرة في معرض لتنسيق الزهور على اللوحات أقيم في قطر.
عام 1982 شاركت في معرض "يوم المحافظة" مع 13 فناناً وفنانة، وكانت اصغر مشاركة فيه، وفي عام 1983 أقامت أول معرض شخصي لها في أعياد الربيع. وتم اختيارها عروسة القلعة في كركوك، وحصلت على الجائزة الأولى من دائرة الآثار.
وفي عام 1988 أقامت معرضا شخصيا ضم أعمال الطبع على الملابس وتنسيق الزهور.
وقبل خروجها من العراق شاركت أعمالها الفنية في عدة معارض خارج العراق، في الكويت واسبانيا وتونس وتركيا، وفازت بالجائزة الأولى في الكويت واسبانيا، كما فازت بميدالية الفنون التشكيلية في كركوك عن النحت البارز.
شكلت مع مجموعة من فناني كركوك أمثال الفنان الراحل "حسين عبدالله" و"عبير صادق" و"ياسين هيلي" جماعة (ج) للفنون التشكيلية، كونهم طلبة في شعبة واحدة أثناء دراستهم وأقامت معارض موسمية ودورية مع مجموعة من فناني كركوك على قاعة نادي "بابا كركر" النفطي.
تركت العراق قبل نهاية تسعينات القرن الماضي لتستقر في استراليا، حيث درست في المعهد العالي في سدني، أقامت معرضين شخصيين واشتركت في معارض مشتركة ضمت أعمالاً ذات موضوعات مختلفة أبرزها "طائرات ورقية في سماء بغداد" و"ليلة واحدة في بغداد" و"الفراشة خارج الزجاج" وألحقتها بمعارض شخصية في مدينة سدني.
الفراشة رمزها الفني، وقد تميزت الفنانة برتان بأسلوب الحداثة التجريدي في معظم أعمالها وللألوان أهمية كبيرة بالنسبة إليها، لكنها أصبحت تستخدم في لوحاتها الخط العربي.
ترى الفنانة برتان أن الفنانين التشكيليين العراقيين هم الأكثر صدقاً بالعطاء والتزاماً بالفن، لأنهم تأثروا بحضارات بلادهم، فضلاً عن المعاناة التي يعيشونها في بلادهم. وفيما يتعلق بمستوى الكليات والمعاهد الفنية في العراق، تؤكد غياب مناهج تحرر الفنانين وتفتح الآفاق أمامهم كي يبدعوا بحرية. وتجد برتان أن ظاهرة توظيف الفن للسياسة والتي كانت سائدة في عهد النظام السابق، لا زالت هي الأكثر شيوعاً، وبعد زيارتها الأخيرة لبغداد تقول بأنها لم تجد في كليات ومعاهد الفنون الجميلة غير التوجّه الديني والسياسي، في ظل غياب الثقافة والفنون.
رغم استقرارها في استراليا منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، إلا أنها تبحث حالياً عن مكان تستقر فيه في أوروبا لتنفيذ وانجاز العديد من المشاريع الفنية التي تحلم بتحقيقها.
853 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع