لماذا تأخّر دخول الجيش البريطاني-الهندي الى بغداد حتى عام [١٩١٧]؟
يحدث في الحروب الكثيرُ من الأعمال التجسسية للحصول على أسرار تخص الجيوش المتحاربة وتقوم بها التشكيلات المختصة بالاستخبارات في هذه الجيوش وكذلك تفعل أجهزة مقاومة ومحاربة التجسس والتجسس المضاد ويكون لهذا النشاط الأثر البالغ في تحقيق الانتصار او الهزيمة والاندحار وفقاً لنجاح أو فشل هذه الأنشطة في الحصول على عديد وتجهيز وتحركات الجيوش والخطط الحربية الهجومية والدفاعية على حد سواء.
يستعرض هذا المقال حدثاً في مجال المجابهة الجاسوسية أثناء الحرب العظمى والتي قامت به الجهات المختصة في القوات العثمانية في العراق ضد الأجهزة المقابلة لها في الجيش البريطاني-الهندي الذي كان يخطط لدخول بغداد في ظرف أيام قليلة بعد وصوله الى موقع سلمان باك الذي لا يبعد عن بغداد سوى [35] كيلومترا في تشرين الثاني [1915]. وربما كان نجاح ذلك الحدث لصالح الجيش العثماني، قد ساهم في إحداث تغيرات في ساحة الحرب تسببت بتأخير الدخول الى بغداد حتى آذار [1917] أي بعد حوالي سنة وأربعة أشهر من وصول القوات البريطانية الى سلمان باك.
احتاج الإنكليز خلال تلك المدة الى تعزيز استخباراتهم وكذلك بناء طرق المواصلات ومنها بناء مَسْفن في المعقل بالبصرة لصنع سفن النقل النهرية لاستخدامها في تعزيز القوة القتالية النهرية واستقدموا لهذا الغرض ما يقارب [6000] عامل وفني صيني من عمال السخرة (الكوولية) تم جلبهم من الصين خصيصاً لهذا الغرض كما قامت القوات الهندية ايضاً ببناء سكة حديد تربط محطة سكك البصرة التي تم بناؤها في المعقل ومدّ هذه السكة باتجاه مدينة العمارة مع التخطيط لإكمالها حتى تصل الى بغداد فيما.
الجيش البريطاني-الهندي يشيّد سكة القطار بين البصرة والعمارة (متحف الحرب الإمبراطوري-لندن)
بعد اعلان الحرب بين بريطانيا والدولة العثمانية وبدء الحرب العظمى في العام [1914]، أدَّى احتلال البصرة بسهولة وبدون مقاومة كبيرة إلى شعور الإنكليز بالزهو، واستطاع مكتب الهند البريطاني أن يقنع المسؤولين في لندن بأهمية مواصلة الحملة لاحتلال معظم الأراضي العراقية، فعُيِّن أحد الجنرالات المخضرمين وهو الجنرال السير جون نيكسون لقيادة حملة "ما بين النهرين" في [9 إبريل/نيسان عام 1915]، وأدَّى ذلك إلى موافقة حكومة الهند على تقدُّم القوات البريطانية-الهندية شمالاً نحو بغداد، لكن ما لم يُدركه البريطانيون أن العثمانيين كانوا يُعِدُّون لهم فخا في الطريق الى بغداد.
كانت تتميز المناطق الواقعة شمال البصرة بكثرة المستنقعات ووعورة الطريق ما بين أوحال وصحارٍ، ورغم ذلك تقدَّم الإنكليز بقيادة الجنرال نيكسون يعاونه الجنرال تشارلز تاونسند حتى وصلوا وبسرعة إلى منطقة سلمان باك على مقربة من خمسة وثلاثين كيلومترا جنوب بغداد، وهناك وقع الإنكليز في فخ العثمانيين الذين باغتوهم بخطة دفاعية جديدة لم يتحسب لها الإنكليز مما جعلهم يفشلون في تقدمهم نحو بغداد بعد خسارة معركة ضارية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام [1915]، تلقى البريطانيون فيها ضربة قاصمة اضطرتهم للتقهقر صوب مدينة الكوت التي تبعد عن بغداد بـ [180] كم، وهناك استطاع الجيش العثماني بقيادة خليل باشا إطباق الحصار الخانق على فلول القوات البريطانية المنهزمة بقيادة الجنرال تاونسند وحاصرها فيما عرف لاحقاً بحصار الكوت الشهير.
حاول البريطانيون مراراً إرسال قوات مُسلَّحة لفك الحصار عن حملتهم الفاشلة، لكنهم رُدوا على أعقابهم، وبدأ المحاصَرون في السقوط من الجوع والعطش وانتشار الأمراض، وحاول البريطانيون فك الحصار عن طريق دفع فدية بلغت مليون جنيه أسترليني ذهبي، لكن العثمانيين رفضوا فتدخل لورانس وعرض على الأتراك مليونين آخرين وكان الرد بالرفض كذلك.
استمر حصار الكوت مدة مئة وستة وأربعين يوما، اضطر البريطانيون في نهايتها إلى التفاوض على شروط الاستسلام في [26 إبريل/نيسان 1916]، حيث أصرَّ الأتراك على الاستسلام الكامل بدون شروط، فتم أسر قائد الجيش اللواء جارلز تاونسند وأخذه أسيراً إلى إسطنبول، وسيق الجنود البريطانيون والهنود إلى بغداد ومنها إلى حلب والأناضول حيث عملوا في أعمال السخرة وفي بناء خط سكة حديد (برلين-بغداد)، وهناك قضى الكثيرون منهم نحبهم بسبب المرض والأعمال الشاقة.
جندي هندي بعد حصار الكوت نيسان 1916 (المصدر: كتاب تاريخ الحرب العظمى اصدار حكومة الهند 1923)
كانت هذه الهزيمة ضربة مُذِلَّة للإمبراطورية البريطانية وهي في عنفوان قوتها؛ حيث سقط خلالها ما يقرب من [30] ألف قتيل بريطاني وهندي، وفي ذلك يقول المؤرخ الأميركي ديفيد فروميكن في كتابه "سلام ما بعده سلام" عن الجنود البريطانيين والهنود المأسورين أنهم "سيقوا إلى مسيرة موت قطعوا خلالها مئة ميل إلى بغداد وخمسمائة ميل أخرى إلى حلب ومدن الأناضول، وهناك أُرغموا على العمل في بناء السكك الحديدية وهم مقيدون بالسلاسل، ولم يبقَ منهم على قيد الحياة سوى عدد قليل. لقد مُنيت قوات تاونسند بأكثر من عشرة آلاف إصابة منذ بدء زحفها نحو بغداد وحتى استسلامها، ومُنيت القوات البريطانية التي جاءت لإنقاذها في الكوت بثلاثة وعشرين ألف إصابة. كانت هذه الأحداث مذلة قومية أخرى حلَّت ببريطانيا على يد عدوّ عثماني كان المسؤولون البريطانيون يعتبرونه دائما ضعيفاً وعديم الفاعلية.
وهنا يمكن للمرء التساؤل: لماذا لم يتمكن الجيش البريطاني الهندي من دحر القوات العثمانية في تشرين الثاني [1915] وظل كذلك حتى أشهر متأخرة حتى شهر آذار [1917]؟ والظاهر أن المخابرات البريطانية أجهدت كوادرها التجسسية حتى استطاعت النجاح في مسعاها بعد فشلها في الحصول على خطط الدفاع عن بغداد التي وضعتها القوات العثمانية وأدى ذلك الفشل الى تقهقر الجيش البريطاني-الهندي وكارثة الحصار والتسليم. والسؤال كيف ومن أفشل مسعى المخابرات البريطانية ذلك الوقت وكيف؟
في خضم معركة سلمان باك التي جرت بين الترك والإنكليز أواخر تشرين الأول [1915]، وصلت برقية سرية للغاية ومشفرة من الكولونيل "نور الدين بك" القائد العام للقوات العثمانية في العراق موجهة الى "حسام الدين نظمي بك" رئيس مصلحة مقاومة الجاسوسية الإنكليزية في بغداد تبلغه "أن أمورا غريبة تجري في مقر الفيلق الثالث المؤلف مما يزيد على الفرقتين، وأن التعليمات التي أرسلناها الى قيادة الفيلق المذكور عن تراجع قواتنا الى سلمان باك وهي جزء من خططنا في الدفاع الواجب اتخاذه لحماية بغداد قد وصلت الى الإنكليز. وأن الإفادة التي أدلى بها أحد الضباط الإنكليز الذي تم أسره قريبا من سلمان باك دلتنا على أن الإنكليز كانوا على علم بخطط الدفاع التي اتخذناها. ولما كانت هذه لمعلومات سرية للغاية وليس في وسع أحد الاطلاع عليها سوى قائد الفيلق الثالث نفسه أو ضباط من الأركان الحربية الملحقة به ولهذا فان الموقف بات شديد الخطورة وان من الواجب معرفة الخائن الذي اتصل بالجواسيس الإنكليز وأفشى لهم بهذه الأسرار." ويبدو أن القيادة العامة أبدلت خطتها بخطط جديدة وتم الأمر بمراعاة السرية الكاملة تجاهها بما في ذلك تفكيك أي شبكة للتجسس.
وقف حسام الدين بك حائراً تجاه المذكرة الخطيرة التي أستلمها للتو يفكر في نقطة البداية لعمله القادم بشأن المذكرة. وفي هذه الأثناء وبينما كان الضابط يتخبط حائراً تجاه ما يتوجب عليه اتباعه من التدابير لحل اللغز واكتشاف الخونة، دخل عليه أحد مراسليه وحراسه وهو يقول له مولاي في الباب جندي ويلح في المثول بين أيديكم فرد عليه حسام الدين وبدون تفكير: ألم تبلغه بأني مشغول بأمور هامة؟ رد الجندي: بلى مولاي أبلغته ولكنه يقول ان لديه معلومات على جانب كبير من الخطورة والأهمية ويجب ايصالها لكم فوراً. فسأل الضابط: وما أسم هذا الجندي؟ فرد المراسل: بأن اسمه هو عبد الرسول هادي. وما كاد حسام الدين أن يسمع الاسم حتى نهض من مقعده وأمر الجندي بإدخال عبد الرسول فوراً. كان يصول في فكر الضابط الكثير من الأفكار عن القادم وهي أفكار خطيرة من حيث طبيعتها لأن عبد الرسول هذا هو ثاني الفدائيين الاثنين اللذين أوفدهما أنور باشا وزير الحربية العثماني لاغتيال "قاضي البصرة" الذي أيّد الاحتلال الإنكليزي للمدينة عند وصولهم الى البصرة وقد قتلاه فعلاً في بغداد مساء يوم [14 كانون الثاني 1915] واختفيا بعد ان تركا ورقة على سريره مكتوب عليها "هذا جزاء من يُسلّم البلاد الى العدو."
وكان حسام الدين نظمي بك مطلعاً على هذه الأمور ولكن لم يكن يدور بخلده أن عبد الرسول لايزال في بغداد ولهذا كانت دهشتُه شديدة عند سماع اسمه وقام باستقباله بحفاوة بالغة وسأله عن أموره فقال: بعد تلك العملية التي قمنا بتنفيذها، تم ارسالنا الى الجبهة في الكوت وقد اشتركنا انا ورفيقي يوسف الموصلي في المعارك الحربية التي جرت شمال البصرة. وبعد سقوط الناصرية جُرحتُ أنا ورفيقي يوسف ونُقلنا الى بغداد. وأصبحتُ الآن ضابطاً احتياطياً ولذا تم ادخالي الى مستشفى الضباط في الباب المعظم وفيه تعرفتُ على اليوزباشي شوكت بك (يعادل رتبة النقيب حالياً) وهو من ضباط أركان الحرب في الفيلق وكان قد أصيب في فخذه أثناء معركة الكوت والتي سقطت فيها الكوت بيد الإنكليز في [12 نيسان 1915]. وقد رابني أمرُ هذا الضابط لأنه كان يصرف بيد مفتوحة وببذخ صارخ ودون حساب وبما أنني كنت اعرفه منذ كان في مدينة أزمير الساحلية وكان فقير الحال ويعيل عائلة كبيرة بصعوبة فقد نمت لدي هذه الريبة والشك تجاهه.
وأستمر عبد الرسول قائلاً: وفي المستشفى كان سريري قريباً من سرير الضابط الجريح شوكت بك فما لبثتُ ان شاهدت رجلاً غريباً كان يتردد عليه وقد شاهدتُ هذا الرجل بعد مراقبتي له انه كان يتردد على احدى الراقصات الشهيرات في بغداد. وهنا سأل حسام الدين بك عبد الرسول قائلاً: وما جه الغرابة في كل ذلك؟ فأجابه عبد الرسول: انني عندما ارتبتُ في هذه الأمور، ناديتُ رفيقي يوسف وأرسلته لمراقبة الرجل الغريب الذي كان يتردد على شوكت بك فعاد إلي وهو يقول: تبعتُ وراقبتُ الشاب الغريب بعد خروجه من المستشفى فرأيته يذهب الى محلة الكرادة وعند أحد البيوت القاتمة والمظلمة شبابيكه طرقَ الباب ودخل اليه ولكنه لم يمكثْ داخلَه لأكثر من عشر دقائق ثم خرج وتوجه نحو النادي العسكري (الذي كان يقع جنوب وزارة الدفاع في الميدان) وعند وصوله هناك لم يدخل النادي وانما بقي ينتظر عند باب النادي حتى الساعة التاسعة مساءاً واذا بضابط يخرج من الباب فلحقَ به هذا الشاب الغريب وسار الاثنان سوية متجهين نحو الميدان ولكنهما افترقا قبل وصولهما الى ساحة الميدان فتابع الشاب الغريب سيرَه قاطعاً جسر بغداد العتيق نحو صوب الكرخ (الجسر مبين بالصورة التالية وهو جسر القوارب العثماني الذي بني مكانه جسر مود البريطاني ثم جسر الشهداء الحالي.) وهناك في جهة الكرخ دخل أحد الملاهي وجلس فيه على طاوله بمفرده وحتى منتصف الليل حين جاءته احدى الراقصات فمكثت بمعيته حوالي نصف ساعة.
"وأكمل عبد الرسول حديثه قائلاً: عندما أزفت الساعة حوالي الواحدة بعد منتصف الليل انصرفت الراقصة من الملهى فلحق بها الشاب وكانت هناك عربة (تجرها الخيول) في انتظارهما فنظرتُ الى العربة فوجدت داخلها الضابط ذاته الذي كان برفقة الشاب عند الغروب. فاستدعيت عربة ثانية وطلبتُ متابعة العربة الأولى فاذا بهم يتوجهون الى الدار الواقعة في الكرادة فدخلوها ومكثوا هناك قرابة النصف ساعة ثم خرجوا وتفرقوا فتوجه الضابط الى منزله والفتاة الى غرفتها في أحد الفنادق والشاب عاد ثانية الى المنزل ذاته في الكرادة. وقد تبين لي من افادة رفيقي يوسف الموصلي أن في المنزل رجلاً يدعى الشيخ عبد الله وأن الضابط هو الملازم الأول أورخان أفندي ويعمل بمعية اليوزباشي شوكت بك وأن الراقصة هي منيرة خاندان الملقبة (كلنهار خانم) وأصلها من مدينة سلانيك اليونانية والتي كانت ذلك الوقت تتبع الدولة العثمانية.
استمع حسام الدين نظمي بك الى عبد الرسول وهو يدلي بهذه المعلومات وبكل هدوء قال له: لم أزل بعيداً عن معرفة حقيقة خطورة هذه المعلومات؟ فأجابه عبد الرسول: أنك على حق يا مولاي لأن هذه المعلومات تمهيدية وانا نفسي لولا الفضول التي يتملكني لما اهتمتُ بالأمر. ومع هذا أمرتُ يوسف بأن يتواصل في المراقبة كما أنني ازددتُ رغبة في التقرب من اليوزباشي شوكت والحصول على ثقته.
وأكمل عبد الرسول ما كان يسرده من معلومات عما كان قد شاهده عند مكوثه في المستشفى قائلاً: وفي اليوم الثالث جاء ذلك الشاب (الغريب) وبرفقته شخص آخر كان يرتدي ثياب عربية وله لحية الا أنني رأيتُ في هيئته ما رابني لأن ملامحَه لا تدل على أنه عربي فتظاهرتُ عندئذ بنومي وحاولتُ ان أتنصت عما كان يدور بينهم من حديث الا أنني لم أستطع أو أفهم ما كانوا يتحدثون به لأنهم كانوا يتحدثون هامسين واستمروا هكذا لحوالي ربع ساعة فسمعتُ شوكت يصيح بصوت عصبي وعالي: أبدا ً...أبداً .... هذا لن يكون كفاني خيانة. وفي الحال اتجهتُ بطرف عيني نحوهم فرأيتُ ذلك البدوي يحاول خنق شوكت ثم يتراجع ويركن الى السكوت والسكون ثم يهمس بأذن شوكت شيئاً فيعود الأخير قائلاً: عليك ان تبتعد عني وإلا وشيتُ بك وبنفسي.
ويكمل عبد الرسول: كان شوكت بك قد أظهر انفعالاً شديداً فأصيب بنوبة تشنج وعصبية فقمتُ حينها من فراشي فرأيتُ ذلك البدوي يُقدّم لشوكت قدحاً من الماء لتهدئته فما كاد شوكت يشرب ما فيه حتى هدأ في فراشه وربما نام بعد وقت قصير فلم أهتم لأمره لأن الرجل البدوي كان قد انصرف فلحقته الى الباب لكي أدرس ملامحه عن قرب. ولما عدتُ الى الغرفة اسرعتُ الى شوكت بك لأسأله عن الأمر فوجدته جثة هامدة فأسرعتُ أنادي على رئيس الأطباء الذي أسرع الى الغرفة وما كاد يفحص شوكت بك حتى صاح بي لقد مات هذا الرجل! فعرّفته على شخصيتي ورجوتُ منه أن يسكت الآن ويخفي الأمر لأن في الحادث أموراً خطيرة ارتكبها الجواسيس وألّا يدع أحداً يدخل الغرفة حتى أعودَ اليه ولما كنتُ أعلم بوجودكم مولاي في بغداد والمهمة التي انتدبتكم الوزارة فيها جئتكم مسرعاً. فسأله حسام الدين نظمي بك: وشوكت؟ فأجابه: لايزال في الغرفة في المستشفى، فصاح حسام الدين به هيّا بنا وهو يخرج مسرعاً.
توجه حسام الدين بك ومعه عبد الرسول هادي الى المستشفى واستقبلهما هناك رئيس الأطباء وابلغهما أن الظواهر تدل على أن الرجل مات متسمماً بمادة سميّة من المركبات الهندية فلم يهتم حسام الدين بك بنوع السم الذي قَتل الضابط شوكت بك بل كان مهتماً بأمر آخر حيث أراد أن يعرف حقيقة محتويات الغرفة كمكان جرمي فتحرى الغرفة ومحتوياتها بدقة بالغة ثم تفقد الصندوق العائد للضابط القتيل والذي عادة ما يرافق الضابط ويضم ممتلكاته الخاصة به فوجد به نسخاً متعددة من أوامر عسكرية سرية.
ورغم ذلك فلم يبدو على حسام الدين أنه أقتنع وأن الأمور كلها لازالت غير كافية لإشباع بحثه عن الأسرار التي أدت الى تسميم الضابط. وفعلاً وجد ما كان ينتظر معرفته عندما أبلغه رئيس الأطباء قائلاً: "عند نقلنا لجثمان الضابط الى التشريح العدلي وجدنا هذه العلبة الصغيرة محمولة على عنقه بسلسلة فضية. كانت العلبة صغيرة الحجم ومصنوعة من الفضة وتشابه قسم من التعاويذ التي يحملها البعض ولها غلاف يتم بواسطته غلق العلبة ولما فتحها حسام الدين بك وجد فيها ورقة مطوية بعناية ولما أفردها تبينت له أن خطوط الدفاع عن بغداد قد كُتبت عليها ومعها أوامر وتعليمات جديدة أصدرتها القيادة العثمانية وبجانبها ورقة صغيرة كتب عليها اليوزباشي شوكت بك بخط يده ما يلي: على من يجد هذه الورقة، ولن يجدها الا بعد ان أكون جثة هامدة، أن يعيدها الى القيادة العليا ويُعلمها أن جواسيس الإنكليز رغبوا في الحصول عليها وأن في المعسكر من يخون....."
وقف حسام الدين بك ومساعده الجديد حائرين تجاه هذه التطورات والأحداث والوقائع الجديدة والخطيرة جداً في الوقت ذاته حيث كان يعرف أن الورقة تحتوي على الخطط البديلة للدفاع عن بغداد واهميتها للإنكليز في الوصول الى بغداد. وقد حدد حسام الدين ثلاثة أسئلة يتوجب الوصول الى أجوبة لها وهو يتناقش مع مساعده قائلاً:
أولاً: إن هذه الخطط وضعت بعد جرح اليوزباشي شوكت بك وقد نقل هذا الى المستشفى فمن أين وصلت اليه وهو راقد في المستشفى؟ ومادام يعرف أن هناك جواسيس يريدون الحصول عليها فلماذا لم يخبر القيادة عنهم؟ ولماذا احتفظ بهذه الأوراق مفضلاً عدم إخبار القيادة بأمرها، ولا عن أمر الجواسيس الا بعد موته؟
ثانياً: من هم أولئك الخونة الموجودون في القيادة ولماذا لم يصرح بمذكرته بأسمائهم؟
ثالثاً: من هو ذلك الذي جاء مع الشاب المجهول لزيارته في المستشفى ثم فتك به؟ ومن هم الخونة؟
ولكن هذه الأسرار ما لبثت أن أخذت تتجلى أمام القائد حسام الدين بك بصورة تدريجية، فالمحاورة التي سمعها عبد الرسول بين البدوي المجهول وبين شوكت بك والمعلومات التي أوردها له من قبل عن البذخ الذي لاحظه عبد الرسول على تصرفات شوكت بك في المستشفى في حين أنه كان فقيراً تدل على أن شوكت بك كان من الممكن أن يكون قد باع نفسه الى الجواسيس وسلمهم كثيراً من أسرار الجيش لقاء المال ولكنه بعد اصابته وجرحه في المعركة الحربية ندم على ما فعله ولهذا ما كاد يتلقى من أحد ضباطه الخائنين خرائط الدفاع الجديدة عن بغداد حتى رفض تسليمها الى الشاب المنتدب من قبل الجاسوس الانكليزي عندما زاره في المستشفى قبل ثلاثة أيام وأثار ريبة عبد الرسول هادي وطلب من رفيقه يوسف الموصلي ملاحقته. ويبدو أن حراجة الموقف الحربي قد فرضت على الإنكليز إعادة الكرّة في الحصول على الخطط فأرسلوا البدوي والشاب لإقناع شوكت بك وحصل ما حصل بينهما من مشادة كلامية وأخبرهم بعدم رغبته في متابعة الخيانة وهددهم بإفشاء سرّهم وسرّه مما أخاف البدوي والشاب معاً من افتضاح سرّهم فقتله أحدهما وفي مثل هكذا مواقف في عالم الجاسوسية فان القتلَ سهل ومألوف.
وعلى هذا لم يتبقَ على حسام الدين بك بعد وصوله الى استنتاجاته المذكورة الا أن يعرف:
أولاً: حقيقة هوية البدوي القاتل ورفيقه الشاب وعلاقتهما بالجاسوسية.
ثانياً: علاقة الجاسوسية بالضابط الذي رآه عبد الرسول في العربة التي جمعته مع الراقصة.
ثالثاً: معرفة هوية وعلاقة الراقصة بالجاسوسية.
رابعاً: الخونة المنبثين في الأركان الحربية الذين أشار إليهم الضابط القتيل في مذكرته التي وجدت معلقة على عنقه.
وهنا جاء الحل على لسان يوسف الموصلي الذي ما لبث أن حل اللغز الأول بأنه وصل الى معرفة من جاء الى المستشفى لزيارة شوكت بك فهو الشيخ عبد الله وهو أيضاً صاحب المنزل الذي ترصده في محلة الكرادة. وهنا سأل حسام الدين بك يوسف ومن يكون رفيقه الشاب اذن؟ فرد قائلاً إنه غريب عن بغداد ويُعرف باسم "سيد محمد" وتابع حسام الدين بسؤال آخر: وما علاقة الراقصة والضابط الذي كان معها بالشيخ عبد الله والشاب سيد محمد؟ فأجابه يوسف: ليس لدي علم مولاي.
أصبح مفتاح حل الموقف بيد الراقصة كلنهار وهذه امرأة على قدر كبير من الجمال والجاذبية والعلاقات الواسعة. وعندما ألقي القبض عليها لاحقاً أنكرت علمها بما كان يدور. ولكن حسام الدين بك عرف كيف يدير التحقيق وما لبث أن نبهها الى حقيقة اللقاء الذي جرى في تلك الليلة في منزل الشيخ عبد الله مستخدماً في ذلك شهادة يوسف الموصلي مما جعلها تقتنع بأنه مطلع على التفاصيل فقالت: لقد التحقتُ بمصلحة الجاسوسية الإنكليزية منذ شهور عديدة أي في الشهر الأول بعد بدء عملي في بغداد وكانت مهمتي تنحصر في الاختلاط بالضباط ومعرفة التدابير العسكرية التي يعلمونها ولكوني امرأة، كانت لدي طرق كثيرة لحملهم على الإباحة بأسرارهم وبذلك خدمتُ تلك الجاسوسية خدمات كبيرة وتقاضيتُ لقاء ذلك مبالغاً كبيرة من المال. وأردفت قائلة: وفي آب الماضي جاءني شاب يقول إنه موفد اليّ من قبل الشيخ عبد الله وهذا الاسم هو كل ما كنتُ أعرفه عن الجاسوس الإنكليزي الذي طلب مني البحث عن خطة الدفاع عن الكوت وتزويده بها. وكنت أعلم أن هناك ضابطاً يُظهر لي الحب والوَلَه وأسمه اليوزباشي شوكت بك فاستملته اليّ وأوقعته في غرامي وفي أوقات ضعفه أمامي أخذتُ منه أسرار الدفاع وسلمتها لشيخ عبد الله. ولما علمَ اليوزباشي باتصالي برئيس مصلحة الجاسوسية الإنكليزية طلبِ ثمناً مالياً غالياً مع جسدي كلما شاء ففاوضتُ الشيخ عبد الله فقبلَ ودفعوا له مائتي جنيه أسترليني ذهباً ثم نقدَهُ كذلك في خلال عشرة أيام مبالغ أخرى تزيد عن تلك الجنيهات.
واستطردت كلنهار قائلة: كانت القيادة العثمانية تسعى في ذلك الوقت الى استمالة العشائر المتواجدة على ضفاف الفرات. ورأى الجاسوس الذي عرفته باسم الشيخ عبد الله أن يحصل على معلومات بهذا الشأن من الضابط أورخان المسؤول عن شؤون العشائر في الفيلق الثالث فعهد اليّ بتحقيق هذه المهمة واستمالة الضابط المذكور. وفي مدة أسبوع واحد تمكنتُ من ضم هذا الضابط الى صفوف الشيخ فزوّده بكل ما يحتاج من معلومات عن تلك الأمور.
وسكتتْ كلنهار وكأنها تعلن أنها قالت كل ما تعرفه وما مطلوب منها أن تدلي به فعاود حسام الدين استجوابها سائلاً: كيف اذن وصلت خطط الدفاع الجديدة عن بغداد الى الضابط شوكت؟ فأجابت قائلةً: ان شوكت بك بعد انتسابه الينا أستدعي للسفر الى الكوت والالتحاق هناك بالجبهة ولكنه أصيب بجروح في أول يوم التحق به بالجبهة فتم اخلاؤه وأدخلوه الى المستشفى في بغداد وفي وقت احتياج الشيخ عبد الله لخطط الدفاع الجديدة عن بغداد فاوضني بشأنها فذهبت الى شوكت بك طالبةً ذلك الا أنه أبدى رفضَه ولكي أشجعه أغريته وجعلته يتخلى عن رفضه، قلت له أن مساعدَه الضابط أورخان قد أنضم الينا وأنه اذا لم يأتني هو بالخطط فإني سأذهب الى أورخان بشأنها وفي تلك الحالة فإنك ستخسر الثمن المالي وكل شيء! وفعلاً علمتُ بأن شوكت بك قد أستدعى مساعده أورخان في اليوم ذاته وهو أي أورخان كنتُ قد فاوضته على الخطط فقام شوكت وأخذ منه الخطط وهدده بإفشاء السر. ولما كنتُ قد تأخرتُ في إيصال ما طلبه مني الشيخ عبد الله رويتُ له ما جرى مع شوكت وأورخان فاستدعاني أنا والضابط أورخان وهناك أبلغَه الأخير ما كان بينه وبين شوكت بك الذي هدده بإفشاء سره فطمأنه ووعده بإنقاذه منه واعتماده هو وحده في هذه المهمة.
وهنا واصل حسام الدين أسئلتَه للراقصة كلنهار كالآتي:
-وهل علمتِ أن شوكت بك قد مات؟
-مات؟
-نعم مات مقتولاً في المستشفى.
-الشيخ عبد الله اذن هو قاتلُه.
-ومن هو الشيخ عبد الله؟
-لا أعرف عن هويته شيئاً.
-ومساعده؟
-لا أعرف الا أنه يدعى سيد محمد!
-أتعتقدين أن الشيخ عبد الله عربي من البدو؟
-كلا يظهر لي كأنه إنكليزي رغم اجادته اللغة العربية.
عندئذ امر حسام الدين نظمي بك أن توقع كلنهار على افادة أقوالها ففعلت دون أي ممانعة وأعيدت الى غرفة التوقيف.
بعد ذلك استدعى حسام الدين كلا من عبد الرسول هادي ورفيقه يوسف الموصلي ومساعده الثالث واسمه عارف بن أحمد الناصري وزودهم بقوة من الشرطة وأصدر لهم أمرَه بأن يتوجهوا فوراً الى منزل الشيخ عبد الله في الكرادة واعتقال من يجدوه فيه، وتوجه هو الى مقر القيادة لاعتقال الضابط أورخان. وبعد ثلاث ساعات كان حسام الدين بك في دائرته يأخذ افادة الملازم الأول أورخان الذي اعترف بكل الأمور. ولمّا انتهى من ذلك أرسله الى غرفة التوقيف، عاد مساعدوه من الكرادة ومعهم أربعة اشخاص. وروى عبد الرسول ما جرى قائلاً: قصدنا الى المنزل سراً وبعد ذلك ضربنا طوقاً عليه بواسطة القوة المرافقة لنا ثم قرعنا الباب فلم يجبنا أحد فحطّمنا الباب ودخلنا المنزل وقبضنا على من كان فيه وكانوا أربعة أشخاص ثم تحرينا المنزل فوجدنا فيه جهاز لاسلكي وخرائط وأوراق ولأهميتها القصوى ضبطناها وجلبناها مع المعتقلين الأربعة.
وبدون تأخير، انصرف حسام الدين لاستجواب الأشخاص الأربعة الموقوفين وكان الشيخ عبد الله على رأسهم والذي حاول في بادئ الأمر أن ينكر هويته قائلاً إنه ينتمي لقبيلة "الحميد" التي تتوطن ضفاف شط الغراف بين الحي وقلعة سكر. الا أن حسام الدين قاده الى زنزانة التوقيف التي كانت الراقصة كلنهار موقوفة فيها فتعرفت عليه في الحال فلم يعد امامه سوى الاعتراف بأن اسمه هو "إدكار وود" وهو جاسوس إنكليزي خطير كانت مصلحة مكافحة التجسس العثمانية تفشل في الإمساك به كلما تضيّق عليه الخناق أكثر من مرة وينجح بالإفلات منهم وسط المعارك وظروف الحرب. ومن المؤكد أن اسم "إدكار وود" هو اسم غير حقيقي كما هو حال الجواسيس حيث كان ذاته يعود لشخصية معمارية وفنية بريطانية شهيرة عاش صاحبها في مانجستر وتوفي فيها عام 1910!!
الشيخ عبد الله أو المستر إدكار وود كبير الجواسيس الإنكليز في العراق. (المصدر: محمود شبيب)
أما المعتقل الثاني الذي كان يعرف نفسه باسم "سيد محمد" فأعترف بان أسمه هو "عزت الدليمي" وانه كان من الجنود الذين وقعوا في أسر الإنكليز فتواصل معه إدكار وجنّده للعمل معهم.
وكان المعتقل الثالث يدعى "عجمان المحمد" وأدعى أنه من قبيلة "آل إبراهيم" التابعة لبني ركاب في مناطق المنتفق-ذي قار حالياً. والشخص الرابع كان أسمه "فرحان بن أحمد" وأدعى أنه من قبيلة "البو يوسف" وهي احدى أفخاذ قبيلة "الأزيرج" بين مدن الناصرية والشطرة. وهذان المعتقلان الأخيران كانا من جواسيس "إدكار" المبثوثين بين القبائل وكانا قد حضرا منذ يومين فقط ليتلقيا تعليماته بشأن استمالة القبائل لصالح الجيش الإنكليزي.
وفور الحصول على هذه المعلومات وهذا الصيد الثمين، قام حسام الدين بك بإبلاغ رئيسه القائد العام للقوات العثمانية في العراق الباي نور الدين بك (العقيد) فجاءه الرد يقول أن الواجب يحتم عليه متابعة التحقيق في هذه القضية حتى النهاية ليتمكن من معرفة جميع الأشخاص الذين اشتركوا في هذه الحوادث والقضاء على أعمال الجاسوسية في هذه المنطقة. غير أن "إدكار وود" لم يمكث سجيناً في المعسكر العثماني الا [48] ساعة لا غير، فقد جاء عبد الرسول الى رئيسه مسرعاً ويقول لاهثاً: مولاي ذهبتُ عند منتصف الليل الى المعسكر فرأيت حارس الباب نائماً وبندقيته بجانبه فحاولت ايقاظه بدون جدوى فتبينته وإذا به القاه ميتاً فدخلتُ الى الإدارة ووجدت الحارس الواقف على باب الغرفة التي سجن فيها إدكار ميتاً كذلك وباب الغرفة مُشرّع وليس فيها أحد.
فناديتُ على الحراس ولم أجد بينهم من يعرف شيئاً عن سر مقتل هذين الجنديين الحارسين ولا كيفية فرار الجاسوس الموقوف ثم تفقدتُ سائر المسجونين فوجدتهم في اماكنهم. وقد هزّ هذا النبأ حسام الدين بك هزّة شديدة وأسرع بنفسه الى السجن فلم يحصل على معلومات مفيدة أكثر مما قاله له مساعده. عندئذ، أراد حسام الدين أن يضع حداً لأفراد هذه المجموعة ويتخلص من بقية أفرادها الموقوفين لديه فختم تحقيقاته وأحالهم الى ديوان الحرب العرفي في بغداد لإكمال الإجراءات القانونية بحقهم. ويوم تم نقل هؤلاء المتهمين من المعسكر الى السجن العسكري وُجدت منيرة خاندان أو الراقصة كلنهار جثة هامدة وتبين أنها تلقت طعاماً وصلها من أحد خدم الملهى الذي كانت تعمل فيه فتسبب السم الذي تم دسه فيه بوفاتها. وبعد اعتقال ذلك الخادم الذي أوصل الأكل وكان رجلاً مسناً يدعى "عثمان أغا" أقر بفعلته وقال: جاءني رجل بدوي وقال لي أنه من عشاق الراقصة ويريد أن يرسل لها شيئاً من الطعام والحلوى الى السجن ودفع لي ريالاً مقابل ذلك فذهبتُ بما أعطاني وأوصلته لها. وقد تبين من التحقيق عدم وجود مؤشرات ضد الخادم وأنه كان بريئاً من أي شبهات وأن الراقصة ذهبت ضحية الجاسوس الإنكليزي فأخلي سبيله.
وفي يوم الاثنين المصادف العاشر من شهر تشرين الثاني عام [1915]، قامت جريدة "بغداد" لصاحبها مراد بك سليمان (شقيق حكمت سليمان رئيس وزراء الحكومة الثانية والعشرين في العهد الملكي) بنشر الخبر التالي: نُفّذ حكم الإعدام في الساعة الخامسة فجر هذا الصباح بكل من أورخان محمد وعزت بن مصطفى الدليمي وعجمان حمد المحمد وفرحان بن طاهر أحمد لثبوت اشتراكهم في أعمال الخيانة العظمى وفي أعمال الجاسوسية للأعداء. وقد لاقى هؤلاء الأشرار جزاء دناءتهم وخيانتهم."
صورة تاريخية نادرة للجواسيس الثلاثة الذين أعدموا شنقاً في [10-11-1915] وهم عزت الدليمي وفرحان بن أحمد وعجمان المحمد، أما الضابط أورخان فقد أعدم رمياً بالرصاص لأنه عسكري. (المصدر: محمود شبيب)
لايزال هناك الكثير من اسرار الحرب العظمى مدفوناً في الوثائق والأحداث ومن المؤكد أن نجاح الإنكليز بالحصول على خطة الدفاع عن الكوت كما اعترفت الراقصة كلنهار ساعدهم باحتلال الكوت ووصولهم الى سلمان باك بسرعة ولكن فشلهم في الحصول على خطط الدفاع عن بغداد، كما تبين لنا في أعلاه، قد ساهم، ضمن أسباب أخرى عديدة، في تأخر دخول القوات البريطانية-الهندية الى بغداد بعد وصولهم نقطة لا تبعد سوى [35] كيلومتر فقط عن بغداد وهو ما لا يُذكر في العدد الهائل من الكتب والمقالات التي صدرت عن تلك المعارك التي سبقت دخول الانكليز الى بغداد في يوم [11 آذار 1917].
المصادر:
(1) مذكرات حسام الدين نظمي بك-باللغة التركية.
(2) مقال مجلة "الأسرار" اللبنانية في عددها الصادر بتاريخ [21-3-1938].
(3) مقال محمود شبيب في عدد مجلة "صوت الجامعة" الصادر في البصرة في شباط [1979].
(4) كتاب تاريخ الحرب العظمى المُؤلَّف بطلب من حكومة الهند، المجلد الأول: الجنرال إف. جاي. موبرلي. مطبعة صاحب الجلالة، أدنبرا 1923.
(5) كتاب "عندما خلقَ اللهُ جهنم، خلقَ الاحتلال البريطاني لبلاد النهرين وخلقَ العراق". جارلس تاونسند. مطبعة فابر آند فابر، لندن، 2010.
2241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع