لمناسبة عيد القوة الجوية.. كريمة الطيار الخاص للملك غازي ، والدي كان في أول بعثة سافرت إلى كلية الطيران البريطانية عام ١٩٢٧

  

لمناسبة عيد القوة الجوية.. كريمة الطيار الخاص للملك غازي والدي كان في أول بعثة سافرت إلى كلية الطيران البريطانية عام 1927

  

صحيفة المشرق:نستذكر اليوم قامة عسكرية لا تنسى ترك بصمة تاريخية في تاريخ تأسيس القوة الجوية في 22 نيسان 1931 وبمناسبة مرور (87) على تأسيسها ، ألا وهو العقيد الطيار حفظي عزيز الذي خدم بلده خلال العهد الملكي والذي يعد احد مؤسسي القوة الجوية، وهي الفرع الجوي للقوات المسلحة والمسؤولة عن حماية سماء العراق ، ومراقبة الحدود الدولية والممتلكات الوطنية، والقيام بالعمليات الجوية .

ولد العقيد الطيار حفظي عزيز عام 1906 في مدينة المحمودية جنوب بغداد وانتقل إلى جوار ربه في عام 1990 عن عمر ناهز إلـ (84) عاماً.

حدثتني كريمته الكبرى خولة: تعلم والدي رحمه الله القرآن الكريم على يد الملا جبار الأعرج ودرس الابتدائية في طويريج (الهندية) ثم في بغداد أكمل دراسته في الإعدادية المركزية ، كان رجلا بمعنى الكلمة، يتصف بصفات الرجال العراقيين من شهامة وشجاعة ونخوة وحب لبلده وعائلته، واخبرني عن بداياته في الخدمة العسكرية وكيف أصبح طياراَ قائلاَ :
في 2 نيسان من العام 1927 وكنت طالبا في الصف المنتهي في الإعدادية المركزية , جاء نوري السعيد إلى الصف وقال للتلاميذ: الملك فيصل الأول يسلم عليكم ويقول من منكم يحب أن يكون طيارا؟ في ذلك الوقت, لم نكن قد رأينا طائرة في حياتنا, ورفع 12 تلميذا من بين 50 أيديهم. ، وكنت واحدا ممن رفعوا اليد بالموافقة، فقال نوري السعيد انه سيرسل في الغد سيارات تأخذنا للفحص الطبي في معسكر "الهنيدي" الذي صار يعرف فيما بعد باسم معسكر الرشيد، وأجري لنا الفحص الطبي, ولم ينجح في الفحص سوى اثنين، ورسب عشرة, الناجحان هما قاسم البزركان وأنا، ثم أنسحب قاسم بعدما منعته عائلته من دخول المغامرة , وبقيت وحدي ولم يكن من المعقول أن يرسلوني وحيدا في بعثة لدراسة الطيران في بريطانيا، فأخذوا من المدرسة العسكرية أربعة طلاب آخرين :

   

(محمد علي جواد ، ناطق محمد الطائي ، موسى علي، ناصر حسين الجنابي) وكنا نحن الخمسة أعضاء أول بعثة سافرت إلى كلية الطيران البريطانية (كرانمور كوليدج) حيث بدأنا الدراسة في أيلول 1927,وبقينا فيها مدة سنتين نجحنا بعدها، وحملنا جناح الضابط الطيار برتبة ملازم ثان.
وبعد التخرج من كلية كرانويل سنة ١٩٣٠ وفي ٨ نيسان ١٩٣١ غادر الطيارون لندن بطائرات من نوع (جيسي موث) وجرى لهم توديع حافل، وقد أكدت الصحف البريطانية حينها بأن هذه الرحلة هي مغامرة خطره نظرا لطول المسافة، وكون الطائرات بدائية، ونشرت الصحف خبر الرحلة وصور الطيارين وسلكت الطائرات خلال رحلاتها المدن التالية كمحطات استراحة والتزود بالوقود - لندن ـ باريس ، ليون ـ مرسيليه ـ ميلانو ـ زغرب ـ بلغراد - اسطنبول ـ حلب ـ الرمادي ـ بغداد واستقبل الطيارون في كافة المحطات بكل حفاوة وخاصة في يوغسلافيا وتركيا وقد أقامت الحكومة التركية احتفالا على شرف أول خمسة طيارين أثناء مرورهم بتركيا.
وأضاف حفيده معن القيماقجي : حدثني جدي عن رحلة رجوعه التاريخية من انكلترا إلى بغداد في الثامن من نيسان 1931 قائلا:

طرنا على ارتفاعات تتراوح بين 2000- 6000 قدم . وقد كان الطيران سهلا فوق الأراضي المنبسطة , لكننا عانينا صعوبات جمة ونحن نجتاز جبال الألب , والتي ترتفع قممها على المدى المقرر لطائراتنا , لذلك كنا نسير في شريط , أي طائرة خلف الأخرى , ونحلق ي الوديان متتبعين خطوط السكة الحديدية للقطار، قطعت المسافة في طريق العودة من انكلترا إلى بغداد بـ( ١٤) يوما، وكانت الطائرات من نوع (جيسي موث) وهي طائرة خشبية بسيطة وخفيفة خاصة للتدريب سرعتها 80 ميلاً في الساعة ، واصفاً إياها بان البعير أسرع منها ،سعر الواحدة منها في ذلك الزمان ٥٠٠ دينار عراقي وكان معهما طائرة أخرى هدية للملك فيصل الأول من نوع (بولي موث ) ، واجهنا صعوبات في هذه الطائرات وذلك لمحدودية مداها والرحلة بين بريطانيا والعراق طويلة ، لذا زودت هذه الطائرات بخزانات وقود أضافية وجهزت بمضخة يدوية ، ووضعت لدى الطيار، لضخ البنزين إلى الخزان الرئيس ، هذه العملية أضافت عبئا مرهقا آخر للطيار ، واخيراً ، في الخامسة من عصر 22 نيسان 1931 وصلت الطائرات إلى بغداد وحينها كان الطيار ناطق الطائي كان يملأ سماء بغداد بصوته وهو يعلن عبر مكبرة الصوت عن وصول (البعثة العراقية للقوة الجوية) وقد دهش الناس لهذا الصوت ، هبطت في معسكر الوشاش (حديقة الزوراء) حالياً ،

   

وكان في مقدمة المستقبلين الملك فيصل الأول وشقيقة الملك علي والأمير زيد والأمير (الملك) غازي ، واستقبل الطيارون استقبالاً حافلاً شارك فيه الوزراء وعدد كبير من موظفي الدولة والوجهاء واصطف تلامذة مدارس بغداد على جانبي الطريق من المطار إلى وزارة الدفاع ترحيبا بنا وقد عانق الملك فيصل الأول الطيارين وهنأهم بسلامة الوصول وبذلك أصبح (يوم ٥ ذي الحجة ١٣٤٩ المصادف ٢٢ نيسان ١٩٣١) احد الأيام الخالدة في العراق بوصول أول رف طائرات عراقية، وبداية تأسيس القوة الجوية العراقية والتي أطلق عليها وقتها ( القوة الجوية الملكية العراقية ).
كما أشارت كريمته خولة لحادثة مأثورة عن بطولة وشجاعة والدها وهو الابن الوحيد لعائلته وحدثها قائلاَ ،عندما عملت طياراً خاصاً للملك غازي وهو لا يزال أميرا في العام 1932, وكنت أنقله من الموصل إلى بغداد بطائرتي ، وفجأة توقفت المروحة فوق بلدة “بلد“ , وهبطنا هبوطا اضطراريا , فوصلنا الأرض بسلام وعندها عانقني الأمير غازي شاكرا , وأهداني صورته الموقعة بعد ذلك.
وعن نهاية رحلته مع الطيران يقول عزيز: في العام 1950 , ولأسباب صحية , فقد وصلت العراق طائرة جديدة من نوع “فيوري” ذات خمس مراوح وقد تردد الطيارون الآخرون في التحليق بها لكني تصديت لذلك وحلقت , فأغرتني سرعتها الفائقة قياسا إلى طائرات ذلك الوقت , وارتفعت بها فوق المدى المقرر , فأصابني نزف في الرأس . وقد تركت القوة الجوية بعد تلك الحادثة وسافرت إلى انكلترا لإجراء أربع عمليات جراحية .
مناصبه : أصبح الطيار الخاص للملك غازي و آمر السرب السابع للطائرات الانكليزية المقاتلة و آمر السرب الخامس للطائرات الايطالية " بريدا " المقاتلة و آمر السرب الثاني للنقليات ثم عمل طيارا خاصا للملك غازي في العام ١٩٣٦ , وطيارا خاصا لعبد الإله الوصي على عرش العراق وقاد طائرات الملك عبدالله ملك الأردن والملك فيصل الثاني ملك العراق وقد شغل كذلك منصب آمر مدرسة الطيران وآخر وظيفة له هي آمر معسكر الموصل .

ملاحظة:الصورة في اللوحة الرئيسية لطيار اجنبي وليست للمرحوم العقيد حفظي عزيز.

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

318 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع