معارك سيدكان الخالدة
منطقة برادوست / المثلث العراقي التركي الايرانى
تموز 1985- ايلول 1988
الجزء الاول
المقدمة
برادوست منطقة تقع بين إيران والعراق وتركيا في مركز كردستان .
فى الجانب العراقي تتميز بكونها في أقصي شمال الشرق و مركزها ناحية سيدكان التابعة لقضاء سوران ضمن محافظة اربيل وتعتبر أكبر النواحي من حيث المساحة واكثرها وعورة من حيث التضاريس الآرضية.عدد قراها يتجاوز 250 قرية وعدد نفوس مركز الناحية لا يزيد عن 15000 نسمة كون سكانها تعرضوا للترحيل والتهجير ثلاث مرات خلال الآعوام 1961 و1978 و1988.
مازالت مناطق شاسعة منها لم تعمر بسبب وجود مقرات حزب العمال الكردستاني من جهه و بعد المنطقة و صعوبة طرق المواصلات التي غالبا ما تتدمر اجزاء منها في فصل الشتاء نتيجه سقوط كميات كبيرة من الأمطار والثلوج في فصل الشتاء مما يؤدي قطع الطريق بين مركز الناحية و القضاء لآيام و مع القري للآيام او اسابيع بسبب انهيارات جبليه نتيجه تشبع التربة بالمياه و انجرافها نحو الوديان من جهه أخري .
سيدكان منطقة جبلية باردة شتاء ومعتدلة صيفا، وتوجد فيها مناطق هامة تسمى (كويستان) حيث يلجأ إليها الرعاة من القبائل الرحالة (كوچر) للأقامة صيفا بهدف رعي قطعانهم من الماعز والخراف لدرئها من حرارة الصيف القاحله حيث المروج الخضراء من ألاعشاب الصالحة للرعي اضافة الي المياه العذبة الرقراقة من الينابيع و الجداول طول ايام السنة . وأغلب هؤلاء ينتمون إلى قبائل الراواند السورجي والخيلاني وكذلك الهركي. و كذلك يلجأ اليها مربو نحل العسل حيث ينقلون خلاياهم الي المنطقة مع نهاية شهر ايار و حتي أواخر ايلول وذلك للهواء العليل و وفرة مصادر الرحيق حيث ينتجون منها ارقي و أغلي انواع العسل.
للمنطقة أهمية زراعية, حيث ينتج فيها جميع انواع الفاكهه النفظية و أصناف من الآعناب اضافة الى أجود انواع الخضار الصيفية و خاصة الخيار و الطماطة و الفلفل التي ينعدمان انتاجها في جميع انحاء القطرفي ذروة فصل الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة حيث يجنون المزارعين ارباح جيدة نظرا لمتطلبات السوق.
و من الثروات الاخري في المنطقه غابات الآشجار حيث يستفاد من اخشابها و من قسم اخر ثمارها كالبلوط و الزعرور و العرموط البري..
اضافة الي نبات الريواس وهو من النبت الطبيعي ذو اوراق كبيرة حيث يؤكل منه سيقانه و يوصف من قبل البعض ضمن النباتات الطبية .
و من الثروات الاخري الآحجار. حيث تمتاز بعض انواعها ببعض الالوان الجميلة و الخلابة حيث تستعمل للبناء أو قطع على شكل مرمر او يدخل صناعة الكاشى .
تعتبر قمة جبل هلكورد 3607 م ضمن سلسلة جبال حصاروست اعلى قمة في العراق مع قمم شاهقة أخري مثل بربزين و شاكيو و سياكو و قلندر و سري أجر (رأس العبد ) و كَوشينه و سروكة المطل علي قرية لولان و كوشوان وعارضة كاني كفر أضافة الي قمم اخري . يشتهر جبل هلكورد و قمم اخري ضمن السلسلة بوجود ثلوج ازلية تغطيها طوال ايام السنة مع بحيرات من مياه أسفل هذه القمم نتيجة ذوبان الثلوج و التي غالبا لا تجد منفذا للجريان.
منطقة خواركورك تشتهر بجبالها الوعرة. أشهر السهول في برادوست بجانب حوض سيدكان هو سهل (دشت هيرت) وهو عبارة عن مرتفعات هضابية الى جانب دشت برازكر وهي منطقة جبلية خلابة تقع شرق بارزان (ميرگه سور) وجنوب الحدود التركية (شمدينان) . أما أشهر الوديان هم (دول زرزه) (گلى ليَتان) و(گلى رش) وغيرهم. اما انهارها فاشهرها نهر نزارى وقلندر، ونهر زينا وهي انهر صغيرة تصب في رافد بالكيان قرب ديانا والذي بدوره يلتحم مع روبار رواندز ويصب في نهر الزاب عند قرية خلان قرب بيخمه. أما نهر حاجي بك فهو نهر جميل هائج مائج في الربيع ينبع من جبال خواركورك ويعبر منطقة شيروان ويشتهر بـ روبار جامه ليصب في الزاب القادم من منطقة بادينان عند قرية ريزان قرب (بله) .
وبرز من البرادوست القاطنين في جهة كردستان العراق المرحوم الشيخ رشيد لولان وهو زعيم ديني له خانقاه في قرية لولان الحدودية والتف حوله الكثير من المريدون والاتباع من كافة المناطق وخلفه في الزعامة ابنه المرحوم الحاج محمد لولان وأيضا المرحوم الشيخ محمود بك خليفة الزعيم القبلي وخلفه ابنه المرحوم الشيخ كريم خان برادوستي .
شهدت منطقة برادوست بعد سقوط الملكية هجرة سكانها بسبب نشوب الحروب بين القوى الكردية بزعامة المرحوم الملا مصطفى البارزاني والحكومة العراقية.. وبعد انتهاء المعارك في عام 1975 شهدت المنطقة هدوءا قصيرا اعقبه تهجيرا واسعا لسكان الشريط الحدودي نحو المجمعات السكنية القسرية في طوبزاوه وكسنزان وديگهله ضمن سياسة حكومة البعث ضد الشعب الكردي. وبدأت الاحزاب الكردستانية التي تشكلت بعد نكسة آذار 1975 تعاود نشاطها في جبال برادوست، بدءا بالمفارز الأولى للاتحاد الوطني الكردستاني القادمة عبر هكاري وكذلك التشكيلات العسكرية التابعة لحزبي الديمقراطي الكردستاني و الحزب الشيوعي العراقي عام 1978 الذين تحصنو و بنو مقراتهم في مناطق وادي خواكورك وجعلوه ممرا لسوق مفارزهم وانصارهم بجانب المناطق الاخري .
سكان برادوست المرحلين ما زالو اكثريتهم يقطنون داخل مدينة اربيل وقضاء سوران وكسنزان وطوبزاوه نظرا لصعوبة العودة إلى مناطقهم للاسباب اعلاه.
هناك مسلة حجرية تأريخية خضراء اللون تسمي كيله شين تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد مكتوبة بالحروف المسمارية وباللغتين الخالدية و الاشورية ايام الملك اورزانا حيث مكانها عند المعبر على الحدود العراقية الايرانية . حيث كان ممرا هاما بين بلاد الرافدين وأذربيجان وإيران من جهة الشمال. بقيت المسلة في مكانها إلى عام 1984 حيث تم نقلها إلى متحف اورميه في إيران بعد الهجوم الإيراني على منطقة سيدكان .
الجزء الثاني
الموقف العسكري لغاية تموز 1985
كان الموقف العسكري والقطعات المنفتحه و الماسكه للقاطع قبل بدء التعرض المعادي الايراني في منتصف تموز 1985 بوجود لواء مشاة منفتح علي جبلي كوشينه و رأس العبد وعارضة كاني لأهميتهم الاستراتيجية الكبيرة للسيطرتهم علي منطقة حوض سيدكان .
اضافة لهذه كان هناك بأمرة القوة القتالية فوجي دفاع وطنى بأمرة المستشارين المرحومين كريم خان و شقيقه قادر بيك من المقاتلين الاكراد من اهل المنطقة حيث كان لهم الآثر الكبيرو الفعال للحفاظ و الدفاع على منطقتهم من جميع انواع التهديدات نظرا لما يمتازون به من الطاعة العمياء لمرؤسيهم من حيث ورثوها من ابائهم و اجدادهم .
أدركت القيادة العسكرية أنذاك خطورة الموقف نتيجة للمعلومات المؤكدة و الواردة من خلف الحدود حول التحشدات و النيات العدائية المبيته. فجاءت الآوامر لقائد قوات بـدرفي زاخو الضابط الشهم و الشجاع العميد الركن أياد خليل زكي و هيئه ركنه للقيام بأستطلاع القاطع بغية استلامه بوقت مبكر و قبل شروع العدو بالتعرض .
في مطلع شهر تموز 1985 تم استطلاع القاطع والحركة والاستلام. تم فتح مقرجوال للقيادة في احد القري قبل مدخل مركز ناحية سيدكان.
في شهر اب اعيد فتح مقر جديد في سفح جبل كزك أثناء شده حمي المعارك نظرا لكون المقر القديم مكشوفا و و معرضا لتهديد المعادي من جهة و عدم استيعابه اي توسع وانشاء شقه لنزول السمتيات من جهه اخري أصبح المقر الجديد اكثر أمنا وأمانا وتم تبديل أسم القيادة الي قيادة فرقة المشاة الثالثة و الثلاثون .
العمليات التعرضية الايرانية
بدء التعرض الآيرانى في منتصف شهر تموز و من ثلاثة محاور:
الآول : محورسلسلة حصاروست جبل كوشينة مستهدفا جبل سري حسن بيك 2519 م ذو الاهميه التعبوية الكبيرة لآشرافه علي مناطق قضاء سوران و راوندوز حيث المناطق الادارية للفرق العسكرية العاملة في القاطع و الآمداد اللوجستي و صنوف الخدمات في قصبة ديانا و الطرق التي تؤدي الي قضائي جومان و ميركة سور ومدخل مضيق كلي علي بك .
ثانيا : محور سلسلة حصاروست جبل رأس العبد (سري اجر) مركز ناحية سيدكان .
ثالثا : محور سلسلة حصاروست عارضة كانى كفر مركز ناحية سيدكان .
تم التصدي لهذه التعرضات و ايقاف زخم القوات المهاجمة و تقدمها و دحرها وقتل افرادها وتدميراسلحتهم و معداتهم و التي كانت بأعداد هائله وحيث جرت معارك عنيفة طيلة ماتبقي من الايام لشهر تموز, و نتيجة المقاومة و الدفاع المستميت و البطولي لقوات المدافعة عن مواضعها من جهه و تعب ارهاق القوات المهاجمه واستنزاف مواد تموينها و اعتدتها و لوعوره و قسوة التضاريس و صعوبة ادامه الدعم اللوجستى لها من جهه اخري . من الجدير بالذكر هنا تم اسر المئات من افرادهم متشرذمين و مشتتين وتائهين هنا و هناك في الوديان و السفوح الجبلية.
علي الفورتم اسناد ودعم القاطع بالوية من المغاويرو المشاة و كتائب من المدفعية والقاذفات الآنبوبية والدروع و افواج الدفاع الوطني أضافة الجهد السمتي و اصبحت القوات التي بامرة القيادة انذاك قوات تقدر بحجم فيلق عسكري .
تم نشر أسلحة رشاشات رباعية من نوع شلكا و التى اساسا تستخدم لمقاومة الطائرات علي الرواقم و بأتجاه محاور التهديد والتسلل المعادي للسيطرة عليها نظرا لما تمتاز به من كثافة القوة النارية الهائلة والمرعبة لقتل اكبر عدد من الافراد المتسللين و ايقاع الرعب في قلوبهم و تدمير معداتهم.
تم وضع خطط للهجوم المقابل بغية القضاء علي ما تبقي من المعتدين و دفعهم الي من حيث جاؤو. فعلا نفذت علي ارض الواقع وحسب الآسبقيات و تم تدمير قواتهم و استعادة كافة المواضع التي كانت قد سقطت بيدهم نتيجة قلة القوه القتالية عليها أثناء بدء التعرض لسعه القاطع و تم دفع المقاتلين الي رواقم جديدة امام الموضع الدفاعي القديم و التي كانت لها اهمية تعبويه لقضاء ومنع و تدمير اي قوة تفكر بالتسلل في المستقبل . و مع بداية فصل الخريف التي يأتي مبكرا في المنطقة و خفوت حمي التعرضات نقل القائد اللواء الركن أياد خليل زكي حيث كان قد رفع لهذه الرتبه خلال الآحداث الي قيادة الفيلق الرابع و تم تنسيب اللواء الركن رشاش ألاماره بديلا عنه و كانت حدة العمليات قد هدأت نسبيا و خفت الفعاليات لفشل التعرض و الخسارة التي مني بها العدو بالآشخاص والمعدات و لبرودة الجو و بدء موسم سقوط الامطار. تم أعادة قطعات الهجوم المقابل و الساندة تدريجيا واعادتها الي قواطعها للآنتفاء الحاجة اليها و زوال التهديد المعادي و لتكليفها بواجبات جديده اخري أو لآغراض أعادة التنظيم و التدريب. و تم اعادة ترتيب و مسك المواضع الدفاعيه بقوات قليلة نسبيا فيما أعيد القسم الآخرمن اقرانهم الي مواقع اخري ضمن القاطع لغرض الراحه و اعادة التنظيم و التدريب .
فصل الشتاء يأتي مبكرا في هذه المنطقه وعادة يكون بحلول شهر تشرين الآول حيث تنخفض درجات الحراره و تتساقط الامطار بشده, أما الثلوج فتنهمر علي القمم الحدودية الشاهقة لتستمرلغاية شهر نيسان من السنه التاليه اما علي بقية المناطق في داخل كردستان بنسة اقل . وهكذا تجمد القاطع غطت الثلوج بمعدلات عاليه بأكثر متر في المناطق الاماميه و اكثرمن نصف هذه الكمية في المناطق التي من خلفها و تجمدت كافة الفعاليات . و استمر القائد الجديد بعمله لغاية بدء معارك فاو قاطع فيلق السابع في شباط عام 1986 حيث تم تكليفه بقيادة احد الآرتال الثلاثة للقاطع الجديد.
و أستمر الحال هكذا الي فصل الربيع من عام 1986 ومع بداية موسم ذوبان الثلوج بدأت الفعاليات المتبادلة رويدا رويدا بالازدياد بما فيها ضرب الاهداف المرصودة بقنابل المدفعية او قنابر الهاونات من الجهة الشمالية من القاطع التي تواجه الحدود الدولية مع تركيا.
الجزء الثالث
في شهر ايار1986 انيطت قيادة الفرقة الي اللواء الركن رمزي محمود عبدالله و بدأت خطر الثلوج بالزوال والآنحسار, حيث تم وضع خطط للأنقضاض علي مواقع المعادية المتناثرة المتبقية ضمن القاطع ومن الجهه الشرقيه و بأتجاه الحدود الايرانيه لمسكها لضمان أمن القاطع . و مع بداية شهر حزيران تم تنفيذ الخطط الهجومية علي التوالي و بسرعة قياسية وجاءت نتيجة الصولات تحرير الرواقم الواحد تلو الاخر نظرا لضعف المقاومة أو انعدامها لكون معظم الآفراد المتبقين من القوات الايرانية قد قضوا نحبهم نتيجه طمرهم و دفنهم تحت الثلوج خلال الشتاء المنصرم وآنقطاع سبل العودة بهم الى ايران و صعوبة انقاذ من تبقي منهم او استحالة تزويدهم بالوقود و المواد الغذائيه طيلة سته اشهر التي تلت التعرض و هكذا وقعت القوات المعاديه في كمين طبيعي و ليس في الحسبان. تمت السيطرة علي معسكراتهم بما فيها من الاليات و الآسلحة و المعدات و اسرو أستسلام المئات من المتبقين منهم واستعادة 14 راقم وأصبح الطريق أمنا لدفع المقاتلين الي الرواقم الحدودية الشاهقه ذي الارتفاعات 3150 م 3138 م 3280 م ضمن سلسلة جبال حصاروست الحدودية التي تبلغ طولها باكثر من 20 كيلومتر التي تشكل الحدود .
تم نشر لواء مشاة بأفواجه الثلاثة عليها لتصبح الاراضي الايرانيه تحت رحمة نيرانهم بذلك سجلت هذه العملية النوعية اول عمل في التأريخ للجيش العراقي حيث لم يسبق مثيلها من قبل و ان عاش العراقيين علي هذه الرواقم و لمده خمسه اشهر اي من بدايه حزيران الي نهاية تشرين الآول و التي تكون الغيوم في اغلب ايام السنة علي سفوحها او اسفل القمم أي بعبارة اخري مقاتلين فوق الغيوم .
أمضي هذا اللواء خمسة اشهر خلال السنة وتحديدا من مطلع حزيران الي مطلع شهر تشرين الثاني و كأنهم في فصل الشتاء نظرا لبرودة الجو فوق هذه القمم لذلك حيث كانوا يرتادون القماصل و التجهيزات الشتوية الآخري و كانت تصرف لهم مواد غذائيه خارج القياسات لتزيد من السعرات الحرارية وبما يتناسب و ظروف بيئة المنطقة المناخية بما يضمن للمقاتلين الحفاظ علي قواهم البدنية في خضم هذه الظروف المناخية القاسية في الوقت الذي يعانى العراقيين خلال هذه الفتره من فصل الصيف من شدة الحرارة.
نتيجة لهذه الانتصارات الساحقه و التقدم المذهل للقطعات علي الجانب الشرقي من القاطع و السيطرة علي الحدود الدولية و استمرارا لدحر و القضاء علي الوجود المعادي في القاطع و خلال الفترة المتبقيه من فصل الصيف و تحديدا فى شهر أب تم تنفيذ واجب استعادة ثلاثة رواقم علي الجهه الشمالية من القاطع و التي تواجه الحدود الدولية مع تركيا و بمشاركة ابطال القوات الخاصة من اللواء 66 البطل و ...
الذي كان أنذاك بأمرة الشهيد المغوارالعقيد الركن بارق عبدالله الحاج حنطة و مقاتلين اكراد من افواج الدفاع الوطنى حيث تم تنفيذ الواجب بالكامل و استعادة الرواقم الثلاثة المحددة ضمن الخطة و استعادة راقم اخر كان خارج الخطة الهجومية نتيجه لأندفاع البطولي للمقاتلين اللذين غالبا ما تكون مثل هذه المناطق ذي الطبيعه الجبلية الصعبة والموانع بيئة ملائمة لقتالهم وعملياتهم الشرسة بعكس المناطق السهلية التى تكون ميادين لقتال الدروع . و استمرت الفعاليات اليومية التى اصبحت اعتيادية الى نهاية شهر تشرين الآول و فى مطلع شهر تشرين الثانى تم سحب القطعات المتواجدة علي سلسلة حصاروست نظرا لسقوط كمية تقدر باكثر من نصف متر خلال يوم واحد و للأسف كان هناك بعض الضحايا خلال هذا الآنسحاب نتيجة للبرد القارس و الظروف الصعبة و سعة المنطقة الجغرافية التي انتشر التشكيل عليها . بذلك تكون سنة 1986 قد طوت صفحة قتالية اخري في هذا القاطع .
الجزء الرابع
جاءت سنة 1987 حيث كانت نموذجية لقوة و صلابة القاطع نتيجة المسك المحكم والحصين لمواضع المقاتلين من حيث بناء الملاجئ للوقاية من تهديدات القصف المعادي و الثلوج و الامطار و تجهيزها بالارزاق و الآعتدة و الوقود و جودة تجهىزاتهم من ملابسهم بما يلائم خصوصية المنطقة من جهه و من جهه اخري تحصين هذه المواضع بالاسلاك الشائكة و الآلغام لمنع تقدم الآعداء .
لزيادة السيطره و في مطلع صيف 1987 نفذ هجوم علي جبل هوارجو الايراني الذي يقع امام الموضع الدفاعي علي سلسلة جبال حصاروست و احتلاله و اسر اعداد من الايرانين و كانوا بحالة يرثي لها و تم مسكها بقوة فوج زائد سريه و هكذا سيطرت قطعاتنا على منطقة دوله ميدان الايرانيه الشاسعه و بعدها بفتره قليلة تم نصب كمين داخل الاراضي الايرانيه وقعت داخل الكمين سياره لاندكروز لامر لواء ايرانى برتبه عقيد و كان بمعيته امر فوج و امر بطريه مدفعيه و ضابط رصد حيث رفض امر اللواء الاذعان و الانصياع لاوامر افراد الكمين حيث تم قتله و العوده بباقي الاسري القطعات الامامية المتحسبة لكل لاحتمالات .
و في شهر اب تم تنفيذ هجوم عل منطقة ده شت برازكر و ده شت هيرت و جبل كويت و من محورين حيث انسحبت القوة المعادية الموجودة في المنطقة لضألة حجمها مقارنة بالقوة المهاجمة المكونة من سرايا مغاوير و افواج الدفاع الوطني و رجعت القوات المهاجمة بعد ان غنمت قطع الأسلحة الخفيفة و المتوسطة و مواد التموين التي تركت فى المنطقة . في مطلع الخريف تم نقل مقر الفرقة الي منطقة سفح جبل ريبانوك و تحديدا اسفل القمة و التي تقع في الجانب الايمن من جبل سري بردي المشهور بتعرجات طريقه الكثيرة و الصعبة و الوحيدة التي تربط قضاء سوران بناحية سيدكان و توابعها .
وهكذا كان عام 1987 خاليا من الهجمات الكبيرة و ذلك لزوال كل المخاطر من الهجمات المعادية و السيطرة الكاملة علي كافة محاور التهديد المعادي الذي يكون في العادة من مطلع شهر ايار الي نهاية شهر تشرين الاول . اما الفعاليات الاخري خلال ستة اشهر الاخري من السنة فتكون بحكم انتحار و ذلك بسبب قسوة الظروف الجوية و مخاطر الانجماد و لسعات البرد . وكانت معالجة الاهداف المعادية بالمدفعية و الهاونات هي الفعاليات الرئسية . و هكذا استمر الموقف على ما هو عليه .
قدرت المساحه التي ضمن مسؤوليه الفرقة بحدود 1600 كيلو متر مربع في المثلث التركي الايراني و من اقسي تضاريس الارضية من الجبال الشاهقة والوديان السحيقة و المنحدرات و الغابات.
اود هنا ان اذكر هنا جبروت و قوة رجال الجهد الهندسى المدنى و العسكري كجزء من الوفاء" لهم حيث كانوا يسبقون المقاتلين لفتح الطرق الي قمم الجبال مخترقين الغابات الكثيفه للوصول اليها لنصب الجسور و المعابر بغية مرور الاليات غير ابهين بنيران المعادية و خاصة القناصة وخطوره الالغام المنجرفة مع الثلوج و السيول .
في بداية موسم فصل الخريف تم سحب القطعات الماسكة للموضع الدفاعي علي سلسلة حصاروست و علي مراحل و خفت حدة نيران المتبادلة رويدا رويدا الي ان بدأ موسم هطول الامطار و سقوط الثلوج انخفاض درجات الحرارة و استمر الحال علي هذا الوقع الي نهاية فصل الربيع اي نهاية شهر ايار كانت ضربات المدفعية و الهاونات سيدة الموقف في الوقت كانت تدور رحي معارك تحرير الاراضى المسلوبة في كافة القواطع بعد اندحار الجيش الايراني في فاو صعودا الي قواطع الفيالق الاخري .
بداية شهر تموز و تواصلاَ" مع انتصارات في كافة القواطع من ساحة العمليات و استكمالآ لتحرير ما تبقي من الوطن خارج سيطرة السلطة الوطنية تم وضع خطة هجومية و علي عدة مراحل لكونها مشتركة مع قاطع مسؤولية قيادة قوات / 45 و بعد ذلك اسندت المهة الي قيادة فرقة المشاه / 33 تلافيا لآية ارباكات قد تحصل و بدأت هذه العمليات تنجز مرحلة تلو اخري لصعوبة التضاريس التي تتضمن صعودا جبل بعد الاخر و الهبوط الي وادي بعد و القتال المستميت احيانا من حجر لحجر.
في صباح يوم 6 من شهر ايلول تم انجاز المهمة كاملة" و وصلت ارتال الصولة الي ضفاف نهر حاجي بيك الذي يشكل الحدود مع تركيا .
اتمني ان اكون قد وفقت بسرد حقيقة ما وقعت من الاحداث في هذه المنطقة خلال ثلاثة سنوات و شهرين عايشتها بكل ايامها و لياليها بحرها و بردها و ثلجها أمانة بعد ان مر عليها حوالي 30 عاما . حيث شارك في هذه الملحمة البطولية النوعية عشرات الالاف من افراد من ابناء الجبال و السهول و الأهوار و من كافة الصنوف و من المؤكد ان الكثيرين من الذين خرجوا منها احياء" قد تركوا هذه الحياة بعد ان مر عليها ثلاث عقود . و لكي لا تصبح طي النسيان و يضيع جزء مجيد و مهم من هذا التأريخ الذي سطروه أولائك الرجال لم يعرفوا معنا للمستحيل و كتبوا بدمائهم وعرقهم النصر و الآقتدار .
الرحمة و الغفران لكل اؤلائك اللذين غادروا هذه الحياة و الصحة و السلامة للأخرين .
أبن الرافدين
العراق
اذار 2018
الگاردينيا: مادة تأريخية مهمة وصادقة جداَ وهنا لابد أن نقدم الشكر والتقدير للأخ (ابن الرافدين) ونتمنى أن يرفدنا بالمزيد ليطلع عليها هذا الجيل والأجيال القادمة بأذن الله تعالى..
355 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع