ما الديانة الزرادشتية التي انتشرت في كوردستان العراق؟
ترجمة الزوراء/ صباح سالم:قالَ علاء لطيف في تقرير لصحيفة (ذا ديلي بيست) ان بعض الاكراد العراقيين تحولوا الى دين يعود تأريخه الى 3500 عام متأثرين بالصراع الديني والعرقي الذي يشهده العراق. وقال علاء ان واحداً من اصغر الاديان واقدمها في العراق يشهد مرحلة اعادة احياء في اقليم كردستان العراق. ويمتلك هذا الدين جذوراً كردية عميقة – إذ سبق ان تأسس هذا الدين من زرادشت، الذي يعرف ايضاً باسم زراثوسترا، الذي ولد في الجزء الكردي من ايران قبل 3500 سنة مضت، وكتاب هذا الدين المقدس هو (آفيستا)، الذي كتب بلغة قديمة اشتقت منها اللغة الكردية.
ويعتقد ان في هذا القرن (الحادي والعشرين) نحو 190 الف مؤمن بهذا الدين في العالم. وبعد ان اصبح الاسلام الدين المهيمن في المنطقة خلال القرن السابع اختفت الزرادشتية نوعاً ما. وللمرة الاولى منذ آلاف السنين ادى بعض السكان المحليين في منطقة ريفية من محافظة السليمانية احتفالية قديمة يوم 1 ايار، حيث وضع اتباع الدين حزاماً خاصاً والذي يشير الى انهم جاهزون لخدمة الدين ومراقبة خيامهم. وهذه الاحتفالية تشبه الى حد ما مسألة التعميد في الديانة المسيحية. والمبايعون الجدد للزرادشتية قالوا انهم سينظمون احتفالات مشابهة في اماكن اخرى من كردستان العراق وانهم طلبوا الرخصة ايضاً لبناء 12 معبداً في داخل الاقليم، الذي يملك حدوده الخاصة به وقواته المسلحة وبرلمانه الخاص. ويزور الزرادشتيون الدوائر الحكومية في حكومة اقليم كردستان العراق وطالبوا باعتراف بالديانة الزرادشتية على انها ديانة رسمية. ويملكون نشيدهم الخاص بهم والعديد من السكان المحليين يحضرون الطقوس الزرادشتية ويجيبون على صفحات المنظمات الزرادشتية في مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من عدم وجود احصائية رسمية عن العدد الرسمي من الاكراد المحليين الذين تحولوا الى هذا الدين، الا ان هناك العديد من الامور التي يمكن مناقشتها بخصوصه. وهؤلاء الزرادشتيون الاوائل يعتقدون بأنه كلما عرف السكان المحليون عن هذا الدين معلومات اكثر، فان اعدادهم ستزداد. ويبدو ايضاً انهم يحاولون الترويج للزرادشتية من خلال القول أنها “اكثر كردية” من باقي الاديان – وهي بالتأكيد فكرة جذابة في منطقة يهتم فيها سكانها المحليون بهويتهم القومية اكثر من اهتمامهم بالانقسامات الدينية. ويقول لقمان الحاج كريم كبير ممثلي الزرادشتية ويترأس منظمة زاند الزرادشتية ومن المؤمنين بأن هذا الدين اكثر “كردية” عن باقي الاديان ان “هذا الدين سيستعيد الثقافة والدين الحقيقيين للشعب الكردي. وان احياءه يعد جزءاً من ثورة ثقافية، تعطي الشعب (الكردي) طرقاً جديدة للبحث عن راحة البال والتناغم والحب”. في الحقيقة، ان الزرادشتيين يعتقدون بأن قوى الخير والشر تتصارع باستمرار في العالم، ولهذا السبب يشك العديد من السكان المحليين بأن هذا اعادة احياء هذا الدين له علاقة بالازمة الامنية التي تتسبب بها المجموعة المتطرفة التي تعرف بداعش والانقسام الطائفي والعرقي في العراق.
ويقول مروان النقشبندي المتحدث الرسمي لوزارة الاديان بحكومة اقليم كردستان العراق “ان الناس في كردستان العراق لم يعودوا يعرفون اي حركة اسلامية او عقيدة او فتوى يجب عليهم ان يؤمنوا بها ويتبعونها”. وقال لنا ان الاهتمام بالزرادشتية هو علامة على الاختلاف في داخل الاسلام وعدم الاستقرار الديني في اقليم كردستان العراق، بالاضافة الى البلد ككل. ويوضح النقشبندي “بالنسبة للعديد من للاكراد الاكثر تحرراً والاكثر وطنية، فان الشعارات التي يستخدمها اتباع الزرادشتية تبدو شعارات معتدلة وواقعية. وهناك العديد من الناس هنا من الغاضبين بسبب تنظيم داعش الارهابي وعدم انسانيته”. ويؤكد النقشبندي ايضاً بأن وزارته ستساعد الزرادشتيين لتحقيق اهدافهم. فحق حرية الدين والعبادة مشرع في القانون الكردي وقال النقشبندي ان الزرادشتيين سيكون لهم تمثيل في دوائر الوزارة. ولكن زعيم الزرادشتيين الكريم ليس متأكداً فيما اذا كانت داعش قد ساهمت في الكيفية التي يفكر فيها السكان المحليون حول دينهم الجديد. ويقول الكريم “ان الناس في كردستان العراق يعانون من انهيار ثقافي يعيق في الواقع فكرة التغيير. ومن غير المنطقي ان نربط الزرادشتية بمجموعة داعش. فنحن ببساطة نشجع الناس لاتباع طريقة جديدة في التفكير حول كيفية ان يعيشوا حياتهم بشكل افضل، وهي الطريقة التي اخبرنا بها زرادشت”.وفي وسائل الاعلام المحلية كانت هناك مناقشات كثير حول هذا الموضوع. واحد الاسئلة التي كانت طاغية: هل سيتخلى الاكراد عن الاسلام من اجل ديانات اخرى؟ ويجيب الكريم “نحن لا نريد ان نكون بديلاً عن اي دين آخر. ونريد ببساطة ان نستجيب لحاجات المجتمع”.وحتى لو لم يقر الكريم بها، الا انه من الواضح ان شخص سينتمي الى الزرادشتية فهذا يعني تخليه عن الاسلام. ولكن حتى هؤلاء الذين يرومون الحصول على “الحزام” الزرادشتي ينأون بأنفسهم بعيداً عن اعتقاد او ايمان اخر. وربما يكون هذا احد الاسباب، حتى الان، في عدم انتقاد رجال الدين والسياسيين المسلمين للديانة الزرادشتية علناً. وقال لنا احد السياسيين المحليين، حجي كروان، عضو في البرلمان عن حزب الاتحاد الاسلامي في كردستان العراق بأنه لا يعتقد بتحول العديد من الناس الى الطريقة الزرادشتية. ويعتقد ايضاً ان هؤلاء الذين يروجون للدين قليلو العدد وبعيدين عن بعضهم البعض. وقال كروان “ولكن بالتأكيد، ان الناس احرار في اختيار اي دين يريدون اتباعه وممارسة طقوسه. ويقول الاسلام ان لا اكراه في الدين”. ومن ناحية اخرى لا يتفق كروان مع فكرة ان اي دين – ولنضع الزرادشتية جانباً – يكون “كردياً” بطبيعته. فالدين يأتي للانسانية جمعاء، وليس لمجموعة قومية او عرقية محددة”.
351 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع