الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية الجزء الاول ـ كوردستان تركيا
بدأت الحياة الحزبية في كوردستان، مع الثورة الدستورية التي قامت بها جمعية الاتحاد والترقي في 23 تموز 1908 نتيجة التطورات التي شهدها العام حيث انعشت بشكل ملحوظ الفكرة القومية الكوردية في تركيا ، وانتهز الكورد في حينها فرصة الانفراج التي حدثت في الميادين السياسية عقب الانقلاب الدستوري الذي قامت به جمعية الاتحاد والترقي وقد تمخض نضال الشعب الكوردي عن تأسيس.
( جمعية الاتحاد والترقي الكوردية )
عام 1908 بداية لمرحلة جديدة في نضال الشعب الكوردي وحركته التحررية القومية ، وتكون كوردستان قد انجبت وليدا جديدا علق عليه الشعب الكوردي امال لنيل حقوقه القومية المشروعة، اسوة ببقية الشعوب المناضلة من اجل الافلات من اضطهاد السلطة العثمانية ونيل استقلالها الوطني والقومي ،وقد تعرض الشعب الكوردي للاضطهاد على يد (حزب الاتحاد والترقي) ، جاء ميلاد ( جمعية تعالي كوردستان) ، وتعتبر اول تنظيم سياسي كوردي ولد في اسطنبول باسم «كورد تعاون وترقي جمعيتي» عام 1908 ثم تبعه ظهور تنظيمات وجمعيات سياسية اخرى ، انضم في هذه الجمعية عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية الكوردية وكان من مؤسسين الجمعية البارزين الامير امين عالي بدرخان، والفريق شريف باشا ، وعبد القادر عبيد الله شمزين( الذي اعدمه الكماليين في ديار بكر ) والداماد ذو الكفل باشا .
حدد النظام الداخلي للجمعية واجبات الهيئة الاستشارية في مادته الرابعة ، بتحقيق اهداف الجمعية لتطوير وتقدم كوردستان ماديا ومعنويا ، والاهتمام بالتربية الاسلامية للقومية الكردية من الجوانب الروحية والفكرية ، اما الهيئة الادارية للجمعية حددت بـ (6 ـ 13 ) عضوا وقد صدر النظام الداخلي بعد تأسيسها مباشرة .
وقد ساعد هذا التنظيم الى حد ما على توحيد مجموعة من المثقفين الكورد، وحول اهداف الجمعية يؤكد عبد العزيز ياملكي ، ان جمعية تعالي كوردستان لم تكن تتوخى أي هدف شخصي ، وقد ابلغت جميع رؤساء كوردستان ان اهدافها هي تحقيق اهدافها الشعب الكوردي الاجتماعية والدينة والتاريخية للحيلولة دون ان تحتل كوردستان من قبل شعب اخر او دولة اخرى ، والى تمتين العلاقة بين الكورد والشعوب الاخرى، وطالبت الاعتراف باللغة الكوردية، وافتتاح المدارس الكوردية وجامعة في كوردستان. ودعت الجمعية الى تطوير كوردستان من الناحية المادية والمعنوية .
يتضح ان الجمعية كانت تناضل وتعمل من اجر تحرير كوردستان من الاحتلال العثماني وتشكيل دولة كوردية مستقلة وكانت تتوقع الخير ومد يد العون من الانكليز في تلك المرحلة، إلا ان بعد مرور الزمان ثبت بأن الانكليزلا يساعدون الشعوب المغلوبة والضعيفة وإما يتخذون من تغليب القوي على الضعيف اسلوبا لتحقيق مصالحهم .
قاومت جمعية تعالي كوردستان ما كان يجري خلف الكواليس من تحركات ومؤامرات ومناورات ومكائد خادعة
ضدها ، ولهذه الاسباب لم تستطيع الاستمرار والمحافظة على وجودها فأنتهى أمرها الى الانحلال والتلاشي وتحولت فيما بعد الى تشكيل جديد باسم جمعية هيفي.
اما ابرز مؤسسي جمعية تعالي كوردستان فقد كان المرحوم عبد القادر عبد الله ،وأمين عالي ، ومراد محمد علي ، وخليل رامي ، وكاميران اولاد وأحفاد بدر خان الكبير ، وفؤاد باشا وحكمة بابان ، وحسين وشكري وفؤاد محمود وعلى من البابانين ، والسيد عبد الله ورمزي بك الخربوطي ، وأكرم بك جميل باشا زاده ، ونجم الدين حسين وممدوح سليم وحسن حامد والدكتور شكري محمد وحسين عوني مبعوث خربوط ومحمد مبعوث ملاطية سابقا وأمين زكي والميرلاني خليل بك الدرسيمي ومحمود نديم بك باشا والفريق مصطفى باشا السليماني والفريق حمدي باشا والقائم مقام محمد أمين زكي بك السليماني ، والشيخ على الثيرولي والسيد شفيق افندي الخيزاني وغيرهم .
يتبين من اسماء مؤسسي هذه الجمعية انهم نخبة من خيرة المثقفين والسياسيين الكورد في تلك المرحلة ،ومدى اهتمام الشعب الكوردي في كردستان تركيا بالنضال ، من اجل التحرير من نير الاضطهاد القومي الذي يتعرض له على يد السلطة العثمانية ، اذ كان هناك في الساحة الكوردستانية حركة دءوبة ومستمرة لا تعرف الكلل ولا الملل
فبعد تأسيس جمعة تعالي كوردستان تم تأسيس ( جمعية التشكيلات الاجتماعية) وقد اسسها الاميران علي وجودت بدرخان وكاميران بدرخان وكمال فوزي وأكرم جميل باشا ، والدكتور شكري محمد وممدوح سليم ، وقد كان الاميرامين على بك بدرخان رئيسا للجمعية .
وفي الوقت نفسه في الاستانة تم تأسيس جمعية اخرى باسم (حزب الامة الكوردي) . وقد استمرت هذه الجمعيات بعملها لحين دخول الجيوش الكمالية الى الاستانة ، وكان لهذه الجمعيات مئات من الفروع والشعب في انحاء كوردستان ، وقد انحلت جميع هذه الجمعيات بتأسيس جمعية ( خويبون ) وانضم اعضائها الى الجمعية الجديدة وهكذا اجتمعت القوى السياسية حول هذه الجمعية الجديدة .
بانضمام هذه الجمعيات والنوادي الثقافية جميعها الى (خويبون) ، تكون الحركة الوطنية والقومية الكوردية قد دخلت مرحلة جديدة في اسلوب نضالها من اجل وحدة الشعب الكوردي ، ونيل حقوقه القومية المشروعة بما فيها حق تقرير المصير في الاستقلال من السلطة العثمانية .
جمعية كوردستان ( كوردستان جمعيتي).
تم تأسيس جمعي كوردستان في استانبول وكانت اهدافها سياسية واجتماعية واقتصادية لتحقيق الاماني القومية للشعب الكوردي، وأكد النظام الداخلي لجمعية ان لها الحق في فتح فروع لها عند الحاجة في سائر انحاء كوردستان ولها حق في اصدار الصحف والمجلات وطبع ونشر الكتب وفتح مؤسسات خيرية واجتماعية .
جمعية (كورد نشر معارف جمعيتي) ( جمعية نشر المعارف الكوردية ) ، تأسست في نهاية سنة ١٩٠٨ على انها جمعية ادبية تربوية قامت بفتح مدرسة كوردية (چه مبه رلي طاش) وكان السيد خليل خيالي مديرا لها لتعليم اولاد الجالية الكوردية باسطنبول ، غير ان استيلاء الاتحادين على مقاليد السلطة العثمانية وتحت ستار الدستور والديمقراطية افضى الى غلق الجمعية وقامت السلطات بحل الجمعيات والنوادي الكوردية واعتقال قادتها، واضطر الباقون الى مواصلة نشاطهم السياسي بشكل سري .
جمعية هيفي كورد- امل الكورد ـ 1910 :بعد غلق جمعية التعالي والترقي الكوردية وجمعية نسر المعارف الكوردية واستمرار جمعية تعالي كوردستان في نشاطها السري لتنظيم الشباب الكوردي ، ونشر الوعي الفكري والسياسي في
صفوفهم حاول شباب الكورد سد الفراغ السياسي ، الذي سببه اجراءات علق الجمعيتان فبعد عامين من غلقها تمكن مجموعة من الطلاب في المدرسة الزراعية سنة 1910 ..وكان من ابرز مؤسسها كل من عمر بك جميل باشا وقدري ال جميل باشا من اعيان ديار بكر وفؤاد تمو بك الوانلي وزكي بك وأكرم بك جميل باشا وممدوح سليم وكان يشجعهم ويوجههم خليل خيالي الذي كان مؤسسا لها .
لقد كانت جمعية هيفي ثاني منظمة سياسية ظهرت للوجود وكانت اكثر الجمعيات الكوردية نشاطا في تلك المرحلة مرحلة ما قبل الحرب العالمية الاولى وقد تمكنت من فتح فروع لها في بعض المدن الاوربية ، اما لسان حالها فكانت مجلة (روژي كورد ) باللغتين الكوردية والتركية أي يوم الكورد ثم ابدل اسنها الى (هه تا ﭬيكورد) أي (شمس الكورد ثم الى (ژين) أي الحياة .
ولقد صدر ثلاثة اعداد من (روژي كورد ) وكان صاحب امتيازها ومديرها المسئول عبد الكريم افندي.
استمرت هذه الجمعية في ممارسة نشاطها الى حين دخول تركيا الحرب العالمية الاولى فعطلت اعمالها بسبب مشاركة
جمع اعضائها في جبهات القتال إلا انها عادت مرة اخرى الى ممارسة نشاطها بعد الهدنة، واستمرت في اعمالها لحين استرداد مصطفى كمال الاستانة ويذكر العلامة امين زكي ان الشعب الكوردي خسر في كوردستان تركيا جراء ارسال ابنائه قسرا للحرب اكثر من ثلاثمائة الف شباب هذه ما ذكر في كتاب خلاصة تاريخ كوردستان صفحة 259.
حارب مصطفى كمال عام 1914 الجمعية مما اضعفها وقلل من نشاطها إلا انها استمرت في نشاطها في العراق وسوريا .
وكان السيدين اكرم جميل باشا وممدوح سليم منضمين للجمعية منذ تأسيسها ، وقد كانا من المساهمين النشيطين في اعمالها ،وكان الطلاب الكورد يقبلون بحماس الانضمام ، وقد ارتفع عددهم بشكل ملحوظ في مدة قصيرة ، ونتيجة للوعي المتعاظم الذي اجتاح صفوف الشباب حاول السيد طيب علي ان فتح شعبة للجمعية في ارضروم حيث كان طالبا هناك ، كما بدأ الطلبة الكورد في مناطق وولايات اخرى من كوردستان يتصلون مع الجمعية عن طريق المراسلات .
اما مجلة (روژى كورد ) يوم الكورد فقد كانت تصدر باللغتين الكوردية والتركية وكانت اسبوعية وقد اصدرها في البداية عبد القادر سليماني ومن ابرز محرريها البروفسور بابان زادة وعبد الله جودت بك وممدوح فوزي ، اما ابرز محرري القسم الكردي فقد كان نجم حسين الكركولي وعبد الكريم سليماني.
وفي الوقت نفسه ، تأسست جمعية الاستقلال الكوردي برئاسة عبد القادر الشمدياني البدرخاني في الاستانة وكان الزعماء والأمراء الكورد اعضاء فيها ومن ابرز مؤسسيها الامير احمد ثريا بدرخان ، وبسبب تعرض الشعب الكوردي للاضطهاد اضطر مؤسسيها مزاولة نشاطهم السياسي العلني خارج كوردستان تركيا ،
ثم انشق البدرخانيون فأسسوا جمعية اخرى اسموها جمعية ( التشيكلات الاجتماعية الكوردستانية) وهي ( جمعية الرابطة الاجتماعية الكوردية ) التي اسسها الامير علي وجودت بدرخان وكاميران بدرخان وكمال فوزي وأكرم جميل باشا شازاده والدكتور شكري محمد وممدوح سليم وقد كان الامير امين على بك بدرخان رئيسا للجمعية ( وجاء اسم الجمعية باسم النادي الكوردي تارة وباسم حزب الاستقلال الكوردي تارة اخرى واحيانا الحزب الديمقراطي الكوردي ضمن الوثائق البريطانية )ومقره المؤقت لجمعية في مكتب الصحفية (ژين) .
كانت لجمعية الاستقلال الكوردي نشاطات وإسهامات واسعة وخاصة في المجال الدولي فقد قدمت مذكرة بتوقيع احمد ثريا بدر خان في القاهرة في وقت مبكر بعد الحرب العالمية الاولى ووزعت على ممثلي الدول الاجنبية هناك تشرح اوجه المسألة الكوردية وتحتج على المطامع الاجنبية وتقسيم البلدان الكوردية .
ومن هنا يظهر بوضوح اهتمام جمعية الاستقلال الكوردي وزعماء الاكراد بإيصال صوت الشعب الكوردي الى المحافل الدولية وما يعانيه من ظلم واستبعاد على يد السلطة العثمانية . كما قدمت الجمعية مذكرة الى دول الحلفاء في اذار 1920 تطالب الجمعية بكيان كوردي متحرر من الدولة العثمانية يتضمن مناطق كوردية في ايران .
حول نشاطات الجمعية ورئيسها السيد عبد القادر افندي وإسهاماتها في مؤتمر السلام بباريس تؤكد الوثائق البريطانية والمرفق معها نسخة من رسالة مقدمة من شريف باشا برفقه رسالتين من السيد عبد القادر افندي رئيس اللجنة المركزية للجمعية الكوردية لتقديمها الى المجلس الاعلى لمؤتمر السلام في باريس برفض تقسيم كوردستان الى قطاعين ويلتمس مساندة دول الحلفاء لمنع الحكومة العثمانية من اضطهاد الشعب الكوردي. في هذه الفترة بالذات أي في بداية عام 1920 كانت بريطانيا مهتمة بالقضية الكوردية خاصة وان رئيس الوزراء البريطاني (لويد جورج) صرح في مجلس العموم البريطاني معلنا حق الشعب في التحرر وعلى اثر هذا التصريح أبرق الساسة الكورد قادة المنظمات والجمعيات الكوردية برقية تأييد لتصريحات رئيس الوزراء .
بعد معاهدة (مودرس) ظهرت مجموعة من تنظيمات كوردية سياسية ، منها (جمعية تحرير كوردستان ) التي اسسها سيد عبد الله ابن الشيخ عبد القادر . لقد تعرضت جمعي الاستقلال الكوردي الى مضايقات من جانب السلطة العثمانية اذ يذكر المجير نوئيل أن النادي الكوردي في ديار بكر قد اغلق بأمر من الحكومة في استانبول وان بعض الذي رحبوا بنوئيل من الكورد في سياحته الى هناك قد تعرضوا للمضايقة ، لهذا السبب وكذلك بسبب الحركة الوطنية الكوردية وإرسال هؤلاء الكورد عريضة الى مؤتمر السلام، وهذه النشاطات صارت معلومة لدى الحكومة التركية ، ويذهب القول ام المهم هو ضمان حدود امنه ومقبولة لمسيوبوتاميا ولكن الامر متوافق ومترافق مع مسالة الاستقلال الكوردي والحكم الذاتي .
جمعية التعالي لنساء الكورد ، تأسست هذه الجمعية عام 1919 في استانبول وكان من اهدافها تطوير المرأة الكوردية وتأمين حياتها الاجتماعية ولتقديم الدعم والعون للأطفال اليتامى والنساء الارامل الكورد بسبب تعرضهم للتهجير والقتل .من جهة اخرى دعت الحكومة التركية وفدا من الوجهاء للكورد لشرح نشاطات جمعية الاستقلال الكوردي برئاسة الشيخ سيد عبد القادر افندي والمؤلف من مولان زادة رفعت بيك الصحفي والسيد امين عالي بيك البدرخان وأمين بيك وهو وجيه كوردي حضر هؤلاء الى الباب العالي وقد استقبلهم عوني باشا وزير الحربية واحمد عابوق باشا وزير الحربية السابق وشيخ الاسلام السابق حيدر افندي ، وكانت الحكومة ترغب في ان تستطلع رأي وتفكير هؤلاء عن تلك السلطة او التحويل اللذين يستند عليها الحزب الكوردي في قيام قادته بالتفاوض مع البريطانيين في استانبول عن المسائل المتعلقة بكوردستان وقد اشار الوزراء هؤلاء ان الباب العالي العثماني في موقفه يسمح بمنح حكم ذاتي واسع للكورد .
نلتقي في الجزء الثاني كوردستان تركيا
المصادر :
الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكوردية ، الدكتور عبد الستار طاهر شريف .
وثائق عن الحركة القومية الكوردية التحررية .الدكتور عبد الفتاح علي يحيى .
كوردستان في عهد السلام ، الدكتور عثمان ابو بكر
داماد هو لقب كان يمنح لمن يصاهر السلطان أو بعض الأمراء. حمله عدة رجال في الدولة العثمانية.
2233 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع