ذكريات أخرى من القادسية ...

    


         ذكريات اخرى من القادسية...

  

            فارس من طيران الجيش

  

تناولت في المقال السابق بعض الذكريات الغير قتالية التي مررت بها وابرزها المجلس التحقيقي ونتائجه ولطول المقال لم تسعفني القدرة لاكمال ما اتذكره من النصف الثاني من عام 1981 والذي يحمل بعض الذكريات القتالية والتدريبة وامور اخرى جرت لي شخصيا واحداث عامة عشتها  ادرج بعضاً منها  :

  

تدريب طيارين احداث
كلفت  في منتصف شهر حزيران 1981  مع عدد من معلمي الطيران بتدريب طيارين احداث انهوا دورة  طيران اساسية في فرنسا ( كان تدريبهم على طائرات الويت 2 )  ، لاعدادهم طيارين على طائرات الغزال ورفد اسرابها بهم لادامة القدرة القتالية  بعد القرار على تعزيز  طيران الجيش باعداد جديدة من الطائرات و تشكيل اسراب جديدة تديم وتزيد الفعاليات القتالية لسلاح السمتيات
لدورة فرنسا المشار اليها آنفاً  حكاية تخصني بدأت في اوائل عام 1980 ، فقد نسبت ومن اكمل دورة المعلمين نهاية عام 1979 الى  مدرسة السمتيات السرب 22 الويت3 التدريبي بمطار الصينية في بيجي كمعلمي طيران ، زارنا في بداية عام 1980 مدير السمتيات العميد الطيار فاروق فرج  لتفقد سير التدريب ، ثم عقد اجتماع معنا  وبحضور امر المدرسة المرحوم  العقيد  الطيار فريدون عارف  وآمر السرب الشهيد الرائد الطيار ( فاروق عبد المحسن الكرم  استشهد عام 1988 نتيجة اصابته بصاروخ ارض ارض  معادي على الطريق السريع محمد القاسم في منطقة بغداد الجديدة خلال عودته من مطار الصويرة الى بغداد) ، وخلال الاجتماع اخبرنا بوجود مجموعة من الضباط  التلاميذ سيتم ايفادهم الى فرنسا للتدريب الاساسي ،

 

يرافقهم معلم طيران للاشراف على التدريب على ان يكون من طياري الطائرات الفرنسية ( الويت3 او غزال )  لديه الخبرة الكافية على الطائرات الفرنسية ، ولم يسبق ايفاده  بدورة  خارج العراق لتحقيق العدالة ومنحه الفرصة  اسوة باقرانه ، وقد تم ترشيحي لاكون المشرف لهذه الدورة لكوني امتلك المواصفات المطلوبة آنفاً ورشح معي احد المعلمين من العاملين سابقا على الطائرات الفرنسية كمدرب احتياطي  ونحن الاثنين فقط من طياري الطائرات الفرنسية في السرب التدريبي المذكور اعلاه .
عند حلول موعد الايفاد تم تكليف المعلم الاحتياط  بمرافقة التلاميذ الموفدين الى الدورة بدلا عني ولمدة تسعة اشهر .
في نيسان (ابريل )1981 عاد التلاميذ بعد اجتيازهم للدورة بنجاح الى الوطن  وكانت الحرب قائمه، وتم القرار على تنسيبهم لاسراب الغزال ، عاد المشرف المرافق لهم الى سربه القديم ( السرب 31)  ،ثم اشرك التلاميذ العائدين  بدورة ارضية ( على طائرة الغزال ) في مطار الاسكندرية لتلقي الدروس النظرية  قبل ممارسة الطيران العملي ،على الطائرات وهو ما كلفت به  ومعي عدد من معلمي الطيران   .
كلفت  شعبة التدريب في مديرية طيران الجيش الرائد الطيار ( ز . ف . ع ) لكونه اقدمنا عسكريا  لقيادة مجموعة المعلمين العاملين معه و اختيار المعلمين المشاركين في التدريب ، رشحت ومعي كلا من الرواد الطيارين ن .ع / و .ع . ع  ، و الشهيد الرائد الطيار سعد سلمان (الذي استشهد في  آذار 1986 في قاطع جوارته) لكوننا مجموعة منسجمة  وعلى علاقة وثيقة قديمة ويسهل له التفاهم والعمل المشترك معنا  لانجاز المهمة بصورة صحيحة وسلسة بالاضافة اعتبارها شبه استراحة للمحاربين.

       


 كان موعد التحاقنا الى مطار الاسكندرية في بداية تموز 1981 ( يتواجد في هذا المطار  السرب/ 24 المؤلف من طائرات مي6 الروسية العملاقة ) ، قبل بدأ الدورة باسبوع اصيب آ مر المجموعة  الرائد الطيار ( ز . ف . ع ) بحادث تحطم  طائرته مما ادى الى اصابته بجروح خطيرة  الزمته الرقود في المستشفى ثم  تمتعه باجازة مرضية طويلة لحين شفاءه ، مما استلزم تكليف معلم طيران آخر  بديل للحلول محله، وقد استغل الطيار البديل (وهو الطيار الاحتياط الذي حل محلي  واوفد الى فرنسا في حينه بدلا عني ) الموقف واستطاع ان يكون هو البديل! .
لهذا الطيار المذكور هواية ( كتابة التقارير المسيئة ) لذلك يتجنبه الكثيرين وهو لا يخفي او ينكر هذه الهواية ! وخلال تواجدنا في مطار الاسكندرية  سألته كيف حللت محلي في الايفاد الى فرنسا ؟ فاجابني وبكل صراحة وامام الجميع ( انت جالس في مكانك وتريد الايفاد،كتبت عليك تقرير وحصلت على الايفاد بدلا منك! ) ( بعد سنوات اخبرني ضابط امن قاعدة الرشيد عن  تفاصيل التقرير الذي ادى الى ابعادي عن الايفاد ! )  وقد يأتي وقت بيانه مستقبلا .
اخترنا الشهيد سعد سلمان آمرا للدورة بدلا من الرائد ( ز .ف . ع ) الراقد في المستشفى  لكونه قد اكمل دورة معلمي الطيران في بريطانيا قبل شهور قليلة فكان افضلنا كمعلم طيران لتواصله مع كل جديد خلال دورته هناك( ولم نهتم بالقدم العسكري لكوننا مجموعة متناسقة ومتفاهمين بكل شيء فلا مشكلة مع القدم العسكري ) .
بدأنا التدريب في 4 تموز(يوليو)  1981  ( اعادة معلوماتنا  العملية من خلال الطيران وبطلعتين مع المعلمين المستمرين في ممارسة الطيران على طائرة الغزال  وهما الرائد ن . ع . والطيار المشار اليه اعلاه(صاحب التقارير المسيئة ) ،  الذي كان من نصيبي في طيران  معه في  اعادة المعلومات ) ،  كنا قد تركنا الطيران على طائرة الغزال منذ انتهاء دورة المعلمين نهاية عام 1979 .  
 وزعنا التلاميذ على المعلمين  وكنا اربع معلمين من بغداد والخامس ( الرائد ع. ع ) من الحلة ( وهو الطيار الذي اصيبت طائرته في معركة الفاو 1986 واصيبت  السماعة  الهيد فون  الذي يوضع على الاذن لتأمين الاتصال اللاسلكي ،التي كان يرتديها باطلاقة نارية خلال الحادثة وكما جاء في مقال معركة الفاو المنشور في الگاردينيا )  . ونظرا لحرارة الجو العالية  خلال الصيف  فقد كان التدريب يبدأ الساعة السادسة صباحا  على ان ينتهي قبل الحادية عشر قبل الظهر  مما يستدعي ان يكون موعد رحلتنا من بغداد قبل الساعة الخامسة صباحا لنصل في الموعد المحدد ونباشر التدريب . لم تكن هناك مشاكل في التدريب سوى وجود هذا الطيار ( كاتب التقارير) مما  يجعلنا نتحفظ في كلامنا وتصرفاتنا !اتفقنا على معالجة هذه المشكلة  بالشكل التالي :
في احد الايام قررنا مفاتحته بموضوع كتابة التقارير غير المبرره بحقنا  موضحين له خسة ودناءة هذا النوع من اساليب التعامل مع الواقع في ظروف القتال المصيري مع عدو يستهدفنا جميعاً وقد فاجئنا بالقول وبدون تردد ( اخواني ان ما رأيته من انسجام في العمل وطريقة التعامل بينكم من جد وهزل يجعلني لا ولن اكتب اي تقرير مسيء ضد احد مستقبلا !! )  .
انتهت الدورة نهاية شهر ايلول 1981 وعدت الى سربي في كركوك ( السرب 30 ) ممارسا الواجبات المكلف بها في اسناد قطعات الفيلق الاول وتدريب الطيارين الاحداث الذين ينسبوا الى السرب .

   

مواقف مشرفة لطيار حديث العهد بالطيران  
خلال الدورة المذكورة اعلاه كانت حصتي ثلاثة تلاميذ احدهم  ترتيبه الاول على الدورة ومن الطيارين الموهوبين (الملازم الطيار م . خ) ،وهو يطبق التمارين بصورة دقيقة تريحني من عناء التلميذين الاخرين . بعد تخرجه وتنسيبه الى احد اسراب الغزال طرق سمعي  بانه وخلال الطيران حدث اطفاء لمحرك طائرته واستطاع الهبوط بها بسلام  في منطقة يصعب النزول بها ( وهو امر نادر يدل على كفاءة عالية لهذا الطيار) وعندما وصلني الخبر شعرت بالفخر لان هذا هو من نتائج تدريبي له ، بعد سنوات تم تنسيبه مع مجموعة من الطيارين الى السرب الذي قدته بعد عام 1982( تم ادخالهم دورة داخل السرب على الطائرات BO105 التي يتسلح بها السرب )وبعد اجتيازهم الدورة بنجاح وتأهيلهم طيارين فعالين على الطائرة ،رجا ان يكون ضمن المتدربين على  النواظير الليلية ،التي كنت اقوم بتدريب الطيارين على استخدامها في قاعدة الرشيد الجوية وبمشاركة آمر السرب 88 غزال المقدم الطيار ( و . ي . ع . )  ،والطيران الليلي صعب وغير مرغوب به من الطيارين لخطورته ،فكيف ان يكون باستخدام النواظير الليلية والواجبات الجريئة التي تنفذ بعد اكمال التدريب ومنها العمل خلف خطوط العدو الامامية بعد اختراقها ! ،لذلك كان الاختيار لاكثر الطيارين جرأة وكفاءة ويفضل من يتطوع لهذا العمل .  وكان له ما يريد حيث اكمل فترة التدريب على هذه النواظير  ثم ادامة الطيران عليها في الاوقات الملائمة  من الشهر القمري . ، وقد تم ترشيحه الى دورة معلمي الطيران بداية عام 1986 خلال معركة الفاو شباط 1986  ( كانت هذه الدورة مهمة يطمح لها معظم  الطيارين ) ونتيجةً  لظروف المعركة  قدم طلبا للانسحاب من الدورة والتحق معنا وشارك في المعركة ( وكان يأمل كما اخبرني بان يكون له السبق في تنفيذ واجبات اختراق صفوف العدو بواسطة النواظير الليلية  وتنفيذ واجبات جريئة خلف خطوطه الامامية ) ،لم نكلف بواجبات باستخدام النواظير  الليلية خلال المعركة سوى واجب واحد نفذته بصحبة طيار ثاني غيره  بعدها  عاد الى دورته بعد استقرار الموقف في الفاو ،عمل هذا الطيار البطل بكل جد واخلاص حتى  احتلال العراق عام 2003 و بعدها فتح مكتبا ( مقهى للانترنت ) عام 2007 وعمل معه ولداه الذين تم اختطافهم من المكتب واغتيالهم ( رحمهما الله تعالى والهم والدهم البطل وذويهم  الصبر والسلوان )  .
غارة على كركوك واسقاط طائرة معادية
صباح يوم 30 تشرين اول (اكتوبر) 1981 انطلقت صافرات الانذار في كركوك وجناح طيران الجيش الاول في مطار K1  لتعلن عن غارة على كركوك  تحركنا  الى الملاجيء وانطلقت بعدها المضادات الارضية  للتصدي للطائرات المعادية  المغيرة لحين انتهاء الغارة باعلان صافرة الانذار انتهائها. انتشر خبر اسقاط طائرة معادية خلال الغارة وما هي سوى دقائق الا وقد واستلم  سربنا ( السرب 30 الويت 3)أمرا بتنفيذ واجب البحث عن  حطام الطائرة و الطيار الذي قذف منها بواسطة المظلة بعد مشاهدتها من قبل الربايا المنتشرة قرب مدينة ( التون كوبري )  وتم تحديد  المنطقة التي سقطت بها الطائرة  ليتم البحث فيها ،  كلفت بتنفيذ الواجب وبطائرتين مسلحتين بمدفع رشاش جانبي . انطلقت الى منطقة ( طقطق ) كابعد نقطة يمكن ان تصلها الطائرة وقمت بتغطية منطقة البحث وبشكل شامل باتجاه ( التون كوبري ) بين الطريق العام ( كركوك –كويسنجق ) ونهر الزاب مع الاحتراز من وجود متسللين يمكن ان نكون هدفا سهلا لهم ، خلال البحث  عثرت على الطائرة محطمة ولم تحترق ! . واصلت البحث عن الطيار والذي تكون المظلة دليلا على مكانه حيث يصعب اخفائها ، واخيرا لاحت لي المظلة بالقرب من نهر الزاب الذي يصل الى التون كوبري ، اقتربت منها لاجد الطيار ملقى على جانب النهر ومظلته  ( البرتقالية اللون ) وقارب النجاة مفتوح وملقى الى جانبه ، بعد التقرب منه لاحظت ساقيه منفرجتان وتوحيان بان المظلة لم تؤدي واجبها بسبب  الارتفاع الواطئء الذي قذف منه الطيار وقد ارتطم بالارض بشدة  كما يبدوا من حالته ، هبطت قربه واخبرت الطائرة الثانية بتأمين الحماية لي والانتباه لاي حركة مريبة قد تصدر منه او من  غيره في المنطقة المشرفة على مكان الحادث ، طلبت من المقاتل الجوي المرافق لي بالنزول ومعرفة مصير الطيار هل هو حي لنقله الى المستشفى او مقتول ! نفذ المقاتل الامر وعاد الى الطائرة ليخبرني بانه قد فارق الحياة ، اقلعت بالطائرة وقمت بالحوم من  مكان الطيار الى موقع  حطام الطائرة لاتمكن من الدلالة بشكل دقيق عند ادراج تقرير المهمة ودلالة القوة التي ستخلي الجثة وحطام الطائرة ، اخذت بالحوم حول جثة الطيار وانتابتني احاسيس انسانية وانا ارى جثة هذا الطيار ( الشاب ) ملقاة في منطقة غريبة عن وطنه ، كان ينفذ واجب دفاعا عنه  ، تساءلت مع نفسي عن احساسه عند اصابته ! كيف كان يفكر خلال رحلته ؟ هل كان قد تواعد مع عائلته اطفاله زوجته  او اصدقائه لان يقوم بفعالية معينة ذلك اليوم  ؟ هل كانوا ينتظرون عودته لتنفيذ ما وعدهم به  ؟ هل كان يفكر في ان لا يعود من هذا الواجب ؟  كيف سيتلقى ذويه نبأ مقتله  ؟احاسيس انسانية متعددة انتابتني للحظات وانا احوم فوق جثته ! قرأت سورة الفاتحة على روحه ولعنت من تسبب في اطالة امد الحرب ليلقى هذا الطيار وغيره حتفهم وهم على يقين بانهم يؤدون واجبهم دفاعا عن وطنهم وشعبهم . عدت الى القاعدة وكتبت تقرير المهمة محددا  مكان حطام الطائرة ومكان ومصير الطيار .استغرقت الطلعة مدة ساعة ونصف ولا زلت اتسائل عن شعوري واحاسيسي نحو الطيار المعادي هل هي نقابية (كما ادنت بها لاحقا في المجلس التحقيقي في المقال السابق  ؟ لكونه طيار ام لانه انسان رغم انه كان يريد   بنا شراً  ؟ ام لانه كان يعتقد بانه يدافع عن وطنه؟ ام غير ذلك ؟) لعن الله تعالى اطماع البشر وشروره وجنبنا اياها .

  


استلام سيارات الماليبو
في شهر تموز بدأ استلام السيارات نوع ماليبو لجميع ضباط الجيش العراقي وكانت الاولوية بالاستلام  للقطعات المقاتلة بضمنها  اسراب طيران الجيش المقاتلة ،  وعلى شكل وجبات وصل دور سربنا في ايلول (سبتمبر) 1981 . قررنا في السرب ان نوّحد لون السيارات المستلمة واتفقنا على ان يكون اللون الازرق هو اختيارنا ،اكملنا القوائم وبالتوسط مع الشركة العامة  للسيارات تم تخصيص اللون الازرق عدا اثنان ابيض ! استلمنا السيارات من مدينة الرطبة بعد اكمال المعاملات الاصولية في بغداد والرطبة ( كان الطريق الذي سلكناه الطريق القديم ) لعدم وجود الطريق السريع الحالي .

 

كنت امتلك سيارة ( رينو 12 ) اشتريتها  عن طريق الشركة العامة للسيارت عام 1974  بمبلغ 1450 الف واربعمائة وخمسون دينار ندفع ثلث المبلغ عند التسجيل والثلث الثاني عند الاستلام بعد عدة اشهر والثلث الاخير ندفعه اقساط شهرية لمدة عام واحد ،سيارتي (الرينو) هذه يطلق عليها طياري السرب ( سيارة الشعب ) فمعظم الطيارين قد استلفوها مني لقضاء اشغالهم الخاصة وكنت اصطحبهم عند ذهابي وعودتي من المطارات خارج بغداد ، في عام 1976 ذهبت بواسطتها في رحلة سياحية الى كل من تركيا- بلغاريا – يوغسلافيا –النمسا – المانيا .  في سفرة رائعة لمدة 45 يوماً ، غادرت بغداد يوم 1حزيران (يونيو)1982 الساعة الخامسة فجرا ( وبعد اجتياز الحدود منعت اجازات العسكريين بسبب عملية البعث ( وهي مناورات قامت بها قطعات كبيرة من الجيش العراقي على الحدود الغربية من العراق لتخفيف الضغط عن المنظمات الفلسطينية في لبنان ) ، راجعت الملحقية العسكرية في المانيا لتثبيت موقفي ، حيث كان شقيقي الاكبر ملحقا صحفيا في البعثة الدبلوماسية العراقية..

 

  هناك وعند تواجدي في المانيا حدثت العملية الفدائية المشهورة في اوغندا ( مطار عينتيبة ) والتي قادها الشهيد العراقي( عبد الرزاق العابد السامرائي ) . وعدت يوم 15 تموز(يوليو)1982 ليلا لاباشر الدوام  صباح اليوم التالي في السرب . بعت السيارة  بعد استلامي السيارة الجديدة ب 4000 دينار افادني المبلغ في اكمال بناء بيتي في منطقة ( الهبنة في الكاظمية )  وقد توقفت عن عملية البناء بسبب نشوب الحرب وبعد نقلي الى بغداد باشرت باكمال البناء وانهيت البناء نهاية عام 1983.

الغاء نقلي  الى البصرة  ودورة على طائرات جديدة
كنت متمتعا  باجازة دورية في بغداد وآمرسربنا (السرب 30) لا يزال متمتعاً  باجازته  المرضية نتيجة اصابته في عينه كما ذكر في المقال السابق ، في آخر يوم من الاجازة اتصل بي معاون آمر السرب واخبرني بان اتواجد صباح يوم غد في  مديرية طيران الجيش للقاء آمر السرب لامر ساعرفه لاحقا .
 وصلت الى المديرية  والتقيت  بضابط ركنها  الذي بارك بنقلي الى  جناح طيران الجيش الثالث السرب 31 في البصرة بمنصب معاون آمر السرب ! استغربت من الامر فانا منذ خمسة سنوات في كركوك وفي سرب لم يتوقف عن القتال منذ عام 1976 ولحد اليوم هل انتظر نقلي الى البصرة ام الى بغداد ؟ ثم انا مرشح لدورة الى اسبانيا للتدريب على طائرة جديدة ستدخل الخدمة في سلاح السمتيات فما هومصير هذا الترشيح ؟ اخبرني بان الترشيح قد الغي وتم تنسيب معلم طيران آخر بديلي بسبب نقلي الى السرب المذكور ! ابديت رفضي وانزعاجي  من هذا الامر ، واثناء الحديث  وصل آمر السرب الرائد الطيار ( ج . ع . م ) آتيا من سامراء محل سكناه  وكان  متمتعا باجازته المرضية وكان على علم بموضوع النقل  وحضر لمقابلة مدير طيران الجيش حول هذا الموضوع ،وقد استفسرت منه عن  امر النقل وكيف علم به  اجابني  :
 يوم امس وصل كتاب سري وشخصي الى جناح طيران الجيش الاول (بمنطقة التاجي شمال بغداد ) يقضي بالحاقي الى الجناح الثالث  في البصرة سرب 31 بمنصب معاون آمر السرب المذكور ونقل كل من ( صاحب التقارير المسيئة و...... ) وهم معلمي طيران من السرب 31الى السرب 88 في بغداد ( علما بان السرب 31 طائرة غزال نقل من بغداد الى البصرة قبل اسبوعين )  وان الطيارين المنقولين لم يعملا خارج بغداد طيلة مدة خدمتهما ! احدهما  الطيار المذكور في الفقرة السابقة الذي عاد قبل اشهر من الايفاد ( المشرف  على التلاميذ في فرنسا الذي حل مكاني في الايفاد) .
رفض آمر الجناح الاول العقيد الطيار ابو زينب  تنفيذ أمرالنقل واتصل بمعاون آمر السرب 30  وطلب منه الاتصال بآمر السرب لمعالجة الموضوع من المديرية وفعلا اتصل معي امر السرب واوجزته بموضوع النقل وقد اتيت لتصحيح ما جرى ! ( علما بان آمر الجناح قد اوضح بصراحه  بان ( فلان ويقصدني ) لن ينقل من الجناح الا بمنصب آمر سرب .وكان آمر السرب على علم بترشيحي سابقا الى فرنسا وازاحتي عنه حيث كنا سوية في السرب التدريبي 22 والذي ذهب مكاني هو نفسه الذي صدر الامر بنقلي الى البصرة لاكون  محله كي يعود الى بغداد !
قابل آمر السرب مدير طيران الجيش (المرحوم العميد الطيار الركن خالد نصيف) وشرح له كل التفاصيل وطلب منه الغاء الامر . انزعج  العميد خالد  واستغرب من الامر  وبين بانه لم يصدر هذا الامر  حيث كان خارج المديرية عند اصداره  من  قبل وكيله ،ثم  لماذا كل هذا الدلال للطيارين المذكورين ، ثم ارسل على وكيله العميد الطيار  ( ع . ا ) وهو الذي اصدرامر التنقلات  المذكورة  واستفسر منه عن سبب  القرار ؟  فاجابه بان آمر الجناح الثالث في البصرة العقيد الطيار الركن ( م . ع . ا ) هو الذي طلب نقلهم لعدم رغبته بتواجدهم في الجناح ( علما بانهم كانوامنسبين للعمل في غرفة حركات الجناح وليس في السرب المقاتل الذي ينتسبون اليه ! ) وقد طلبني بالاسم لاكون البديل لاعتزازه وثقته بي ،امتعض العميد خالد وقال من هو المدير هو ام انا؟ (يقصد آمر جناح طيران الجيش الثالث)، يلغى الامر وتعود الامور الى ما كانت عليه، استفسر امر السرب منه عن الدورة التي رشحت اليها على الطائرة الجديدة  وقد رشح بديل عني بسبب  نقلي  فاصدر امرا باعادة ترشيحي للدورة ( ولم يخبرني من هو البديل الذي حل محلي ) . خرج آمر السرب من لقاء المدير واخبرني بالنتيجة ، شكرته والتحقت الى السرب في كركوك ،التقاني  آمر الجناح ومعاون آمر السرب وعلما بتفاصيل ما جرى( شكرتهم جزيل الشكر لموقفهم النبيل ) فقد كانا خير معين لي لرفع غبن جلي اصابني بسبب عدم رغبة هذين الطيارين من الابتعاد عن بغداد .
بعد عودتي من اسبانيا بعد اكمال الدورة  نقل آمر السرب  30  الى مقر المديرية ونسبت آمراً لهذا السرب بدلا عنه وكان باستقبالنا في المطار يوم عودتنا  واخبرني عن كيفية اعادة ترشيحي للدورة حيث رفض المدير اعادة ترشيحي لكون البديل كان ( آمر السرب نفسه ) ! الذي طلب اعفاءه من  الاشتراك في الدورة واعادة ترشيحي لها  معللا  ذلك بانه اشترك باكثر من دورة خارج العراق وقبل اشهر عاد من العلاج في ( النمسا ) واصر على ان يتخلى عن الدورة . فوافق المدير ! سألته لماذا لم تخبرني بذلك حينها؟ قال لو اخبرتك لما وافقت على الاشتراك بها واصريت على الانسحاب( واعرف عنادك ) هكذا كانت علاقاتنا  وهذا هو نكران الذات التي تمتعنا به .
استمرت فعاليات السرب في تقديم الاسناد لقطعات الفيلق الاول وتدريب الطيارين الاحداث الذين استمر تدفقهم على السرب .

  

معركة البسيتين الاولى ( يوم الشهيد ) 1 /كانون اول 1981
في الاول من كانون اول (ديسمبر) 1981 كلفت بواجب الى مطار الميمونة حيث شاركت في المعركة الشهيرة التي اعدم فيها اسرانا في منطقة البسيتين واتخذت ذكراها رمزا ليوم الشهيد ، وقد مر ذكرها في مقال سابق . ونلت بها قدما اضيف للقدم السابق  ليكون ترفيعي الى الرتبة الاعلى سابقة لاقراني بثلاث سنوات في 6 كانون ثاني (يناير) 1982 . استمريت بالمشاركة في فعاليات السرب القتالية والتدريبية الى نهاية العام 1981 ، لابدأ عام جديد بتداعياته واحداثه التي سأمر عليها بقدر ما اتذكره في مقال قادم ان شاء الله تعالى

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع