المرحوم الدكتور/ عزت مصطفي..الأول من اليسار وفي الوسط الرئيس الأسبق احمد حسن البكر
الوكالات/كريم العاني:أنتقل الى جوار ربه (المرحوم الدكتور عزت مصطفى ) في دار الغربة وبعيدا عن وطنه،حيث نقلت الاخبار من ماليزيا هذا الخبر المؤلم منذ يومين،وكحال معظم رجالات العراق وأعلامه من أطباء ومهندسين ومفكرين وسياسين الذين أضطروا الى مغادرة العراق بعد الاحتلال الامريكي وما تبعه من تداعيات،كان قدر الدكتور مصطفى الذي عشق بلده وبلدته الصغيرة التي تحنتضن الفرات بصفائه ومن أعاليه،ولم يبتعد عنهما رغم تقلب الايام ،
قدره أن يهاجر بعيدا الى أقصى شرق أسيا حيث تقيم عائلته الصغيرة،وبهذه المناسبة الاليمة نتذكر للمرحوم مأثرتين كبيرتين في حياته السياسية والمهنية العريضة المفعمة بالعطاء والتضحية ، الاولى أن وزارة الصحة التي شغلها لاكثر من عشر سنوات شهدت تطورا كبيرا في الخدمات الصحية في عموم العراق من الشمال الى الجنوب رفعته تقارير الامم المتحدة الى مصاف الدول المتقدمة في الخدمات الصحية ونشر التعليم الطبي(وقد قالت تلك التقارير أن مستوى الخدمات الصحية في العراق أصبح بمستوى خدمات دول جنوب أوربا ) .
والمأثرة الاخرى العظيمة للدكتور مصطفى حين ضحى بموقعه السياسي ( عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية لحزب البعث ووزير الصحة ، ضحى بكل هذا ) حين رفض التوقيع على الاحكام التي صدرت ضد المشتركين في الاحداث التي عرفت بقضية( خان النص حيث وقعت أحداث دموية أثناء الزيارة الى كربلاء عام 1977 وشكلت محكمة خاصة كان الدكتور مصطفى رئيسا لها ، رافضا تلك الاحكام بحق المتهيمن بالاشتراك فيها وهم جميعا من الشيعة ، وبالتالي رافضا لقرارات الحزب والحكومة ، ومع ذلك قبل من عين بعده رئيسا للمحكمة تلك الاحكام ووافق عليها والتي وهو بالمناسبة عضو قيادة شيعي) ونتيجة هذا الموقف الشجاع فقد أعفي الدكتور مصطفى من جميع مناصبه الحزبية والحكومية التي ذكرناها وعين طبيبا في مستشفى الشرقاط وجاء في أمر التعيين أنه عليه الالتحاق في اليوم الثاني بعمله الجديد في الشرقاط .
وقد أخبرني رحمه الله أن سيارة شرطة كانت مرابطة أمام بيته في المنصور بعد صدور القرار وأن ضابط الشرطة المكلف أخبره بأن لديه أوامر بأعتقاله أذا لم ينفذ الامر بالذهاب الى الشرقاط في تلك الليلة .
الاحوال التي مر بها العراق منذ الاحتلال عام 2003 وحتى الان يجعلنا نتذكر مثل هؤلاء الرجال ومثل هذه المواقف ونتحسر على أيام لم يعرف العراق الطائفية البغيضة التي تعتصر ما بقي فيه من قوة وأمل بالمستقبل ، فوزارة الصحة التي ذكرنا بعض أنجازاتها أيام الدكتور مصطفى وأيام المرحوم الدكتور رياض الحاج حسين أصبحت بعد الاحتلال بؤرة طائفية وبؤرة فساد بأمتياز من وزرائها ( الذين تعاقبوا عليها منذ الاحتلال ) الى الوكلاء الى مفتشها العام الذي هرب الى خارج البلاد بعد أن أنفضحت بعض مفاسده
وكان الموقف الاخر الوطني والشجاع للدكتور مصطفى برفض توقيع أحكام قضية خان النص التي تخص بعض ابناء الطائفة الشيعية مع ما كلفه ذلك شخصيا من تضحيات وهو السني أبن البلدة والمحافظة السنية في حين قبل بها من جاء بعده ، يوم لم يكن للقضية الطائفية أي أعتبار،هذا في حين يجاهر الان كبار المسؤولين الطائفيين بطائفيتهم دون حياء أول خجل بل أن بعضهم معروف برعايته للمليشيات الطاائفية المتهمة بتأجيج الطائفية وأرتكاب مجازر يومية لم تسلم منها السجون والمساجد ودور العبادة وضحيتها دائما من أبناء العراق بمختلف دياناتهم وطوائفهم .
862 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع